ذات ليلةٌ شاتيـــــــة في تلك القرية الصغيرة .. تحديداً في ذلك المنزل المتواضع
الواقع في أطراف تلك القرية كانت هناك حركة ما ... أناس متوجهة إلى ذلك المنزل
و أنوار مُضاءة و أصــــــــوات لرجال ضحكاتهم و أحاديثهم تسود المكان
و في إحدى حجراته كانت هناك .. إنها فاطمة مُتسمرة بالقرب من النافذة تتأمل الجو في الخارج
ظــــــلام وبردٍ قارس يلـــــــف المكان و صوت الرياح الموحش .. و هي غير آبهة بهذا
الضجيج الذي حولها فقد كان كل تفكيرها كيف تتخلص من هذا المصير الذي ينتظرها ...
الليلة هو عقد قرانها على ابن عمها أحمد الذي لا تكنّ له أي شيء.. أجل أي شيء
هل تنطق الـــ لاااااا في وجه والدها و تحرجه أمام أخيه (عمها ) و ابنه
و قد اتفق معه منذ فترة طويلة أن فاطمة لن تكون حليلة إلا لابنه أحمد
تقول بينها و بين نفسها /
ماذا أفعل يا إلهــــــــي ... أكره هذا الإنسان .. لا أتخيله زوجاً لي
و أن أعيش معه في بيت واحد ..؟؟ ســــــــــــاعدني يا رب...
ثم أطرقت برأسها على النافذة ليُقاطع صمتها دقات خفيفة على الباب فتدخل ( أمها )
لتُباغتها / فاطمة يا ابنتي ماذا هناك أراكِ لم ترتدي عباءتكِ لتستعدي للتوقيع فالجميع بإنتظاركِ
هيا يا ابنتي هداكِ الله لا تُفسدي فرحتي بكِ هذه الليلة ...
واصلت فاطمة تأمُلّها بما خلف النافذة كأنها تحتبس دموعها
و بصوت خافتٍ ترد / لا بأس يا أمي لا زال هناك وقت ..
و بينما هي و أمها يتحدثان إذ بالباب يطرق فإذا هي صديقتها حنان .. فتخرج الأم لتقترب
فاطمة من صديقتها حنان و تُجهش بالبكاء و كأنها كانت مُتماسكة أمام والدتها
فتضمها بحنان الأخت لتقول لها / فاطمة يا عزيزتي البكاء لا يُجدي الآن ما هي إلا لحظات
و يصبح أحمد زوجاً لكِ ليتكِ استدركتِ الأمر مُبكراً و صارحتِ والدكِ بعدم موافقتكِ
على هذا الزواج..
ترد فاطمة بلهجة يائسة / لم أستطع صدقيني كلمة ( لا )تقف عند طرف لساني فتعود
.. قد صارحت والدتي لكنها حذرتني لو علم والدي بالأمر سيكون الوضع عصيباً
ثم تستطرد بصوت ممزوج بالدموع / حنان أرجوكِ أفهميني أنني لا أتخيل هذا الرجل زوجاً لي
أنني أعتبره رجل غريب و سأظل حتى لو تزوجته ... تخيلي أن أعيش معه بقية عمري؟؟
و افقت إرضاءً لوالديّ و إن كان مشاعري و عقلي يرفضانه لكن ما باليد حيلة ...
تتساءل حنان / و لماذا كل هذا الكره لأحمد يا فاطمة رغم انكِ لا تعرفيه فقد كان غائباً عن
القرية فترة طويلة و لا يحضر إلا بالأعياد على حسب ما سمعت هو إنسان على مستوى عالٍ من
التعليم و مثقف و بإذن الله سيسعدكِ فلا تتسرعي بالحكم عليه....ربما مع الأيام ستحبينه
... تُقاطعها فاطمة على الفور / مستحيل .. إنه إنسان مُتعالي .. مُتغطرس
و لا يبالي بأحد لا يعرف الحب و المشاعر و قد أخبرتني أخته ذات مرة بقوله / أريد زوجــــــــــة
أشكلها كيفما أريد أي يتحكم بها و يقول/ لا يهمني أن تكون متعلمة ..هذا هو المثقف الذي
تمجدين أنت و والداي لا زالت نظرات التعالي التي رمقني بها عن بُعد و أنا في منزلهم تدور في
رأسي بل مواقف كثيرة جعلتني أنفــــــــــر من هذا الشخص منذ أن كنا صغاراً و كان أكبرنا
سنـــــــــــــاً ... أناني لا يحب إلا نفسه و مُعجب بها حد الغرور ..
و الآن يريدني زوجة كي يمارس عليها علّله النفسية ... لااااااااا أكره التفكير بهذا الشعور
... لا أحبه ... لا أحبه
ترد حنان / ربما تغير بمرور السنين...
سريعاً ترد فاطمة / كلا أنه لن يتغير أبداً فهو يقول للناس أنا واثق أن فاطمة
لن تصدق نفسها و ستوافق على الفور للإرتباط بي ... فلا تتجرأ فتاة أن ترفضني ..
تصمت حنان قليلاً و كأنها احتارت كيف تُقنع صديقتها ....
و بلا مُقدمات تسألها حنان / فاطمة
فاطمة / نعم ..
حنان / بصراحة هل يوجد شخص ما تفكرين به ؟؟؟؟
تلعثمت فاطمة لتقول ./ هاه لا لا ماذا تقولين هل جننتِ يا حنان
و هل هناك رجل يستحق مشاعري ؟؟؟.. ثم تستكمل / أفكر أن أرفض التوقيع
على هذا العقـــــــــــــــد ؟؟؟
و قبل أن تُجيبها حنان إذ بصوت والدها خلف الباب / هيّا يا فاطمة فـــ نحن بإنتظــــــــــارك
لتنهض سريعاً و تمسح دموعها و تلبس عباءتها على عجل و وجلٌ من والدها متوجــهــة معه
لتوقيع عقد الزواج من ابن عمها أحمــــــــــــــــد .......
و من خلفها صديقتها تتساءل هل ستنفذ فاطمة ما فكرت به ......!
ما الذي يسكن يا ترى في عُمق تلك الفتاة ؟؟؟
لا زال للأحـــــــــــــــداث بقيةٌ......انتظروني في الجزء الثاني
.
.
.
همسةٌ تُحاكي الموقف /
أين كنتِ أيتهــــــــا الــــ ( لا ) .. لم أجدكِ
أين كنتِ عندما دمرني سكوتي .. و حطمني صمتي ؟؟؟
لا أدري هل أصابني خرسٍ مؤقت ...!
يا لخيــــــــــانتكِ ليّ في ذلك الموقف ...!!
.
.
تحياتي لكم .
مُــــــــــلاحظة / القصة من تأليف الكاتبـــــــــة ..و الشخصيات لا علاقة لها بالواقع إطلاقاً ..
المفضلات