ذات يوم..كُنتُ أُفكِّرُ في جدوى الحصول على حسابٍ تويتري أُسوةً بالمتوترين , ورغبةً مني في أن اكون على مسافة مئةٌ وأربعون بُعداً هجائياً تفصلُني عن من تخيّلتُ معرفتُهم بي..كان بحد ذاته نوعاً من التحدي الذي يُجبرُني على أن اختصر ثرثرتي بالمقدار المحدد من قِبَلِ تويتر..وحقيقةً..أرى أنه من المفترض ان يختصر الناس أحاديثهم بكلامٍ قليل بعيداً عن الثرثرة والـ " قرقرة" التي لاطائل منها سوى ابتسامات التسليك المُزيّفة..وعملاً بالحكمة التي تقول :
الصمتُ زينٌ والسُكوتُ سلامةٌ...فإذا نطقتَ فلا تكُن مكثارا
ما إن ندِمتُ على السُكوتِ مرّةً...ولقد ندِمتُ على الكلامِ مرارا
دلفتُ الى حاسوبي واقتحمتُ موقع تويتر وقمتُ بإنشاء معرّفي الذي اخاطبُكم به..بدأ الموقع من حينه باقتراح اسماءٍ لأشخاصٍ البعضُ منهم مشهورٌ والآخر لا أعرفهُ مُطلقاً..كنت حينها أجهلُ منهج تويتر بشكلٍ مُدقع. فلا فولورز ولا هاشتاق ولا ريتويت كان لها في قاموسي أدنى معرفة..وسُرعان ما دبّ الملل الى مفاصل أصابعي حتى عزمتُ على أن اهجُر تويتر بلا رجعة..فلقد فشِلتُ في عملية " هضم " تويتر..ولا بُد لي أن " اقوطر"..
لفت انتباهي حين تصفحي لبعض المعرفات أن الكثير لديهم الآلاف من المتابعين والمهشتقين..كنتُ اقول بنفسي لا بُد أن أصحاب تلكم المُعرّفات من اصحاب النُخبة الفكرية ..سواءً كانت اهتماماتهُم أدبية أو سياسية أو علمية ..ولكن ! ما إن اطّلعتُ على تغريداتهم حتى اكتشفتُ انهم من أباطِرةِ نسخ برودكاستات الواتس أب ..فلا شيءٌ يستحق القرآءة..مجرّدُ عملية تكريرٍ لبعض المواضيع ولبعض السخافات الهزيلة والتي تعكس اهتمامات كاتبها..وناقلها أيضاً..
اكتشفتُ ايضاً حرص الكثير على أن تزدحِم قائمة متابعيه بالآلاف..حتى خُيّل الي بأن أعراض البارانويا قد استفحلت بالقوم..فالكُل يريد أن يحظى بكثرة المتابعين بغض النظر عمّا يُقدمه لهم من تغريدات رُبما ستُفديهم في شؤون حياتهم الدُنيويّة والآُخرويّة..
أن تكون ذا مكانةٍ ايجابيةٍ في مجتمعك لهو شيءٌ جميل..او تكون صاحب رسالةٍ ساميةٍ تُرفعُ لك بها الأكُفُّ داعيةً لك بكل ماهو خير لهو شيءٌ أجمل..حينها رُبما ستحرصُ على أن تصل أحرُفُك الى اكبر شريحةٍ ممكنة..بعيداً عن المضمون الأجوف والذي لا يقودك الّا الى لذة بارانويةٍ وهمية..
والتسائُل هُنا
مالذي يقودُ البعض الى ارتداء ذلك اللباس الوهمي والذي يظهرُ جليّاً بتويتر ؟ ومالفائدةُ في الحرص على جذب الكثير من المُتابِعين والمُفاخرةِ بأعدادهم بعيداً عن الحرص بما يُقدِّمه البعض لهم من بنات افكاره ؟
المفضلات