بسم الله الرحمن الرحيم
السبب المنسـي في حوادث التفجيرات
- نسأل الله أن يحمى بلادنا وأوطاننا من كل الشرور, ولا نقر أبداً هذه التفجيرات , ولكــــــن يؤسف ويقلق نسيـــــــــان الأمة وغفلتهــــا عن بعض الخلفيات الشرعيـــــة القدريــــــة لحدوث مثل هذه الأحداث وعـــــــــدم إعطاؤها ما تستحقـــــــــــه من التذكير والتنبيه , ,..........والمقصود بالذكر هنا مسألة الذنوب والمعاصي في المجتمعات وعلاقتهــــــــا بما يصيبها من الفتن والمشاكل والإضطرابات.
- فبغض النظر عن الفعل وجرمه (ونشك كثيراً بأن الكفار أعداء الدين هم وراء مثل هذه التفجيرات سواءً فعلوها مباشرة أو دلســــــــوا على أناس ودفعوهـــم لذلك) إلا أن الفرد المسلم ومجتمعات المسلمين مطالبين شرعا بمراجعـــة أنفسهــــــــــــم عند حدوث أي شيء يصيبهم أياً ما كان سببه, وأن يحاسبوهـــــا وأن يتوبــــــوا إلى الله من أي تقصير وقعوا فيه, ولقد كان هذا الدأب هـــــو منهج سلفنا الصالح في أي شيء يصيبهم.
وقد أخذوا هذا الفهم من كلام ربنا سبحانه وأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم ومفاهيم ديننا العظيم: قال تعالى {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى 30) وقـال صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي عن أبي موسى الأشعري : (( لايصيب عبداً نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر )) وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه سعيد بن منصور في سننه: (( المصائب والأحزان في الدنيا جزاء )) .
يقول الشيخ محمد محمود الصواف رحمه الله في كتابه الهام (أثــــــــر الذنوب في هدم الأمم والشعوب) : (وهل في الدنيا والآخرة شر وداء وبلاء إلا وسببـــــه الذنوب والمعاصي وترك الأوامر والنواهي )
• ** وقال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله (( فاتقوا الله عباد الله وانظروا في أمركم وتوبوا إلى ربكم وصححوا إليه مسيرتكم واعلموا أن هذه العقوبات التي تنزل بكم أيها الأمة وهذه الفتــــــــن التي تحل بكم إنما هي من أنفسكم وبذنوبكم فأحدثوا لكل عقوبة توبة ورجوعا إلى الله ))
• ** لن أطيل هنـــــــا في الحديث عن تأصيل هذا الجانب ونقل كلمات العلماء (وقد وضعت كلمات أخرى هامة بعد نهاية المقال أتمنى أيضاً الإطلاع عليها) فهو أصلٌ شرعي ينبغي على أمة الإسلام أن لا تنســــــــاه,........ وهو أصل معتبر في كـــــــــــــل أمور الحياة التي تحدث لنا سواء وقوع النكبات والكوارث أو قلــــــة الرزق أو ذهاب بركـــــــة أمر أو تأخـــر نزول مطــــــر أو ذل أو ضعــــف أو هـــــــوان.
- وعلاج الأمراض أهـــــــــــم من علاج الأعراض, بـــــل هـــــــو العلاج الحقيقي الذي يجعلها لا تتكرر.
والمرجـــــو والمؤمــــــل من كــــل الأمة وبالذات من المصلحين والدعاة والكتــــــــــاب الأفاضل أن يجعلوا التذكير بهذا الجانب أولويــــــــــــــــة في تذكيرهم وعند حديثهم عن مثل هذه الأحداث .
• ** نعم هناك أسباب معينة ظاهرة تؤدي بشكل مباشر إلى حدوث المحن والمصائب والفتن والنكبات ويجب ألا تهمل وتهمش ,...ولكــــــــــن يجب ألا ننسى أن مــــــــــــــــن وراء هذه المظاهر والأسباب سنــــــــناً شرعية أدت إلى حصــــول وتحقـــــــــــق أثر هذه الأسباب.
--------------------------------------------------------------------------------
1- أتمني لو أن كل مسلم قرأ هذا الكتاب البالغ الأهمية (المعاصي وأثرها على الفرد والمجتمع) للشيخ حامد بن محمد المصلح, والذي هو عبارة عن رسالة ماجستير في أكثر من 300 صفحة وطبعت عدة مرات, وقد وفق الشيخ فيه أيما توفيق وبين وأصل فيه أن الذنوب تؤثر على كـــــل شــــيء......... ولكــــــــن أيــــــــــن الأمة عن الإلتفات لمثل هذه الكتب القيمة والأسس الهامــــــة.
2- كلمات أخرىا للعلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله وهي من خطبة منشورة له عن أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع ,ألقاها أيام أزمة الخليج الأولى:
_ ( أيها المسلمون . . . إن ما أصاب الناس من ضر وضيق مالي أو أمني ، فردي أو جماعي ، فإنه بسبب معاصيهم وإهمالهم لأوامر الله ونسيانهم شريعة الله ).
- (أيها الناس . . . إن كثيرا من الناس اليوم يعزون المصائب التي يصابون بها سواء كانت المصائب مالية اقتصادية ، أو أمنية سياسية ، يعزون هذه المصائب إلى أسباب مادية بحتة ، إلى أسباب سياسية أو سباب مالية أو أسباب حدودية . ولا شك أن هذا من قصور أفهامهم وضعف إيمانهم وغفلتهم عن تدبر كتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم - . أيها المسلمون المؤمنون بالله ورسوله . . . إن وراء هذه الأسباب أسبابا شرعيـــــــــــة ، أسبابا لهذه المصائب أقوى وأعظم وأشد تأثيرا من الأسباب المادية لكن قد تكون الأسباب المادية وسيلة لما تقتضيه الأسباب الشرعية من المصائب والعقوبات . قال الله عز وجل : (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )) _ سورة الروم ، الآية:41-) .
- (عباد الله . . . إن من الناس مـــــن يشكون ويشككـــــــون في كون المعاصي سببا للمصائب وذلك لضعف إيمانهم وقلة تدبرهم لكتاب الله عز وجل) .
- (....أيها المسلمون . . . إني أكــــــــــرر وأقول إنه يجب علينا ونحن ولله الحمد مسلمون مؤمنون أن ننظر إلى الأحداث والمصائب نظــــــــــــــرة شرعية مقرونة بكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – ).
3- ويقول الشيخ العلامة محمد زكريا الكاندهلوي في كتابه القيم (( أسباب سعادة المسلمين وشقاوتهم )) : - ( فالعلاج لتوقي الأمة المحمدية من المصائـــــــــــب والحوادث ومواجهة النكبات والخسائر إنما هو تركيز عنايتها بالاحتراس من المعاصي فإذا ما صدر منها شيء من الذنوب تندم عليه وتستغفر الله منه وتتوب إليه ).
- ( إننا نشكو الحوادث والنوازل ولا نفكر أبدا فيما يجر هذه الحوادث إلينا ، ويسبب تلك النوازل لنا) .
4- أكرر مذكرا أن تركيز الأمة على المعاصي التي هي أساس كل المآسي لا يعني أبداً عـــــدم الأخذ بالأسباب الأخرى الظاهرية التي أدت إلى أي إشكال وانحراف وأخطاء ومصائب ومآسي في الأمة. ولكن كما ذكر سابقاً المقصود ان علينا ان لا ننسى المرض الأساس والداء الأهم.
د مهدي قاضي
http://www.saaid.net/arabic/ar102.htm
المفضلات