بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد : -
قالت أم المومنين زينب بنت جحش (رضي الله عنها ) : يار رسول الله , أنهلك وفينا الصالحون ؟
قال : " نــــعــم " إذا كثر الخبث .
أي إذا كثر الفسق والفجور والمنكر
وأعلم رعاك الله أن أول ما دخل النقص على بني إسرائيل أن الرجل كان ينكر المنكر ويقول : إتق الله ولا تفعل كذا ثم رضي بالمنكر فجلس مع العاصي وآكله وشرب معه ولم ينكر عليه فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم الله على لسان داود وعيسى أبن مريم حيث قال الله تعالى (( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ 0 كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)) (المائدة:79)
وقال صلى الله عليه وسلم (( والذي نفسي بيده لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقاباً من عنده ثم تدعونه فلا يستجيب لكم ))
وفي بعض الآثار أن الله أمر جبريل أن يقلب قرية كذا على أهلها فقال جبريل : إن فيهم عبدك فلان , قال (( به فأبدأ فأن وجهه لم يتمعر في قط )) أي انه لم ينكر المنكر ولم يبغضه ويبغض أهله .
وقد ورد أن أحد ملوك النصارى أراد غزوا المسلمين فقال أحد مستشاريه : لا تغزهم حتى أنظر , فلما نظر وجد المنكر ينكر والمجتمع سليم من المنكرات فقال : لاتستطيع غزوهم لانهم كالجسد قوةً فلما تُرك المنكر , واهتز المجتمع بإمراض المعاصي , وضعف بالمنكرات غزاهم وانتصر عليهم
وما أفسد القلوب واظلمها واقساها وسبب انتكاسها واعرضها عن ذكر الله وعن الطاعات وكسلها عن الصلوات وافسد الجوارح وعطلها عن الخير واشغلها بالشر (( إلا المعاصي وكثرتها ))
فالإنسان يستصغر المعصية بعينه ولا يعمل لها أي حساب ولو يعلم أنها تنكت في قلبه نكتةً سوداء لعلم ذلك واني أخاف عليهم الخسران كما قال الله تعالى (( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)) (الزمر:15)
قد يسأل سائل ويقول ما فضل إنكار المنكر ؟
أقول له إن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم قد وضعوا وبينوا لنا فضائل إنكار المنكر قال الله تعالى (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) (آل عمران:104)
وانكار المنكر من أهم الوظائف واشرفها لانها وظيفة الرسل عليهم السلام ومالنا طريق الى الجنة ألا عن طريقهم في الاقتداء بهم والتمسك بسنتهم
وإن إنكار المنكر من اسباب الدخول في رحمة الله تعالى كما قال الله تعالى(( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71)
واعلم بارك الله فيك أن النهي عن المنكر صدقة قال الرسول صلى الله عليه وسلم (( نهيك عن المنكر صدقة ))
ولكن الإنكار درجات اضعفها درجة الإنكار بالقلب وليس بعد الإنكار بالقلب إيمان وهو واجب على كل مسلم لا يعذر به أحد كما أخبر العلماء حفظهم الله .
واعلم أن من لم ينكر المنكر بقلبه فان (( قلبه فاسد ))
لان القلب الصالح هو ذاك القلب الذي ينكر المنكر ولو أنه من ضعف الإيمان
فاذا كان قلبك ينكر المنكر فلا بد أن يمنع اللسان عن قول المنكر , ويمنع الإذن من سماع المنكر , ويمنع البصر من النظر الى المنكر ومصداق هذا الكلام قول الرسول صلى الله عليه وسلم (( من راى منكم منكر فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ))
فيجب على من ينكر المنكر ان يكون لديه العلم بالمنكر والأدلة على تحريمه والتحذير منه
فالعلم نور , والمنكر ظلام , والعلم طريق الى الجنة , والمنكر طريق الى النار , والعلم صحبةً للملائكة , والمنكر صحبة ً للشياطين , والعلم رحمة , والمنكر عذاب , والعلم سكينة , والمنكر إنحراف , والعلم مغفرةً للذنوب , والمنكر إصرار على الذنوب , والعالم كالطبيب , وصاحب المنكر كالمريض فعلى الطبيب أن يعالج مريضه .
هذا والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أخوكم / أحمد العرادي
المفضلات