صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 13 إلى 18 من 29

الموضوع: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية

  1. #13
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,570
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    878

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    علم القراءات:
    إن هذا العلم السامي الذي يبحث في القراءات المتواترة للقران الكريم قد تخصص فيه مجموعة من علماء قبيلة بلي خدمة لكتاب الله ، ومن أجل نشره بين أبناء المسامين ، ومن هؤلاء العلماء محمد بن محمد بن ميمون أبو عبدالله البلوي الغرناطي صاحب ابن الجزري فقد قرأ السبع على الخطيب اللوشي صاحب ابن الزبير وعلى الخشاب وأخذ التيسير عن جماعة .
    خرج للحج فقرأ بتونس على ابن الحاجة ، وقدم دمشق سنة (772هـ/1370م) فقرأ على ابن الجزري للعشرة، وحفظ قصيدته اللامية ، وقرأ على ابن اللبان والكقري والعنابي ، ويقول ابن الجزري : وسمع منا الحديث من أصحاب البخاري وغيرهم ، وأقام عندنا سنين يقرئ ويسمع ثم توجه في سنة 784هـ / 1382م للديار المصرية فقرأ علة ابن الفتح العسقلاني ، وحج سنة 795هـ / 1383م فجاور ثم دخل اليمن فأقام في دولة ثعبات من أعمال تعز حتى مات سنة (793هـ / 1390م) ويقول ابن الجزري : ولما دخلت اليمن في سنة (828هـ / 1422م) تحققت أنه مات في ثعبات من عمل تعز بعد أن أقام وأقرأ وأسمع .
    وكان خيرا صالحا ثقة حسن الخلق قرأ عليه نجيب الدين عبدالله بن قطب البيهقي بمكة ، وأبو بكر بن أحمد بن مصبح بحماة .
    ومن المقرئين الكبار الذين تنقلوا بين مدن الأندلس يبثون كتاب الله ويعلمون المسلمين قراته وتلاوته العالم أبو القاسم عبالرحمن بن أبي رجاء البلوي المقرئ ويعرف باللبسي نسبة إلى قرية لبسةlapeza) ) الواقعة على مقربية من مدينة وادي لأأش . أخذ القراءات بغرناة وغيرها عن عدة مشائخ ، وحينما حج عام 498هـ / 1105م لقي بمكة أبا محمد عبدالله بن عمر بن العرجاء ، وأخذ عنه القراءات ، كما لقي أبا حامد الغزالي فسمع منه واجاز له تأليفه ، وأخذ بالمهدية بتونس عن أبي الحسن بن محمد بن ثابت الخولاني المعروف بابي الحداد الأقطع وانصرف إلى الأندلس ونزل حول سنة 505هـ / 1111م بالمرية حيث تولي الإمامة والخطبة والأقراء بجامعها ، وقد أخذ عنه أبو جماعة منهم أبو القاسم بن جبيش ، وروى عنه أبو القاسم ابن بشكوال ، ولكنه اغفل ذكره في كتابه الصلة .
    كان زاهدا فاضلا مجاب الدعوة خرج من المرية سنة 541هـ / 1146م ، وسكن وادي أش حيث توفي سنة 545هـ / 1150م وهو ابن ثمان وسبعين سنة ، قال ابن مسدي كان رأس المقرئين بالأندلس في زمانه .
    أما ابنه عبدالصمد بن عبدالرحمن بن أبي العرجاء البلوي أبو محمد البلوي الأندلسي الآشي المقرئ (534 – رجب 619 هـ / 1139-1222م) ، كان رواية مكثرا وواعظا مذكرا ، يتحقق بالقراءات والتفاسير ، كان أقرأ الناس ببلده ، وتصدر وحدث .
    قال أبو حيان النحوي : "أن عبدالصمد هذا روى عن أبيه القران تلاوة ، وسمع منه عدة كتب ، ومات ابوه وله نحو من عشر سنين ، ومع ذلك روى الناس عنه ووثقوه ، ووثقه أبو علي بن أبي الأحوص ، وروى عنه الحافظ أبو عبدلله محمد بن سعيد الطراز وأبو جعفر أحمد بن سعد بن بشر ، وأبو جعفر أحمد بن عبدالرحمن بن عروس الغساني .
    وإلى جانب علمه بالقراءات والتفسير ، كان يشارك في الحديث والعربية .
    ومن العلماء الذين نبغوا في العلوم الشرعية بشكل عام العام عبدالمجيد البلوي ، من أهل مدينة البيرة في الأندلس ( ت268هـ / 881 م ) . الذي رحل في طلب العلم وسمع من العالم سحنون بن سعيد بالمغرب ، وأحمد بن عمر بن السرح بمصر ، وروى عن يحيى بن يحيى ، وسعيد بن حسان ، وعبد الملك بن حبيب .
    ومنهم أبو الحسن علي بن محمد بن عبدالرحمن بن عبدالله البلوي ( 552 – 623 هـ / 1157 –1226 م) . نسبه ابن الأبار إلى بلنسية ، ونسبه الرعيني (ت 666هـ /1267 ) في برنامج شيوخه إلى قرطبة ،وكان عدلاً موثقا .
    أما الفقيه أبو محمد خلف بن علي بن ناصر بن منصور البلوي ، السبتي (ت400هـ/1009م ) الزاهد الذي قدم الأندلس من مدينة سبتة في المغرب, فقد كان متبتلاً سائحاً في الأرض لا يأوي إلى وطن, رواية للعلم, حسن الخط, ضابطاً لما كتب, قدم قرطبة وسكن مسجد متعة وتعبد فيه, وكان الصلحاء والزهاد يقصدونه.
    روى بالمشرق عن أبي محمد بن أبي زيد الفقيه, وعن أبي محمد عبد الملك بن الحسن الصقلي وغيرهما.
    وسمع منه جماعة من علماء قرطبة وغيرها منهم على سبيل المثال لا الحصر عمر بن عفيف وغيرهم.
    وعندما عزم على الرجوع إلى مكة المكرمة وافاه الأجل في مدينة البيرة الأندلسية.
    وبرع أبو ايوب سليمان بن ابراهيم بن حمزة البلوي ( ت435هـ/ 1043م) من أهل مالقة, بالقرآن فكان مجوداً له عالماً بكثير من معانيه, متصرفاً في فنونه من العربية, حسن الفهم, خيراً فاضلاً, وكان محسناً في العبارة مطبوعاً فيها, ذكره ابن خزرج, وهو زوج لابنة العالم أبي عمر الطلمنكي, وروى عنه كثيراً من رواياته وتواليفه, وروى عن حسون القاضي وغيره من شيوخ مالقة, وقد توفي مدينة قرطبة.
    ومن أبناء هذه القبيلة الذين طلبوا العلم الشرعي في فترة مبكرة عبد الجبار بن فتح بن منصور البلوي( ت 258هـ/ 871 م) من أهل فحص البلوط في الأندلس, فقد طلب العلم وهو ابن خمس عشرة سنة, وكان العالم محمد بن عمر بن لبابة قد اجتمع به عند العتيبي, وأبي زيد وعبد الأعلى, وكان يقول إنه لم ير بقرطبة زاهداً غيره.
    وقد سمع من علماء عصره العلم والذي يأتي على رأسهم محمد بن عيسى الأعشى, وعبد الملك بن حبيب, وعبد الرحمن بن ابراهيم أبي زيد, ومحمد بن أحمد العتبي, وعبد الأعلى بن وهب, وقد توفي وهو ابن اربعين سنة.

  2. #14
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,570
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    878

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    علم الفقة:
    ومن الفقهاء الذين أشتهروا في الأندلس في الدراسات الفقهيه على مذهب الإمام مالك وأصحابه ، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن جعفر البلويمن أهل القيروان ( توفي قبل عام 400هـ/1009م ) الذي ألف عدة كتب من اهمها : كتاب الأبواب وكتابة المعرفه ، وكتاب الدين وفرائضة ، ووصل الينا كتاب "العطاء الجزيل في كشف غطاء الترسيل " لمؤلفة ابو عبد الله محمد بن احمد اللخمي البلوي ( ت577هـ /1181م ) .
    اما يحيى بن عمر بن يوسف الكناني البلوي (ت213هـ / 828 م ) فكان من مشاهير فقها الأندلس ، طلب العلم في تونس ومصر والحجاز ، الف في الرد على الإمام الشافعي (رحمه الله ) ، وعلى المرجئه ، وفي فصل الوضوء والصلاة .

  3. #15
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,570
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    878

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    الفصل الثاني :
    إسهامات قبيلة بلي في الأدب
    لقد برز الكثير من الأدباء والشعراء من أبناء قبيلة بلي خاصة في أحضان بلاد المغرب والأندلس, حيث اسرتهم البيئة الاخاذة بجمالها, وهيجت انهار وجداول وينابيع تلك البلاد نيران الحرقة والشوق الى وطنهم الأم.
    فانقادت لهم الكلمات وطاوعتهم العبارات فانتجت اقلامهم قصائد شعرية رائعة, وقطعاً نثرية تثبت تقدمهم في البلاغة والنثر. ولعل الأديب الشهير ابو يحيى البلوي المري, محمد بن محمد بن عبد الواحد بن محمدالبلوي يأتي في طليعة ادباء هذه القبيلة, فقد وصفته المصادر بأنه من أبناء النعم وذوي بيوتات, كثير السكون والحياء وقد اتصل بالأديب والمؤرخ الشهير لسان الدين بن الخطيب, الذي مدحه البلوي بقصائد عدة منها لاميته الرائعة التي يقول فيها:
    عللوني ولو بوعد محال
    وصلوني ولو بطيف خيال
    واعلموا انني اسير هواكم
    لست انفك دائماً عن عقال
    فدموعي من بينكم في انسكاب
    وفؤادي من هجركم في اشتعال
    يا اهيل الحمى كفاني غرامي
    لا تزيدوا حسبي بما قد جرى لي

    من مجيري من لحظ ريم ظلوم
    حلل الهجر بعد طيب الوصال
    ناعس الطرف اسهر الجفن مني
    طال منه الجفا بطول الليالي
    بابلي اللحاظ أصمى فؤادي
    ورماه من غنجه بنبال
    وكسا الجسم من هواه نحولاً
    قصده في النوى بذاك انتحالي
    ما ابتدى في الوصال يوماًبعطف
    مذ روى في الغرام باب اشتغالي
    ليس لي منه في الهوى من مجير
    غير تاج العلا وقطب الكمال
    علم الدين عزه وسناه
    ذروة المجد, بدر أفق الجلال
    هو غيث الندى, وبحر العطايا
    هو شمس الهدى, فريد المعالي
    إن وشى في الرقاع بالنقش قلنا
    صفحة الطرس حليت باللآلي
    أو دجا الخطب فهو فيه شهابٍ
    زانه الصبح في ظلام الضلال
    أو نبا الأمر فهو في الأمر عضب
    جل في الدهر يا أخي عن مثال
    لست تلقى مثاله في زمان
    صادق العزم عند ضيق المجال
    قد نأى بي حبي له عن دياري
    لا لجدوى ولا لنيل نوال
    لكن اشتقت ان أرى منه وجهاً
    نوره فاضح لنور الهلال
    وكما همت فيه ألثم كفاً
    جاد لي بالنوال قبل السؤال
    هاكها ابن الخطيب عذراء جاءت
    تلثم الأرض قبل شسع النعال
    وتوفي حق الوزارة عمن
    هو ملك لها على كل حال
    ولم تكن هذه القصيدة الوحيدة التي مدح بها لسان الدين ابن الخطيب بل له رائية رائعة أيضاً في مدحه, نظمها في عام( 749هـ/ 1344م) قال فيها:
    لا عذر لي عن خدمة الإعذار
    ولئن نأى وطني وشط مزاري
    أو عاقني عنه الزمان وصرفه
    تقضي الأماني عادة الإعصار
    قد كنت أرغب أن أفوز بخدمتي
    وأحط رحلي عند باب الدار
    بادي المسرة بالصنيع وأهله
    مستشمراً فيه بفضل ازاري
    من شاء ان يلقى الزمان وأهله
    ويرى جلال شاع في الأقطار
    فليأت حي ابن الخطيب ملبياً
    فيفوز بالإعظام والإكبار
    كم ضم من صيد كرام قدرهم
    يسمو ويعلو في ذوي الأقدار
    إن جئت ناديه فنب عني وقل
    نلت المنى بتلطف ووقار
    يامن له شرف القديم ومن له الـ
    حسب الصميم العد يوم فخار
    يهنيك ما قد نلت من أمل به
    في الفرقدين النيرين لساري
    نجلاك قطبا كل مجد باذخ
    أملان مرجوان في الإعسار
    عبد الإله وصنوه قمر العلا
    فرعان من أصل زكا ونجار
    ناهيك من قمرين في أفق العلا
    ينميهما نور من الأنوار
    زاكي الأرومة معرق في مجده
    جم الفضائل طيب الأخبار
    رقت طبائعه وراق جماله
    فكأنما خلقا من الأزهار
    وحلت شمائل حسنه فكأنما
    خلعت عليه رقة الأسحار
    فإذا تكلم قلت طل ساقط
    أو وقع در من نحور جواري
    أو فت حبر المسك في قرطاسه
    فالروض غب الواكف المدرار
    تتبسم الأقلام بين بنانه
    فتريك نظم الدر في الأسطار
    فتخال من تلك البنان كمائماً
    ظلت تفتح ناضر النوار
    تلقاه فياض الندى متهللا
    يلقاك بالبشرى والاستبشار
    بحر البلاغة قسها وايادها
    سحبانها حبر من الأحبار
    إن ناظر العلماء فهو إمامهم
    شرف المعارف, واحد النظار
    أربى على العلماء بالصيت الذي
    قد طار في الآفاق كل مطار
    ماضره ان لم يجيء متقدما
    بالسبق يعرف أخر المضمار
    إن كان أخره الزمان لحكمة
    ظهرت وما خفيت كضؤ نهار
    الشمس تحجب وهي أعظم نير
    وترى من الآفاق إثر دراري
    ياابن الخطيب خطبتها لعلاكم
    بكراً تزف لكم من الأفكار
    جاءتك من خجل على قدم الحيا
    قد طيبت بثنائك المعطار
    وأتت تودي بعض حق واجب
    عن نازح الأوطان ولأوطار
    مدت يد التطفيل نحو علاكم
    فتوشحت من حليكم بنضار
    ولهذه الشاعرية المتدفقة والعاطفة الجياشة كان أبو يحيى البلوي محل تقدير العلماء فقد جرى ذكره في الأكليل بما نصه : من أولي الاتصال ، بأولي الخلال البارعة والخصال ، خطاً رائعاً ، ونظماً بمثله لائعاً ، ودعابة يسترها تجهم ، وسكون في طية إدراك وتفهم ، عني بالدراية والتقليد ، ومال في النظم الى بعض التوليد ، وله أصالة نبتت في السرو عروقها ، وتألقت في سماء المجادة بروقها ، وتصرف بين النيابة في الأحكام الشرعية ، وبين الشهادات العلمية المرعية .
    وقد أثنى عليه أيضاً أبو الحسن علي بن لسان الدين بقوله : رحمة الله عليه ما أعذب حلاوته ، وأعظم مروءته ، وأكرم أصالته .
    إن شاعرية أبي يحيى البلوي جديرة بالدراسة ، فأشعاره تمتاز بالجدة بالتعبير ، والأصالة في الأفكار وكما أشار صاحب الإكليل فإنه مال في النظم الى بعض التوليد ، فضلاًعن عذوبة لفظه .
    ويمثل العالم الموسوعي صاحب المواهب المتعددة ابو البقاء البلوي(حوالي713- قبل 780هـ/ 1313-1378م) نموذجاً حياً لتطور صناعة النثر والشعر في القرن الثامن الهجري, ذلك القرن الذي يعد بحق قرن الابداع الأدبي والعلمي سواء في المغرب أو المشرق.
    يعتبر أبو البقاء من الشخصيات الفة والمشهورة لدى المؤرخين المغاربة والأندلسيين, فقد ترجم له معاصره ابن الخطيب, وابن القاضي في الجذوة, ودرة الحجال في أسماء الرجال, ومخلوف في شجرة النور الزكية في طبقات المالكية, والمقرى في نفح الطيب وغيرهم.
    قال عنه أحمد بابا التمبكتي في نيل الابتهاج: ( أبو البقاء علم الدين الإمام القاضي الفاضل). ووصفه ابن الخطيب في الإحاطة بأنه من اهل الفضل, كثير التواضع, والخلق الحسن جميل المعاشرة, محب الأدب... ارتسم بديوان الكتابة بتونس عن أميرها زمناً يسيراً, وكان يتشبه بالمشارقة شكلا ولساناً.
    وأثنى عليه كذلك العالم أبو عبد الله الحضرمي(ت 747هـ/ 1346م) بقوله: هو صاحب الفقيه الأجل القاضي العدل الحاج المتخلق الحبيب الأديب, المتفنن العالم الفاضل. أما ابن مخلوف, فأطراه في
    ( شجرة النور الزكية, ج1, ص227) فقال: القاضي أبو البقاء علم الدين... العالم الكامل المتفنن الفاضل- الأريب المطلع الأديب.
    ولعل أشمل وصف لهذا العالم الجليل ما جاء في الكبتبة الكامنة, لابن الخطيب, حين قال: فيمن لقينا بالأندلس من شعراء المئة الثامنة, القاضي أبو يزيد خالد بن عيسى بن أحمد القنتوري البلوي, صاحبنا, هذا الرجل كالجمل المحتمل يريبك مجموعه ويهولك مرئية ومسموعة, فإذا زمزم الحادي سالت من الرقة دموعه, فظاهره جسم جسيم, وللزرافة قسيم, وباطنه في اللطافة نسيم, وروض يرتاده نسيم, سكن البادية خيراً عفيفاً ومن المؤن خفيفاً يرتاح الى عقائل الآداب, ارتياح قيس الى ليلى... على انه كان عاطفياً ألوفاً يصعب عليه ان يفارق الأصدقاء والأحباب, يأنس الى كل من تعرف عليه... وإذا دخل مدينة لا يطيب له بها قرار حتى يربط علا قته بالفضلاء, فإذا فارقهم بكى حنيناً وشوقاً... يألف بسهولة ويستطيع ان يندمج في كل البيئات.
    لقد كان أبو البقاء البلوي ينحدر من أسرة عريقة بالعلم خاصة العلم الشرعي, فقد تلقى العلم بمسقط رأسه قنتورية, فأخذ أولا عن والده القرآن ومبادىء العربية ثم درس القراءات السبع اثني عشر شيخاً, وذكر البلوي ان هذا العلم تسلسل في سبعة من أجداده.
    وكان البلوي حر التفكير يميل الى الإجتهاد محباً للرياضة والفروسية, فقد كن يحسن السباحة ويجيد الفروسية حيث تعلم النزال والضرب واساليب الحرب كما كان حسن الخط يكتب بسرعة واتقان, وقد وصف ابن نباتة خطه بقوله: يتنافس فيه البصر والسمع, كما منح الله عز وجل البلوي صوتاً في غاية الحسن, قال ابن نباتة: يقرظ إذناً ببيانه وصوته.
    وضمت ضلوع البلوي قلباً ينبض بالشفقة والرحمه ، فهو شديد التألم للمنظر المحزن فها هو يقول : فما رض ضلوعي وما فض دموعي ،إلا الأطفال يضطربون بالبكاء ويستغيثون من العطش .
    كما كان باراًبوالديه، فقد زهد في الوظيفه في تونس على قلة ذات يده رعياً لوجوب الرجوع إلى وطنه ومعاينة والدته التي تركها وحدها في تونس .
    ورغم هذه المواهب المتعدده والعلم الغزير إلا أن البلوي يبدو أنه وصل إلى نظرة للحياة متشائمة عبر عنها بقوله : فالليالي لاتجمع شمالا إلا شتته ولا تصل حبلاً إلا بتته ، من أطاعها عصته ، ومن أدناها أقصته ، فالبصير من يرفض الدنيا ويسأل الله في أموره .
    ويبدو انه عانى معاناة كبيره من ثقته بالناس ، لانه لا ينافق ولا يخادع ، صادق امين ، ولكنه اتضح له بعد ذلك ان الثقه المطلقه بالناس تكلفه كثيرا فقال :
    وقد كان حسن الظن بعض مذاهبي
    فأدبني هذا الزمان وأهله .
    لقد اولع ابو البقاء البلوي بالشعر رواية وحفظا خاصة الشعر الأندلسي, وكتابة تاج المفرق مليء بمحفوظاته في هذا الباب.
    فله مجموعة منتقاة اختارها من اشعار معاصريه, فضلاًعن ديوان شعر.
    وسنحاول ان نعرض لشذرات من شعر هذا العالم الموهوب لتكتمل لنا الصورة عن شاعريته المتفقة, حيث تنساب الكلمة على لسانه انسياب النسيم العليل على الأزهار والرياحين المتعانقة في المروج الخضراء في ليلة من ليالي الربيع المقمرة .
    لقد حرقت الغربة قلب البلوي فهو في كل مناسبة يحن الى وطنه ويسكب الدمع المدرار لذكراهم خاصة عندما يرى الناس يتزاورون ويتبادرون التهاني في الأعياد, فلنستمع اليه في 737هـ/ 1336م عندما ادركه عيد الأضحى بتونس يرتجل في مصلاها:
    أتى العيد واعتاد الأحبة بعضهم
    ببعض واحباب المتيم قد بانوا
    وأضحى وقد ضحوا بقربانهم وما
    لديه سوى جمر المدامع قربان
    ومن شعره في هذا الباب أيضــــــاً:
    ولقد جرى يوم النوى دمعي دماً
    حتى أشاع الناس أنك فاني
    والله إن عاد الزمان بقربنا
    لكففت عن ذكر النوى وكفاني
    لقد استنكر البعض ظهور الشيب في مفرق أبو البقاء رغم انه في شرخ الشباب, فأوضح لمن استنكر ذلك بأن البعد عن الأوطان ومفارقة الأحبة هو السبب في ظهور الشيب المبكر في رأسه فقال:
    ومستنكر شيبي وما ذهب الصبا
    فقلت فراقي للأحبة مؤذن
    ولا جف ايناع الشبية من غضي
    بشيبي وإن كنت ابن عشرين من سني
    وكل أشعار البلوي تتدفق شوقاً وحنيناً ويندر ان تد قصيدة له تخلو من ذلك, كما ان جميعها يمس شغاف القلب ويجعل المتلقي يتفاعل مع عواطفه ويعيش معه في غربته, ومعاناته, وتجعله يئن مع انينه ويبكي مع بكائه, فلنستمع لهذه القصيدة:
    بعثت خيالا والعواذل ضجع
    فسرى ينم به شذاً يتضوع
    دنا يعاطيني الحديث على دجى
    كأس الثريا في يديه تشعشع

    وكأنما الإكليل جام مذهب
    بيواقت الجوزاء فيه مرصع
    نادمت فيه أخا الغزالة جؤذراً
    يغدو بأكناف القلوب ويرتع
    في ليلة لا الوصل فيها بنينا
    خجل ولا قلب العفاف مروع
    رق الهواء بها ورق لي الهوى
    فمشى موشى بيننا وموشع
    ياجيرة جار الزمان ببعدهم
    لم يخل منكم في فؤادي موضع
    لم تسكنوا وادي الأراك وإنما
    قلبي مضيفكم ودمعي المربع
    والله ماضحك الربيع بربعكم
    إلا وعن عيني بمزن يهمع
    وإذا شكوت الى الصديق فإنه
    يسليك أو يغنيك أو يتفجع
    يابار فا تنشق عنه سحابة
    عن مثل مدمعي السفوح وتقلع
    أشبهت من أهواه حسن تبسم
    فأصبت إلا أنه هو أنصع
    بالله خذ عني تحية نازح
    لم يبق فيه اليوم فيما يطمع
    واقرأ على الجزع السلام وسح من
    قطرات دمعك حيث تلك الأربع
    ما كان أطيب عيشنا الماضي بها
    لو كان ذلك العيش فيها يرجع
    أيام نغفر للصبا ذنب الهوى
    ونشفع الوجه الجميل فيشفع
    ماسرني تبديد دمعي لؤلؤاً
    وعهدته بيد الحسان يجمع

  4. #16
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,570
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    878

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    وعندما عزم البلوي على الرحيل عن بلده في رحلته التي دونها في تاج المفرق وذلك في ضحوة يوم السبت الثامن عشر لصفر من عام736هـ/ 1335م مودعاً للأهل والأصدقاء, نجده يتجرع آلام الفراق لا بل انه عندما غادر بلده وودع أهله كأنه فارق روحه ففي تلك اللحظات العاطفية الجياشة قال:
    ودعت قلبي يوم ودعتهم
    وقلت يا قلبي عليك السلام

    وقلت للنوم انصرف راشداً
    فإن عيني بعدهم لا تنام
    محرم يا عين ان ترقدي
    وليس في العالم نوم حرام
    وهاهو يعبر نثراً وشعراً عن هذا الموقف مرة أخرى فيقول: وقد أعدت الركاب, وطاشت الألباب, وحضر للوداع جميع الأحباب, وأنا أصبر كصبر ميت على النزاع, وأقول ما خلق الله من عذاب أشد من وقفة الوداع, أعالج السياق, وأعاين المنايا بين أخفاف النياق, ثم يقول:
    أقول لصحبي حين ساروا ترفقوا
    لعلي أرى من بالجناب الممنع
    وألثم أرضاً ينبت العز تربها
    وأسقي ثراها من سحائب أدمعي
    وينظرطرفي أين أترك مهجتي
    فقد أقسمت أن لا تسير غداً معي
    وما أنا إن خلفتها متأسفاً
    عليها وقد حلت بأكرم موضع
    ولنعش مع أشعار البلوي الشجية عندما ارتحل عن بلده, وأخذت تنازعه وساوس النفس, هل سيمتد به العمر ويعود مرة أخرى اليها, إنه شعور المسافر الذي لا يعلم ماذا يخبئ له القدر أثناء ترحاله, فقد عبر عن تلك الهواجس شعراً حين قال:
    ليت شعري أنلتقي بعد هذا
    أم وداعاً يكون هذا اللقاء
    فاذكروني وزودوني دعاء
    خير زاد تزودوني الدعاء
    وتتكرر الصورة في كل موقف وداع في معظم المناطق التي زارها في رحلته وهي كثيرة فقد أنشد أبياتاً معبرة عن الفراق حين قال :
    ماذا وقوفك والركاب تساق
    أين الجوى والمدمع المهراق
    ألغير هذا اليوم يخبأ أو ترى
    بخلت عليك بمائها الأماق
    حتى لقد رحلوا بقلبك والكرى
    إن النواظر لا الدموع تراق
    وتتدفق عاطفة البلوي الايمانية فياضة رقراقة عندما تتراءى له المدينه المنورة ، فتتوارد لدية الأفكار تجيش به العواطف المفعمه بحب المصطفى صلى الله علية وسلم ، فيا له من موقف مؤثر صوره أبو البقاء البلوي اجمل تصوير حين خط ببنانه ارتجالا قصيدة هي أشبة بلوحات عاطفيه مجسدة تصور لقاء المحبوب مع حبيبه ذلك اللقاء المفعم بالحرقة والشوق ، والاعتراف بالذنب لطول الفراق وعدم التعجيل بالقاء مع كبير الامل والرجاء بأن يصفح المحبوب الزله ويقيل العثرة فقد قال :
    الله أكبر حبذا إكباره لاح الهدى وبدت لا أنواره
    لاحت معالم يثرب وربوعها مثوى الرسول وداره وقراره
    هذا النخيل وطيبة ومحمد خير الورى طرا وها أنا جاره
    هذا المصلى والبقيع وهاهنا ربع الحبيب وهذه آثاره
    هذي منازله المقدسة التي جبريل ردد بينها تكراره
    هذا مواضع مهبط الوحي الذي تشفى الصدور من العمى أسطاره
    هذه مواطىء خير من وطىء الثرى وعلا على السبع العلا استقراره
    ملأ الوجود حقيقة أشراقه فأضاء منه ليله ونهاره
    والروضة الفيحاء هب نسيمها والبان بان ونم منه عراره
    وتعطرب سلع فسل عن طيبها لم لا تطيب وحولها مختاره
    بشرك يا قلبي فقد نلت المنى وبلغت ما تهوى وما تختاره
    قد أمكن الوصل الذي أملته وكذاك حبي أمكنت اسراره
    قد كان عندي لوعة قبل اللقاء فالآن ضاعف لوعتي ابصاره
    رفقاً قليلاً يا دموعي أقصري فالدمع يحسن في الهوى أقصاره
    قد كانت العين الكريمة في غنى عن أن يفيض بتربها تياره
    أيضيع من زار الحبيب وقد درى ان المزور بباله زواره
    أيخيب من قصد الكريم وعنده حسن الرجاء شعاره ودثاره
    أيؤم بابك مستقبل عاثر فيرد عنك ولا تقال عثاره
    حاشا وكلا أن تخيب آملا فيعود صفراً خيبت أسفاره
    يا سيد الارسال ظهري مثقل فعسى تخف بجاهكم أوقاره
    رحماك الصغار وقد تعاظم وزره والعفو تصغر عنده أوزاره
    شط المزار ولا قرار وشدما يلقي محب شط عنك مزاره
    وافى حماك يفر من زلاته واليك يا خير الانام فراره
    وأتاك يلتمس الشفاعة والرجا اقتاده وظنونه أنصاره
    والعبد معتذر ذليل خاضع ومقصر قد طولت أعذاره
    متسول قد اغرقته دموعه متنصل قد أحرقته ناره
    قذفت به في غربه أوطانه ورمت به لعلائكم أوطاره
    فامنن وسامح واعف واصفح واغتفر فلأنت ماح للخطا غفاره
    صلى عليك الله ما حيا الحيا روض الربا وترنمت أطياره
    أجل إن ما تقدم من اختبارات من شعر أبو البقاء البلوي تدل دلاله واضحه على شاعرية متمكنه ، وموهبه ملكت ناصية التعبير فانقادت لها الكلمات فتشكلت منها صور شعرية رائعة تنبض بالحياة والحركة .
    هذا ولم تتوقف مواهب البلوي عندما ذكرنا من جمعه لتلك المعارف بل كانت له يد طولى وشأن يذكر في الموشحات ونختم الحديث عن أبي البقاء بما ختم به المقري حين قال : ومحاسنه كثيرة وفي الرحلة منها جملة
    ومنهم الأديب الشاعر الأبرش البلوي ، عبدالله بن ابي العباس الأبرش البلوي ، من أهل باجة القمح ، وهو شاعر قديم معروف بحب الغريب من اللغة ، وله أراجيز كثيرة ومن نماذج شعره الذي يعتز فيه بقبيلته :
    وحول بيوت الحي جرد ترى لها إذا ما علا صوت الصريخ تحمحما
    وفي الحي فتيان تخال وجوههم إذا سفروا في ظلمة الليل أنجما
    زنود النهى سحب الندى أنجم الهى بدور السنا عرق الوفا أسد الحمى
    هم أقدم الاملاك ملكا وسؤددا ومجد وآلاء وفخراً ومسلما
    فمنهم زهير بن الجناب الذي سقى كؤوس الردى حي معد وأطعما
    وألبس لابني وائل ذلة وألزم دار الهون من كان أحزما
    فلما سطا الجبار أبرهه الذي يصول الردى إن صال يوماً وصمما
    ومنها :
    ونحن مننا بالقطاقط منة بأسرى تميم بعد حولي لأكثما
    معالي بني قحطان بيض زواهر يرى غيرهم بين السماكين معلما
    هم تركوا في ذلك اليوم هرقلاً وأشياعه للبيض نهباً مقسما
    وهم دافعوا عن نفس بهرام فارساً عداه بهم برواز لاذ وخيما
    إذا ماتتوجنا فلا ناس غيرنا ونمنع من شئناه أن يتعمما
    وكنا ذوي التيجان قبل محمد ومن بعده نلنا الفخار المعظما
    نصرنا وآوينا ونلنا بنصرنا له شرفاً ضخماً وعزاً مقدما
    فقل لمنايونا : صهٍإن عزنا جميع ملوك العجم والعرب أرغما
    ألسنا ضربنا بالسيوف وجوهكم على الدين حتى قد أبنتم عن العمى
    وقدناكم للحق قوداً وأنتم ترون الهدى غياً وجرماً محرما
    ونحن جعلنا للبهاليل منكم على الدين من فوق العذارين ميسما
    الى أن علا الاسلام وانتشر الهدى وأصبح دين الله أكرم منتهى
    وأشرقت الدنيا لأحمد وارتمت بنا همة الاسلام أبعد مرتمى
    ففاخر بقحطان بن هود ويعرب إذا أنت فاخرت امرءاً فهما هما
    ومن شعره أيضا :
    يا ذا الذي في خده جيشان من زنج وروم
    هذا يغير على القلو بـ وذا يغير على الجسوم
    إني وقفت من الهوى في موقف صعب عظيم
    كوقوف عارضك الذي قد حار في ماء النعيم
    صاح الجمال به فعرج خيفة كجناح جيم
    ويعد الشاعر الاديب احمد بن محمد بن فرج البلوي المعروف بالبساري من مشاهير شعراء قبيلة بلي في الاندلس في القرن الثالث وبالتحديد في عهد عبدالرحمن بن الحكم ( 206 – 238 هـ / 821 – 852 م ) ومن نماذج شعره تلك القصيدة التي هجا بها الوزير حامد بن محمد الرجالي :
    فعل اللئيم وليلته لم يفعل وأتى بفعل مثله لم يجمل
    ذبح الضفادع في الصنيع ولم يدع للنمل جارحة ولا للقمل
    وضع الطعام فلو علته ذبابة وقعت لتكمل شعبة لم تكمل
    وكأنما خرطت صحاف طعامه من دقة ودمامة من خردل
    وكأن فترة صحفه في البعد والإبطاء فترة مرسل
    ومن شعراء بلي الظرفاء الشاعر أبو بكر عبدالرحمن بن سليمان البلوي السبتي وهو أديب شاعر من اهل العلم له أشعار لطيفة في ممازحة الاصدقاء
    روى ابن حزم في طوق الحمامه انه كان يجتاز الطريق مع عبدالرحمن البلوي الشاعر السبتي فأنشده البلوي لنفسة :
    سريع الى ظهر الطريق وانه الى نقض اسباب الموده أسرع
    والى جانب هؤلاء الشعراء تذكر لنا المصادر أسماء بعض النسوة من هذه القبيلة ممن قرضن الشعر ومن هذه النسوة أم ضيغم البلويه ، وهي شاعرة من شواعر العرب ، قالت :
    وبتنا يقيناً ساقط الطل والندى من الليل برداً يمنه عطران
    نذود بذكر الله عنا من الشذى إذا كان قلبانا بنا يجفان
    وذكر عمر رضا كحال ايضا بأن خيرة بنت أبي ضيغم شاعرة من أظرف الشواعر .
    ومن الجدير بالملاحظة ان قبيلة بلي قد قدمت لنا علماء رواداً في حقل البلاغة والنثر ، فأهل البلاغة يذكرون بكل تقدير الكاتب البليغ البلوي الذي عاش في أوائل العصر العباسي الاول وعاصره ولاة أبي جعفر المنصور والمهدي وهارون الرشيد على بلاد اليمن التي عاش فيها .
    لقد نصب بشر البلوي نفسه لدفع ظلم الظالمين وفجور الفاجرين وتحيز المتحيزين ، فكتب عدة رسائل الى حكام وولاة الدولة العباسية ينهج فيها اسلوبا جديداً اعتمد فيه على اقتباس من القران الكريم فجاءت كلماته درراً لامعه تأسر من يقرأها وقد وصف بعض الأدباء بلاغته بأنها كانت تتهادى في البلاد وكان فيها مأخذ لم يسبقه اليه أحد ولم يلحق فيه ، وانه فيها أوحد ، وانه لا بشابه في بلاغته البلغاء ، وانه منفرد بحسن الاقتباس من آي الذكر الحكيم .
    هذا وقد نشرت هذه الرسائل اخيراً وصدرت في كتاب يحمل اسم رسائل بشر البلوي .
    هذا لمحة سريعة أردنا من خلالها ان نبرز بعض اسهامات هذه القبيله في الحياة الادبية في الدولة الاسلامية عبر ادوارها التاريخية ، علماً بأنه يوجد العديد من الشعراء والادباء الذين لم نعرج عليهم .

  5. #17
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,570
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    878

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية ( متجدد )

    الفصل الثالث :

    إسهامات قبيلة بلي في علوم اللغة

    لقد كان أبناء هذة القبيله شديدي الاعتزاز بلغتهم وتمسكهم بمفرداتها مهما نالت أماكن وجودهم وهذا ما لاحظة المؤرخون كما تقدم في صدر هذا الكتاب ، لذا ليس مستغرباً ان ينبغ أبناء هذه القبيله في علوم اللغة وما يتفرع منها من علوم وآداب
    ومة العلماء الذين خدموا لغة القران في الاندلس ووصلت الينا مؤلفاتهم العلم الفحل أبو الحجاج يوسف بن محمد بن عبدالله البلوي ، بابن الشيخ ( 527 – 604 هـ / 1133- 1208 م ) المولود بمدينه مالقة في الاندلس ، وهوأديب ولغوي وفقيه ، وقد اولع باللزوم في شعره .
    كان من المعاصرين لصلاح الدين الايوبي ، واشترك معه في الحروب الصليبية مجاهداً كما اشترك مع المنصور الموحدي في غزواته ضد الافرنج . ولم تفته غزوه في البر ولا في البحر .
    لقد انحدر ابو الحجاج البلوي من احد بيوتات مالقة الدينية التي تولى الخطابة التي تولى الخطابة بها فعرف بالورع والتصوف والزهد في الدنيا ، فأقبل على أعمال الخير والبر فبنى ببلده مالقة خمسة وعشرين مسجداً من صميم ماله ، وعمل فيها بيده ، وحفر بيده آباراً عدة ازيد من خمسين بئراً ، وكان يلبس الخشن من الثياب .
    ومن أبرز شيوخة السهيلي المالقي ، وابن قرقول وابن دحمان وغيوهم . ومن الواضح ان الجانب الادبي هو الغالب على ثقافته وان الطابع الديني من روع وزهد هو الغالب على شخصيته .
    وقد ذكر له اثنان من المؤلفات :
    1 – ألف باء
    2- وتكميل الأبيات وتتميم الحكايات مما اختصر للأدباء في ألف باء ، وقد أحال في ثنايا كتابه ألف باء اكثر من مرة ، مما يرجح عمله في الكتابين في آن واحد ، وهو كتاب ادبي فيه تاريخ وأدب وشعر ووعظ توسع فيه أوجز في ألف وباء من أخبار وأشعار ، وهو مفقود ، كما أن له رحلة الى المشرق حج فيه وذلك فيما بين ( 560 – 562 هـ / 1164- 1166 م ) وفي كتابه ألف باء الكثير من الاشارات الى حياته ورحلته ومن لقيه من العلماء وأحوال المجالس العلمية في عصره .
    لقد كان أبو الحجاج حريصاً على تدوين العلم منذ فتره مبكرة من حياته وقد ذكر ذلك صراحة حين قال : ( ....... إني كنت في سن الحداثة ، وزمن الطلب أسمع الحكاية من الشيخ فتعجبني فأكتبها عنه وأحفظها ، فلما صرت في حد من يقرأ الكتب ويطالعها كنت أرى تلك الحكاية في الكتاب فأقول من
    هاهنا أخذها ثم اجدها بعينها في كتاب آخر وفي آخر...).
    وسنحاول في الصفحات التالية أن نعرض لكتاب أبو الحجاج البلوي والذي وصل الينا كاملاً وهو كتاب ألف باء الذي وضعه لتأديب ابنه عبدالرحيم ، فوضع في هذا الكتاب عصارة فكرة ، وما حوته ذاكرتة من معلومات / وما جمعتة مكتبته وتجاربة فجاء أشبة بموسوعة علمية في اطار لغوي وأدبي فريد ، وسنحاول أن نبرز بعض الجوانب التي تميز بها ، والاضافاعت العلمية التي اضافها .
    كتاب ألف باء :
    يعد هذا الكتاب من عيون كتب التراث ذات النهج الموسوعي فقد جمع فيه معارف عصره من رحلة ، وفقه وحكايات وطرائف ، وأدب ولغة وما إلى ذلك ، ولكنه يعتمد في عرض كل هذه المعلومات على اساس المعجمي في بنائه . إن البلوي أراد من خلال هذا الكتاب أن يخدم عدة قضايا من أبرزها الذب عن العرب والعربية ، ويتضح ذلك من خلال رده على رسالة ابن غرسية في تفضيل العجم على العرب وهي رسالة تفيض بالتحامل على العرب ةتمجيد العجم .
    لقد عقد ابة الحجاج لهذه القضيه في كتابة ألف باء . وذلك بعد قرنين تقريباً من صدور رسالة ابن غرسية فصلاً خاصاً عن فضل العرب ، وما يمسب لهم من الفروسية والشجاعة ، وحب الحرية والاباء والجود ، وفصاحة اللسان والشاعرية وغير ذلك من الخلال المأثورة ثم يعطف على رسالة أبي عامر بن غرسية ويقول : ( انه قد فسق في رسالتة ، وبدع وسب بسببها وجدع ) ثم يبدي دهشته من تسامح أهل عصره وتركهم لابن غرسية وأمثاله دون عقاب ويقول : والعجب من أهل ذلك الزمن كيف استقروا على هذه الفتن ، وأقروا هذه المجتري على هذا الاجراء ، وما جاء به من الافتراء ، أم كيف أبلغوه ريقه وأوسعوا له طريقة ولم يهلكوه وفريقه .
    إن البلوي الذي يفصله من الناحية الزمنية ما يقارب من قرنين من الزمان عن ابن غرسية كما تقدم ورغم كثرة من رد على ابن غرسية من العلماء ، الا انه رأى من الواجب أن يتصدى لهده الرساله ليؤكد مكانه العرب ، وتفضيلهم على غيرهم بفضل اختيارهم شهداء على الناس باختيار خاتم الانبياء منهم .
    لقد بدأ البلوي كتابه ألف باء بمقدمة طويله تنتهي في الصفحة 245 من الكتاب ، أوضح فيها الهدف من هذا التأليف ، وشرح منهجه في التأليف بشكل مفصل ، واورد مجموعه فوائد اخرى لبعضها اتصال وثيق باللغة .
    ثم أخذ البلوي بعد تلك المقدمه بالتعليق على أبيات قصيدته التي جعلها عماد الكتاب ومركز فصوله ، وفي فصول الكتاب التالية . فنجد دائماً بين أيدينا مادة لغويه تعقبها فوائد هي عباره عن مجموعه أخبار وروايات وتعليقات تدفعه الى ذكرها إشارات أو اسماء , وردت خلال المادة اللغوية المذكورة فبلها .
    وخلاصة طريقته انه كرر الالف مع سائر حروف المعجم مثل أب و أت و أث ، ثم ساق معكوس ذلك مثل : با و تا وثا ، ثم مقلوبه ألف بين حرفين مثل باب وتاب وثاب ، ثم مقلوبه أيضا : حرف بين ألفين مثل أبا وأتا و أثا . وللحصول على قافية واحده جعل نهاية كل بيت كلمة فيها الحلارف المعجمي مع اللام . وساق في الشرح كل ما يتبادر الى ذهنه من المواد اللغوية المتعلقة بهذه الكلمات والتقاليب والاشكال . وأوضح الصعوبات التي واجهته في نظم أبيات قصيدته تلك وتأيف مفرداتها .
    وحروف المعجم فيه مرنبه على ترتيب المغاربة للحروف الابجدية :
    ( أ ، ب ، ت ، ث ، ج ، ح ، خ ، د ، ذ ، ر ، ز ، ط ، ظ ، ك ، ل ، م ، ص ، ض ، ع ، غ ، ف ، ق ، س ، ش ، هـ ، و ، ي ) .
    وقال عن صنيعه في تفسير الالفاظ : ثم أفسر اللفظة بما أدرية ، وما وجدته في كتب اللغة وما ذكرة العلماء ، وقد عنى الالفاظ هذه ومعكوسها ومقلوبها هي وما يوحي به شكلها وربما جلبت فائدة ثانيه وعكساً آخر يفيد علماً زائدا ً .
    وقد وقف في نهاية كل فصل عند الحرف – أو الاحرف – المذكورة فيه ، ذاكراً المخرج والصفه ، وما يوحي به شكل الحرف ومقلوبه ومعكوسة من استعمالات لغوية .
    والقسم الثاني لكل فصل هو الفوائد والحكايات التي يسوقها مجموعه ، ولم يكتف بذلك بل كان باستمرار الى ما يكلمها ويعزز في كتابه الآخر : تكتميل الابيات وتتميم الحكايات ، مما اختصر للألباء في ألف باء .
    ومن الموضوعات التي تطرق لها في مقدمته : اللحن ومعانية ومبحث النقط والشكل وترتيب الحروف ومعنى الحرف في اللغة ، وحروف المعجم ، ومعرفة الحروف المقطعه في اللغة وأسالحرف في اللغة ، وحروف المعجم ، ومعرفة الحروف المقطعه في اللغة وأسماء الله الحسنى .
    وهي موضوعات كما هو ملاحظ في غاية التخصص ، ويتضح تخصصه الدقيق في اللغة عندما يخوض في علم الصوتيات فانظر على سبيل المثال عندما يورد فوائد لغوية صوتية كقوله عند مخرج الصاد : ( ويشركها في هذا المخرج السين والزاي ، واشتركوا في البدل في كلمه واحده مثل : سراط ، وصراط ، وزراط ، ذكر هذا ابن دريد وقال : ليس هذا في كل كلام ألا تراهم لا يقولون : سبغت الثوب في معنى صبغت ، ولا صوق في معنى سوق ، إلا ان يونس بن حبيب ذكر انه سمع من العرب الصوق بالصاد . وهو يستدر في هذا المثال على رأي ابن دريد .
    أجل ان البلوي لا يقف متفرجاً على القضايا التي يناقشها بل نجده يتخذ موقفاً لتأكيد بعض الأراء ، فقد جاء عند الكلام على الوضوء وقال : ( وبين علماء اللغة في هذه اللفظه خلاف منهم من يقول الوضوء بالفتح المصدر ، ومنهم من يجعله الماء ومنهم من يقول الوضوء بالضم هو المصدر ، والذي جاء في الحديث ، وذكره مالك رحمه الله في الموطأ : فأتى رسول الله صلى الله علية وسلم بوضوء في إناء ، وهو هنا الماء لا غيره ، وبالفتح قرأناه عل الأشياخ لاغير )
    لابل انه ربما أورد ملاحظات في الدلاله وتطويرها ، وأصل الالفاظ من ذلك : ( والألص : المجتمع المنكبين يكادان أن يمسا أذنية ، ولصص بنيانه مثل رصص ، ومنه سمي اللص لصاً ، لانه يجمع نفسه ويلاصص شخصه ليستتر بذلك ) ومن ذلك ايضاً الى المترادفات مثل : ويقال اللص ايضاً الشص .
    هذا وللبلوي رأي شخصي في الاستشهاد فيقول : ( واستشهد على ذلك بما أحفظه من الشعر ، وبما قالته العرب ، وربما ذكرت ما قاله غيرهم من المولدين المشهورين ، وربما كرت شعر من لقيته من أشياخي ، ون لم يكن في ذلك حجه ففيه أنس ، مع الثقه بعرفتهم وفضل التقدم علينا في كل أمرهم )
    ولم يكتف البلوي بالبحث اللغوي بل استطرد الى ذكر تفضيلات أدبية وتاريخية تخدم الغرض الي من اجله كتب الكتاب وهو تزويد ولده عبدالرحيم بمعلومات في مختلف العلوم انطلاقاً من اللغة وبالتالي هو يهدف الى خدمه اللغة العربية والثقافه العربية بابراز مثل هذه المعلومات اتستفيد منها الامه .
    وحتى تكتمل الفائده ونتعرف على منهج البلوي في هذه الدراسة الموسوعية التي كتبها في حدود عام 603 ه ـ / 1206 م ) نورد نموذجاً من مادة الكتاب اللغوية وليكن الفصل الخاص بمادة ( الألف مع الصاد وأختها الضاد).
    وهذا الفصل يعتمد على بيت واحد من قصيدته التي هي عماد هذا الكتاب, والبيت هو:
    وأصّ وأصّ وأضّ واض وصل وضل
    والمادة اللغوية تنقسم إلى الأقسام الأربعة الأساسية التالية: الألف مع الصاد- الألف مع الضاد- القافية: صل وضل- الصاد والضاد. أما عرض المفردات فيها فيرتكز إلى: المفردات- معكوس الكلمة- مقلوب الكلمة: ألف بين حرفين, وحرف بين ألفين, وماهو من شكل الكلمة.
    وتقع مادة الألف مع الصاد في صفحة واحدة, وقد بدأها بقوله: الأصّ والأصّ واحد, وهو الأصل.
    ثم زاد فائدة بأن أورد صيغة الجمعة, مستشهداً لها برجز لم يسم قائله,( والجمع آصاص, قال الراجز:
    قلال مجد فرّعت آصاصا وغرةً قعاء لن تناصى
    ثم استطرد لشرح مفردة وردت في هذا الشاهد:
    معنى تناصى: تنال من ناصيته, أي حاذيت ناصيته, وتناصى الرجلان: أخذ كل منهما بناصية صاحبه.
    ثم قفز إلى مفردة جديدة: والصأصأة: تحريك الجرو عينيه قبل التفتيح.
    وهذا يعني انه انتقل إلى بناء جديد, وهو معكوس الألف مع الصاد, ولم يجد له استعمالاً غير هذا البناء المضاعف غير انه في مادة ضئضئ التالية أورد الحديث الشريف: ( يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين.. الحديث) وهذا الحديث مروي باللغتين, الضاد والصاد, وإن كانت الأولى أعرف.
    ورغم ان (آص) غير مستعمل, وهذا ما لم ينص عليه في البيت أو في الشرح وإن أهمل ذكره, فإنه ينتقل إلى ايراد معكوسه ومعكوس آص صاء:
    وقدم لهذا البناء ثلاثة استعمالات, أولاها: يقال: صاءت الفأرة تصيء صأيا وصئيا: صاحت, وكذلك السنور, والكلب, والطير, وفي مثل ( جاء بما صاء وصمت) يعني: بما نطق وصمت, فاهتم بايراد مضارع الفعل, وصيغتي مصدره- وهذا مما لم يلتزم به دائماً- واهتم بايراد فائدة, وهي تعداد الحيوانات التي ينسب إليها هذا الصوت, وأورد شاهداً على هذا الاستعمال وهو مثل هنا.
    وثاني هذه الاستعمالات وهو اسم: ( والصاء : الماء الذي يكون في السلى. يقال: ألقت الشاة صاءتها, وهو ما يخرج بعد الولادة من القذى وجمعها صاء قال المدرك الفقعسي:
    مقطعة الصديد يجيء منها على الرجلين صاء كالخراج
    ثم قطع تسلسل العرض وأتى بمواد جديدة:
    وأصاءة اللسان: حصانته ورزانته, وهذا ينبغي ان يأتي في مادة الصاد بين حرفين أصا التالية.
    والأصية حساء يصنع بالتمر. ثم ذكر الاستعمال الثالث لبناء صاء وهو فعل, ويقال: صاء فلان رأسه إذا غسله فلم ينقه, ويستمر في متابعة الأبنية التي يهتم بها, مقلوبه: ألف بين حرفين: صاص, مهمل تنص على كون البناء مهملاً, وانتقل إلى الشكل الآخر من التقليب .
    وكذلك ( أي مهمل ) حرف بين ألفين ( أصا ) إلا إن دخلت همزة الاستفهام على صاء واللجوء إلى الاهتمام بشكل الكلمة بادخال ماليس فيها تمحل درج عليه في كتابه مثل عدة واو العطف في الكلمة . وبدل اللجوء إلى الاعتكاز على همزة الاستفهام كان بامكانه الاشارة إلى اصاءة اللسان التي أوردها في غير موضوعها .
    وفي مادة الألف مع الضاد تناول المواد : أض ، وآض ، وأيضاً، والضئضيء، والضوة ، والضوة ، والضوضاة ، وضاء( معكوس آض) وضاء بجعل الواو أصلية ، وضاض ( مهمل )، وأضا: بكل مايوحي به شكلها من استعمالات.
    الصاد والضاد : ليس بينهما من تناسب إلا في الشكل والصوره وإنهما معاً من الحروف الرخوة ، ومن حروف الإطباق .
    والضاد هي أخت الظاء في الإطباق ، وأما في المخارج فيختلفان مخرج الضاد من اول حافة اللسان وما يليها من الأضراس ، ومخرج الطاء قد تقدم في بابها فأغنى عن إعادته ( ج2 ،ص367) ولا أعلم فيها كلاماً أكثر من انه يجيء من شكلها كذا معربة : ضاد فلان فلاناً، كما تقول شاقة وأحادة وهو معلوم ، ومقلوب ضاد: ضدا . وفي القرآن : ( ويكونون عليهم ضداً).
    ويبقى انه ينبغي ان يفرق بينهما وبين الظاء في النطق لئلا تنقلب المعاني في مثل : ظل، وضل ، نعم وربما أشبه ذل ، ومثل : محظور، ومحضوراً، ومحذوراً، فبالمخارج يتبين المعنى .
    وبهذا تنتهي المادة اللغوية المعجمية الخاصة بهذا الفصل .
    ويسوق رضا عبد الجليل الطيار بعض الملاحظات العامة على هذه المادة كأنموذج لبقية المواد الواردة في الكتاب فقال إن البلوي في المادة اللغوية السابقة أورد عشرة شواهد من القرآن ، منها قراءتان ، وعشرة شواهد من الحديث ، وثلاثة أمثال ، وشاهداً واحداًمن أقوال الفصحاء ، وأورد اربعة وعشرين شاهداً من الشعر والرجز ، تسعة منها منسوبة وهي لاتخرج عن عصور الاستشهاد المعروفة .
    ولا نعدم ان نجده يتخذ موقفاص خاصاً بتاييده لأحد الآراء وربما وردت لديه ملاحظات في الدلالة وتطورها وأصل الألفاظ ولكنها ملاحظات ترد عرضاًـ كما هو الحال في معظم المعاجم الاخرى ـ وهي قليلة ماخوذة من المصادر المتقدمة . ومن ذلك ايضاً اشاراته إلى المترادف ، وربما أورد فوائد لغوية أخرى مثل ذكره للغات أخرى في المفردة ، ومثل ايراده لفوائد صوتية كقوله عن مخرج الصاد ، ويشركها في هذا المخرج السين والزاي ... وربما استطرد إلى ذكر تصيلات ادبية أو تاريخية رغم وجود قسم طويل في كل فصل للفوائد .
    وبعد فكاتب ألف باء بحق يعد من المصادر القيمة في تراثنا العربي الإسلامي ، فهو معجم للباحثين في اللغة يجدون فيه فوائد قيمة ، وايضاً لايعدم الباحث في الأدب ، والتاريخ ، والعلوم الشرعية فوائد يقتنصها من خلال تعليقات البلوي التي تنم عن فكر اصيل ، ومحبة للغة القرآن الكريم ، وثقافة موسوعية يلاحظها بشكل واضح المتعامل مع كتاب ألف باء، فضلاً عن ذلك فإن الكتاب من تأليف عالم عامل ، فهو مجاهد يشارك في الذب عن حياض ديار المسلمين ، إلى جانب عنايته باستكمال جوانب ثقافته ، فهو إنموذج بحق للمسلم الذي فهم دينه بشكل جيد ففجر طاقاته ، واستغل وقته بكل ماهو نافع .
    هذا وقد أثنى المستشرق الأسباني آنخل جنثالث بالنثيا على البلوي مؤلف كتاب ألف باء ، واوضح بأنه المصدر الوحيد الذي قدم لنا وصفاً دقيقاً لمنارة الاسكندرية وذكر أيضاً بان البلوي تكلم في كتابه هذا عن موضوعات في الحساب والطبيعة والنبات والحيوان ، وتحدث في علم الاجتماع والشريعة والأديان والمذاهب وفقه اللغة ومخارج الحروف والنحو ومعاجم اللغة وعلم الصرف والشعر والحكايات والاساطير واكد ان الكتاب عبارة عن موسوعة مختصرة تجمع ثقافة أواسط الناس في عصره وتجعله في متناول قارئه .
    هذا وقد أثمرت توجيهات البلوي لابنه عبد الرحيم (592ـ863هـ/1196ـ1240م) وغدا من علماء الاندلس فقد روى عن أبيه ، واجاز هو العالم المشهور ابن الابار كل ما رواه .



  6. #18
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,570
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    878

    افتراضي رد: أضواء على دور قبيلة بلي في الحضارة العربية الإسلامية

    الفصل الرابع :

    إسهامات قبيلة بلي في التاريخ والرحلة والعلوم الأخرى
    لقد كان لأبناء قبيلة بلي إسهامات جيدة في حقل الدراسات التاريخية ، ومن أبرز مؤرخي هذه القبيلة:
    أبو محمد عبد الله بن محمد المديني البلوي (ت حوالي منتصف القرن الرابع الهجري ) ولا نعرف على وجه التحديد متى ولد . له كتاب : سيرة احمد بن طولون ، مطبوع في دمشق سنة 1939م تحقيق محمد كرد علي .
    وليس لدينا مايشير إلى سبب تأليفه هذا الكتاب سوى مقاله في مقدمته بأنه طلب منه ان يكتب في سيرة آل طولون كتابا يكون أوفى وأكمل وأفضل تبويباً من كتاب أحمد بن يوسف المعروف بابن الداية:
    ولكنه لايسمى الجهة التي التمست منه الكتابة في هذا الموضوع ولا السبب الذي حدا بها لأن تطلب منه هذا الطلب وقد قام البلوي بعمله العلمي هذا في الثلث الثاني من القرن الرابع الهجري ، ويبدو أنه تمفي قبل أن يكمله ، إذ انه وعد في خاتمة كتابة أن يكون شاملا لسيرة الطولونيين جميعهم ، ولكن الذي بين أيدينا يقتصر على سيرة أحمد بن طولون وحده .
    وقد نقل البلوي كثيرا من معلوماته إن يكن معظمها مع زيادات واضافات عن سلفه ابن الداية ، لكن يوردنصوصا ومراسلات مأخوذة من ديوان الرسائل لابن طولون في مصر ، كما يورد مراسلات ابن طولون مع الموفق شقيق الخليفة العباسي ، ومع ابنه العباس الثائر عليه في برقة مما يوحي بان المؤلف كان من كتاب الديوان ، وانه لهذا استطاع الاستفادة من محفوظات الدولة ووثائقها.
    أما أبو عامر البلوي محمد بن أحمد بن عمر السالمي نسبة الى مدينة سالم في الاندلس ، كذلك عاش في مدينة طرطوشة الاندلسية فنعت أيضا بالطرطوشي ، كذلك نجده يتنقل مابين مرسية واشبيلية.
    لقد كان أبو عامر البلوي من أصحاب الثقافة الموسوعية فقد كان طبيبا، ومؤرخا، ورحالة ، وأديبا. فقد مدحه صاحب بغية الملتمس بقوله :" هو محمد بن أحمد البلوي ثم السالمي فقيه أديب له كتاب جمع فيه علوما وجدد من الدهر آثارا ورسوما سماه ( كتاب السلك المنظوم والمسك المختوم ) .
    كما ان له كتاباً بعنوان : ( درر القلائد وغرر الفوئد في أخبار الأندلس وأمرائها وطبقات علمائها وشعرائها ) توفي عام 559هـ/1164م".
    وله جملة مصنفات منها : انموذج العلوم ، والتشبيهات وله كذلك في الطب كتاب سماه : ( الشفاء في الطب ) .
    ومن المؤرخين الذين نبغوا من هذه القبيلة عبد الله بن محفوظ الانصاري البلوي ، صاحب أبي زيد عمارة بن زيد المدني .
    ويعتبر أبو البقاء خالد بن عيسى البلوي من أشهر الرجالة الذين عرفتهم حضارتنا الإسلامية ، فقد دون رحلته خلال ترحاله مما اعطاها مصداقية كبيرة عند العلماء فضلا عن انه عرضها على مجموعة كبيرة من علماء عصره.
    إن رحلة البلوي ( تاج المفرق في تحلية علماء المشرق ) ذات قيمة كبرى سواء من الوجهة التاريخية أو الأدبية أو الاجتماعية أو العلمية ، فقد كان يسجل مذكراتتة بضبط تام وبدقة ولا يعتمد على ذاكرته ، وقد أتيح له بفضل لباقته ودرايته أن يتصل بمشاهير علماء عصره في أهم حواضر الإسلام ، فيعتبر البلوي أول من حمل إلى الأندلس والمغرب ديوان ابن نباته ، ومجموعة أشعار شهاب الدين بن أبي الثناء الحلبي وعددا عديدا من الكتب .
    لقد بدأ البلوي رحلته من بلدة قنتورية ( (Cantoria
    غحدى المدن الأندلسية التابعة لمدينة المرية يوم الأحد 7جمادي الأولى سنة 735هـ/1334م قاصدا المشرق لأداء فريضة الحج وطلب العلم وكان خط سيره على النحو التالي قتنورية >المرية > هنين وتلمسان والجزائر > بجاية >قسطنطينة >العناب > بونة > تونس > قوسرة >مالطة > قبرص > الأسكندرية > القاهرة > غزة > الخليل >القدس >الكرك> تبوك > العلاء> هدية> وادي القرى> المدينة المنورة > ذي الحليفة > وادي الصفراء > رابغ > خليص > بطن مر > مكة المكرمة .

    أما في رحلة العودة فكان خط سيره على النحو التالي :

    مكة المكرمة >وادي العقيق> المدينة المنورة> ينبوع> عقبة ايليه> القدس> الرملة> غضة> عسقلان> قاطية> الاسكندرية> الغماري> ثم رجع الى الاسكندرية> طبرق وتونس > باجه> العناب> قسطنطينة> بجاية> جبل الزاب > الجزائر> تلمسان> هنين> المرية> قنتورية.

    لقد كانت رحلة البلوي الى المشرق رحلة جميلة وممتعة، وكان البلوي محل احترام وتقدير كل من لقيه من علماء عصره لا بل من حكام عصره ، فقد شغل وظيفة سلطانية سامية في تونس ، إلا أن رحلة البلوي لم تكن تخلو من صعاب فقد تعرض للعديد من المحن أثناء الطريق فسلمه الله منها .
    وبعد أن استقر البلوي في بلدة عكف على مراجعه رحلته التي وضعها أثناء حجة فأكملها في اليوم الأخير من شهر ربيع الأول عام 767هـ/1365هـ وأضاف عليها تقريظ العلماء والأدباء الذين أطلعوا عليها ، ثم أخرجها حفيده خالد ابن أحمد بن خالد بعد أن انتسخها من مبيضة جده ، وأتمها بمدينة ببرشانة في الأندلس في الحادي والعشرين من شهر صفر سنة 819هـ/1416م.
    إن الناظر لرحلة البلوي ورحلة ابن بطوطة يلاحظ أنهماسافرا معا في وقت متقارب من الاندلس ، فقد دخل ابن بطوطةتلمسان سنة 725هـ/1324م، بينما دخلها البلوي سنة 736هـ/1335م، ودخل ابن بطوطة مكة للمرة الثانية سنة 732هـ/1331م، ودخلها البلوي سنة 737هـ /1336م،ورغم ذلك لم يكتب ان اتصل احدهما بالآخر .
    ومن وجوه المفارقات ان ابن بطوطة لم يسجل رحلته ، وانما أملاها من ذاكرته مما عرضه لكثير من الأخطاء ، اما البلوي ، فقد سجل رحلته في اثناء سفره ، ولم يقع في أية أخطاء جغرافية أو غيرها .
    ويلاحظ أن ابن بطوطة رحل قبل البلوي ، غير أن رحلته كتبت في زمن متأخر عن رحلة البلوي الذي دون رحلته أثناء تنقلاته التي أتمها سنة740هـ/ 1339م وأكمل مراجعتها سنة767هـ/ 1365م. بينما رحلة ابن بطوطة دونت في سنة 755هـ/ 1355م.
    لذا ليس ستغرباً بأن نجد علماء التراجم وكتاب الرحلات يفضلونها على رحلة ابن بطوطة, وينقلون عنها في ثقة وتقدير لمؤلفها الذي عرف بأمانة الرواية, وعدم أخذه رواياته إلا من العلماءالمعروفين بأمانتهم العلمية, فهو رحمه الله حريص على ايراد السند.
    لقد حظيت رحلة البلوي باهتمام العلماء في مختلف العصور, فقرظها جهابذة علماء عصره, وقد أثنوا عليها جميعا وقدروا منهجه وثقة نقله, وظلت هذه الرحلة حية تتناقلها الخزائن ويتهافت عليها الوراقون لذلك تعددت نسخها, وجود خطها, وقلما خلت منها خزانة اديب من أدباء عصره.
    ومن ا لعلماء الذين أثنوا على البلوي ورحلته الشيخ الفقيه القاضي العالم المحدث الثقة ابو القاسم بن سلمون بن علي ابن سلمون الكناني ( 688- 767هـ/ 1289- 1365م) الذي نظم قصيدة في البلوي ورحلته منها:
    باروضة من جنان الخلد يانعة
    أتي بها خالد تندي أزاهرها
    تحوي غرائب من شعر ومن أدب
    ومن علوم بانت سرائرها
    فيالها رحلة أو حلية بهرت
    لأهل فضل بهم جلت مفاخرها
    صيغت قلائد من بحر البيان لهم
    فيالها حلية فاقت جوارها
    وحق للشرق أن يزهى بطلعتها
    إذ هي شمس أنار الأفق باهرها
    وللمعارف ان تسمو بمطلعها
    أبي البقاء خالد إذ هو ماهرها
    أجل لقد كان البلوي كما ذكر ابن سلمون ملماً بثقافة عصره ويتضح ذلك من خلال إشارته في رحلته إلى عدة كتب, وإجازات, وفهارس, وأسانيد, ودواوين, وقصائد, وأراجيز, وتخريجات, ومختصرات.
    كما نظم الفقيه القاضي أبو عبدالله محمد بن سعد المعروف بابن النجار قصيدة رائعة يمتدح فيها البلوي ورحلته منها:
    خلدت يا خالد فوق السماك
    بهذه الرحلة قدرا علاك
    سميتــها تاجاً تحلـــت بــه
    مفارق الأعلام دراً ثناك
    ألست صدراً في القضاة العدول
    أقتبست أنوارها من سناك
    فأنت مــــــا حليتهم إنمـــــــا
    قسمت بالعدل عليهم حلاك
    فبارك الله تعالــــــــى اسمه
    فيما به من ذي المعالي حباك
    ودمت لا تمـــد للثم فــــي
    أندية التعظيم إلا يـــــــداك
    أما الفقيه أبو جعفر أحمد بن زرقاله فقد قال مادحاً البلوي ورحلته:

    وشيت التاج يا تاج المعالي
    فجل على المفارق والرؤوس
    رقمت جهاته ورشقت فيها
    بمسك الخبر كافور الطروس
    فلم أر قبله في الطرس تاجراً
    يرصع عاجه بالأبنـــــوس
    كما نظم كل من الفقيه ابو عبدالله محمد بن ابراهيم بن سلمة الغرناطي, والفقيه يوسف بن علي بن محمد بن علي ابن محمد الخولاني وغيرهم قصائد في مدح البلوي ورحلته .
    ومن حسن الحظ ان هذه الرحلة قد كتب لها أن ترى النور اخيرا على يد العلامة المغربي الحسن السائح وبدعم من صندوق احياء التراث الاسلامي المشترك بين حكومة المملكة المغربيةوحكومة الامارات العربية المتحدة ، فصدرت بعنوان ( تاج المفرق في تحلية علماء المشرق ) في مجدلين ، فجزا الله المحقق على ما بذله من جهد خير الجزاء ، والشكر موصول لصندوق احياء التراث الاسلامي المشترك على دعمه للدراسات التراثية التي تسهم في تنمية الاعتزاز بتراث العروبة والاسلام .
    والسؤال الذي يطرح نفسه في نهاية هذا المبحث هو : لماذا اشتهرت رحلة ابن بطوطة أكثر من رحلة البلوي ؟ عن الإجابة عن هذا السؤال في منتهى البساطة ، وهو أن رحلة إبن بطوطه حققت ونشرت في عام 1346 هـ / 1928م أي قبل تحقيق ونشر رحلت البلوي بستين عاما بقيت خلالها رحلت البلوي حبيسة دور المخطوطات حتى فك عقالها الاستاذ الفاضل حسن السائح، وما أن إنتشرت حتى أخذت مكانها في فكر المثقفين والمهتمين بالدراسات العربيه .
    وقد توج علماء قبيلة بلي جهودهم العلميه بتأليف مؤلفات تتعلق بالفهرسه ، لحفظ التراث ، وتقديم حصر لاشهر العلماء الذين كانوا في عصرهم ، وهذا النوع من الدراسات يدل على نضج حضاري ، ومنهج علمي راق ، إذ ان أوروبا لم تعرف هذا اللون من المؤلفات إلافي فترة متأخره من تاريخها ومشاركة علماء قبيلة بلي في هذا اللون من الدراسات يعد مساهمة علمية لها وزنها ، فقد ألف ابو يزيد خالد بن عيسى بن أحمد البلوي ( حوالي 713-قبل 780هـ /1313-1378م ) برنامجا لمروياته وهو مفقود والبرنامج هو كتاب يسجل فيه العالم ما قرأه من مؤلفات في مختلف العلوم ذاكراً عنوان الكتاب واسم مؤلفه والشيخ الذي قرأه عليه ، وربما ذكره مكان وتاريخ الدرس وتاريخ الانتهاء من الدراسة .
    ويعد كتاب ثبت أبي جعفرأحمد بن علي بن احمد بن علي بن احمد بن عبد الرحمن بن داود البلوي الوادي آشي الغرناطي الاندلسي (ت938هـ/1532م) من اشهر واهم الكتب في الفهرسه التي وصلتنا عن آخر فترة من حياة الإسلام بالاندلس حيث حررت بعض فصولة في العقد الاخير من القرن التاسع الهجري .
    والثبت في اللغة يعني الحجة والبينة والبرهان ، أما في الإصطلاح فالثبت هو الكتاب الذي يترجم فيه مؤلفة لحياة أساتذته العلمية ، ذاكراً أسانيدهم ومروياتهم وإيجازتهم له وما إلى ذلك .
    وتتلخص طريقة البلوي في ثبته بانه ذكر أسماء شيوخه وألقابهم وكناهم كاملة فقدم للعلم بذلك خدمه جليله لانه صحح لنا بذلك الكثير من الاسماء التي أتت مقتضبه او محرفه في بعض المصادر وكتب التراجم ، ثم تكلم في غير ترتيب ملزم عن حياتهم باختصار ذاكرا شيوخهم واسانيدهم وتأليفهم ، وما درسه عليهم ، أو تلقاه عنهم باحدى طرق التلقي المعروفه ، واستجازته لهم وإجازتهم له ، علماً بأن ثبت البلوي يتضمن ألواناً من المعارف والعلوم قد لانجدها مجتمعة ال فية وهو أيضاً كتاب علمي تغلب عليه الصبغة الموضوعية .
    ومما تجدر الإشارة إليه أن مؤلف الثبت كان محل تقدير وثناء العلماء, لا بل انه يعد من اشهر علماء عصره, وهذا يتضح من كثرة الألقاب التي اصبغها عليه العلماء عند الحديث عن ترجمته, وهي القاب لها قيمتها ذلك ان العلماء في ذلك الوقت لم يكونوا في الغالب يطلقون الكلام على عواهنه بل كانوا يقصدون ما يقولون, ويهتمون بما يسمونه " التحلية" وهي فن إلصاق بعض الأوصاف العلمية بشخصية علمية ماتستحق هذه الألقاب, فهذا علامة المغرب أبو العباس احمد بن احمد المسوفي التنبكتي المعروف بأحمد بابا( 963- 1032هـ/ 1556- 1633م) يثني في كتابه( نيل الابتهاج بتطريز الديباج) على البلوي بقوله: (".. الفقيه المتفنن المشارك الحجة الجامع الضابط الناظم الناثر البليغ الأكمل الأدرى") وأضاف محمد بن محمد بن مخلوف في كتابه ( شجرة النور الزكية في طبقات المالكية للألقاب السابقة الماهر الألمعي . ولعل خير شاهد على علو مكانة البلوي العلمية فضلاً عن شهادات اصحاب كتب التراجم له, ان علماء كباراً امثال المقري صاحب( نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب) يستشهد بأقوال البلوي خصوصاً في القضايا المتعلقة بالأندلس في آخر ايامه.
    أجل ان ثبت البلوي يعد آخر مخطوط وصلنا من الأندلس قبل سقوطها في يد النصارى الأسبان , وهو يمثل بالنسبة لبحثنا آخر مبحث في هذا الكتاب المتواضع الذي يعتذر لقرائه عن عدم استيعاب كل ما يتعلق بتاريخ هذه القبيلة التي أهتم بدراسة تاريخها الأسبان قبل العرب والمغاربه قبل المشارقة ، ولكن حسبي إني اجتهدت في تصليط بعض الأضواء على تاريخ هذه القبيلة ، ولم أقصد الاستقصاء لأن الاستقصاء مطلب عسير يصعب على بحث صغير كهذا استيعابه ، والأ مل كل الأمل أن يمتد بنا العمر لنسد الخلل ونكمل النقص لتكتمل الصورة عن هذه القبيلة التي كانت محل تقدير ورعاية الدول المتعاقبة منذا زمن بعيد قبل بعثة المصطفى r الى سقوط الدولة العثمانية .



صفحة 3 من 5 الأولىالأولى 12345 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 2 (0 من الأعضاء و 2 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
هذا الموقع برعاية
شبكة الوتين
تابعونا