قبل أن أبدأ بموضوعي هذا أود أن أكتب لمحة عن تركيا ربما تعطي القارئ الكريم ملخصا سريعا لما دار ويدور في تركيا .
كانت تركيا مركز الخلافة العثمانية الإسلامية التي دامت 625 سنة ثم بعد سقوطها على يد كمال أتاتورك الذي يعتبر هو مؤسس الدولة التركية الحديثة ألغيت وزارة الأوقاف والمحاكم الشرعية وأعلن أن تركيا دولة علمانية واستخدمت الحروف اللاتينية بلا من العربية في الكتابة .
نشأت في تركيا عدة أحزاب اسلامية ولكن الهيمنة العلمانية على الجيش ومناصب الدولة العليا كانت تتسبب في اغلاق هذه الأحزاب واحدا تلو الآخر فكان آخرها حزب الفضيلة برئاسة نجم الدين أربكان الذي أغلقته المحكمة الدستورية ( أعلى محكمة في الدولة ) في عام 2001 .
في نفس السنة أسس عدد من تلاميذ نجم الدين أربكان الحزب المسمى بحزب العدالة والتمنية على رأسهم رجب طيب أردوغان و عبدالله جول ومالبثوا أن دخلوا في الإنتخابات الشرعية في 2002 فكان منصب رئيس الوزراء من نصيب أردوغان في 2003، ثم كان الإقبال والفوز الغير مسبوق في عام 2007 وبنسبة 35 % مما يعني أن ثلثي مقاعد البرلمان أصبح يسيطر عليها هذا الحزب .
ثارت ثائرة العلمانين بعد هذا الفوزإذ أن ثلثي المقاعد البرلمانية تعني امكانية التعديل في الدستور التركي
وهذا ما لم يحسبوا حسابه .
كانت قرارات و مواقف هذا الحزب الذي يتبنى فكر الإسلام المعتدل قرارات ذات صدى ورنين في الساحة العلمانية والأوربية على حد سواء ، فكان اعتراض الإتحاد الأوربي على انضمام تركيا بحجج عدم تطبيق الديموقراطية و التدخل في الحريات الشخصية ( بعد التعديل في قانون العقوبات ليشمل الزنا ويعاقب عليه كجرم ) و بالطبع فإن المعارضة اتخذت من هذا ذريعة للنيل من هذا الحزب الذي وصفته بالمأسلم للشعب ، ثم كانت المحاولة التي كادت أن تقسم ظهر هذا الحزب حين سمح للمحجبات بدخول الجامعات والعمل في الدوائر الحكومية القرار الذي مالبث أن رجع عنه الحزب بعد الإنذار شديد اللهجة من المحكمة الدستورية .
بنظري أن هذا الحزب ناضل ويناضل من أجل مصلحة بلده و شعبه ، ويحاول جاهدا تطبيق التعاليم الإسلامية لكن الوضع المقيد للإسلاميين في تركيا ليس من السهل التغلب عليه بين عشية وضحاها .
من أصعب ماحققه هذا الحزب هو السيطرة على معدل التضخم الإقتصادي العام و حذف الست أصفار من العملة التركية ، كما كان من أهم أهدافه تحسين علاقات البلد الخارجية خصوصا مع الدول العربية فأصبح المواطن التركي اليوم يستطيع دخول 58 بلد بدون إذن أو تأشيرة دخول منها الأردن وسوريا ولبنان والمباحثات مع مصر قائمة في هذا الموضوع .
عدا عن مواقف هذا الحزب المشرفة تجاه قضايا العرب والمسلمين وهذا ماجعل الشارع العربي يجله ويشير الى قادته بالبنان .
قد يقول قائل أن هذا الحزب أتى بمباركة أمريكية و هذا وإن كان صحيحا فهو لا يعني التدخل في سياسة الحزب ثم أن أمريكا هي حليف لتركيا في حلف الناتو والثانية تمثل ثاني أكبر قوة من الناحية البشرية ولها وزنها في الحزب بسبب مقوماتها العسكرية والإقتصادية والبيئية والجغرافية .
برأيي أن ما فعلته أمريكا من تأييد للحزب هو فقط إعلان للصداقة مع الحزب الإسلامي الجديد بعدما رأت شعبيته و المستقبل الذي ينتظره .
أنا أتأمل في هذا الحزب خيرا ..... ما رأي السادة القراء؟
م/ن
المفضلات