وقفت طويلا عند مقابلة الأمير نايف ــ وفقه الله ــ مع معالي الدكتور محمد العقلا مدير الجامعة الإسلامية ومع سعادة الدكتور صالح الوهيبي الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي مع مجموعة من زملائه في الندوة. وسر وقفتي تلك التي كانت مليئة بالإعجاب إدراك سموه لعمق رسالة هذه البلاد بين سائر المسلمين مهما تباعدت ديارهم، والشيء الآخر الذي لا يقل أهمية عن الأول التأثير الكبير والإيجابي الذي ستحصل عليه المملكة عندما تمد ذراعيها بشكل عملي مدروس لكل المسلمين. أتذكر عندما كنت طالبا في الثانوية العامة ما كنت أسمعه من حرص المعسكرين، الرأسمالي ممثلا في أمريكا والشيوعي ممثلا في روسيا، على استقطاب الكفاءات الطلابية من خريجي الثانويات من سائر الدول العربية، ليتعلموا فيها ويستكملوا دراستهم الجامعية، وكانوا يقدمون لهم الإغراءات لكي يتجهوا إليها متعلمين، وأدركت بعد ذلك سر هذا الحرص الذي يتمثل باختصار: أن كل معسكر يبحث عن أنصار له ــ مستقبلا ــ يمثلونه في بلادهم، ويكونون لسانه الناطق هناك. ومع أن سعي كل دولة للحصول على من يقف معها في مشروعاتها المتنوعة من أبناء الدول الأخرى عمل مشروع من الناحية السياسية والمصلحية، إلا أن الدين الإسلامي يرى أن نشر الثقافة الصالحة التي تدعو إلى الوسطية والتسامح أمر مطلوب، بعيدا عن أي غاية أخرى، فإذا جاء مع ذلك المشروع مصالح أخرى فليكن، وهذا ما نريده من تسهيل التعليم لأبناء المسلمين أو مد يد العون لهم عن طريق الجمعيات الخيرية.الجامعة الإسلامية عندما بدأت فكرتها كانت تنظر إلى أبناء المسلمين، فكان نظامها يجعل لهم النصيب الأكبر من أعداد المقبولين فيها، وكان المسؤولون في بلادنا ــ آنذاك ــ يدركون معاناة شباب المسلمين في الحصول على التعليم الجامعي مهما كان نوعه، والإسلامي منه بوجه خاص؛ نظرا لظروف كثير من البلاد التي يعيش فيها مسلمون والذين كانوا مضطهدين تعليميا ووظيفيا وغير ذلك. ورأى المسؤولون أنهم بحكم رسالتهم وبحكم مكانة بلادنا وتميزها أن تسهيل تعليم أبناء المسلمين واجب ديني ومن هنا جاءت فكرة الجامعة ورسالتها العظيمة.وقد أثبت الواقع بعد نظر من فعل ذلك؛ فآلاف الذين تخرجوا فيها أصبحوا وكأنهم من أبناء بلدنا، وأصبحوا رسلا لنا كل في بلده، ولو سأل أحدنا الجامعة عن أخبارهم وأفعالهم لسمع ما يعجبه ويطربه. سمو الأمير نايف ــ وفقه الله ــ أراد لهذه الجامعة المباركة أن تعود ــ كما كانت ــ تمارس رسالتها العملية؛ تستقطب أبناء المسلمين، تعلمهم العلم السليم، ليعودوا إلى بلادهم دعاة خير وهداية، وفي الوقت نفسه يحملون الود للدولة التي تعلموا فيها.وأجزم أن هذه الجامعة ستعود أفضل مما كانت، وأجزم أن مديرها ذو السمعة المباركة سيفعل من أجلها الكثير، وهو المحب لدينه ووطنه، ومن أجل هذا الحب لابد من نشر رسالة الخير لكل أبناء المسلمين. أما الندوة العالمية فهي أيضا بدأت ولازالت مستمرة في عملها الخيري ولكل أبناء المسلمين، والفضل في ذلك كله لبلادنا التي أسهمت في قيامها لتكون حاضنة للشباب المسلم في كل أنحاء العالم.إن اهتمام سمو الأمير نايف بعمل الندوة وأنشطتها غير مستغرب؛ فالشباب هم عماد الأمة ــ أي أمة ــ فإذا أصبح شبابنا وكذلك شباب المسلمين من ذوي الأفكار الجيدة والسلوك القويم استقام الأمر لكل البلاد؛ أمنيا واجتماعيا وغير ذلك، ونحن جزء من هذا العالم، والأهم نحن الجزء الذي يمثل الإسلام ومن مصلحتنا أن نرى شباب المسلمين مؤهلين علميا وأخلاقيا لأن هذا ــ لو حصل ــ يعطي الصورة الحقيقية عن الإسلام.الندوة تقوم بعمل جيد، وسمعتها تساعدها على الاستمرار، وكذلك جمعياتنا الخيرية لها أنشطة رائعة تشكر عليها.إن الأعمال التي تتجه للمسلمين ستعود على بلادنا بالخير في الدنيا والآخرة، وأعتقد أن من مصلحتنا الاستمرار في ذلك والتوسع فيه أيضا.أكتب هذا المقال من بلاد الألبان وقد التقيت فيها بعض خريجي الجامعة الإسلامية، وكم سررت وأنا أسمع منهم ثناء على بلادنا وعلى الجامعة التي تخرجوا فيها. وأمثالهم كثر وبعضهم من كبار المسؤولين في بلادهم.. إن تلك الأعداد الكبيرة التي تخرجت في الجامعة والتي أصبحت بعد تخرجها (قوة ناعمة) تعمل من أجل مصلحة بلادنا تدحض كل من يشكك في جدوى هذه الأعمال الرائعة التي تقوم بها بلادنا والتي يطالبون بإيقافها.
أخيرا... الشكر لسمو الأمير على نظرته الرائعة والشكر لكل من يعمل على رفعة بلاده بأي صورة كانت.
المفضلات