الجمعيات الخيرية والبحث عن الوجاهة ظاهرة بدأت تنتشر في مجتمعنا


تنطلق المؤسسات الخيرية في عملها الإنساني وتكافلها الاجتماعي من منطلق إسلامي وشرعي دعا إليه الإسلام وحثّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } ، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [ مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد باالسهر والحمّى ] .

ومعنى التعاون الخيري والتكافل الاجتماعي في الإسلام أن يتضامن أبناء المجتمع ويتساندوا فيما بينهم سواء كانوا أفراداً أو جماعات ، حكاماً أو محكومين على اتّخاذ مواقف إيجابية كرعاية اليتيم وإغاثة الملهوف ومواساة المنكوب بدافع من شعور وجداني عميق ينبع من أصل العقيدة الإسلامية ليعيش الفرد في كفالة الجماعة ، وتعيش الجماعة بمؤازرة الفرد حيث يتعاون الجميع ويتضامنون لإيجاد المجتمع الفاضل ودفع الضرر عن أفراده .

ويعبر عن هذا المعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف الذي يرويه الإمام مسلم وأبو داود أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ، وكان في حال سفر وشدّة: [ من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له ، ومن كان له فضل زاد فليعد به على من لا زاد له ] ، قال أبو سعيد الخدري راوي الحديث: ( فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منّا في فضل ) .

فالعمل الخيري تعبدي واحتساب الأجر عند الله ويتطلب السرية وهو ما يريده المسلم كما في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في السبعة (الذين يظلهم الله في ظله يوم لاظل الا ظله وذكر منهم رجل تصدق فأخفاها حتى لاتعلم شماله ماتنفق يمينه) .
ولكن المصيبة عندما يتحول العمل الخيري في مدينتنا عند بعض المسلمين إلى الوجاهة والسمعة والشهرة , فتجد انها منبرا لهذا الشخص همه الوصول الى المسؤولين تحت غطاء العمل الخيري والظهور أمام الآخرين .

حتى ان بعضهم خصص مكتب أعلامي يتولى مهام النشر الإعلامي وايصال اخبار هذا المسؤول إلى مكاتب الصحف بل تعدى ذلك الى النشر في مواقع الانترنت داعما خبرة بالكلمة والصورة .

فتجده يخصص جزء من المبالغ الماليه التي تبرع بها اصحاب الخير للجمعية لعمل الدروع والهدايا بغرض التقرب . بينما لو صرفت في اتجاهها الصحيح ووصلت الى يد محتاج لكان من عمل الخير والاحتساب عند الله .

ان من يستغلون اعمال الخير والجمعيات الخيرية تجعلهم تصرفاتهم في دائرة الرياء وهو داء عضال، يغضب الرب ويحبط الأعمال حذر منه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة، لسوء عاقبته، وخدشه للتوحيد، عافانا الله من خطره وشره.
معنى الرياء: الرياء مشتق من الرؤية، والمراد به إظهار العبادة ليراها الناس فيحمدوا صاحبها.
التحذير من الرياء وصية ربانية: إن الله حذرنا من الرياء في الأقوال والأفعال وذلك في كثير من آيات القرآن الكريم، وبين لنا سبحانه أن الرياء يحبط الأعمال الصالحة.
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر )
قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ عند تفسيره لهذه الآية: لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كما تبطل صدقة من راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله، وإنما قصده مدح الناس له أو شهرته بالصفات الجميلة، ليُشكر بين الناس أو يُقال إنه كريم جواد ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى وابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه، ولهذا قال سبحانه: ولا يؤمن بالله واليوم الآخر.

اعتقد ان موضوع الجمعيات الخيرية يجب ان لايكون بعيدا عن انظار المسؤولين والمتابعين في وزارة الشؤون الاجتماعية بل يحتاج الى وقفة جادة وعمل مقنن ويحتاج الى تقييم من حين الى آخر ولو احتاج الى الاستعانة بجهات ادارية ذات علاقة .

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.