الفصل الثالث :
إسهامات قبيلة بلي في علوم اللغة
لقد كان أبناء هذة القبيله شديدي الاعتزاز بلغتهم وتمسكهم بمفرداتها مهما نالت أماكن وجودهم وهذا ما لاحظة المؤرخون كما تقدم في صدر هذا الكتاب ، لذا ليس مستغرباً ان ينبغ أبناء هذه القبيله في علوم اللغة وما يتفرع منها من علوم وآداب
ومة العلماء الذين خدموا لغة القران في الاندلس ووصلت الينا مؤلفاتهم العلم الفحل أبو الحجاج يوسف بن محمد بن عبدالله البلوي ، بابن الشيخ ( 527 – 604 هـ / 1133- 1208 م ) المولود بمدينه مالقة في الاندلس ، وهوأديب ولغوي وفقيه ، وقد اولع باللزوم في شعره .
كان من المعاصرين لصلاح الدين الايوبي ، واشترك معه في الحروب الصليبية مجاهداً كما اشترك مع المنصور الموحدي في غزواته ضد الافرنج . ولم تفته غزوه في البر ولا في البحر .
لقد انحدر ابو الحجاج البلوي من احد بيوتات مالقة الدينية التي تولى الخطابة التي تولى الخطابة بها فعرف بالورع والتصوف والزهد في الدنيا ، فأقبل على أعمال الخير والبر فبنى ببلده مالقة خمسة وعشرين مسجداً من صميم ماله ، وعمل فيها بيده ، وحفر بيده آباراً عدة ازيد من خمسين بئراً ، وكان يلبس الخشن من الثياب .
ومن أبرز شيوخة السهيلي المالقي ، وابن قرقول وابن دحمان وغيوهم . ومن الواضح ان الجانب الادبي هو الغالب على ثقافته وان الطابع الديني من روع وزهد هو الغالب على شخصيته .
وقد ذكر له اثنان من المؤلفات :
1 – ألف باء
2- وتكميل الأبيات وتتميم الحكايات مما اختصر للأدباء في ألف باء ، وقد أحال في ثنايا كتابه ألف باء اكثر من مرة ، مما يرجح عمله في الكتابين في آن واحد ، وهو كتاب ادبي فيه تاريخ وأدب وشعر ووعظ توسع فيه أوجز في ألف وباء من أخبار وأشعار ، وهو مفقود ، كما أن له رحلة الى المشرق حج فيه وذلك فيما بين ( 560 – 562 هـ / 1164- 1166 م ) وفي كتابه ألف باء الكثير من الاشارات الى حياته ورحلته ومن لقيه من العلماء وأحوال المجالس العلمية في عصره .
لقد كان أبو الحجاج حريصاً على تدوين العلم منذ فتره مبكرة من حياته وقد ذكر ذلك صراحة حين قال : ( ....... إني كنت في سن الحداثة ، وزمن الطلب أسمع الحكاية من الشيخ فتعجبني فأكتبها عنه وأحفظها ، فلما صرت في حد من يقرأ الكتب ويطالعها كنت أرى تلك الحكاية في الكتاب فأقول من
هاهنا أخذها ثم اجدها بعينها في كتاب آخر وفي آخر...).
وسنحاول في الصفحات التالية أن نعرض لكتاب أبو الحجاج البلوي والذي وصل الينا كاملاً وهو كتاب ألف باء الذي وضعه لتأديب ابنه عبدالرحيم ، فوضع في هذا الكتاب عصارة فكرة ، وما حوته ذاكرتة من معلومات / وما جمعتة مكتبته وتجاربة فجاء أشبة بموسوعة علمية في اطار لغوي وأدبي فريد ، وسنحاول أن نبرز بعض الجوانب التي تميز بها ، والاضافاعت العلمية التي اضافها .
كتاب ألف باء :
يعد هذا الكتاب من عيون كتب التراث ذات النهج الموسوعي فقد جمع فيه معارف عصره من رحلة ، وفقه وحكايات وطرائف ، وأدب ولغة وما إلى ذلك ، ولكنه يعتمد في عرض كل هذه المعلومات على اساس المعجمي في بنائه . إن البلوي أراد من خلال هذا الكتاب أن يخدم عدة قضايا من أبرزها الذب عن العرب والعربية ، ويتضح ذلك من خلال رده على رسالة ابن غرسية في تفضيل العجم على العرب وهي رسالة تفيض بالتحامل على العرب ةتمجيد العجم .
لقد عقد ابة الحجاج لهذه القضيه في كتابة ألف باء . وذلك بعد قرنين تقريباً من صدور رسالة ابن غرسية فصلاً خاصاً عن فضل العرب ، وما يمسب لهم من الفروسية والشجاعة ، وحب الحرية والاباء والجود ، وفصاحة اللسان والشاعرية وغير ذلك من الخلال المأثورة ثم يعطف على رسالة أبي عامر بن غرسية ويقول : ( انه قد فسق في رسالتة ، وبدع وسب بسببها وجدع ) ثم يبدي دهشته من تسامح أهل عصره وتركهم لابن غرسية وأمثاله دون عقاب ويقول : والعجب من أهل ذلك الزمن كيف استقروا على هذه الفتن ، وأقروا هذه المجتري على هذا الاجراء ، وما جاء به من الافتراء ، أم كيف أبلغوه ريقه وأوسعوا له طريقة ولم يهلكوه وفريقه .
إن البلوي الذي يفصله من الناحية الزمنية ما يقارب من قرنين من الزمان عن ابن غرسية كما تقدم ورغم كثرة من رد على ابن غرسية من العلماء ، الا انه رأى من الواجب أن يتصدى لهده الرساله ليؤكد مكانه العرب ، وتفضيلهم على غيرهم بفضل اختيارهم شهداء على الناس باختيار خاتم الانبياء منهم .
لقد بدأ البلوي كتابه ألف باء بمقدمة طويله تنتهي في الصفحة 245 من الكتاب ، أوضح فيها الهدف من هذا التأليف ، وشرح منهجه في التأليف بشكل مفصل ، واورد مجموعه فوائد اخرى لبعضها اتصال وثيق باللغة .
ثم أخذ البلوي بعد تلك المقدمه بالتعليق على أبيات قصيدته التي جعلها عماد الكتاب ومركز فصوله ، وفي فصول الكتاب التالية . فنجد دائماً بين أيدينا مادة لغويه تعقبها فوائد هي عباره عن مجموعه أخبار وروايات وتعليقات تدفعه الى ذكرها إشارات أو اسماء , وردت خلال المادة اللغوية المذكورة فبلها .
وخلاصة طريقته انه كرر الالف مع سائر حروف المعجم مثل أب و أت و أث ، ثم ساق معكوس ذلك مثل : با و تا وثا ، ثم مقلوبه ألف بين حرفين مثل باب وتاب وثاب ، ثم مقلوبه أيضا : حرف بين ألفين مثل أبا وأتا و أثا . وللحصول على قافية واحده جعل نهاية كل بيت كلمة فيها الحلارف المعجمي مع اللام . وساق في الشرح كل ما يتبادر الى ذهنه من المواد اللغوية المتعلقة بهذه الكلمات والتقاليب والاشكال . وأوضح الصعوبات التي واجهته في نظم أبيات قصيدته تلك وتأيف مفرداتها .
وحروف المعجم فيه مرنبه على ترتيب المغاربة للحروف الابجدية :
( أ ، ب ، ت ، ث ، ج ، ح ، خ ، د ، ذ ، ر ، ز ، ط ، ظ ، ك ، ل ، م ، ص ، ض ، ع ، غ ، ف ، ق ، س ، ش ، هـ ، و ، ي ) .
وقال عن صنيعه في تفسير الالفاظ : ثم أفسر اللفظة بما أدرية ، وما وجدته في كتب اللغة وما ذكرة العلماء ، وقد عنى الالفاظ هذه ومعكوسها ومقلوبها هي وما يوحي به شكلها وربما جلبت فائدة ثانيه وعكساً آخر يفيد علماً زائدا ً .
وقد وقف في نهاية كل فصل عند الحرف – أو الاحرف – المذكورة فيه ، ذاكراً المخرج والصفه ، وما يوحي به شكل الحرف ومقلوبه ومعكوسة من استعمالات لغوية .
والقسم الثاني لكل فصل هو الفوائد والحكايات التي يسوقها مجموعه ، ولم يكتف بذلك بل كان باستمرار الى ما يكلمها ويعزز في كتابه الآخر : تكتميل الابيات وتتميم الحكايات ، مما اختصر للألباء في ألف باء .
ومن الموضوعات التي تطرق لها في مقدمته : اللحن ومعانية ومبحث النقط والشكل وترتيب الحروف ومعنى الحرف في اللغة ، وحروف المعجم ، ومعرفة الحروف المقطعه في اللغة وأسالحرف في اللغة ، وحروف المعجم ، ومعرفة الحروف المقطعه في اللغة وأسماء الله الحسنى .
وهي موضوعات كما هو ملاحظ في غاية التخصص ، ويتضح تخصصه الدقيق في اللغة عندما يخوض في علم الصوتيات فانظر على سبيل المثال عندما يورد فوائد لغوية صوتية كقوله عند مخرج الصاد : ( ويشركها في هذا المخرج السين والزاي ، واشتركوا في البدل في كلمه واحده مثل : سراط ، وصراط ، وزراط ، ذكر هذا ابن دريد وقال : ليس هذا في كل كلام ألا تراهم لا يقولون : سبغت الثوب في معنى صبغت ، ولا صوق في معنى سوق ، إلا ان يونس بن حبيب ذكر انه سمع من العرب الصوق بالصاد . وهو يستدر في هذا المثال على رأي ابن دريد .
أجل ان البلوي لا يقف متفرجاً على القضايا التي يناقشها بل نجده يتخذ موقفاً لتأكيد بعض الأراء ، فقد جاء عند الكلام على الوضوء وقال : ( وبين علماء اللغة في هذه اللفظه خلاف منهم من يقول الوضوء بالفتح المصدر ، ومنهم من يجعله الماء ومنهم من يقول الوضوء بالضم هو المصدر ، والذي جاء في الحديث ، وذكره مالك رحمه الله في الموطأ : فأتى رسول الله صلى الله علية وسلم بوضوء في إناء ، وهو هنا الماء لا غيره ، وبالفتح قرأناه عل الأشياخ لاغير )
لابل انه ربما أورد ملاحظات في الدلاله وتطويرها ، وأصل الالفاظ من ذلك : ( والألص : المجتمع المنكبين يكادان أن يمسا أذنية ، ولصص بنيانه مثل رصص ، ومنه سمي اللص لصاً ، لانه يجمع نفسه ويلاصص شخصه ليستتر بذلك ) ومن ذلك ايضاً الى المترادفات مثل : ويقال اللص ايضاً الشص .
هذا وللبلوي رأي شخصي في الاستشهاد فيقول : ( واستشهد على ذلك بما أحفظه من الشعر ، وبما قالته العرب ، وربما ذكرت ما قاله غيرهم من المولدين المشهورين ، وربما كرت شعر من لقيته من أشياخي ، ون لم يكن في ذلك حجه ففيه أنس ، مع الثقه بعرفتهم وفضل التقدم علينا في كل أمرهم )
ولم يكتف البلوي بالبحث اللغوي بل استطرد الى ذكر تفضيلات أدبية وتاريخية تخدم الغرض الي من اجله كتب الكتاب وهو تزويد ولده عبدالرحيم بمعلومات في مختلف العلوم انطلاقاً من اللغة وبالتالي هو يهدف الى خدمه اللغة العربية والثقافه العربية بابراز مثل هذه المعلومات اتستفيد منها الامه .
وحتى تكتمل الفائده ونتعرف على منهج البلوي في هذه الدراسة الموسوعية التي كتبها في حدود عام 603 ه ـ / 1206 م ) نورد نموذجاً من مادة الكتاب اللغوية وليكن الفصل الخاص بمادة ( الألف مع الصاد وأختها الضاد).
وهذا الفصل يعتمد على بيت واحد من قصيدته التي هي عماد هذا الكتاب, والبيت هو:
وأصّ وأصّ وأضّ واض وصل وضل
والمادة اللغوية تنقسم إلى الأقسام الأربعة الأساسية التالية: الألف مع الصاد- الألف مع الضاد- القافية: صل وضل- الصاد والضاد. أما عرض المفردات فيها فيرتكز إلى: المفردات- معكوس الكلمة- مقلوب الكلمة: ألف بين حرفين, وحرف بين ألفين, وماهو من شكل الكلمة.
وتقع مادة الألف مع الصاد في صفحة واحدة, وقد بدأها بقوله: الأصّ والأصّ واحد, وهو الأصل.
ثم زاد فائدة بأن أورد صيغة الجمعة, مستشهداً لها برجز لم يسم قائله,( والجمع آصاص, قال الراجز:
قلال مجد فرّعت آصاصا وغرةً قعاء لن تناصى
ثم استطرد لشرح مفردة وردت في هذا الشاهد:
معنى تناصى: تنال من ناصيته, أي حاذيت ناصيته, وتناصى الرجلان: أخذ كل منهما بناصية صاحبه.
ثم قفز إلى مفردة جديدة: والصأصأة: تحريك الجرو عينيه قبل التفتيح.
وهذا يعني انه انتقل إلى بناء جديد, وهو معكوس الألف مع الصاد, ولم يجد له استعمالاً غير هذا البناء المضاعف غير انه في مادة ضئضئ التالية أورد الحديث الشريف: ( يخرج من ضئضئ هذا قوم يمرقون من الدين.. الحديث) وهذا الحديث مروي باللغتين, الضاد والصاد, وإن كانت الأولى أعرف.
ورغم ان (آص) غير مستعمل, وهذا ما لم ينص عليه في البيت أو في الشرح وإن أهمل ذكره, فإنه ينتقل إلى ايراد معكوسه ومعكوس آص صاء:
وقدم لهذا البناء ثلاثة استعمالات, أولاها: يقال: صاءت الفأرة تصيء صأيا وصئيا: صاحت, وكذلك السنور, والكلب, والطير, وفي مثل ( جاء بما صاء وصمت) يعني: بما نطق وصمت, فاهتم بايراد مضارع الفعل, وصيغتي مصدره- وهذا مما لم يلتزم به دائماً- واهتم بايراد فائدة, وهي تعداد الحيوانات التي ينسب إليها هذا الصوت, وأورد شاهداً على هذا الاستعمال وهو مثل هنا.
وثاني هذه الاستعمالات وهو اسم: ( والصاء : الماء الذي يكون في السلى. يقال: ألقت الشاة صاءتها, وهو ما يخرج بعد الولادة من القذى وجمعها صاء قال المدرك الفقعسي:
مقطعة الصديد يجيء منها على الرجلين صاء كالخراج
ثم قطع تسلسل العرض وأتى بمواد جديدة:
وأصاءة اللسان: حصانته ورزانته, وهذا ينبغي ان يأتي في مادة الصاد بين حرفين أصا التالية.
والأصية حساء يصنع بالتمر. ثم ذكر الاستعمال الثالث لبناء صاء وهو فعل, ويقال: صاء فلان رأسه إذا غسله فلم ينقه, ويستمر في متابعة الأبنية التي يهتم بها, مقلوبه: ألف بين حرفين: صاص, مهمل تنص على كون البناء مهملاً, وانتقل إلى الشكل الآخر من التقليب .
وكذلك ( أي مهمل ) حرف بين ألفين ( أصا ) إلا إن دخلت همزة الاستفهام على صاء واللجوء إلى الاهتمام بشكل الكلمة بادخال ماليس فيها تمحل درج عليه في كتابه مثل عدة واو العطف في الكلمة . وبدل اللجوء إلى الاعتكاز على همزة الاستفهام كان بامكانه الاشارة إلى اصاءة اللسان التي أوردها في غير موضوعها .
وفي مادة الألف مع الضاد تناول المواد : أض ، وآض ، وأيضاً، والضئضيء، والضوة ، والضوة ، والضوضاة ، وضاء( معكوس آض) وضاء بجعل الواو أصلية ، وضاض ( مهمل )، وأضا: بكل مايوحي به شكلها من استعمالات.
الصاد والضاد : ليس بينهما من تناسب إلا في الشكل والصوره وإنهما معاً من الحروف الرخوة ، ومن حروف الإطباق .
والضاد هي أخت الظاء في الإطباق ، وأما في المخارج فيختلفان مخرج الضاد من اول حافة اللسان وما يليها من الأضراس ، ومخرج الطاء قد تقدم في بابها فأغنى عن إعادته ( ج2 ،ص367) ولا أعلم فيها كلاماً أكثر من انه يجيء من شكلها كذا معربة : ضاد فلان فلاناً، كما تقول شاقة وأحادة وهو معلوم ، ومقلوب ضاد: ضدا . وفي القرآن : ( ويكونون عليهم ضداً).
ويبقى انه ينبغي ان يفرق بينهما وبين الظاء في النطق لئلا تنقلب المعاني في مثل : ظل، وضل ، نعم وربما أشبه ذل ، ومثل : محظور، ومحضوراً، ومحذوراً، فبالمخارج يتبين المعنى .
وبهذا تنتهي المادة اللغوية المعجمية الخاصة بهذا الفصل .
ويسوق رضا عبد الجليل الطيار بعض الملاحظات العامة على هذه المادة كأنموذج لبقية المواد الواردة في الكتاب فقال إن البلوي في المادة اللغوية السابقة أورد عشرة شواهد من القرآن ، منها قراءتان ، وعشرة شواهد من الحديث ، وثلاثة أمثال ، وشاهداً واحداًمن أقوال الفصحاء ، وأورد اربعة وعشرين شاهداً من الشعر والرجز ، تسعة منها منسوبة وهي لاتخرج عن عصور الاستشهاد المعروفة .
ولا نعدم ان نجده يتخذ موقفاص خاصاً بتاييده لأحد الآراء وربما وردت لديه ملاحظات في الدلالة وتطورها وأصل الألفاظ ولكنها ملاحظات ترد عرضاًـ كما هو الحال في معظم المعاجم الاخرى ـ وهي قليلة ماخوذة من المصادر المتقدمة . ومن ذلك ايضاً اشاراته إلى المترادف ، وربما أورد فوائد لغوية أخرى مثل ذكره للغات أخرى في المفردة ، ومثل ايراده لفوائد صوتية كقوله عن مخرج الصاد ، ويشركها في هذا المخرج السين والزاي ... وربما استطرد إلى ذكر تصيلات ادبية أو تاريخية رغم وجود قسم طويل في كل فصل للفوائد .
وبعد فكاتب ألف باء بحق يعد من المصادر القيمة في تراثنا العربي الإسلامي ، فهو معجم للباحثين في اللغة يجدون فيه فوائد قيمة ، وايضاً لايعدم الباحث في الأدب ، والتاريخ ، والعلوم الشرعية فوائد يقتنصها من خلال تعليقات البلوي التي تنم عن فكر اصيل ، ومحبة للغة القرآن الكريم ، وثقافة موسوعية يلاحظها بشكل واضح المتعامل مع كتاب ألف باء، فضلاً عن ذلك فإن الكتاب من تأليف عالم عامل ، فهو مجاهد يشارك في الذب عن حياض ديار المسلمين ، إلى جانب عنايته باستكمال جوانب ثقافته ، فهو إنموذج بحق للمسلم الذي فهم دينه بشكل جيد ففجر طاقاته ، واستغل وقته بكل ماهو نافع .
هذا وقد أثنى المستشرق الأسباني آنخل جنثالث بالنثيا على البلوي مؤلف كتاب ألف باء ، واوضح بأنه المصدر الوحيد الذي قدم لنا وصفاً دقيقاً لمنارة الاسكندرية وذكر أيضاً بان البلوي تكلم في كتابه هذا عن موضوعات في الحساب والطبيعة والنبات والحيوان ، وتحدث في علم الاجتماع والشريعة والأديان والمذاهب وفقه اللغة ومخارج الحروف والنحو ومعاجم اللغة وعلم الصرف والشعر والحكايات والاساطير واكد ان الكتاب عبارة عن موسوعة مختصرة تجمع ثقافة أواسط الناس في عصره وتجعله في متناول قارئه .
هذا وقد أثمرت توجيهات البلوي لابنه عبد الرحيم (592ـ863هـ/1196ـ1240م) وغدا من علماء الاندلس فقد روى عن أبيه ، واجاز هو العالم المشهور ابن الابار كل ما رواه .
المفضلات