نقل مفيد ,, اشكرك
ولك ودي
كلام الناس.. صورة خارج الإطار
على مدار الشهور الأربعة الماضية، لم تتوان عن ممارسة عادة الادخار، كانت تقتطع أكثر من نصف راتبها الشهري.. كفت نفسها عن شراء ما هو غير ضروري، حتى يكتمل المبلغ في أقرب فرصة، قبل أن تقيم صديقتها حفلة انتقالها إلى منزلها الجديد، لابد أن تكون قد ابتاعت حقيبة اليد التي انتظرتها طويلاً.
«الله.. وايد حلوة الشنطة.. متى خذتيها؟».. «اليوم.. تدرين قلت لازم أشتريها قبل العزيمة.. عشان يعرفن إني على الموضة، ياختي ما أقدر كلهن بيكونن كاشخات»..
لا يكف طيف «كلام الناس» وانطباعهم عن مراودة البعض، عند قيامهم بأي تصرف. قبل حضور الحفلة، كانت مهووسة بمظهر لائق يحفظ مكانتها بين الحاضرات، تضع حقيبتها في مكان ظاهر، وتبدأ باستعراض ماساتها البراقة. خلال الحفلة، تضاعفت جرعة الهوس وأصبحت عيناها تجولان على الحاضرات.. تقرءان إن كنّ بمستوى الحفل.. وهل تستحق المناسبة أربعة أشهر من الادخار؟.. يبدو أن لا أجوبة محددة، بانتظار وصول بقية المدعوات.
لا يقف «كلام الناس» عند المظهر الخارجي للحاضرات، بل يخترق الحالة النفسية لمن يُعاني ظرفاً عائلياً. تصل إحدى المدعوات، «صدق ما تستحي.. توها مطلقة وتحضر عزايم وتحوط!؟ أمس شايفتنها في المول.. يمكن تخفف عن نفسها، تعبت من الحواطة في المحاكم.. مسكينة»، ثم تطلق ضحكة: «ربما آن لها أن تستريح».
يبدو أنه بعد التجارب المريرة، لا شيء يُضاهي الحرية، حتى «كلام الناس» ونظراتهم، لن تحول دون انطلاقة في الاتجاه المعاكس لما يُصيب المرأة بعد طلاقها.. أما تلك المدعوة الثلاثينية فنالها نصيب الأسد من التعليقات، «وحليلها.. بتوصل الأربعين وما عرست».. «لا يا حبيبتي انخطبت، وطاحت واقفة، مادري من وين لها هالحظ!».
لا تكاد تخلو الأحاديث الدائرة في المجالس.. والمكاتب، من «كلام الناس»، فثقافة المجتمع المحلي تمنحه آذاناً صاغية، وتستشيره، فلا يبدو ذلك أمراً سلبياً حين يكون الجميع جزءاً في نسيج اجتماعي تحكمه مبادئ، وتعتبر «كلام الناس» بوصلة نحو قرارات مصيرية كالزواج مثلاً.. فإما أن يوجهه نحو القرار أو يصرفه عنه، لأن «سمعت إن البنت راسها يابس وما توافق»، و«الولد يقولون معرّس وعنده عيال»، والكلام على ذمة «يقولون»..
علمياً، يُعتبر «كلام الناس» منهجاً بحثياً قائماً، إذا ما تم التعامل معه بطريقة مهنية.
التخلص من عقدة «كلام الناس»، وثقافة الحرص على كسب رضا الرأي العام، الذي بدوره لا يتفق على رأي يُعد تفكيراً متقدماً، قد يُحتم على الشخص التصالح مع ذاته، والحكم عليها دون منكّهات.. أو رتوش تجميلية مبالغ بها، تستجدي رضا الناس وتحصد مجاملاتهم، أن ينظر إلى الصورة بتعرجاتها، وألوانها الحقيقية، ويُقيم قدرتها على أن تعكسه كما هو، مع ضرورة أن تبقى الصورة دون حدود الإطار، وسيقبلها الآخرون لأنها صادقة.
يقول المثل «رضا الناس غاية لا تدرك»، وفي القصص الشعبي وُفّق جحا في تعزيز مضمون المثل، حيث ورد في الحكاية: «مشى جحا وابنه مع حمارهما، فضحك الناس لأنهما لم يستغلا وسيلة النقل، فركب جحا وابنه على الحمار.. فاتُهما بأنهما عديما الرحمة، فنزل جحا، وبقي ابنه على الحمار، فقيل عنه ابن عاق، فنزل الابن وركب جحا، فاتهم بقسوته على ابنه، فقررا أن يحملا الحمار ومشيا، فضحك الناس على بلاهتهما».
أمل الفلاسي
مما راق لي
نقل مفيد ,, اشكرك
ولك ودي
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات