السؤال
عمري سبع وعشرون سنة، ولم أتزوج إلى الآن، والسبب أني أعاني من عدم البت في قضية الزواج لأسباب أعلمها، وهي عدم اقتناعي بكل فتاة تختارها لي الوالدة أو قريباتي؛ لأني في قرارة نفسي أقول: سأندم إن تزوجت بهذه الفتاة، ومن ثم تذهب هذه الفتاة، ويأتوني بغيرها وأعود لنفس القرار، فأنا أخاف من الندم بعد الارتباط لأسباب لا أعلمها. أرى غيري من أقراني ومن هم أصغر مني قد أقبلوا والتحقوا، وأحدث نفسي: كيف غامر هؤلاء، وكيف أقبلوا على هذا الزواج دون تفكير؟! فأنا أعاني من هذا التردد، وأسأل كثيراً عن أي فتاة ترشح لي، عن أهلها وعن أقاربها، وعن محيطها، وعن جميع ما يتعلق بها، ويردني عنها أي شيء. دلوني على الطريق. فأنا أريد الزواج لكني متردد.
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أسأل الله العلي القدير أن يوفقك لما يحبه ويرضاه، وأن تتزوج وتقر عينك بامرأة تعينك على دروب الطاعة ومشاق الحياة، وأن تجد فيها المستقر، وأن تكون التي إذا نظرت إليها سرتك، وإن غبت عنها حفظتك، وإن أمرتها أطاعتك.
إن الحياة لذتها في مشقتها، فليس هناك ما يتحصل عليه الإنسان إلا بجهد، وإن أدركه دون تعب فلن يجد فيه المتعة واللذة، فمعاناتك في اتخاذ قرار الزواج ثق أنك عندما تقدم على هذه الخطوة ستجد متعة كبيرة فيما أقدمت عليه، بل وربما تلقي باللوم على نفسك لتأخرك في هذا القرار.
وليس غريبا ترددك، ولكن عليك أن تبادر حتى لا يسرقك الوقت دون أن تشعر، ثم تجد قطار العمر قد مضى، والسنون قد هرولت بك حتى أصبحت خياراتك في الزواج تتقلص يوما بعد يوم، وعليك أن تغنم شبابك قبل هرمك، فما أجمل أن تستمتع بحياتك في شبابك!
والزواج من متع الحياة سواء للرجل أو المرأة، وإن الارتباط وتكوين الأسرة يعتبر من أسس هذه الحياة التي خلقنا ربنا سبحانه وتعالى لعمارتها لنعبده ونتقرب إليه، وعمارة الأرض في التكاثر وبقاء النسل، فالزواج كما أنه متعة دنيوية فهو عبادة وتقرب إلى الله سبحانه، وتعالى فأنت تحصن فرجك، وتعف نفسك، وتساهم في كثرة أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن متع الزواج الأبناء، ولن يحسها إلا من لديه أولاد، فسبحان الله العظيم كيف تجد في نفسك متعة وسعادة لا تعادلها سعادة مع أبنائك.
فلماذا تحرم نفسك من كل متع الزواج؟! واعلم أنك إن تقبل على الزواج وأنت صغير أفضل كثيراً منه بعدها.
التردد كثيراً ما يوجه الأغلبية، ولكن بعضهم يتجاوزه بكل يسر وسهولة، والبعض يقف متردداً، ومن ثم يقفز في قطار الزواج، ويسافر في أجمل رحلة، والبقية يقف متفرجاً متردداً خائفاً.
البعض يخاف من تكوين الأسرة ومن التربية، ومن مصاعب الحياة والالتزام بالمصاريف التي يرى أنه قد لا يقدر عليها في مستقبل الأيام، ولكن هذا تفكير يجانب للصواب، حيث إن الله سبحانه وتعالى ما شرع الزواج إلا وقد قسم لكل الناس أرزاقها وآجالها، فيجب أن لا تتوقف الحياة لأننا لا نعلم ما سيحدث في مستقبل الأيام.
عليك أن لا تتأثر بأحد المتزوجين إن كان يشتكي دائما، فطبيعة البعض الشكوى ليس للشكوى، ولكنها تعتبر متنفساً له من ضغوط الحياة.
وأنصحك أخي الكريم بعدم لوم نفسك كثيراً، فربما لم تحن ساعة زواجك، ولتعلم بأنك لست كبيراً بدرجة تجعلك تخاف أو تحس بأنك تعاني من مشكلة، فربما لم تتقدم لخطبة المرأة التي قسم الله لك.
وعليك أن تدرب نفسك كيف تتخذ القرار، وهذه تجربة مفيدة لك في حياتك لتتعلم كيف تتخذ قراراتك، فالحياة كلها عبارة عن قرار يتخذ.
احصر مشكلتك وتعرف عليها جيداً وعن أسبابها، ومن ثم ضع الحلول لهذه المشكلة، وبعدها قم بتنفيذ الحل دون تردد. وفقنا الله وإياك، وأن تقر عينك بالزوجة الصالحة والذرية النافعة.
المفضلات