3351- (نعم- والذي نفسي بيده- دحماً دحماً؛ فإذا قام عنها
رجعت مطهرة بكراً).
قال الالباني في السلسلة الصحيحة:
أخرجه ابن حبان (2633- 2634)، وأبو نعيم في "صفة الجنة" (2/232/ 393)، والضياء المقدسي أيضأ في"صفة الجنة" (ق 83/ 1- مخطوطة الظاهرية) عن عمرو بن الحارث عن درّاج عن ابن حُجَيرة عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه قيل له: أنطأ في الجنة؛ قال:... فذكره.
قلت: وهذا إسناد حسن على ما تقدم بيانه من التفصيل في (دراج) في الحديث الذي قبله.
بل هو حديث صحيح؛ فإن له طريقاً أخرى، وشاهداً يزداد بهما قوة على قوة.
أما الطريق؛ فيرويه عبدالرحمن بن زياد عن عمارة بن راشد عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هل يمس أهل الجنة أزواجهم؛ قال: فقال:
"نعم، بذكر لا يمل، وفرج لا يحفى، وشهوة لا تنقطع ".
أخرجه البزار (4/197/ 3524- كشف)، وأبو نعيم أيضاً رقم (366)، وابن عسا كر في " التاريخ " (2 1/ 582- 583- المصورة). وقال البزار:
"عمارة؛ لا نعلم حدث عنه إلا عبدالرحمن بن زياد، وعبدالرحمن كان حسن العقل، ولكنه وقع على شيوخ مجاهيل، فحدث عنهم بأحاديث مناكير، فضعف حديثه، وهذا مما أنكر عليه ولم يشاركه فيه غيره ".
قلت: وهذا يعني شيئين:
أحد هما: أن عبدالرحمن بن زياد- وهو الإفريقي- صدوق في نفسه، وأن ضعف أحاديثه من شيوخه المجهولين، وقد ذكر الحافظ نحوه عن أبي حاتم وأبي زرعة، فانظر "التهذيب "، وروى فيه توثيقه عن جمع، وعن آخرين تضعيفه، والذي يظهر من مجموع كلامهم أنه صدوق في نفسه " كما أشار البزار، لكنه ضعيف في حفظه مع صلاحه، وقد لخص الحافظ- أحسن التلخيص- اختلافهم فيه، فقال في "التقريب ":
"ضعيف في حفظه، وكان رجلاً صالحاً ".
والأخر: أن (عمارة بن راشد) مجهول، لم يرو عنه غير الإفريقي.
فأقول: هذا ما أحاط به علم البزار، ولا يكلف الله نفسأ إلا وسعها، لكن قد روى عنه آخران؛ كما ذكر ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل "، وابن عساكر في "التاريخ ". وقال ابن حبان في "الثقات " (5/244):
"روى عنه أهل الشام ومصر".
ومع ذلك قال أبو حاتم:
"مجهول "!
فتعقبه الذهبي في "المغني " بقوله:
" بل معروف ".
وقوله في "الميزان ":
"قلت: قد روى عنه جماعة، ومحله الصدق ".
وأقره الحافظ في "اللسان "، بل وأيده بتوثيق ابن حبان.
قلت: فهذه الطريق تصلح للاستشهاد إن شاء الله تعالى.
وأما الشاهد؛ فيرويه سليم بن عامر عن أبي أمامة قال:
سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل يتناكح أهل الجنة؛ فقال:... فذكر مثل حديث الطريق الآخر، إلا أنه قال:
"دحماً دحماً " مكان: "وفرج لا يحفى".
أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (8/187 ـ 188/7674)، وأبو نعيم أيضاً (368) من طريق هاشم بن زيد وغيره عنه.
قلت: وهاشم بن زيد ضعيف الحديث؛ كما قال ابن أبي حاتم (4/2/103)
عن أبيه، وتبعه الذهبي والعسقلاني.
وبقية رجاله ثقات.
وقد تابع هاشماً صفوان بن عمرو، وهو الذي عنيته بقولي: "وغيره "، وهو في رواية الطبراني، لكن في الطريق إليه سليمان بن سلمة الخبائري؛ وهو متروك. وللجملة الأخيرة من الحديث شاهد آخر من حديث أبي سعيد مرفوعاً بلفظ:
"إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم ؛ عادوا أبكاراً ".
أخرجه البزار أيضآ (3527)، ومن طريقه أبو الشيخ في كتابه "العظمة "
(3/1081/583)، والطبراني في "المعجم الصغير" (ص 49- هندية)، ومن طريقه أبو نعيم برقم (365)، وكذا الخطيب في "التاريخ " (6/53)، والضياء المقدسي في "صفة الجنة" (ق 83/1) من طريق مُعلى بن عبدالرحمن: ثنا شريك عن عاصم الأحول عن أبي المتوكل عنه. وقال الطبراني:
"لم يروه عن عاصم إلا شريك، تفرد به معلى بن عبدالرحمن ".
قلت: هو متهم بالوضع؛ كما في "التقريب "، وقال الهيثمي (10/417):
"رواه البزار، والطبراني في "الصغير"، وفيه معلى بن عبدالرحمن الواسطي، وهو كذاب ".
فهو ممن لا يصلح الاستشهاد به، وفيما تقدم ما يغني عنه.
وقد كنت أوردت حديث (المعلى) هذا في" ضعيف الجامع الصغير"، مقتصراً على قولي فيه: "ضعيف"، وكان ذلك بناء على تضعيفي قديماً لحديث (دراج)
مخرجاً لهما في "الضعيفة " (برقم 3170)، وعزوت إليه تضعيفي المذكور، فلما تبين لي حسن إسناده، وصحة الاستشهاد بالطريق الأخرى والشاهد؛ قررت نقله إلى "صحيح الجامع ". والله الموفق.
وقد أشكل اقتصاري المذكور على الأخ الفاضل علي رضا، مخرج ومحقق "صفة الجنة" لشدة ضعف (معلى)، فقال (2/208):
".. فلم يتبين لي وجه اكتفاء الألباني بتضعيفه فقط "!
فأقول: حُق له ذلك؛ لأنه وقف عند رواية (المعلى) هذه، وظنه أنه تفرد به،
أما أنه لو تذكر أنه يشهد له حديث الترجمة، والذي خرجه هو فيما بعد (2/232 - 233)، لتبين له وجه ذلك إن شاء الله تعالى، وهو وإن كان مال إلى تضعيف (دراج) مطلقاً- كما كنت أنا عليه سابقاً، ولعله يعيد النظر كما صنعت لاحقاً، فيبدو له كما بدا لي أنه حسن الحديث إلا عن أبي الهيثم؛ كما حققته في الحديث الذي قبله- أقول: فإن تضعيفه إياه يُعد شاهداً ضعيفاُ لحديث (المعلى)، بخلافي أنا الذي حسنته؛ فإنه يُعد شاهداً حسناً لحديث (المعلى)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صدقك وهو كذوب"، فكما لا يجوز رد حديث الكذاب إذا تبين صدقه؛ فكذلك لا يجوز هدر حديث الراوي الضعيف غير المتهم لرواية المتهم إياه.
وبيان ذلك: أن الحديث الذي رواه الضعيف يصير بالشرط المعروف حسناً لغيره، فكذلك الحديث الذي رواه الكذاب- بله الشديد الضعف- يصير ضعيفاً لغيره، بل وقد يصير حسناً أو صحيحاً حسب طرقه قلة وكثرة، ونوعية ضعفها خفة وشدة، وهذه نكتة يعرفها- أو على الأقل ينتبه لها- من مارس فن التخريج، وتفقه دهراً طويلاً في فقه أصول الحديث، والله ولي التوفيق. *
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات