تائهة على الطريق
معاناتي ليست كمعانة غيري من أن وجدت على هذه الأرض وأنا لا اعرف لي أب ولا أم , سكنت في قرية باردة لا اتذكر سوى مخبأي بها في فصل الشتاء أتجول من بيت لبيت لعلني أجد من يرحمني ويستقبلني في بيته أملاً بأن أجد دفْ يلملم بردي لكي أرتاح من التجوال . لا أحد يهتم بي .. كيف يهتمون بي وانا ليس لي أهل ولا عائلة و لا حتى هوية , الذي اعرفه فقط إنني انتقلت هنا صغيرة كيف ولماذا لا ادري ؟
والأغرب لم أجد في هذه القرية أي شخص يحنو علي ويستقبلني ,, الجفا منهم استنكره فلا أحد يحبني ويرحب بي فأصبحت من ارى باب احد المنازل فُتح أسرعت مهرولة لا أبالي بأحد , أتجول داخل المنزل أبحث عن ما اسد رمق جوعي به ,, ولكن سرعان ماتدخل ربة البيت لتنهرني وتطردني وتأمرني للخروج من بيتها , ربما خافت أن ألوث طعام صغارها بيدي الملوثتين . أصبحت بلا إحساس تنهرني واعود ما إن أرها تذهب لمكان أخر .
كنت ابحث عن تجمع الناس واذهب إليه لعلي اجد بقايا حلوى أو قليل العصائر لأجلس بجانبه مختلسة إياه لألتقطه بخفة وارسله إلى فمي .
حياة جائرة ,, كثيرون من هم على شاكلتي وبنفس ظرفي تعبث بهم الدنيا تارة يمنة وتارة يسره .
افرح عند سماعي بأن هناك وليمة أو وقت عيد أو حتى عزاء لأني أثق بأني سأجد ما اسد به جوعي .
أما في فصل الصيف أكره هذا الفصل لأني أعرف إني سأبقى تحت سياط خيط الشمس الحارقة وبالأخص بأجواء قرية صغيره الكل لا يحبني فيها فأنا بالنسبة لهم الصغيرة القذرة المؤذية .
أروي عطشي من أقرب مستنقع للماء , أرى أسعد اللحظات وأنا بجانب حظيرة أغنامهم , العب مع هذه واقبل جبين هذه وأمازح هذه بعينها . قد لا تصدقوني بأني أقول لكم هي أسعد لحظاتي . قد يكون حيوان ولكن يحيني ويستأنس بي أكثر من بني البشر .
بقيت أصارع مرارة العيش بتلك القرية وحدث لي مالم يكن بالحسبان .
لأكمل لكم مرارتي بعد أن أعيتني حرارة الشمس التي لا ترحم .
ذات صباح كنت قد صحوت مبكراً وكنت نائمة بجانب حظيرة أغنام متوسدة يدي اعاني برودة الليل البهيم الموحش لوحدي .. كنت اسمع أصوات اصحاب المنزل وهم يتحدثون ويضحكون , تمنيت لو كنت بينهم لا لأشاركهم حديثهم وأنسهم ولكن لأحصل على ولو على القليل من الطعام والشراب .
ولكن لم يرحموا ضعفي وقلة حيلتي , بعد أن داعب النعاس عيني دخلت بسبات عميق لأستيقظ على رائحة الخبز الشهي والقهوة التي كنت لا استسيغها لأنه لا يعجبني طعمها المر الذي أشبه بحياتي بقيت اترصد الأبواب لعلي اجد من يحنو علي , رأيت أطفال تلك القرية يذهبون بنشاط إلى المدرسة مع بداية العام الدراسي وأنا لا أحد يأبه بي , اقتربت من دكان القرية الصغير وعندما رأيت الأطفال يدخلون لشراء الشكولاته والحلوى أصبحت أمشي بخطوات متهالكة من شدة الجوع خلف كل طفل لعله يرحم ضعفي . وما إن يخرج أرجع داخل الدكان خلف طفل ثاني ولكن دون جدوى .
انتهوا الأطفال من الشراء وأصبحت أنظر إلى البائع بكل حزن ومذلة واستعطاف لعله يمد يده لي فأفوز بشئ من الحلوى , ولكن كالمعتاد نهرني وطردني بلا شفقة ولا رحمة لأني لا امتلك اقل المقومات في هذه الحياة .
خرجت من الدكان ولكن ليس بوسعي البعاد عنه لأن التعب قد أخذ مكانه في جسدي , جلست بجانب باب الدكان اسند ظهري إلى الباب , لا اعلم كم من الوقت مضى ولكن كان هناك من السيارات من تقف لتتبضع من ذلك المتجر الصغير ولأنه يقع على قارعة الطريق فبعتبر متجرأ ذو موقع مميز للمسافرين . كنت اقول في نفسي لعل أحدهم يشاهدني فيعطيني ما هو مقسوم ولكن لصغر جسدي قد لا الفت نظر أحد .
مر الوقت بطيء وكان الفرج قريب , توقفت سيارة لشراء بعض الحاجيات نزل منها شاب وتوجه إلى الدكان وكان هناك إمرأتين داخل السيارة إحداهما بالمقعد الأمامي والأخرى بالمقعد الخلفي . قلت في نفسي لماذا لا أركب من الباب الخلفي دون إن يشعر بي أحد من ركاب السيارة وجلست ارتقب الفرصة فنزلتا المرأتين للدخول إلى المتجر فأسرعت إلى السيارة وأختبأت بين أكوام مامعهم من متاع .
ركبا اصحاب السيارة وتحركوا بسرعه متجهين إلى مدينتهم هذا مافهمته من محور حديثهم . كنت فرحة سوف أسافر أو أرى مدينة تبوك التي لا طالما كانوا أهل القرية يتحدثون عنها .
بعد منتصف الطريق احدثت حركة فأنتبهت لي المرأة التي تجلس بالخلف وربما اغمضت عينيها لأخذ قسطاً من الراحه وقامت بالصراخ لأني لمست عينها بالخطأ قد أكون أحدثت لها الخوف .
واخبرت من معها في السيارة بوجودي . فحاولوا إنزالي بقوة ولكن اصررت على البقاء متوسلة لهم بلهجة لا يفهمونها
فالرجل كان يقود السيارة بسرعة جنونية وليس بوسعه الوقوف ,, قد لا تصدقوني لو قلت لكم بأنهم فتحوا نوافذ السيارة ليرموا بي بالخارج والسيارة تقطع الطريق بسرعة جنونية هائلة , فأصبحت انتقل يمنة ويسرة عند المرأة التي بالمقعد الخلفي حتى باءت جميع محاولاتها بالفشل رغم صغر حجمي .
ولم تتوقف عن محاولا تها على طول الطريق حتى سمعت الرجل يهمس لها سأتخلص منها حين الوصول إلى تبوك .
لم يكن يهمني كلامهم فحتى لو كنت بلا مأوى وهوية ولكن لن يقضوا علي وينتهي عمري والله لم يشأ ذلك .
رأيت أبنية مدينه تبوك تظهر رويداً رويداً وأنا مازلت على طريق شبه صحراوي ففضلت التخلص منهم قبل أن يتخلصوا مني ,, ولكن لا اعرف حتى كيف افتح النافذة ,, وما هي إلا دقائق وبضغطة زر من يد الرجل إلا وتفتح نوافذ السيارة ,
بسرعة البرق رميت نفسي خارج السيارة .. فصدقوني لم يعيروني حتى التفاتة منهم
وهنا وصلت إلى تبوك لأحلق في سماؤها الصافية متخلصة من هذه القرية التي لا يعرف أهلها الكرم لمن هم على شاكلتي ,, لعلي اجد حياة كريمة في سماؤها .
أتمنى أن تكون قصتي أثرت بكم فوالله لم أقول إلا الصدق واشهد الله على ماقلته
,
,
,
مذكرات ذبابه ركبت معنا من قرية الظلفة ورفعت ضغطي ما قدرت اطلعها إلا بطريق المدرعات
فأحببت أن اروي معاناتها معنا
تقبلو تحيات كاتبة هذه القصة القصيرة الفكاهية المحزنة
رأيكم يهمني
خيالة بلي
المفضلات