يكره التقعير بالتشدق
و تكلف السجع و الفصاحة و التصنع بالمقدمات التي يعتادها المتفاصحون و زخارف القول ، فكل ذلك من التكلف المذموم ، و كذلك تكلف السجع ، و كذلك التحري في دقائق الإعراب و وحشي اللغة في حال مخاطبة العوام ، بل ينبغي أن يقصد في مخاطبته لفظاً يفهمه صاحبه فهماً جلياً و لا يسثقله .
في كتابي أبو داود و الترمذي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الله البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة . قال الترمذي : حديث حسن .
في صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : هلك المتنطعون قالها ثلاثاً . قال العلماء : يعني بالمتنطعين : المبالغين في الأمور .
في كتابي الترمذي عن جابر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن من أحبكم إلي و أقر بكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ، و إن أبعضكم إلي و أبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون و المتشدقون و المتفيقهون ، قالوا : يا رسول الله قد علمنا الثرثارون و المتشدقون ، فما المتفيقهون ؟ قال : المتكبرون ، قال الترمذي : هذا حديث حسن . قال : و الثرثار : هو كثير الكلام ، و المتشدق : من يتطاول على الناس في الكلام و يبدو عليهم .
و اعلم أنه لا يدخل في الذم تحسين ألفاظ الخطب و المواعظ إذا لم يكن فيها إفراط و إغراب ، لأن المقصود منها تهييج القلوب إلى طاعة الله عز وجل ، و لحسن اللفظ في هذا أثر ظاهر .
المفضلات