أهل المصائب,, وتسليتهم
د, محمد بن سعد الشويعر
الدنيا كما يقال عنها دار الأكدار، وموطن الابتلاء,, وهذه الأكدار، وما ينجم من بلايا، ليست شراً محضاً، كما يفهمها بعض الناس، ولكنها محكّ يميز الله به جوهر النفوس من زائفها، ومن يصبر ويحتسب، ممن يجزع ويتسخّط، فالأول مثاب، وجزاؤه عند الله مدّخر، والثاني مسيء على نفسه، ويعامله الله بما يستحق,.
وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، لما قال له رجل: بئست الدنيا، وبئس طالبها,, قال: لا تقل هكذا، بل نعمت الدنيا، ونعم العمل الصالح فيها,, لأنها مزرعة الآخرة.
وإذا كان الجوهريّ والصائغ، ينقد الذهب، ويحكّه، ليتميز عنده نفيسه من زائفه,, فكذلك ابتلاء الله سبحانه لعباده بالخير والشر، لينظر الله منهم النتيجة، في مقابلة الحالين: هل يشكرون نعمة الله على الخير، ويؤدون حقه، أم يجزعون من الشر، وينسون حق الله فيما أمرهم به,, حيث يقول سبحانه في سورة الملك: (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً),, يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله في أضواء البيان: ولاشك ان العاقل، إذا علم أن الحكمة التي خُلق من أجلها، هي أن يبتلى اي يختبر: بإحسان العمل فإنه يهتم كل الاهتمام بالطريق الموصلة لنجاحه، في هذا الاختبار.
والمصائب التي تقع على الناس في هذه الحياة، سواء كانت في النفس أو المال، او الولد أو في عرض من أعراض الدنيا، هي سلاح ذو حدّين، ولذا يجب تسلية المصاب، ومشاركته من اخوانه حتى تهون عليه المصيبة، ويتحملها ابتغاء ما عند الله، كما روي عن ابن الجوزي رحمه الله قوله: البلايا على مقادير الرجال، فكثير من الناس تراهم ساكتين راضين بما عندهم من دين ودنيا، وأولئك قوم لم يرادوا لمقامات الصبر الرفيعة، أو علم ضعفهم عن مقاومة البلاء، فلطف بهم.
وقد عرف القرطبيّ رحمه الله المصيبة بقوله: هي كل ما يؤذي المؤمن ويصيبه، وقد بشّر الله الصابرين على المصيبة بثلاث جوائز عظيمة: الصلوات من الله، والرحمة منه سبحانه، والاهتداء لما شرع الله وحسن الاستجابة,, ومن علامة الرضا بالمصيبة، والاستسلام لقضاء الله وقدره، وطلب الاجر منه تعالى: الصبر والاسترجاع، ويظهر ذلك في الآية الكريمة من سورة البقرة: (وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون).
فقد جعل الله كلمة الاسترجاع ملجأ وملاذاً لأصحاب المصائب، وعصمة للممتحنين من الشيطان، حتى لا يتسلط على المصاب، ويعظّم المصيبة عليه، بالوسواس والأفكار السيئة، التي تجعله يسخط على قضاء الله وقدره، فيهيج ما سكن بذكر الله، ويظهر ما كمن بالصبر، حتى لا يكون شاكرا لربه.
وهذه الآية الكريمة علاج للنفوس المريضة جعله الله مسكّنا لجيشان المصيبة، لان البلوى اذا وقعت قد ينفع الله بها، عندما يتعاطى المصاب هذا العلاج,, تقول أم سلمة رضي الله عنها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من مسلم تصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله به: (إنا لله وإنا إليه راجعون) اللهم اجرني في مصيبتي، واخلف لي خيراً منها، الا أخلف الله عليه خيراً منها), قالت أم سلمة: فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة، أول بيت هاجر، الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إني قلتها، فأخلف الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خير من أبي سلمة,,) رواه مسلم في الجنائز.
فأم سلمة رضي الله عنها، امتثلت أمر الله، وجعلت الدعاء سلاحاً ضد الجزع من المصيبة، والصبر مطيّة توصلها الى المأمن من عواقب المصيبة، حيث رضيت بقضاء الله وقدره، واطمأنت الى النتيجة التي أخبر بها صلى الله عليه وسلم، كجزاء عاجل، لمن امتثل امر الله، ودعا بصدق بما أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ان من رضي واستسلم فله الرضا، ومن تسخّط من المصيبة، فله السخط، ولن يكسب الا على نفسه، فليختر الإنسان لنفسه أي النتيجتين يريد؟!
روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: من رضي بقضاء الله جرى عليه وكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله جرى عليه وهبط عمله.
وإن من أعظم ما يتسلى به المصاب، سواء كان في نفسه صحة أو فقراً، أو مشكلات او عدم توفيق في العمل او غير ذلك من المصائب التي تعترض الإنسان في نفسه أو في ولده، او ماله أو أسرته، او من المصائب الاجتماعية التي تعترض الأمم.
كل ذلك مهما كانت المصيبة صغيرة او كبيرة خير ما يخفف وطأتها، ويهوّن وقعها، بعد ذكر الله الذي تطمئن به القلوب، والدعاء الذي يفتح مغاليق النفس، والاستغفار الذي يذيب الله به الذنوب، كما يذوب الملح في الماء, هو تذكر الانسان ما حلّ بالآخرين من مصائب اكبر مما حلّ به، حيث ان المصائب يخفف بعضها بعضاً، جاء في الحديث الشريف: ان الانسان اذا رأى مبتلى عليه ان يقول: (الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضّلني على كثير مما خلق تفضيلاً).
واذا وقعت له كارثة عليه ان يقول: الحمد لله الذي لم يجعلها أعظم,, ويدعو الله ألا يجعل مصيبته في دينه، لأن جميع المصائب تهون اذا كان الدين سليماً، ولم يبتل المسلم في دينه، أو يفتن في عقيدته.
ومما تتسلى به النفوس المطمئنة إدراك ان المصيبة تصيب الرجل، فيعلم أنها من عند الله فيرضى بما قسم الله ويعرف ان هذا ابتلاء له، ومحك لإيمانه، وان الخلق مهما اجتمعوا على امر ليضروه به، فإنهم لا يقدرون على شيء لم يأذن به الله، وان الله سبحانه لم يقدر عليه تلك المصيبة ليهلكه بها، ولا ليعذبه وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه، وليعرف عنه شكواه ودعاءه، فإن وفقه الله لذلك، وغالب نفسه في السيطرة على الم المصيبة، واحتمالها لعلمه انها من عند الله، فإنه يربح ربحاً عظيماً، وإن خُذل وأسلم نفسه لوساوس الشيطان، وتسخّط من قدر الله، خسر خسارة عظيمة, يقول صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب مقادير الخلائق قبل ان يخلق السموات والأرض بخمسين الف سنة)، رواه مسلم في القدر.
عرف في سيرة عروة بن الزبير انه قد ابتلي بلايا عظيمة فصبر واحتسب,, فقد ذهب للشام، وفي زيارته لاسطبل خيل الوليد بن عبدالملك رفست فرس منها ابنه محمداً، فشجّ رأسه ومات ثم جاءته الآكلة في رجله، فاستدعى له الوليد الأطباء فقرروا قطعها على حدّ الكعب، فرفض، وسرت بسرعة وتألم منها كثيرا، فجيء بالأطباء، فقرروا قطعها من الركبة، والا فإنها سوف تسري الى الجسم كله,, فوافق ولما جاؤوا له بمن يقطعها, قال له: نسقيك المرقد حتى لا تحسّ بالألم, فقال: لا أريد ان يذهب عقلي الذي منحني الله إياه قالوا: اذاً نسقيك الخمر حتى نقطعها,, قال: لا اريد ان استعين بمعصية الله على طاعة الله، قالوا: اذاً نأتي لك برجال يشدونك وقت القطع, قال: استعين بالله وأصبر,, ثم دعا بوضوء وتوضأ، وقال: اذا سجدت فسأمدها لكم، وشأنكم بها,, فقطعت ثم حسمت بالودك الحار، وهو ساجد لم يتحرك,.
ولما انتهى من صلاته قال: الحمد لله فقد وهبني الله اولاداً، وسبقني احدهم، وأعطاني اعضاء سبقني واحد منها، فلله ما اخذ وله ما أبقى، وكل شيء عنده بمقدار,, وماجزع وما تسخّط.
وبعد ايام وفد على الوليد بن عبدالملك شيخ اعمى من عبس، فكان يحدث في مجلس الوليد عما أصابه فقال: أمسيت يوماً وما في عبس اهل بيت اكثر جاهاً مني، ولا اكثر مالاً وولداً، وبتنا ليلة كأحسن مبيت، فطرقنا جريان الوادي ونحن نيام, فذهب بالمال كله، إبلاً وغنماً كثيرة جداً وخيولاً، وأخذ السيل معه جميع الاهل والولد,, ولم يبق معي الا طفل رضيع وبعير واحد شرود.
حملت الطفل وأردت ركوب الجمل، ففرّ فلحقت به وازداد شروداً، فوضعت الرضيع على الأرض ولحقت بالجمل، فإذا بي اسمع صراخ الطفل، فالتفتّ فإذا الذئب يلتهمه وسكت صوت الطفل.
فحمدت الله، وطلبت من الله ان يخلف عليّ في مالي الذي كان آخره هذا الجمل الذي شرد، والولد والاهل، الذين انتهوا بالتهام الذئب آخرهم وهو الرضيع, قررت اللحاق بالجمل، فصار بيني وبينه مطاردة ومصاولة فرمحني على وجهي، وطرحني بعيدا ً وولى هارباً، وبعد ان افقت من الغيبوبة إذا بي لا أرى شيئاً، فقد ذهب بصري، فأصبحت، وقد ذهب المال والولد والأهل والنظر,, وغدوت صفر اليدين بلا مأوى, وعندما سمع الوليد هذه الحكاية، من الشيخ الضرير العبسيّ,, قال: اذهبوا به الى عروة بن الزبير، حتى يعلم ان في الدنيا من هو أكثر بلاء، وأشد مصيبة منه.
وقد روى الترمذي في باب الزهد وقال حديث حسن صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة في نفسه وماله وولده، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة), ويقول صلى الله عليه وسلم في حديث رواه مسلم في باب الزهد: (لا يقضي الله قضاء للمؤمن الا كان خيراً له، إن اصابته سراء شكر، فكان خيراً له، وإن اصابته ضراء صبر، فكان خيراً له، وليس ذلك الا للمؤمن).
وهذا من فضل الله على عباده العارفين، حيث ان المصائب التي تحل بهم خير لهم، تمحص الذنوب، لأنهم يرونها دافعاً لفعل الخير، وتذكّراً لنعم الله، ودرعاً يحصن الله بها عما هو اكبر منها يقول الشاعر:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت
ويبتلي الله بعض القوم بالنعم
وإذا كان بعض السلف يروى عنه القول: لولا المصائب التي تأتينا في الدنيا، لوردنا الآخرة من المفاليس.
وهذه الكلمة مستوحاة من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابو داود في الجنائز قال: (إن الرجل لتكون له عند الله المنزلة، فما يبلغها بعمل، فما زال الله يبتليه بما يكره، حتى يبلّغه إياها) ولذا فإنه:
لا ينبغي للعاقل ان يكره حلول المصائب فإنها قد تكون تكفيراً عن ذنب اقترفه، او خطيئة بدرت منه على احد ليمحّص الله بها عنه، او دافعة عما هو أكبر منها، ألم يقل سبحانه: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم، وعسى ان تحبوا شيئاً وهو شرّ لكم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون) (216 البقرة)، فالانسان لا يدري ما الخير فيه، حتى أن بعض السلف كان يحبّ موت ولده الأثير على نفسه، لينال بذلك ثواب الصابرين المحتسبين، يقول الحسن البصري رحمه الله: لا تكرهوا البلايا الواقعة، والنقمات الحادثة، فلرب أمر تكرهه فيه نجاتك، ولرب أمر تؤثره فيه عطبك.
والتنوخي في كتابه الفرج بعد الشدة، الذي اورد وقائع يتمثل فيها الصبر والدعاء مع الله، بنتائج حسنة، وفوائد ذات نفع عادت على بعض الناس بمصالح ما كانت في الحسبان,, يقول: كان يقال المحن آداب الله، عزّ وجل لخلقه، وتأديب الله يفتح القلوب والأبصار,, وكان مما اورده في هذا المجال قوله: سمعت أبا اسحاق ابراهيم بن العباس بن محمد بن صول الكاتب، يصف الفضل بن سهل، ويذكر تقدمه وعلمه وكرمه وكان مما حدثني به أنه برىء من علة كان فيها فجلس للناس وهنأوه بالعافية فلما فرغ الناس من كلامهم,, قال الفضل: إن في العلل لنعماً لا ينبغي للعاقل ان يجهلها، فهي تمحيص للذنوب، وتعرّض لثواب الصبر، وإيقاظ من الغفلة، وتذكير بالنعمة في حال الصحة، واستدعاء للمثوبة، وحضّ على الصدقة، وفي قضاء الله وقدره بعد الخيار.
وقد ألفت كتب كثيرة في فضل المصائب والصبر عليها، وفي تسلية أهلها، ومن ذلك: غذاء الألباب للسفاريني وفوائد الابتلاء للعز بن عبدالسلام، وعدة الصابرين لابن القيم، والفرج بعد الشدة للتنوخي، والفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا، وتسلية ذوي المصائب لمحمد بن محمد المنبجي، وصيد الخاطر لابن الجوزي، والجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي لابن القيم، وبرد الأكباد بفقد الأولاد,, وغيرها من الكتب المفيدة النافعة في هذا الباب.
بلوى ابن حنبل:
قال البستيّ في كتابه: روضة العقلاء ونزهة الفضلاء: سمعت اسحاق البغدادي بتستر يقول: كان لنا جار ببغداد كنا نسميه طبيب القراء، وكان يتفقد الصالحين ويتعاهدهم، فقال لي: دخلت يوما على احمد بن حنبل فإذا هو مغموم مكروب فقلت: مالك يا أبا عبدالله؟ قال: خير, قلت: وما الخير؟ قال: امتحنت بتلك المحنة، حتى ضربت، ثم عالجوني وبرئت الا انه بقي في صلبي موضع يوجعني، هو أشدّ عليّ من ذلك الضرب، قال: قلت: اكشف لي عن صلبك قال: فكشف لي، فلم أر فيه الاّ أثر الضرب فقط، فقلت ليس لي بذي معرفة، ولكن سأستخبر عن هذا.
فخرجت من عنده حتى أتيت صاحب السجن وكان بيني وبينه فضل معرفة، فقلت له: أدخل الحبس في حاجة؟ قال: ادخل فدخلت وجمعت فتيانهم، وكان معي دريهمات فرقتها عليهم، وجعلت احدثهم حتى أنسوا بي، ثم قلت: من منكم ضرب اكثر؟ فأخذوا يتفاخرون حتى اتفقوا على واحد منهم، انه اكثرهم ضرباً وأشدهم صبراً فقلت له: اسألك عن شيء؟ فقال: هات, فقلت شيخ ضعيف ليس صناعته كصناعتكم ضرب على الجوع للقتل سياطاً يسيرة الا انه لم يمت، وعالجوه وبرىء، الا ان موضعاً في صلبه يوجعه وجعاً ليس له عليه صبر، قال: فضحك فقلت: مالك؟ قال: الذي عالجه كان حائكاً، قلت: إيش الخبر؟, قال: ترك في صلبه قطعة لحم ميّتة لم يقتلعها, قلت: فما الحيلة؟ قال: يبطّ صلبه وتؤخذ تلك القطعة، ويرمى بها، وإن تركت بلغت الى فؤاده فقتلته, فخرجت من الحبس، فدخلت على احمد بن حنبل، فوجدته على حالته، فقصصت عليه القصّة، قال: ومن يبطّه؟ قلت: أنا، قال: أو تفعل؟ قلت: نعم,, فقام فدخل البيت ثم خرج وبيده مخدتان وعلى كتفه فوطة، فوضع إحداهما لي، والأخرى له، ثم قعد عليها، وقال: استخر الله، فكشفت الفوطة عن صلبه، وقلت أرني موجع الوجع، قال: ضع اصبعك عليه فإني أخبرك به، فوضعت أصبعي، وقلت: ها هنا موضع الوجع؟ قال: هاهنا أحمد الله على العافية، فقلت: ها هنا؟ قال: ها هنا أحمد الله على العافية، فقلت: ها هنا؟ قال: ها هنا أسأل الله العافية, فعلمت أنه موضع الوجع, فوضعت المبضع عليه، فلما أحسّ بحرارة المبضع وضع يده على رأسه، وجعل يقول: اللهم اغفر للمعتصم، حتى بططته فأخذت القطعة الميتة ورميت بها، وشددت العصابة عليه، وهو لا يزيد على قوله: اللهم اغفر للمعتصم، ثم هدأ وسكن وقال: كأني كنت معلقاً فأصدرت, قلت: يا أبا عبدالله ان الناس اذا امتحنوا دعوا على من ظلمهم، ورأيتك تدعو للمعتصم؟ قال: إني فكرت فيما تقول، وهو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكرهت أن آتي يوم القيامة وبيني وبين أحد من قرابته خصومة، هو مني في حلّ .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات