وضعت هيئة حقوقية أردنية تحظي بغطاء ملكي وعلي نحو مفاجيء أمس دليلا قانونيا ودستوريا لإستعادة الجنسية من قبل مئات المواطنين الأردنيين الذين سحبت منهم الجنسية طوال الأعوام العشرين الماضية بناء علي أسس قرار فك الإرتباط الثانوني والإداري مع الضفة الغربية أو بناء علي التعلميات الإدارية التي شككت الهيئة بقانونية قرارتها.
وأوصي المركز الوطني لحقوق الإنسان في قرار تاريخي له وغير مسبوق امس ضمنيا بإعادة الجنسية كحق دستوري وقانوني لكل من سحبت منه بسبب تعليمات فك الإرتباط واضعا البنية الأساسية امام كل متضرر أردني من هذه التعليمات للطعن فيها عبر اللجوء للقضاء علي اساس ان الجنسية تقرر وتسحب بموجب القانون وليس بموجب اي مشاريع أو تعليمات سياسية الطابع.
وجاء في مطلع توصيات التقرير الأخير المعلن امس للمركز بخصوص ملف الجنسبة وحق الإقامة انه لا يتم منح الجنسية ونزعها إلا وفقاً للقانون، حيث نصت المادة 5)) من الدستور الأردني علي أن الجنسية الأردنية تحدد بقانون ، وليس استنادا الي قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، او أي تعليمات صادرة بموجبه.
وهذه هي المرة الأولي التي تسحب فيها هيئة رسمية وملكية عمليا الغطاء الشرعي عن تطبيقات قانون فك الإرتباط الإداري والقانون مع الرعايا الأردنيين في الضفة الغربية ولاحظ النشط والمحلل السياسي حلمي الأسمر ان بروز هذه التوصية ومن قبل المركز الوطني لحقوق الإنسان حصريا يعني بان كل من أطاحت تعليمات فك الإرتباط بحقوقه الدستورية يمكن ان يلجأ الآن إلي القضاء ويستعيد جنسيته او يستردها بقوة القانون.
وينتظر ان تثير توصية المركز هذه جدلا واسعا علي النطاق السياسي والبرلماني والدستوري خصوصا وانها تصدر لأول مرة بعد دراسة قانونية متانية عن مؤسسة تعتبر من المؤسسات الرسمية التي تعمل كذراع حقوقية للدولة وليست مؤسسة مدنية مستقلة او أجنبية، الأمر الذي يعني صعوبة التشكيك بالتوصية وخلفياتها ودوافعها.
وكان العاهل الأردني قد أسس قبل سنوات مبادرة خاصة لتأسيس المركز الوطني لحقوق الإنسان كذراع رسمية مستقلة ونافذة للإطلاع علي الشكاوي بخصوص حقوق الإنسان ويترأس المركز الذي يحظي بإحترام كبير في اوساط الأردنيين رئيس الورزاء الأسبق ومدير المخابرات الأسبق احمد عبيدات فيما يدار بعيدا عن الحكومة والسلطات من قبل عدد من المختصين والخبراء بينهم وزراء سابقون كما يعمل المركز بناء علي قانون مستقل وضع من اجله حصريا قبل خمس سنوات.
وهذه هي المرة الأولي التي يصدر فيها عن مؤسسة تحظي برعاية ملكية ورسمية توصيات تشكك بشرعية ودستورية وقانونية قرار فك الإرتباط مع الضفة الغربية وهو قرار عاني منه الفلسطينون من اهالي الضفة الغربية كثيرا وعلي اساس تعليماته سحبت الجنسية من مئات الأردنيين وتعطلت سبل حياتهم ومعيشتهم، كما لاحظ الأسمر وهو يشير لإن المركز الوطني اثبت مجددا بان فك الإرتباط قرار سياسي وسحب الغطاء من وراء التعليمات الإدارية التي مست بحقوق المواطنين وعذبت بعضهم.
وصدرت هذه التوصيات بعد ايام فقط من لقاء رسمي جمع رئيس المركز أحمد عبيدات برئيس الوزراء معروف البخيت.
وقال المركز في تقريره عن حقوق الإنسان للعام 2006 انه تلقي 6 العديد من الشكاوي المتعلقة بالحق في الجنسية، ويتضح من خلالها ان هناك انتهاكات واضحة تقع علي حق الأفراد بالجنسية، مما يترتب عليها العديد من الآثار والنتائج الخطيرة ومن أبرز هذه الانتهاكات: سحب الوثائق الرسمية من العديد من المواطنين (جوازات سفر، هويات أحوال مدنية، أرقام وطنية، وثائق الإقامة، رخص قيادة السيارات) استناداً إلي قرار فك الارتباط الصادرعام 1989 وإبعاد عداد من الأفراد الذين كانوا يقيمون بشكل شبه دائم علي أراضي المملكة والمتزوجين من أردنيات، تاركين ازواجهم وأطفالهم بسبب سحب الوثائق التي كانوا يحملونها.
وكذلك سحب الوثائق الشخصية العائدة لأشخاص مولودين في المملكة ويقيمون فيها لأكثر من ثلاثين عاماً، وخدموا في العديد من أجهزة الدولة استناداً الي قرار فك الارتباط، مما ترتب عليه فقدان أبنائهم الأوراق الثبوتية اللازمة لإثبات شخصياتهم واسترداد جوازات السفر الممنوحة لبعض الأشخاص لدي مراجعتهم دائرة الأحوال المدنية لتجديد وثائقهم الرسمية، وتبليغ هؤلاء الأشخاص بعدم أحقيتهم بالحصول علي أية وثائق او الجنسية الأردنية لعدم انطباق قانون الجنسية عليهم. ورفض وزارة الداخلية منح الجنسية لبعض الأجانب المقيمين في الأردن والذين تقدموا بطلبات لوزارة الداخلية للحصول علي الجنسية، بعد استكمالهم الشروط اللازمة لذلك ومنها تنازلهم عن جنسياتهم أمام سفارات دولهم وصدور قرار من دولهم بسحب جنسيتهم الأصلية، مما يترتب عليه أن يصبح هؤلاء بدون جنسية، ويلحق بهم افدح الأضرار، كما يلحق الضرر بأبنائهم القاصرين كونهم يتبعون لأولياء امورهم حسب قانون الجنسية.
وقد ترتب علي هذه الإجراءات حسب مجريات التقرير نتائج من ابرزها: حرمان بعض المواطنين من جنسيتهم، مما يشكل إهداراً لحق إنساني معترف فيه بكافة المواثيق الدولية والقوانين الوطنية، ألا وهو الحق في الجنسية حرمان الأطفال من حقهم في التعليم وخاصة في المراحل الأولي الإلزامية نتيجة سحب الوثائق الرسمية من والدهم تقييد حرية التنقل بحيث يصبح الشخص غير قادر علي التنقل داخل إقليم الدولة، وحرمانه من حرية التنقل خارج اقليم الدولة حرمان الشخص من العمل وكسب العيش مما تترتب عليه اضرار نفسية ومعنوية قد تدفع البعض الي طرق غير مشروعه لكسب عيشهم.
وصدرت في الختام عن التقرير توصيات بان لا يتم منح الجنسية او سحبها إلا بمقتضي الدستور الأردني وليس استنادا الي قرار فك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية، او أي تعليمات صادرة بموجبه وإلغاء تحفظ الأردن علي المادة (9) من اتفاقية القضاء علي جميع أشكال التميز ضد المرأة بحيث تمنح المرأة حقاً مساوياً للرجل في منح جنسيتها لأطفالها، وتعديل قانون الجنسية بما يتلائم ونصوص الإتفاقية تتشكيل لجنة لدراسة الحالات الإنسانية العاجلة واتخاذ القرارات المناسبة بشأنها.
المفضلات