بارك الله فيك اختي المباركه
ما احوجنا الى تأصيل مثل هذه المواضيع المهمة جدا و خاصة في هذا الزمن الذي بدأت فيه الهوية تتميع لدى بعض المسلمين .
شكرا لك
كلمات في الولاء والبراء
للشيخ/ عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
http://links.islammemo.cc/Mehor/index.asp
من الانحرافات الظاهرة التي تبدو طافية على السطح في مثل هذه الأيام ما نسمعه ونقرؤه من نشاط محموم ومكثف من أجل إقامة 'السلام' مع يهود، وإنهاء الصراع معهم في ظل الوفاق الدولي .
ومن جانب آخر نشاهد كثرة ما يعقد في الساحة من مؤتمرات وملتقيات للتقارب بين الأديان ! والحوار والزمالة - بالذات - بين الإسلام والنصرانية.
وتلحظ على هؤلاء المشاركين في تلك المؤتمرات ممن يحسبون من أهل الإسلام هزيمة بالغة في نفوسهم، وحبّاً للدعة والراحة، وكرهاً للجهاد وتوابعه، فالإسلام: دين السلام والوئام و'التعايش السلمي'! حتى قال أحدهم:' هيئة الأمم المتحدة تأخذ بالحل الإسلامي لمعالجة المشكلات التي تواجه الإنسانية![ د. معروف الدواليبي / انظر جريدة العالم الإسلامي بمكة عدد 1243 . وانظر دور هيئة الأمم في إسقاط عقيدة الولاء في كتاب الجهاد للعلياني ] . كما تلمس من كلامهم: استعداداً كاملاً للارتماء في أحضان الغرب.. فضلاً عن جهلهم المركب بعقيدة الإسلام الصحيح، ومن أهمها عقيدة الولاء والبراء.
وهذه المخططات حلقة من حلقات تستهدف القضاء على عقيدة: 'البراءة من الكفار وبغضهم'. إضافة إلى كيد المبتدعة من الباطنيين وأشباههم. ومع هذه الحملة الشرسة والمنظمة من أجل 'مسخ ' عقيدة البراء فإنك ترى - في الوقت نفسه - الفرقة والشحناء بين الدعاة المنتسبين لأهل السنة.
ولأجل هذا وذاك، أحببت أن أؤكد على موضوع الولاء والبراء من خلال النقاط التالية:
1- إن الولاء والبراء من الإيمان، بل هو شرط من الإيمان: كما قال سبحانه:{ تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ[80]وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ[81]}[سورة المائدة].
يقول ابن تيمية عن هذه الآية :'فذكر جملة شرطية تقتضي أن إذا وجد الشرط وجد المشروط بحرف 'لو' التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط، فقال:{وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ...[81]}[سورة المائدة]. فدل ذلك على: أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويضاده، لا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، ودلَّ ذلك على أن من اتخذهم أولياء، ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي، وما أنزل إليه..'[ من كتاب الإيمان ص 14].
والولاء والبراء أوثق عرى الإيمان: كما قال صلى الله عليه وسلم: [أَوْثَق عُرَى الْإِيمَان الْحُبّ فِي اللَّه وَالْبُغْض فِي اللَّه] رواه أحمد-بنحوه- والحاكم . يقول الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب:'فهل يتم الدين أو يقام علم الجهاد، أو علم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بالحب في الله والبغض في الله...ولو كان الناس متفقين على طريقة واحدة، ومحبة من غير عداوة ولا بغضاء، لم يكن فرقاناً بين الحق والباطل، ولا بين المؤمنين والكفار، ولا بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان'[ من رسالته أوثق عرى الإيمان ص 38] .وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع أصحابه على تحقيق هذا الأصل العظيم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: [أُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتُنَاصِحَ الْمُسْلِمِينَ وَتُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ]رواه النسائي وأحمد . وتأمل معي هذه العبارة الرائعة التي سطرها أبو الوفاء بن عقيل [ت 513 ه]:
'إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان، فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع، ولا ضجيجهم في الموقف بلبيك، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة، عاش ابن الراوندي والمعري عليهما لعائن الله ينظمون وينثرون كفراً... وعاشوا سنين، وعظمت قبورهم، واشتريت تصانيفهم، وهذا يدل على برودة الدين في القلب'[من الآداب الشرعية لابن مفلح 1/268] .
2- الولاء معناه المحبة والمودة والقرب، والبراء هو البغض والعداوة والبعد: والولاء والبراء أمر قلبي في أصله، لكن يظهر على اللسان والجوارح، فالولاء لا يكون إلا لله، ورسوله، وللمؤمنين، كما قال سبحانه:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا...[55]}[سورة المائدة]. فالولاء للمؤمنين يكون بمحبتهم لإيمانهم، ونصرتهم، والإشفاق عليهم، والنصح لهم، والدعاء لهم، والسلام عليهم، وزيارة مريضهم، وتشييع ميتهم، ومواساتهم وإعانتهم، والسؤال عن أحوالهم، وغير ذلك من وسائل تحقيق هذا الولاء .
والبراءة من الكفار تكون: ببغضهم - ديناً - وعدم بدئهم بالسلام، وعدم التذلل لهم أو الإعجاب بهم، والحذر من التشبه بهم، وتحقيق مخالفتهم - شرعاً - وجهادهم بالمال واللسان والسنان، والهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، وغير ذلك من مقتضيات البراءة منهم [انظر تفصيل ذلك في كتاب:' الولاء والبراء' للقحطاني، وكتاب:'الموالاة والمعاداة' للجلعود].
3- أهل السنة يرحمون الخلق ويعرفون الحق: فهم أحسن الناس للناس، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، وهم في وئام تام، وتعاطف وتناصح وإشفاق كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، حتى قال أحد أيوب السَّخِتْياني:'إنه ليبلغني عن الرجل من أهل السنة أنه مات، فكأنما فقدت بعض أعضائي'[ 'الحجة في بيان المحجة' للأصفهاني-قوام السنة- : 2/487] .
ولذا قال قوام السنة إسماعيل الأصفهاني: 'وعلى المرء محبة أهل السنة في أي موضع كانوا؛ رجاء محبة الله له، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ] رواه مالك وأحمد. وعليه بغض أهل البدع في أي موضع كانوا حتى يكون ممن أحب في الله وأبغض في الله'[المرجع السابق 2/501] . وهذا الولاء فيما بين أهل السنة، إنما هو بسبب وحدة منهجهم، واتحاد طريقتهم في التلقي والاستدلال، والعقيدة والشريعة والسلوك .
4- الكفار هم أعداؤنا قديماً وحديثاً سواء كانوا كفاراً أصليين كاليهود والنصارى، أو مرتدين: قال تعالى:{ لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً...[28]}[سورة آل عمران].فهذه حقيقة ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، وهي أن الكفار دائماً وأبداً هم أعداؤنا وخصومناً، كما قرر ذلك سبحانه فقال عنهم:{لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً...[10]}[سورة التوبة]. وقال تعالى:{ مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ...[105]}[سورة البقرة].
وقال سبحانه:{ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ...[109]} [سورة البقرة].
هكذا حذر الله من الكفار:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[14]}[سورة الملك]. ولكي يطمئن قلبك؛ فانظر إلى التاريخ في القديم والحديث، وما فعله الكفار في الماضي، وما يفعلونه في هذه الأيام، وما قد يفعلونه مستقبلاً . ورحم الله ابن القيم عندما عقد فصلاً، فقال:'فصل: في سياق الآيات الدالة على غش أهل الذمة للمسلمين، وعداوتهم وخيانتهم، وتمنيهم السوء لهم، ومعاداة الرب تعالى لمن أعزهم، أو والاهم، أو ولاّهم أمر المسلمين'[أحكام أهل الذمة 1/238] .
5- إن الناس في ميزان الولاء والبراء على ثلاثة أصناف:
فأهل الإيمان والصلاح: يجب علينا أن نحبهم ونواليهم .
وأهل الكفر والنفاق: يجب بغضهم والبراءة منهم.
وأما من خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً: فالواجب أن نحبهم ونواليهم لما لهم من إيمان، وفي الوقت نفسه نبغضهم ونعاديهم لما تلبسوا به من معاصٍ وفجور . وذلك لأن الولاء والبراء من الإيمان، والإيمان عند أهل السنة ليس شيئاً واحداً لا يقبل التبعيض والتجزئة، فهو يتبعض لأنه شعب متعددة كما جاء في الحديث .
6- موالاة الكفار ذات شعب متعددة، وصور متنوعة: وكما قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله:'مسمى الموالاة يقع على شعب متفاوتة، منها ما يوجب الردة وذهاب الإسلام بالكلية.. ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات'[الدرر السنية 7/159] .
فمن شعب موالاة الكفار، التي توجب الخروج من الملة:
مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين: كما قال سبحانه:{...وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ...[51]}[سورة المائدة].
ومنها:عدم تكفير الكفار، أو التوقف في كفرهم، أو الشك فيه، أو تصحيح مذهبهم[انظر الشفا لعياض 2/1071]: فما بالك بحال من يدافع عنهم، ويصفهم بأنهم إخواننا في الإنسانية - إن كانوا ملاحدة، أو وثنيين - ، أو 'أشقاؤنا' - إن كانوا يهوداً أو نصارى - فالجميع في زعمهم على ملة إبراهيم عليه السلام!
7- من أعظم ثمرات القيام بهذا الأصل:
تحقيق أوثق عرى الايمان، والفوز بمرضاة الله، والنجاة من سخط الجبار جل جلاله: كما قال سبحانه:{تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ[80]وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ[81]}[سورة المائدة]..
ومن ثمرات القيام بالولاء والبراء: السلامة من الفتن: قال سبحانه:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ[73]}[سورة الأنفال]. يقول ابن كثير: 'أي إن تجانبوا المشركين، وتوالوا المؤمنين، وإلا وقعت فتنة في الناس، وهو التباس واختلاط المؤمنين بالكافرين، فيقع بين الناس فساد منتشر عريض طويل'[ تفسير ابن كثير 2/316].
ومن ثمرات تحقيق هذا الأصل: حصول النعم والخيرات في الدنيا، والثناء الحسن في الدارين: كما قال أحد أهل العلم: 'وتأمل قوله تعالى في حق إبراهيم عليه السلام:{ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا[49]وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا[50]}[سورة مريم]. فهذا ظاهر أن اعتزال الكفار سبب لهذه النعم كلها، ولهذا الثناء الجميل...'[ من كتاب منهاج الصواب في قبح استكتاب أهل الكتاب ص 52 ، وانظر اضواء البيان للشنقيطي 2/485].
وهذا أمر مشاهد معلوم، فأعلام هذه الأمة ممن حققوا هذا الأصل قولاً وعملاً، لا زلنا نترحم عليهم، ونذكرهم بالخير، ولا يزال لهم لسان صدق في العالمين، فضلاً عن نصر الله لهم، والعاقبة لهم، فانظر مثلاً إلى موقف الصديق رضي الله عنه من المرتدين ومانعي الزكاة، عندما حقق هذا الأصل فيهم، فنصره الله عليهم، وأظهر الله بسببه الدين.. وهذا إمام أهل السنة أحمد بن حنبل رحمه الله يقف موقفاً شجاعاً أمام المبتدعة في فتنة القول بخلق القرآن، فلا يداهن، ولا يتنازل، فنصر الله به مذهب أهل السنة، وأخزى المخالفين، وهذا صلاح الدين الأيوبي رحمه الله يجاهد الصليبيين - تحقيقاً لهذا الأصل - فينصره الله عليهم، ويكبت القوم الكافرين، والأمثلة كثيرة.
فيجب على الدعاة إلى الله تعالى أن يحققوا هذا الأصل في أنفسهم اعتقاداً وقولاً وعملاً، وأن تقدم البرامج الجادة - للمدعوين - من أجل تحقيق عقيدة الولاء والبراء ولوازمهما، وذلك من خلال ربط الأمة بكتاب الله تعالى، والسيرة النبوية، وقراءة كتب التاريخ، واستعراض تاريخ الصراع بين أهل الإيمان والكفر القديم والحديث، والكشف عن مكائد الأعداء ومكرهم 'المنظم' في سبيل القضاء على هذه الأمة ودينها، والقيام بأنشطة عملية في سبيل تحقيق الولاء والبراء كالإنفاق في سبيل الله، والتواصل واللقاء مع الدعاة من أهل السنة في مختلف الأماكن، ومتابعة أخبارهم ونحو ذلك .
من :' كلمات في الولاء والبراء' للشيخ/ عبد العزيز بن محمد آل عبد اللطيف
بارك الله فيك اختي المباركه
ما احوجنا الى تأصيل مثل هذه المواضيع المهمة جدا و خاصة في هذا الزمن الذي بدأت فيه الهوية تتميع لدى بعض المسلمين .
شكرا لك
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات