جميل جدا ..
يعطيك العافيه ..
إطلاق سراح
من الأدب التركي
كان الصبي قد هوى صيد الطيور بمقلاع صنعه بنفسه ، لذا بدأ يختفي وراء الأشجار ويراقبها لعله يصيب احدها ... كان يحلم ان يصيب طائراً من طيور ( الضغنج ) ذات الأجنحة الملونة. والحقيقة انه لم يكن ينوي قتل الطيور ، بل مجرد إسقاطها من الشجرة ثم مسكها. قال في نفسه وهو يزين القفص الذي هيأه منذ أيام :
- لن يأتي العيد إلا ولي طائر ... سيرى الضيوف الذين سيأتون إلى البيت ان لي طائراً.
بدأ الصبي يتجول بهذه الرغبة بين الشوارع والأزقة ، ويختار الحدائق والطرق التي تكثر فيها الأشجار ، ولكن قلبه الصغير لم يكن يطاوعه على ضرب طائر الضغنج الذي رآه بعض المرات بمقلاعه ، لذا بدأ يبحث من بين أثمار الأشجار عن أكثر الأثمار ليونة ليستعملها في مقلاعه ، ومع ذلك كان يقول في نفسه :
- ولكن ماذا ان مات الطائر ان قذفته بهذه ؟ ... ماذا أفعل ان مات دون قصد مني ؟
مضت الأيام وجاء يوم عرفة ولم يصد الصبي أي طائر. ولكنه التقى بالطائر الذي يريده في باحة الجامع عندما كان صوت أذان العصر يرتفع من فوق المنارة ... كان هناك قفص مملوء بطيور الضغنج موضوعاً بجانب عجوز صبوح الوجه يتوضأ. وقف الصبي في مكانه مذهولاً لا يستطيع الحراك وبصره لا يفارق هذه الطيور الجميلة التي كانت كأنها تحييه بأجنحتها الملونة الجميلة.
سرعان ما انتبه الرجل العجوز لحال الصبي .. قال له بعد ان أكمل وضوءه :
- الظاهر انك أُعجبت بالطيور ؟ ... لقد اشتريتها قبل قليل من غجري.
لم يخطر على بال الصبي حتى ذلك الحين ان الطيور يمكن ان تُشترى ... قال وهو يقترب أكثر من القفص :- خذ هذا الطائر وداعبه قليلاً.
- لم أكن أتصور أنها بهذا الجمال ... لم أشاهدها بهذا القرب.
لبس الرجل العجوز سترته ، ثم مد يديه المرتجفتين داخل القفص وأمسك بطائر وأعطاه إلى الصبي :
كان الصبي ينتظر هذه اللحظة منذ أيام .. أخذ الطائر بين يديه الصغيرتين ثم انهال عليه بالقبل ... بعد قليل قال له الرجل الشيخ :
- والآن أطلق سراحه .. دعه يطير.
ذُهل الصبي أمام طلب الشيخ ... أكان يستطيع بمثل هذه السهولة مفارقة هذا الطائر الذي حلم به كل تلك الأيام ؟ ... قال بصوت حزين :
- ألا يمكن ألا أطلق سراحه ؟ .. أستطيع أن اربيه في بيتي وأُطعمه .
كان الرجل الشيخ يُخرج الطيور من القفص ثم يُطلقها طائراً طائراً وبعدما أطلق آخر طائر أقبل على الصبي ومسح على رأسه بلطف قائلاً له :
- ألا تريد ان تداعب هذه الطيور في الجنة ؟ ... كما نعلم فان طيور الجنة تكون خالدة مثل الإنسان هناك.
تذكر الصبي ما كان جده يقصه عليه حول الجنة وحول جمالها ... شعر بفرح غامر يستولي على كيانه وهو يثفرج أصابعه ببطء عن الطائر ، وقبل إطلاقه قبله للمرة الأخيرة وتركه يطير على أمل اللقاء معه في الجنة.
وبينما كان الطائر يرتفع الفضاء قرب المنارة كان صوت المدفع يُعلن عن حلول العيد.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات