صفحة 1 من 40 12311 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 6 من 235

الموضوع: أسباب نزول سور القرآن ... (جمع الفتى العصباني)

  1. #1
    عضو جديد الصورة الرمزية مشعل العصباني
    تاريخ التسجيل
    4 - 5 - 2005
    المشاركات
    7,588
    معدل تقييم المستوى
    721

    افتراضي أسباب نزول سور القرآن ... (جمع الفتى العصباني)

    سورة البقرة

    قوله عز وجل‏:‏ ‏{‏الَمَ ذَلِكَ الكِتابُ‏}‏ أخبرنا أبو عثمان الزعفراني قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال‏:‏ أخبرنا جعفر بن محمد بن الليث قال‏:‏ أخبرنا أبو حذيفة قال‏:‏ حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال‏:‏ أربع آيات من أول هذه السورة نزلت في المؤمنين وآيتان بعدها نزلتا في الكافرين وثلاث عشرة بعدها نزلت في المنافقين‏.‏

    وقوله ‏{‏إِنَ الَّذينَ كَفَروا‏}‏ قال الضحاك‏:‏ نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته وقال الكلبي‏:‏ يعني اليهود‏.‏

    وقوله تعالى ‏{‏وَإِذا لَقوا الَّذينَ آَمَنوا‏}‏ قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس‏:‏ نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي وأصحابه وذلك أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله صلى عليه وسلم فقال عبد الله بن أبي انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم فذهب فأخذ بيد أبي بكر فقال‏:‏ مرحباً بالصديق سيد بني تميم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار الباذل نفسه وماله ثم أخذ بيد عمر فقال‏:‏ مرحباً بسيد بني عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل نفسه وماله لرسول الله ثم أخذ بيد علي فقال‏:‏ مرحباً بابن عم رسول الله وختنه سيد بني هاشم ما خلا رسول الله ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه‏:‏ كيف رأيتموني فعلت فإذا رأيتموهم فافعلوا كما فعلت فأثنوا عليه خيراً فرجع المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبروه بذلك فأنزل الله هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏يا أَيُّها الناسُ اُعبُدوا رَبَّكُم‏}‏ أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال‏:‏ أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه قال‏:‏ أخبرنا أبو ذر القهستاني قال‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بن بشر قال‏:‏ حدثنا روح قال‏:‏ حدثنا شعبة عن سفيان الثوري عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال‏:‏ كل شيء نزل فيه ‏{‏يا أَيُّها الناسٌ‏}‏ فهو مكي ويا أيها الذين آمنوا فهو مدني يعني أن يا أيها الناس خطاب أهل مكة و ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا‏}‏ خطاب أهل المدينة قوله ‏{‏يا أَيُّها الناسُ اعبُدوا رَبَّكُم‏}‏ خطاب لمشركي مكة إلى قوله ‏{‏وَبَشِّرِ الَّذينَ آمَنوا‏}‏ وهذه الآية نازلة في المؤمنين وذلك أن الله تعالى لما ذكر جزاء الكافرين بقوله ‏{‏النارُ الَّتي وَقودُها الناسُ وَالحِجارةُ أُعِدَت لِلكافِرينَ‏}‏ ذكر جزاء المؤمنين‏.‏

    قوله ‏{‏إِنَّ اللهَ لا يَستَحيي أَن يَضرِبَ مَثَلاً‏}‏ قال ابن عباس في رواية أبي صالح لما ضرب الله سبحانه هذين المثلين للمنافقين يعني قوله ‏{‏مَثَلُهُم كَمَثَلِ الَّذي اِستَوقَدَ ناراً‏}‏ وقوله ‏{‏أَو كَصَيِّبٍ مِنَ السَماءِ‏}‏ قالوا الله أجل وأعلى من أن يضرب الأمثال فأنزل الله هذه الآية وقال الحسن وقتادة‏:‏ لما ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه وضرب للمشركين المثل ضحكت اليهود وقالوا‏:‏ ما يشبه هذا كلام الله فأنزل الله هذه الآية‏.‏

    أخبرنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ في كتابه قال‏:‏ أخبرنا سليمان بن أيوب الطبراني قال‏:‏ حدثنا عبد العزيز بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس في قوله ‏{‏إِنَّ اللهَ لا يَستَحيي أَن يَضرِبَ مَثَلاً‏}‏ قال‏:‏ وَذَلِكَ أن الله ذكر آلهة المشركين فقال ‏{‏وَإِن يَسلِبهُمُ الذُبابُ شَيئاً‏}‏ وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت فقالوا ارايتم حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد أي شيء يصنع بهذا فأنزل الله الآية‏.‏

    قوله ‏{‏أَتأمُرونَ الناسَ بِالبِرِ‏}‏ قال ابن عباس في رواية الكلبي عن أبي حاتم بالإسناد الذي ذكر نزلت في يهود المدينة كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينهم وبينه رضاع من المسلمين اثبت على الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به وهذا الرجل يعنون محمداً صلى الله عليه وسلم فإن أمره حق فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه‏.‏

    وقوله ‏{‏وَاِستَعينوا بِالصَبرِ وَالصَلاةِ‏}‏ عند أكثر أهل العلم أن هذه الآية خطاب لأهل الكتاب وهو مع ذلك أدب لجميع العباد‏.‏

    وقال بعضهم‏:‏ رجع بهذا الخطاب إلى خطاب المسلمين والقول الأول أظهر‏.‏

    وقوله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ آَمَنوا وَالَّذينَ هادوا‏}‏ الآية‏.‏

    أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال‏:‏ حدثنا يحيى بن أبي زائدة قال‏:‏ قال ابن جريج‏:‏ عن عبد الله بن كثير عن مجاهد قال‏:‏ لما قص سلمان على النبي صلى الله عليه وسلم قصة أصحاب الدير قال‏:‏ هم في النار قال سلمان‏:‏ فأظلمت علي الأرض فنزلت ‏{‏إنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا‏}‏ إلى قوله ‏{‏يَحزَنونَ‏}‏ قال‏:‏ فكأنما كشف عني جبل‏.‏

    أخبرنا محمد بن عبد العزيز المروزي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الحسين الحدادي قال‏:‏ أخبرنا أبو فرقد قال‏:‏ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال‏:‏ أخبرنا عمرو عن أسباط عن السدي ‏{‏إِنَّ الَّذينَ آَمَنوا والَّذينَ هادوا‏}‏ الآية قال‏:‏ نزلت في أصحاب سلمان الفارسي لما قدم سلمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يخبر عن عبادة أصحابه واجتهادهم وقال‏:‏ يا رسول الله كانوا يصلون ويصومون ويؤمنون بك ويشهدون أنك تبعث نبياً فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏يا سلمان هم من أهل النار فأنزل الله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ آَمَنوا وَالَّذينَ هادوا‏}‏ وتلا إلى قوله ‏{‏وَلا هُم يَحزَنونَ‏}‏

    أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد بن جعفر قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكرياء قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال‏:‏ حدثنا عمرو بن حماد قال‏:‏ حدثنا أسباط عن السدي عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏إِِنَّ الَّذينَ آمَنوا وَالَّذينَ هادوا‏}‏ الآية نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي وكان من أهل جندي سابور من أشرافهم وما بعد هذه الآية نازلة في اليهود‏.‏

    وقوله ‏{‏فَوَيلٌ لِلَّذينَ يَكتُبونَ الكِتابَ بِأَيديهِم‏}‏ الآية نزلت في الذين غيروا صفة النبي صلى الله عليه وسلم وبدلوا نعته قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا‏:‏ إنهم غيروا صفة النبي صلى الله عليه وسلم في كتابهم وجعلوه آدم سبطاً طويلاً وكان ربعة أسمر صلى الله عليه وسلم وقالوا لأصحابهم وأتباعهم‏:‏ انظروا إلى صفة النبي الذي يبعث في آخر الزمان ليس يشبه نعت هذا وكانت للأحبار والعلماء مأكلة من سائر اليهود فخافوا أن يذهبوا مأكلتهم إن بينوا الصفة فمن ثم غيروا‏.‏

    قوله ‏{‏وَقالوا لَن تَمَسَّنا النارُ إِلا أَيّاماً مَّعدودَةً‏}‏ أخبرنا إسماعيل بن أبي القسم الصوفي قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسين العطار قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار قال‏:‏ حدثني أبو القسم عبد الله بن سعد الزهري قال‏:‏ حدثني أبو عمرو قال‏:‏ حدثنا أبي عن أبي إسحاق قال‏:‏ حدثني محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ويهود تقول‏:‏ إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنة إنما يعذب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوم واحد في النار من أيام الآخرة وإنما هي سبعة أيام ثم ينقطع العذاب فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم ‏{‏وَقالوا لَن تَمَسَّنا النارُ إِلا أَيّاماً مَّعدودَةً‏}‏‏.‏

    وقال ابن عباس في رواية الضحاك‏:‏ وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين قالوا‏:‏ لن نعذب في النار إلا ما وجدنا في التوراة فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار فساروا في العذاب حتى انتهوا إلى سقر وفيها شجرة الزقوم إلى آخر يوم من الأيام المعدودة فقال لهم خزنة النار‏:‏ يا أعداء الله زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلا أياماً معدودات فقد انقطع العدد وبقي الأمد‏.‏

    قوله ‏{‏اَفَتَطمَعونَ‏}‏ الآية‏.‏

    قال ابن عباس ومقاتل‏:‏ نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى ليذهبوا معه إلى الله تعالى فلما ذهبوا معه سمعوا كلام الله تعالى وهو يأمر وينهى ثم رجعوا إلى قومهم فأما الصادقون فأدوا ما سمعوا‏.‏

    وقالت طائفة منهم‏:‏ سمعنا الله من لفظ كلامه يقول‏:‏ إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا وإن شئتم فلا تفعلوا ولا بأس وعند أكثر المفسرين نزلت الآية في الذين غيروا آية الرجم وصفة محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

    قوله ‏{‏وَكانوا مِن قَبلُ يَستَفتِحونَ عَلى الَّذينَ كَفَروا‏}‏ وقال ابن عباس‏:‏ كان يهود خيبر تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود خيبر فعاذت اليهود بهذا الدعاء وقالت‏:‏ اللهم إنا نسألك بحق النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم قال‏:‏ فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء فهزموا غطفان فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به فأنزل الله تعالى ‏{‏وَكانوا مِن قَبلُ يَستَفتِحونَ عَلى الَّذينَ كَفَروا‏}‏ أي بك يا محمد إلى قوله ‏{‏فَلَعنَةُ اَلله عَلى الكافِرينَ‏}‏ وقال السدي‏:‏ كانت العرب تمر بيهود فتلقى اليهود منهم أذى وكانت اليهود تجد نعت محمد في التوراة أن يبعثه الله فيقاتلون معه العرب فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم كفروا به حسداً وقالوا‏:‏ إنما كانت الرسل من بني إسرائيل فما بال هذا من بني إسماعيل‏.‏

    قوله ‏{‏قُل مَن كانَ عَدوَّاً لِجِبريلَ‏}‏ الآية‏.‏

    أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن أحمد الشيباني قال‏:‏ أخبرنا المؤمل بن الحسن قال‏:‏ حدثنا محمد بن إسماعيل بن سالم قال‏:‏ أخبرنا أبو نعيم قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن الوليد عن بكير عن ابن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ أقبلت اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ يا أبا القاسم نسألك عن أشياء فإن أجبتنا فيها اتبعناك أخبرنا من الذي يأتيك من الملائكة فإنه ليس نبي إلا يأتيه ملك من عند ربه عز وجل بالرسالة بالوحي فمن صاحبك قال‏:‏ جبريل قالوا‏:‏ ذاك الذي ينزل بالحرب وبالقتال ذاك عدونا لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالمطر والرحمة اتبعناك فأنزل الله تعالى ‏{‏قُل مَن كانَ عَدُوَّاً لِجِبريلَ فَإِنَّهُ نَزَلَهُ عَلى قَلبِكَ‏}‏ إلِى قوله ‏{‏فَإِنَ الَلهَ عَدُوٌّ لِّلكافِرينَ‏}‏‏.‏

    قوله ‏{‏مَن كانَ عَدُوّاًً للهِ وَمَلائِكَتِهِ‏}‏ الآية‏.‏

    أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال‏:‏ أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان قال‏:‏ حدثنا علي بن مسهر عن داود عن الشعبي قال‏:‏ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏:‏ كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة فأعجب من موافقة القرآن التوراة وموافقة التوراة القرآن فقالوا يا عمر ما أحد أحب إلينا منك قلت ولم قالوا‏:‏ لأنك تأتينا وتغشانا قلت‏:‏ إنما أجيء لأعجب من تصديق كتاب الله بعضه بعضاً وموافقة التوراة القرآن وموافقة القرآن التوراة فبينما أنا عندهم ذات يوم إذ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف ظهري فقالوا‏:‏ إن هذا صاحبك فقم إليه فالتفت إليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل خوخة من المدينة فأقبلت عليهم فقلت‏:‏ أنشدكم بالله وما أنزل عليكم من كتاب أتعلمون أنه رسول الله فقال سيدهم‏:‏ قد نشدكم الله فأخبروه فقالوا‏:‏ أنت سيدنا فأخبره فقال سيدهم‏:‏ إنا نعلم أنه رسول الله قال‏:‏ فقلت فأنت أهلكهم إن كنتم تعلمون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لم تتبعوه قالوا‏:‏ إن لنا عدواً من الملائكة وسلماً من الملائكة فقلت من عدوكم ومن سلمكم قالوا‏:‏ عدونا جبريل وهو ملك الفظاظة والغلظة والإصار والتشديد قلت‏:‏ ومن سلمكم قالوا‏:‏ ميكائيل وهو ملك الرأفة واللين والتيسير قلت‏:‏ فإني أشهدكم ما يحل لجبريل أنه يعادي سلم ميكائيل وما يحل لميكائيل أن يسالم عدو جبريل وإنهما جميعاً ومن معهما أعداء لمن عادوا وسلم لمن سالموا ثم قمت فدخلت الخوخة التي دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبلني فقال‏:‏ يا ابن الخطاب ألا أقرؤك آيات نزلت علي من قبل قلت‏:‏ بلى فقرأ ‏{‏قًل مَن كانَ عَدُوّاً لِجِبريلَ فَإِنَّهُ‏}‏ الآية حتى بلغ ‏{‏وَما يَكفُرُ بِها إِلا الفاسِقونَ‏}‏ قلت‏:‏ والذي بعثك بالحق ما جئت إلا أخبرك بقول اليهود فإذا اللطيف الخبير قد سبقني بالخبر‏.‏

    قال عمر‏:‏ فلقد رأيتني أشد في دين الله من حجر‏.‏

    وقال ابن عباس‏:‏ إن حبراً من أحبار اليهود من فدك يقال له عبد الله بن صوريا حاج النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن أشياء فلما اتجهت الحجة عليه قال‏:‏ أي ملك يأتيك من السماء قال‏:‏ جبريل ولم يبعث الله نبياً إلا وهو وليه قال‏:‏ ذاك عدونا من الملائكة ولو كان ميكائيل لآمنا بك إن جبريل نزل بالعذاب والقتال والشدة فإنه عادانا مراراً كثيرة وكان أشد ذلك علينا أن الله أنزل على نبينا أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجل يقال له بختنصر وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه فلما كان وقته بعثنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلب بختنصر ليقتله فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً ليست له قوة فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبريل وقال لصاحبنا‏:‏ إن كان ربكم الذي أذن في هلاككم فلا تسلط عليه وإن لم يكن هذا فعلى أي حق تقتله فصدقه صاحبنا ورجع إلينا وكبر بختنصر وقوي وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدواً فأنزل الله هذه الآية‏.‏

    وقال مقاتل‏:‏ قالت اليهود‏:‏ كان جبريل عدونا أمر أن يجعل النبوة فينا فجعلها في غيرنا فأنزل الله هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَلَقَد أَنزَلنا إِليكَ آياتٍ بَيِّناتٍ‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ هذا جواب لابن صوريا حيث قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه وما أنزل عليك من آية بينة فنتبعك بها فأنزل الله هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَاِتَّبَعوا ما تَتلوا الشَياطينُ عَلى مُلكِ سُلَيمانَ‏}‏ الآية‏.‏

    أخبرني محمد بن عبد العزيز القنطري قال‏:‏ أخبرنا أبو الفضل الحدادي قال‏:‏ أخبرنا أبو يزيد الخالدي قال‏:‏ أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال‏:‏ حدثنا جدي قال‏:‏ أخبرنا حصين بن عبد الرحمن عن عمران بن الحارث قال‏:‏ بينما نحن عند ابن عباس إذ قال‏:‏ إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء فيجيء أحدهم بكلمة حق فإذا جرب من أحدهم الصدق كذب معها سبعين كذبة فيشربها قلوب الناس فاطلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها تحت الكرسي فلما مات سليمان قام شيطان الطريق فقال‏:‏ ألا أدلكم على كنز سليمان المنيع الذي لا كنز له مثله قالوا‏:‏ نعم قال‏:‏ تحت الكرسي فأخرجوه فقالوا‏:‏ هذا سحر سليمان سحر به الأمم فأنزل الله عذر سليمان ‏{‏وَاَتَّبَعوا ما تَتلوا الشَياطينُ عَلى مُلكِ سُلَيمانَ وَما كَفَرَ سُليمانُ‏}‏‏.‏

    وقال الكلبي‏:‏ إن الشياطين كتبوا السحر والنارنجيات على لسان آصف‏:‏ هذا ما علم آصف بن برخيا سليمان الملك ثم دفنوها تحت مصلاه حين نزع الله ملكه ولم يشعر بذلك سليمان ولما مات سليمان استخرجوه من تحت مصلاه وقالوا للناس‏:‏ إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه فلما علم علماء بني إسرائيل قالوا‏:‏ معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان وأما السفلة فقالوا‏:‏ هذا علم سليمان وأقبلوا على تعلمه ورفضوا كتب أنبيائهم ففشت الملامة لسليمان فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عذر سليمان على لسانه ونزل براءته مما رمي به فقال ‏{‏وَاَتَّبَعوا ما تَتلو الشَياطينُ‏}‏ الآية‏.‏

    أخبرنا سعيد بن العياش القرشي كتابة أن الفضل بن زكرياء حدثهم عن أحمد بن نجدة عن سعيد بن منصور عن عثمان بن بشير عن حصيفة قال‏:‏ كان سليمان إذا نبتت الشجرة قال‏:‏ لأي داء أنت فتقول‏:‏ لكذا وكذا فلما نبتت شجرة الخروبة قال‏:‏ لأي شيء أنت قالت‏:‏ لخراب بيتك قال‏:‏ تخربينه قالت‏:‏ نعم قال‏:‏ بئس الشجرة أنت فلم يلبث أن توفي فجعل الناس يقولون في مرضاهم‏:‏ لو كان مثل سليمان فأخذت الشياطين فكتبوا كتاباً وجعلوه في مصلى سليمان وقالوا‏:‏ نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به فانطلقوا فاستخرجوا ذلك فإذا فيه سحر ورقي فأنزل الله تعالى ‏{‏وَاَتَّبَعوا ما تَتلو الشَياطينُ عَلى مُلكِ سُلَيمانَ‏}‏ إلى قوله ‏{‏فَلا تَكفُر‏}‏ قال السري‏:‏ إن الناس في زمن سليمان كتبوا السحر فاشتغلوا بتعلمه فأخذ سليمان تلك الكتب فدفنها تحت كرسيه ونهاهم عن ذلك ولما مات سليمان وذهب به كانوا يعرفون دفن الكتب فتمثل شيطان على صورة إنسان فأتى نفراً من بني إسرائيل وقال‏:‏ هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبداً قالوا نعم قال‏:‏ فاحفروا تحت الكرسي فحفروا فوجدوا تلك الكتب فلما أخرجوها قال الشيطان‏:‏ إن سليمان ضبط الجن والإنس والشياطين والطيور بهذا فأخذ بنو إسرائيل تلك الكتب فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود فبرأ الله عز وجل سليمان من ذلك وأنزل هذه الآية‏

  2. #2
    عضو جديد الصورة الرمزية مشعل العصباني
    تاريخ التسجيل
    4 - 5 - 2005
    المشاركات
    7,588
    معدل تقييم المستوى
    721

    افتراضي سبب نزول سورة البقرة ( الجزء الثاني )

    قوله تعالى ‏{‏يَا أَيَّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقولوا راعِنا‏}‏ الآية‏.‏

    قال ابن عباس في رواية عطاء‏:‏ وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها فلما سمعتهم اليهود يقولونها للنبي صلى الله عليه وسلم أعجبهم ذلك وكان راعنا في كلام اليهود سباً قبيحاً فقالوا‏:‏ إنا كنا نسب محمداً سراً فالآن أعلنوا السب لمحمد فإنه من كلامه فكانوا يأتون نبي الله صلى الله عليه وسلم فيقولون‏:‏ يا محمد راعنا ويضحكون ففطن بها رجل من الأنصار وهو سعد بن عبادة وكان عارفاً بلغة اليهود وقال‏:‏ يا أعداء الله عليكم لعنة الله والذي نفس محمد بيده لئن سمعتها من رجل منكم لأضربن عنقه فقالوا‏:‏ ألستم تقولونها فأنزل الله تعالى ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تَقولوا راعِنا‏}‏ الآية‏.‏

    قوله تعالى ‏{‏ما يَوَدُّ الَّذينَ كَفَروا مَن أَهلِ الكِتابِ‏}‏ الآية‏.‏

    قال المفسرون‏:‏ إن المسلمين كانوا إذا قالوا لحلفائهم من اليهود‏:‏ آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم قالوا‏:‏ هذا الذي تدعوننا إليه ليس بخير مما نحن عليه ولوددنا لو كان خيراً فأنزل الله تعالى تكذيباً لهم‏.‏

    قوله تعالى ‏{‏ما نَنسَخ مِن آيةٍ أَو نُنسِها نَأتِ بِخَيرٍ مِنها‏}‏ قال المفسرون‏:‏ إن المشركين قالوا‏:‏ أترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه ويقول اليوم قولاً ويرجع عنه غداً ما هذا في القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه وهو كلام يناقض بعضه بعضاً فأنزل الله ‏{‏إِِذا بَدَّلنا آيَةً مَكانَ آَيَةً‏}‏ الآية وأنزل أيضاً ‏{‏ما نَنسَخ مِن آَيَةٍ أَو نُنسِها نَأتِ بِخَيرٍ مِّنها‏}‏ الآية‏.‏

    قوله تعالى ‏{‏أَم تُريدونَ أََن تَسأَلوا رَسُولَكُم‏}‏ الآية‏.‏

    قال ابن عباس نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي كعب ورهط من قريش قالوا‏:‏ يا محمد اجعل لنا الصفا ذهباً ووسع لنا أرض مكة وفجر الأنهار خلالها تفجيراً نؤمن بك فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    وقال المفسرون‏:‏ إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن قائل يقول‏:‏ يأتينا بكتاب من السماء جملة كما أتى موسى بالتوراة ومن قائل يقول‏:‏ وهو عبد الله بن أبي أمية المخزومي‏:‏ ائتني بكتاب من السماء فيه من رب العالمين‏:‏ إلى ابن أبي أمية اعلم أني قد أرسلت محمداً إلى الناس ومن قائل يقول‏:‏ لن نؤمن لك أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَدَّ كَثيرٌ مِن أَهلِ الكِتابِ‏}‏ الآية‏.‏

    قال ابن عباس‏:‏ نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة بدر‏:‏ ألم تروا إلى ما أصابكم ولو كنتم على الحق ما هزمتم فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم‏.‏

    أخبرنا الحسين بن محمد الفارسي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن المفضل قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا أبو اليمان قال‏:‏ حدثنا شعيب عن الزهري قال‏:‏ أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً وكان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويحرض عليه كفار قريش في شعره وكان المشركون واليهود من المدينة حين قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذون النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أشد الأذى فأمر الله تعالى نبيه بالصبر على ذلك والعفو عنهم وفيهم أنزلت ‏{‏وَدَّ كَثيرُ مَن أَهلِ الكِتابِ‏}‏ إلى قوله ‏{‏فَاِعفوا وَاِصفَحوا‏}‏‏.‏

    قوله ‏{‏وَقالَتِ اليَهودُ لَيسَتِ النَصارى عَلى شيءٍ‏}‏ نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نجران وذلك أن وفد نجران لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم أحبار اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم فقالت اليهود‏:‏ ما أنتم على شيء من الدين وكفروا بعيسى والإنجيل وقالت لهم النصارى‏:‏ ما أنتم على شيء من الدين فكفروا بموسى والتوراة فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَمَن أَظلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَساجِدَ اللهِ‏}‏ الآية نزلت في ططلوس الرومي وأصحابه من النصارى وذلك أنهم غزوا بني إسرائيل فقتلوا مقاتلهم وسبوا ذراريهم وحرقوا التوراة وخربوا بيت المقدس وقذفوا فيه الجيف‏.‏

    وهذا قول ابن عباس في رواية الكلبي‏.‏

    وقال قتادة‏:‏ هو بختنصر وأصحابه غزوا اليهود وخربوا بيت المقدس وأعانتهم على ذلك النصارى من أهل الروم‏.‏

    وقال ابن عباس في رواية عطاء‏:‏ نزلت في مشركي أهل مكة ومنعهم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام‏.‏

    قوله ‏{‏وَللهِ المَشرِقُ وَالمَغرِبُ‏}‏ اختلفوا في سبب نزولها فأخبرنا أبو منصور المنصوري قال‏:‏ أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو محمد إسماعيل بن علي قال‏:‏ حدثنا الحسن بن علي بن شبيب العمري قال‏:‏ حدثنا أحمد بن عبيد الله العبدي قال‏:‏ وجدت في كتاب أبي قال‏:‏ حدثنا عبد الملك العرزمي قال‏:‏ حدثنا عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقالت طائفة منا‏:‏ قد عرفنا القبلة هي ها هنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطاً وقال بعضنا‏:‏ القبلة ها هنا قبل الجنوب وخطوا خطوطاً فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة فلما وقفنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكت فأنزل الله تعالى ‏{‏وَللهِ المَشرِقُ وَالمَغرِبُ فَأَينَ ما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ‏}‏ أخبرنا أبو منصور قال‏:‏ أخبرنا علي قال‏:‏ أخبرنا يحيى بن صاعد قال‏:‏ حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمشي قال‏:‏ حدثنا وكيع‏.‏

    قال‏:‏ حدثنا أشعث السمان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عن ربيعة عن أبيه قال‏:‏ كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر في ليلة مظلمة فلم يدر كيف القبلة فصلى كل رجل منا على حاله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت ‏{‏فَأَينَما تُوَلوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ‏}‏ ومذهب ابن عمر أن الآية نازلة في أخبرنا أبو القسم بن عبدان قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ قال‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب قال‏:‏ حدثنا أبو البختري بن عبد الله بن محمد بن شاكر قال‏:‏ حدثنا أبو أسامة عن عبد الملك بن سليمان عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال‏:‏ أنزلت ‏{‏فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ‏}‏ أي صل حيث توجهت بك راحلتك في التطوع‏.‏

    وقال ابن عباس في رواية عطاء‏:‏ إن النجاشي لما توفي قال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن النجاشي توفي فصل عليه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يحضروا وصفهم ثم تقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم‏:‏ إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي وقد توفي فصلوا عليه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في أنفسهم‏:‏ كيف نصلي على رجل مات وهو يصلي على غير قبلتنا وكان النجاشي يصلي إلى بيت المقدس حتى مات وقد صرفت القبلة إلى الكعبة فأنزل الله تعالى ‏{‏فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ الله‏}‏ ومذهب ابن عباس أن هذه منسوخة بقوله تعالى ‏{‏وَحَيثُما كُنتُم فَوَلُّوا وجوهَكُم شَطرَهُ‏}‏ فهذا قول ابن عباس عند عطاء الخراساني‏.‏

    وقال‏:‏ أول ما نسخ من القرآن شيئان القبلة قال الله تعالى ‏{‏فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ‏}‏ قال‏:‏ فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق ثم صرفه الله تعالى إلى البيت العتيق‏.‏

    وقال في رواية ابن أبي طلحة الوالبي‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبلها بضعة عشر شهراً وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم فلما صرفه الله تعالى إليها ارتاب من ذلك اليهود وقالوا‏:‏ ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله تعالى ‏{‏فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ‏}‏ وقوله ‏{‏وَقالُوا اِتَّخَذَ الُلَّهُ وَلَدَاً‏}‏ نزلت في اليهود حيث قالوا‏:‏ عزير ابن الله وفي نصارى نجران حيث قالوا‏:‏ المسيح ابن الله وفي مشركي العرب قالوا‏:‏ الملائكة بنات الله‏.‏

    قوله ‏{‏وَلا تُسأَلُ عَن أَصحابِ الجَحيمِ‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم‏:‏ ليت شعري ما فعل أبواي فنزلت هذه الآية وهذا على قراءة من قرأ ‏{‏وَلا تُسأَلُ عَن أَصحابِ الجَحيمِ‏}‏ جزما وقال مقاتل‏:‏ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ لو أنزل الله بأسه باليهود لآمنوا فأنزل الله تعالى ‏{‏وَلا تُسأَلُ عَن أَصحابِ الجَحيمِ‏}‏‏.‏

    قوله ‏{‏وَلَن تَرضى عَنكَ اليَهودُ وَلا النَصارى‏}‏ الآية‏.‏

    قال المفسرون‏:‏ إنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم الهدنة ويطمعون أنهم إذا هادنوه وأمهلهم اتبعوه ووافقوه فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    وقال ابن عباس هذا في القبلة وذلك أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبلتهم فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم فيئسوا منه أن يوافقهم على دينهم فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏الَّذينَ آتَيناهُمُ الكِتابَ يَتلونَهُ حَقَ تِلاوَتِهِ‏}‏ قال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي‏:‏ نزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة كانوا أربعين رجلاً من الحبشة وأهل الشام‏.‏

    وقال الضحاك‏:‏ نزلت فيمن آمن من اليهود‏.‏

    وقال قتادة وعكرمة‏:‏ نزلت في محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

    قوله ‏{‏أَم كُنتُم شُهَداءَ إِذ حَضَرَ يَعقوبَ المَوتَ‏}‏ الآية‏.‏

    نزلت في اليهود حين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية‏.‏

    قوله ‏{‏وَقالوا كونوا هودَاً أَو نَصارى تَهتَدوا‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ نزلت في رؤوس يهود المدينة‏:‏ كعب بن الأشرف ومالك بن الصيف وأبي ياسر بن أخطب وفي نصارى أهل نجران وذلك أنهم خاصموا المسلمين في الدين كل فرقة تزعم أنها أحق بدين الله تعالى من غيرها فقالت اليهود‏:‏ نبينا موسى أفضل الأنبياء وكتابنا التوراة أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفرت بعيسى والإنجيل ومحمد والقرآن وقالت النصارى‏:‏ نبينا عيسى أفضل الأنبياء وكتابنا أفضل الكتب وديننا أفضل الأديان وكفرت بمحمد والقرآن‏.‏

    وقال كل واحد من الفريقين للمؤمنين‏:‏ كونوا على قوله ‏{‏صِبغَةَ اللهِ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللهِ صِبغَةً‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ إن النصارى كان إذا ولد لأحدهم ولد فأتى عليه سبعة أيام صبغوه في ماء لهم يقال له المعمودي ليطهروه بذلك ويقولون هذا طهور مكان الختان فإذا فعلوا ذلك صار نصرانياً حقاً فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏سَيَقولُ السُفَهاءُ مِنَ الناسِ‏}‏ الآية‏.‏

    نزلت في تحويل القبلة‏.‏

    أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر قال‏:‏ أخبرنا زاهر بن جعفر قال‏:‏ أخبرنا الحسن بن محمد بن مصعب قال‏:‏ حدثنا يحيى بن حكيم قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن رجاء قال‏:‏ حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال‏:‏ لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فصلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً أو سبعة عشر شهراً وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب أن يتوجه نحو الكعبة فأنزل الله تعالى ‏{‏قَد نَرى تَقَلُّبَ وَجهِكَ في السَماءِ‏}‏ إلى آخر الآية فقال السفهاء من الناس وهم اليهود‏:‏ ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قال الله تعالى ‏{‏قُل للهِ المَشرِقُ وَالمَغرِبُ‏}‏ إلى آخر الآية رواه البخاري عن عبد الله بن رجاء‏.‏

    قوله ‏{‏وَما كانَ اللهُ لِيُضيعَ إِيمانَكُم‏}‏ قال ابن عباس في رواية الكلبي‏:‏ كان رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ماتوا على القبلة الأولى منهم أسعد بن زرارة وأبو أمامة أحد بني النجار والبراء بن معرور أحد بني سلمة وأناس آخرون جاءت عشائرهم فقالوا‏:‏ يا رسول الله توفي إخواننا وهم يصلون إلى القبلة الأولى وقد صرفك الله تعالى إلى قبلة إبراهيم فكيف بإخواننا فأنزل الله ‏{‏وَما كانَ الله ُلِيُضيعَ إِيمانَكُم‏}‏ الآية ثم قال ‏{‏قَد نَرى تَقَلُبَ وَجهِكَ في السَماءِ‏}‏ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبريل عليه السلام‏:‏ وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها وكان يريد الكعبة لأنها قبلة إبراهيم فقال له جبريل‏:‏ إنما أنا عبد مثلك لا أملك شيئاً فسل ربك أن يحولك عنها إلى قبلة إبراهيم ثم ارتفع جبريل وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري قال‏:‏ أخبرنا علي عم الحافظ قال‏:‏ حدثنا عبد الوهاب بن عيسى قال‏:‏ حدثنا أبو هشام الرفاعي قال‏:‏ حدثنا أبو بكر بن عياش قال‏:‏ حدثنا أبو إسحاق عن البراء قال‏:‏ صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد قدومه المدينة سبعة عشر شهراً نحو بيت المقدس ثم علم الله عز وجل هوى نبيه صلى الله عليه وسلم فنزلت ‏{‏قَد نَرى تَقَلُّبَ وَجهِكَ في السَماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبلَةً تَرضاها‏}‏ الآية رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي الأحوص ورواه البخاري عن أبي نعيم عن زهير كلاهما عن أبي إسحاق‏.‏

    قوله ‏{‏الَّذينَ آَتَيناهُمُ الكِتابَ يَعرِفونَهُ كَما يَعرِفونَ أَبناءَهُم‏}‏ الآية نزلت في مؤمني أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه كانوا يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعته وصفته وبعثه في كتابهم كما يعرف أحدهم ولده إذا رآه مع الغلمان قال عبد الله بن سلام‏:‏ لأنا أشد معرفة برسول الله صلى الله عليه وسلم مني بأبي فقال له عمر بن الخطاب‏:‏ وكيف ذاك يا ابن سلام قال‏:‏ لأني أشهد أن محمداً رسول الله حقاً يقيناً وأنا لا أشهد بذلك على ابني لأني لا أدري ما أحدث النساء فقال عمر‏:‏ وفقك الله يا ابن سلام‏.‏

    قوله ‏{‏وَلا تَقولوا لِمَن يُقتَلُ في سَبيلِ اللهِ أَمواتٌ‏}‏ الآية‏.‏

    نزلت في قتلى بدر وكانوا بضعة عشر رجلاً ثمانية من الأنصار وستة من المهاجرين وذلك أن الناس كانوا يقولون للرجل يقتل في سبيل الله مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها فأنزل الله هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏إِنَّ الصَفا وَالمَروَةَ مِن شَعائِرِ اللهِ‏}‏ الآية أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد قال‏:‏ أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال‏:‏ حدثنا مصعب بن عبد الله الدميري قال‏:‏ حدثني مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يحجون لمناة وكانت مناة حذو قدد وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية رواه البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك‏.‏

    أخبرنا أبو بكر التميمي قال‏:‏ أخبرنا أبو الشيخ والحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل العسكري قال‏:‏ حدثنا يحيى بن عبد الرحمن عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ أنزلت هذه الآية في ناس من الأنصار كانوا إذا أهلوا لمناة في الجاهلية لم يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما قدموا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الحج ذكروا ذلك له فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة عن هشام‏.‏

    وقال أنس بن مالك‏:‏ كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية فتركناه في الإسلام فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    وقال عمرو بن الحسين‏:‏ سألت ابن عمر عن هذه الآية فقال‏:‏ انطلق إلى ابن عباس فسله فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم فأتيته فسألته فقال‏:‏ كان على الصفا صنم على صورة رجل يقال له إساف وعلى المروة صنم على صورة امرأة تدعى نائلة فزعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخهما الله تعالى حجرين ووضعهما على الصفا والمروة ليعتبر بهما فلما طالت المدة عبدا من دون الله تعالى فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بينهما مسحوا الوثنين فلما جاء الإسلام وكسرت الأصنام كره المسلمون الطواف لأجل الصنمين فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    وقال السدي كان في الجاهلية تعزف الشياطين بالليل بين الصفا والمروة وكانت بينهما آلهة فلما ظهر الإسلام قال المسلمون‏:‏ يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة فإنه شرك كنا نصنعه في الجاهلية فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    أخبرنا منصور بن عبد الوهاب البزار قال‏:‏ أخبرنا محمد بن أحمد بن سنان قال‏:‏ أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب قال‏:‏ أخبرنا محمد بن بكار قال‏:‏ حدثنا إسماعيل بن زكريا عن عاصم عن أنس بن مالك قال‏:‏ كانوا يمسكون عن الطواف بين الصفا والمروة وكانا من شعار الجاهلية وكنا نتقي الطواف بهما فأنزل الله تعالى ‏{‏إِنَّ الصَفا وَالمَروَةَ مِن شَعائِرِ اللهِ‏}‏ الآية‏.‏

    رواه البخاري عن أحمد بن محمد عن عبد الله بن عاصم‏.‏

    قوله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَكتُمونَ ما أَنزَلنا مِنَ البَيِّناتِ وَالهُدى‏}‏ نزلت في علماء أهل الكتاب وكتمانهم آية الرجم وأمر محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

    قوله ‏{‏إِنَّ في خَلقِِ السَمَواتِ وَالأَرضِ‏}‏ الآية أخبرنا عبد العزيز بن طاهر التميمي قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال‏:‏ قال أخبرنا أبو عبد الله الزيادي قال‏:‏ حدثنا موسى بن مسعود النهدي قال‏:‏ حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن عطاء قال‏:‏ أنزلت بالمدينة على النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏وَإِلهُكُم إِلَهٌ واحِدٌ لّا إِلَهَ إِلّا هُوَ الرَّحمَنُ الرَحيمُ‏}‏ فقالت كفار قريش بمكة كيف يسع الناس إله واحد فأنزل الله تعالى ‏{‏إِنَّ في خَلقِ السَمَواتِ وَالأَرضِ وَاِختِلافِ اللَيلِ وَالنَهارِ‏}‏ حتى بلغ ‏{‏لآياتٍ لِّقَومٍ يَعقِلونَ‏}‏ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الداري قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان قال‏:‏ حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن أبي الضحى قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏{‏وَإِلهُكُم إِلَهٌ واحِدٌ‏}‏ تعجب المشركون وقالوا‏:‏ إله واحد إن كان صادقاً فليأتنا بآية فأنزل الله تعالى ‏{‏إِِنَّ في خَلقِِ السَمَواتِ وَالأَرضِ‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

    قوله ‏{‏يا أَيُّها الناسُ كُلوا مِمّا في الأَرضِ حَلالاً طَيِّباً‏}‏ قال الكلبي‏:‏ نزلت في ثقيف وخزاعة وعامر بن صعصعة حرموا على أنفسهم من الحرث والأنعام وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي‏.‏

    قوله ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَكتُمونَ ما أَنزَلَ اللهُ مِنَ الكِتابِ‏}‏ قال الكلبي عن ابن عباس‏:‏ نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا وكانوا يرجون أن يكون النبي المبعوث منهم فلما بعث من غيرهم خافوا ذهاب مأكلتهم وزوال رياستهم فعمدوا إلى صفة محمد صلى الله عليه وسلم فغيروها ثم أخرجوها إليهم وقالوا‏:‏ هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبه نعت هذا النبي الذي بمكة فإذا نظرت السفلة إلى النعت المتغير وجدوه مخالفاً لصفة محمد قوله ‏{‏لَّيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم‏}‏ الآية قال قتادة‏:‏ ذكر لنا أن رجلاً سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن البر فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قال‏:‏ وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ثم مات على ذلك وجبت له الجنة فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا كُتِبَ عَلَيكُمُ القِصاصُ في القَتلى‏}‏ الآية قال الشعبي‏:‏ كان بين حيين من أحياء العرب قتال وكان لأحد الحيين طول على الآخر فقالوا نقتل بالعبد منا الحر منكم والمرأة الرجل فنزلت هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِيامِ الرَفَثُ إِلى نِسائِكُم‏}‏ قال ابن عباس في رواية الوالبي‏:‏ وذلك أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة ثم إن أناساً من المسلمين أصابوا من الطعام والنساء في شهر رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب فشكو ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله هذه الآية‏.‏

    أخبرنا أبو بكر الأصفهاني قال‏:‏ أخبرنا أبو الشيخ الحافظ قال‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بن محمد الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان العسكري قال‏:‏ حدثنا يحيى بن زائدة قال‏:‏ حدثني أبي وغيره عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال‏:‏ كان المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويمسون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا لم يفعلوا شيئاً من ذلك إلى مثلها وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً فأتى أهله عند الإفطار فانطلقت امرأته تطلب شيئاً وغلبته عيناه فنام فلما انتصف النهار من غد غشي عليه قال‏:‏ وأتى عمر امرأته وقد نامت فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت ‏{‏أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِيامِ الرَفَثُ إِلى نِسائِكُم‏}‏ إلى قوله ‏{‏الفَجرِ‏}‏ ففرح المسلمون بذلك‏.‏

    أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الشيباني قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال‏:‏ حدثنا الزعفراني قال‏:‏ حدثنا شبابة قال‏:‏ حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال‏:‏ كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إذا كان الرجل صائماً فحضر الإفطار فنام قبل أن يطعم لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائماً فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال‏:‏ هل عندك طعام قالت لا ولكن أنطلق فأطلب لك وكان يومه يعمل فغلبته عيناه وجاءته امرأته فلما رأته قالت‏:‏ خيبة لك فأصبح صائماً فلما انتصف النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية ‏{‏أُحِلَّ لَكُم لَيلَةَ الصِيامِ الرَفَثُ إِلى نِسائِكُم‏}‏ ففرحوا بها فرحاً شديداً رواه البخاري عن عبد الله بن موسى عن إسرائيل‏.‏

    أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الفضل قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا هشام بن عمار قال‏:‏ حدثنا يحيى بن حمزة قال‏:‏ حدثنا إسحاق بن أبي قدوة عن الزهري أنه حدثه عن القاسم بن محمد قال‏:‏ إن بدء الصوم كان يصوم الرجل من عشاء إلى عشاء فإذا نام لم يصل إلى أهله بعد ذلك ولم يأكل ولم يشرب حتى جاء عمر إلى امرأته فقالت‏:‏ إني قد نمت فوقع بها وأمسى صرمة بن أنس صائماً فنام قبل أن يفطر وكانوا إذا ناموا لم يأكلوا ولم يشربوا فأصبح صائماً وكاد الصوم يقتله فأنزل الله عز وجل الرخصة قال ‏{‏فَتابَ عَلَيكُم وَعَفا عَنكُم‏}‏ الآية‏.‏

    أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال‏:‏ أخبرنا جدي قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو الحيري قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا ابن أبي مريم قال‏:‏ أخبرنا أبو حسان قال‏:‏ حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏{‏وَكُلوا وَاِشرَبوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيطُ الأبيَضُ مِنَ الخَيطِ الأسوَدِ‏}‏ ولم ينزل ‏{‏مِنَ الفَجرِ‏}‏ وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له زيهما فأنزل الله تعالى بعد ذلك ‏{‏مِنَ الفَجرِ‏}‏ فعلموا أنما يعني بذلك الليل والنهار رواه البخاري عن ابن أبي مريم‏.‏

    ورواه مسلم عن محمد بن سهل عن ابن أبي مريم‏.‏

    قوله ‏{‏وَلا تأكُلوا أَموالَكُم بَينَكُم بِالباطِلِ‏}‏ الآية قال مقاتل بن حيان‏:‏ نزلت هذه الآية في امرئ القيس بن عابس الكندي وفي عبدان بن أشوع الحضرمي وذلك أنهما اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض وكان امرؤ القيس المطلوب وعبدان الطالب فأنزل الله تعالى هذه الآية فحكم عبدان في أرضه ولم يخاصمه‏.‏

    قوله ‏{‏يَسأَلونَكَ عَنِ الأهِلَةِ‏}‏ الآية قال معاذ بن جبل‏:‏ يا رسول الله إن اليهود تغشانا ويكثرون مسئلتنا عن الأهلة فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    وقال قتادة‏:‏ ذكر لنا أنهم سألوا نبي الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لم خلقت هذه الأهلة فأنزل الله تعالى ‏{‏قُل هِيَ مَواقيتُ لِلناسِ وَالحَجِّ‏}‏‏.‏

    وقال الكلبي‏:‏ نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن عنمة وهما رجلان من الأنصار قالا‏:‏ يا رسول الله ما بال الهلال يبدو فيطلع دقيقاً مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يكون كما كان لا يكون على حال واحدة فنزلت هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَلَيسَ البِرُّ بِأََن تَأتوا البُيوتَ مِن ظُهورِها‏}‏ أخبرنا محمد بن إبراهيم المزكي قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو بن مطر قال‏:‏ أخبرنا أبو خليفة قال‏:‏ حدثنا أبو الوليد والأحوص قالا‏:‏ حدثنا شعبة قال‏:‏ أنبأنا أبو إسحاق قال‏:‏ سمعت البراء يقول‏:‏ كانت الأنصار إذا حجوا فجاءوا لا يدخلون من أبواب بيوتهم ولكن من ظهورها فجاء رجل فدخل من قبل باب فكأنه عير بذلك فنزلت هذه الآية رواه البخاري عن أبي الوليد ورواه مسلم عن بندار عن غندر عن شعبة‏.‏

    أخبرنا أبو بكر التميمي قال‏:‏ حدثنا أبو الشيخ قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عبيدة قال‏:‏ حدثنا عبيدة عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال‏:‏ كانت قريش تدعى الحمس وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب في الإحرام فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بستان إذ خرج من بابه وخرج معه قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا‏:‏ يا رسول الله إن قطبة بن عامر رجل فاجر وإنه خرج معك من الباب فقال له‏:‏ ما حملك على ما صنعت قال‏:‏ رأيتك فعلته ففعلت كما فعلت قال‏:‏ إني أحمسي قال‏:‏ فإن ديني دينك فأنزل الله ‏{‏وَلَيسَ البِرُّ بِأََن تَأتوا البُيوتَ مِن ظُهورِها‏}‏‏.‏

    وقال المفسرون‏:‏ كان الناس في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة لم يدخل حائطاً ولا بيتاً ولا داراً من بابه فإن كان من أهل المدن نقب نقباً في ظهر بيته منه يدخل ويخرج أو يتخذ سلماً فيصعد فيه وإن كان من أهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط ولا يدخل من الباب حتى يحل من إحرامه ويرون ذلك ذماً إلا أن يكون من الحمس وهم قريش وكنانة وخزاعة وثقيف وخثعم وبنو عامر بن صعصعة وبنو النضر بن معاوية سموا حمساً لشدتهم في دينهم قالوا‏:‏ فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بيتاً لبعض الأنصار فدخل رجل من الأنصار على إثره من الباب وهو محرم فأنكروا عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لم دخلت من الباب وأنت محرم فقال‏:‏ رأيتك دخلت من الباب فدخلت على إثرك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إني أحمسي قال الرجل‏:‏ إن كنت أحمسياً فإني أحمسي ديننا واحد رضيت بهديك وسمتك ودينك فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَقاتِلوا في سَبيلِ اللهِ الَّذينَ يُقاتِلونَكُم‏}‏ الآية قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس‏:‏ نزلت هذه الآيات في صلح الحديبية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما صد عن البيت هو وأصحابه نحر الهدي بالحديبية ثم صالحه المشركون على أن يرجع عامه ثم يأتي القابل على أن يخلو له مكة ثلاث أيام فيطوف بالبيت ويفعل ما شاء وصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان العام المقبل تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرة القضاء وخافوا أن لا تفي لهم قريش بذلك وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام في الحرم فأنزل الله تعالى ‏{‏وَقاتِلوا في سَبيلِ اللهِ الَّذينَ يُقاتِلونَكُم‏}‏ يعني قريشاً‏.‏

    قوله ‏{‏الشَهرُ الحَرامُ بِالشَهرِ الحَرامِ‏}‏ الآية قال قتادة‏:‏ أقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في ذي القعدة حتى إذا كانوا بالحديبية صدهم المشركون فلما كان العام المقبل دخلوا مكة فاعتمروا في ذي القعدة وأقاموا بها ثلاث ليال وكان المشركون قد فجروا عليه حين ردوه يوم الحديبية فأقصه الله تعالى منهم فأنزل ‏{‏الشَهرُ الحَرامُ بِالشَهرِ الحَرامِ‏}‏ الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَأَنفِقوا في سَبيلِ اللهِ وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلى التَهلُكَةِ‏}‏ أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال‏:‏ أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن أيوب قال‏:‏ حدثنا هشيم عن داود عن الشعبي قال‏:‏ نزلت في الأنصار أمسكوا عن النفقة في سبيل الله تعالى فنزلت هذه الآية‏.‏

    وبهذا الإسناد عن هشيم حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عكرمة قال‏:‏ نزلت في النفقات في سبيل الله‏.‏

    أخبرنا أبو بكر المهرجاني قال‏:‏ أخبرنا أبو عبد الله بن بطة قال‏:‏ أخبرنا أبو القاسم البغوي قال‏:‏ حدثنا هدبة بن خالد قال‏:‏ حدثنا حماد بن سلمة عن داود عن الشعبي عن الضحاك عن ابن أبي جبير قال‏:‏ كانت الأنصار يتصدقون ويطعمون ما شاء الله فأصابتهم سنة فأمسكوا فأنزل الله عز وجل هذه الآية‏.‏

    أخبرنا أبو منصور البغدادي قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسن السراج قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال‏:‏ حدثنا هدبة قال‏:‏ حدثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير في قول الله عز وجل ‏{‏وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلى التَهلُكَةِ‏}‏ قال‏:‏ كان الرجل يذنب الذنب فيقول‏:‏ لا يغفر لي فأنزل الله هذه الآية‏.‏

    أخبرنا أبو القاسم بن عبدان قال‏:‏ حدثنا محمد بن حمدويه قال‏:‏ حدثنا محمد بن صالح بن هانيء قال‏:‏ حدثنا أحمد بن محمد بن أنس القرشي قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن يزيد المقري قال‏:‏ حدثنا حيوة بن شريح قال‏:‏ أخبرني يزيد بن أبي حبيب قال‏:‏ أخبرني الحكم بن عمران قال‏:‏ كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن عامر الجهني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج من المدينة صف عظيم من الروم وصففنا لهم صفاً عظيماً من المسلمين فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ثم خرج إلينا مقبلاً فصاح الناس فقالوا‏:‏ سبحان الله ألقى بيديه إلى التهلكة فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية على غير التأويل وإنما أنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار إنا لما أعز الله تعالى دينه وكثر ناصريه قلنا بعضنا لبعض سراً من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله تعالى في كتابه يرد علينا ما هممنا به فقال ‏{‏وَأَنفِقوا في سَبيلِ اللهِ وَلا تُلقوا بِأَيديكُم إِلى التَهلُكَةِ‏}‏ في الإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال فنصلحها فأمرنا بالغزو فما زال أبو أيوب غازياً في سبيل الله حتى قبضه الله عز وجل‏.‏

  3. #3
    عضو جديد الصورة الرمزية مشعل العصباني
    تاريخ التسجيل
    4 - 5 - 2005
    المشاركات
    7,588
    معدل تقييم المستوى
    721

    افتراضي سبب نزول سورة البقرة ( الجزء الثالث )

    قوله ‏{‏فَمَن كانَ مِنكُم مَّريضاً أَو بِهِ أَذىً مِّن رَّأسِهِ‏}‏ أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الزيادي قال‏:‏ أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن الأباذي قال‏:‏ حدثنا العباس الدوري قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن موسى قال‏:‏ حدثنا إسرائيل عن عبد الرحمن الأصفهاني عن عبد الله بن معقل عن كعب بن عجرة قال‏:‏ في نزلت هذه الآية ‏{‏فَمَن كانَ مِنكُم مَّريضاً أَو بِهِ أَذىً مِّن رَّأسِهِ‏}‏ وقع القمل في رأسي فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ احلق وافده صيام ثلاثة أيام أو النسك أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين صاع‏.‏

    أخبرنا محمد بن إبراهيم المزكي قال‏:‏ حدثنا أبو عمرو بن مطر إملاء قال‏:‏ أخبرنا أبو خليفة قال‏:‏ حدثنا مسدد عن بشر قال‏:‏ حدثنا ابن عون عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال‏:‏ قال كعب بن عجرة‏:‏ في أنزلت هذه الآية أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ أدنه فدنوت مرتين أو ثلاثاً فقال‏:‏ أيؤذيك هوامك قال ابن عون‏:‏ وأحسبه قال نعم فأمرني بصيام أو صدقة أو نسك ما تيسر‏.‏

    رواه مسلم عن أبي موسى عن ابن أبي عدي عن ابن عون‏.‏

    أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسن السراج قال‏:‏ أخبرنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي قال‏:‏ حدثنا عاصم بن علي قال‏:‏ حدثنا شعبة قال‏:‏ أخبرني عبد الرحمن الأصفهاني قال‏:‏ سمعت عبد الله بن معقل قال‏:‏ وقفت إلى كعب بن عجرة في هذا المسجد مسجد الكوفة فسألته عن هذه الآية ‏{‏فَفِديَةٌ مِّن صِيامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ‏}‏ قال‏:‏ حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال‏:‏ ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك هذا ما تجد شاة قلت لا فنزلت هذه الآية ‏{‏فَفِديَةٌ مِّن صِيامٍ أَو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ‏}‏ قال‏:‏ صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام‏.‏

    فنزلت في خاصة ولكم عامة‏.‏

    رواه البخاري عن أحمد بن أبي إياس وأبي الوليد ورواه مسلم عن بندار عن غندر كلهم عن شعبة‏.‏

    أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الصوفي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن علي الغفاري قال‏:‏ أخبرنا إسحاق بن محمد قال‏:‏ حدثنا جدي قال‏:‏ حدثنا المغيرة الصقلاني قال‏:‏ حدثنا عمر بن بشر المكي عن عطاء عن ابن عباس قال‏:‏ لما نزلنا الحديبية جاء كعب بن عجرة تنتثر هوام رأسه على جبهته فقال‏:‏ يا رسول الله هذا القمل قد أكلني قال‏:‏ احلق وافده قال‏:‏ فحلق كعب فنحر بقرة فأنزل الله عز وجل في ذلك الموقف ‏{‏فَمَن كانَ مِنكُم مَّريضاً أَو بِهِ أَذىً مِّن رَأسِهِ‏}‏ الآية قال ابن عباس‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏الصيام ثلاثة أيام والنسك شاة‏)‏ أخبرنا محمد بن محمد المنصوري قال‏:‏ أخبرنا علي بن عامر الحافظ قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن المهدي قال‏:‏ حدثنا طاهر بن عيسى التميمي قال‏:‏ حدثنا زهير بن عباد قال‏:‏ حدثنا مصعب بن ماهان عن سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوقد تحت قدر له بالحديبية فقال‏:‏ أيؤذيك هوام رأسك قال‏:‏ نعم قال‏:‏ احلق فأنزلت هذه الآية ‏{‏فَمَن كانَ مِنكُم مَريضاً أَو بِهِ أَذىً مِّن رَّأسِهِ فَفِديَةٌ مِّن صِيامٍ أًو صَدَقَةٍ أَو نُسُكٍ‏}‏ قال‏:‏ فالصيام ثلاثة أيام والصدقة فرق بين ستة مساكين والنسك شاة‏.‏

    قوله ‏{‏وَتَزَوَّدوا فَإِنَّ خَيرَ الزادِ التَقوى‏}‏ أخبرنا عمر بن عمر المزكي قال‏:‏ حدثنا محمد بن مكي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن يوسف قال‏:‏ أخبرنا محمد بن إسماعيل قال‏:‏ حدثني يحيى بن بشير قال‏:‏ حدثنا شبابة عن ورقاء عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون يقولون نحن المتوكلون فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله عز وجل ‏{‏وَتَزَوَّدوا فَإِنَّ خَيرَ الزادِ التَقوى‏}‏‏.‏

    وقال عطاء بن أبي رباح‏:‏ كان الرجل يخرج فيحمل كله على غيره فأنزل الله تعالى ‏{‏وَتَزَوَّدوا فَإِنَّ خَيرَ الزادِ التَقوى‏}‏‏.‏

    قوله ‏{‏لَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَبتَغوا فَضلاً مِّن رَّبِّكُم‏}‏ الآية أخبرنا منصور بن عبد الوهاب البزار أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الجبري عن شعيب بن الزارع قال‏:‏ أخبرنا عيسى بن مساور قال‏:‏ حدثنا مروان بن معاوية الفزاري قال‏:‏ حدثنا العلاء بن المسيب عن أبي أمامة التميمي قال‏:‏ سألت ابن عمر فقلت‏:‏ إنا قوم ذوو كرى في هذا الوجه وإن قوماً يزعمون أنه لا حج لنا قال‏:‏ ألستم تلبون ألستم تطوفون بين الصفا والمروة ألستم ألستم قال‏:‏ بلى قال‏:‏ إن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما سألت عنه فلم يرد عليه حتى نزلت ‏{‏لَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَبتَغوا فَضلاً مِّن رَّبِّكُم‏}‏ فدعاه فتلا عليه حين نزلت فقال‏:‏ أنتم الحجاج‏.‏

    أخبرنا أبو بكر التميمي قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد بن خشنام قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان قال‏:‏ حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن ابن جريج عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال‏:‏ كان ذو المجاز وعكاظ متجر ناس في الجاهلية فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت ‏{‏لَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَبتَغوا فَضلاً مِن رَّبِّكُم‏}‏ في مواسم الحج‏.‏

    وروى مجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ كانوا يتقون البيوع والتجارة في الحج يقولون أيام ذكر الله فأنزل الله تعالى ‏{‏لَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَبتَغوا فَضلاً مِّن رَّبِّكُم‏}‏ فاتجروا‏.‏

    قوله ‏{‏ثُمَّ أَفيضوا مِن حَيثُ أَفاضَ الناسُ‏}‏ أخبرنا التميمي بالإسناد الذي ذكرناه عن يحيى بن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت‏:‏ كانت العرب تفيض من عرفات وقريش ومن دان أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر المزكي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السرخسي قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال‏:‏ حدثنا حماد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا نصر بن كوسة قال‏:‏ أخبرني عمرو بن دينار قال‏:‏ أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال‏:‏ أضللت بعيراً لي يوم عرفة فخرجت أطلبه بعرفة فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً مع الناس بعرفة فقلت‏:‏ هذا من الحمس ماله ها هنا قال سفيان‏:‏ والأحمس‏:‏ الشديد الشحيح على دينه وكانت قريش تسمى الحمس فجاءهم الشيطان فاستهواهم فقال لهم‏:‏ إنكم إن عظمتم غير حرمكم استخف الناس بحرمكم فكانوا لا يخرجون من الحرم ويقفون بالمزدلفة فلما جاء الإسلام أنزل الله عز وجل ‏{‏ثُمَّ أَفيضوا مِن حَيثُ أَفاضَ الناسُ‏}‏ يعني عرفة رواه مسلم عن عمر والناقد عن ابن عيينة‏.‏

    قوله ‏{‏فَإِذا قَضَيتُم مَّناسِكَكُم فَاِذكُروا اللهَ كَذِكرِكُم آَباءَكُم‏}‏ الآية قال مجاهد‏:‏ كان أهل الجاهلية إذا اجتمعوا بالموسم ذكروا فعل آبائهم في الجاهلية وأيامهم وأنسابهم فتفاخروا فأنزل الله تعالى ‏{‏فَاِذكُروا اللهَ كَذِكرِكُم آَباءَكُم أَو أَشَدَّ ذِكرا‏}‏‏.‏

    وقال الحسن‏:‏ كانت الأعراب إذا حدثوا وتكلموا يقولون‏:‏ وأبيك إنهم لفعلوا كذا وكذا فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَمِنَ الناسِ مَن يُعجِبُكَ قَولُهُ في الحَياةِ الدًنيا‏}‏ الآية قال السدي نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي وهو حليف بني زهرة أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فأظهر له الإسلام وأعجب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه وقال‏:‏ إنما جئت أريد الإسلام والله يعلم إني لصادق وذلك قوله ويشهد الله على في قلبه ثم خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر فأحرق الزرع وعقر الحمر فأنزل الله تعالى فيه ‏{‏وَإِذا تَوَلَّى سَعى في الأَرضِ لِيُفسِدَ فيها وَيُهلِكَ الحَرثَ وَالنَسلَ‏}‏‏.‏

    قوله ‏{‏وَمِنَ الناسِ مَن يَشري نَفسَهُ اِبتِغاءَ مَرضاةِ اللهِ‏}‏ قال سعيد بن المسيب‏:‏ أقبل صهيب مهاجراً نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه نفر من قريش من المشركين فنزل عن راحلته ونثر ما في كنانته وأخذ قوسه ثم قال‏:‏ يا معشر قريش لقد علمتم أني من أرماكم رجلاً وايم الله لا تصلون إلي حتى أرمي بما في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء ثم افعلوا ما شئتم قالوا‏:‏ دلنا على بيتك ومالك بمكة ونخلي عنك وعاهدوه إن دلهم أن يدعوه ففعل فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ أبا يحيى ربح البيع ربح البيع وأنزل الله ‏{‏وَمِنَ الناسِ مَن يَشري نَفسَهُ اِبتِغاءَ مَرضاةِ اللهِ‏}‏ وقال المفسرون‏:‏ أخذ المشركون صهيباً فعذبوه فقال لهم صهيب‏:‏ إني شيخ كبير لا يضركم أمنكم كنت أم من غيركم فهل لكم أن تأخذوا مالي وتذروني وديني ففعلوا ذلك وكان قد شرط عليهم راحلة ونفقة فخرج إلى المدينة فتلقاه أبو بكر وعمر ورجال فقال له أبو بكر‏:‏ ربح بيعك أبا يحيى فقال صهيب‏:‏ وبيعك فلا بخس ما ذاك فقال‏:‏ أنزل الله فيك كذا وقرأ عليه هذه الآية‏.‏

    وقال الحسن أتدرون فيمن نزلت هذه الآية في أن المسلم يلقى الكافر فيقول له قل لا إله إلا الله فإذا قلتها عصمت مالك ودمك فأبى أن يقولها فقال المسلم‏:‏ والله لأشرين نفسي لله فتقدم فقاتل حتى يقتل‏.‏

    وقيل‏:‏ نزلت فيمن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر‏.‏

    قال أبو الخليل‏:‏ سمع عمر بن الخطاب إنساناً يقرأ هذه الآية فقال عمر‏:‏ إنا لله قام رجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل‏.‏

    قوله عز وجل ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا اُدخُلوا في السِلمِ كافَّةً‏}‏ قال عطاء عن ابن عباس‏:‏ نزلت هذه الآية في عبد الله بن سلام وأصحابه وذلك أنهم حين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فآمنوا بشرائعه وشرائع موسى فعظموا السبت وكرهوا لحمان الإبل وألبانها بعد ما أسلموا فأنكر ذلك عليهم المسلمون فقالوا‏:‏ إنا نقوى على هذا وهذا وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن التوراة كتاب الله فدعنا فلنعمل بها فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏أًم حَسِبتُم أَن تَدخُلوا الجَنَّةَ‏}‏ الآية قال قتادة والسدي‏:‏ نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة والحر والبرد وسوء العيش وأنواع الأذى وكان كما قال الله تعالى ‏{‏وَبَلَغَتِ القُلوبُ الحَناجِرَ‏}‏ وقال عطاء‏:‏ لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة اشتد الضر عليهم بأنهم خرجوا بلا مال وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين وآثروا رضا الله ورسوله وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر قوم من الأغنياء النفاق فأنزل الله تعالى تطييباً لقلوبهم ‏{‏أَم حَسِبتُم‏}‏ الآية‏.‏

    قوله ‏{‏يَسأَلونَكَ ماذا يُنفِقونَ‏}‏ قال ابن عباس في رواية أبي صالح‏:‏ نزلت في عمرو بن الجموح الأنصاري وكان شيخاً كبيراً ذا مال كثير فقال‏:‏ يا رسول الله بماذا يتصدق وعلى من ينفق فنزلت هذه الآية‏.‏

    وقال في رواية عطاء‏:‏ نزلت الآية في رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إن لي ديناراً فقال‏:‏ أنفقه على نفسك فقال‏:‏ إن لي دينارين فقال‏:‏ أنفقهما على أهلك فقال‏:‏ إن لي ثلاثة فقال‏:‏ أنفقها على خادمك فقال‏:‏ إن لي أربعة فقال‏:‏ أنفقها على والديك فقال‏:‏ إن لي خمسة فقال‏:‏ أنفقها على قرابتك فقال‏:‏ إن لي ستة فقال‏:‏ أنفقها في سبيل الله وهو أخسها‏.‏

    قوله ‏{‏يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ‏}‏ الآية أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الشيرازي قال‏:‏ حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخزاعي قال‏:‏ حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال‏:‏ أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال‏:‏ أخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية من المسلمين وأمر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي فانطلقوا حتى هبطوا نخلة ووجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش في يوم بقي من الشهر الحرام فاختصم المسلمون فقال قائل منهم‏:‏ لا نعلم هذا اليوم إلا من الشهر الحرام ولا نرى أن تستحلوا لطمع أشفيتم عليه فغلب على الأمر الذين يريدون عرض الدنيا فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا عيره فبلغ ذلك كفار قريش‏.‏

    وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين فركب وفد من كفار قريش حتى قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ أتحل القتال في الشهر الحرام فأنزل الله تعالى ‏{‏يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ قِتالٍ فيهِ‏}‏ إلى الغاية‏.‏

    أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحراني قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا عبد الرحمن بن محمد الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان قال‏:‏ حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن الزهري قال‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش ومعه نفر من المهاجرين فقتل عبد الله بن واقد الليثي عمرو بن الحضرمي في آخر يوم من رجب وأسروا رجلين واستاقوا العير فوقف على ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ لم آمركم بالقتال في الشهر الحرام فقالت قريش‏:‏ استحل محمد الشهر الحرام فنزلت ‏{‏يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ‏}‏ إِلى قوله ‏{‏وَالفِتنَةُ أَكبَرُ مَنَ القَتلِ‏}‏ أي قد كانوا يقتلونكم وأنتم في حرم الله بعد إيمانكم وهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام مع كفرهم بالله‏.‏

    قال الزهري‏:‏ لما نزل هذا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير وفادى الأسيرين ولما فرج الله تعالى عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من غم طمعوا فيما عند الله من ثوابه فقالوا‏:‏ يا نبي الله أنطمع أن تكون غزوة ولا نعطى فيها أجر المجاهدين في سبيل الله فأنزل الله تعالى فيهم ‏{‏إِنَّ الَّذينَ آَمَنوا وَالَّذينَ هاجَروا وَجاهَدوا‏}‏ الآية‏.‏

    قال المفسرون‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش وهو ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم في جمادى الآخرة قبل قتال بدر بشهرين على رأس سبعة عشر شهراً من مقدمة المدينة وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين سعد بن أبي وقاص الزهري وعكاشة بن محصن الأسدي وعتبة بن غزوان السلمي وأبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة وسهيل بن بيضاء وعامر بن ربيعة وواقد بن عبد الله وخالد بن بكير وكتب لأميرهم عبد الله بن جحش كتاباً وقال‏:‏ سر على اسم الله ولا تنظر في الكتاب حتى تسير يومين فإذا نزلت منزلين فافتح الكتاب واقرأه على أصحابك ثم امض لما أمرتك ولا تستكرهن أحداً من أصحابك على المسير معك فسار عبد الله يومين ثم نزل وفتح الكتاب فإذا فيه‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فسر على بركة الله بمن تبعك من أصحابك حتى تنزل بطن نخلة فترصد بها عير قريش لعلك أن تأتينا منه بخبر فلما نظر عبد الله الكتاب قال‏:‏ سمعاً وطاعة وقال لأصحابه ذلك وقال إنه قد نهاني أن أستكره واحداً منكم حتى إذا كان بمعدن فوق الفرع وقد أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه فاستأذنا أن يتخلفا في طلب بعيرهما فأذن لهما فتخلفا في طلبه ومضى عبد الله ببقية أصحابه حتى وصل بطن نخلة بين مكة والطائف فبينما هم كذلك إذ مرت بهم عير لقريش تحمل زبيباً وأدماً وتجارة من تجارة الطائف فيهم عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ونوفل بن عبد الله المخزوميان فلما رأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هابوهم فقال عبد الله بن جحش‏:‏ إن القوم قد ذعروا منكم فاحلقوا رأس رجل منكم فليتعرض لهم فإذا رأوه محلوقاً أمنوا وقالوا قوم عمار فحلقوا رأس عكاشة ثم أشرف عليهم فقالوا‏:‏ قوم عمار لا بأس عليكم فأمنوهم وكان ذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة وكانوا يرون أنه من جمادى أو هو رجب فتشاور القوم فيهم وقالوا‏:‏ لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم فأجمعوا أمرهم في مواقعة القوم فرمى واقد بن عبد الله السهمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله وكان أول قتيل من المشركين واستأسر الحكم وعثمان فكانا أول أسيرين في الإسلام وأفلت نوفل وأعجزهم واستاق المؤمنون العير والأسيرين حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقالت قريش‏:‏ قد استحل محمد الشهر الحرام شهراً يؤمن فيه الخائف ويبذعر الناس في معايشهم فسفك فيه الدماء وأخذ فيه الحرائب وعير بذلك أهل مكة من كان بها من المسلمين فقالوا‏:‏ يا معشر الصباة استحللتم الشهر الحرام فقاتلتم فيه وتفاءلت اليهود بذلك وقالوا‏:‏ قد وقدت الحرب نارها سعرت الحرب والحضرمى حضرت الحرب وبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لابن جحش وأصحابه ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام ووقف العير والأسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئاً فعظم ذلك على أصحاب السرية وظنوا أن قد هلكوا وسقط في أيديهم وقالوا‏:‏ يا رسول الله إنا قتلنا ابن الحضرمي ثم أمسينا فنظرنا إلى هلال رجب فلا ندري أفي رجب أصبناه أو في جمادى وأكثر الناس في ذلك فأنزل الله تعالى ‏{‏يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ‏}‏ الآية فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم العير فعزل منها الخمس فكان أول خمس في الإسلام وقسم الباقي بين أصحاب السرية فكان أول غنيمة في الإسلام وبعث أهل مكة في فداء أسيريهم فقال‏:‏ لم نفدهم حتى يقدم سعد وعتبة وإن لم يقدما قتلناهما بهما فلما قدما فاداهما وأما الحكم بن كيسان فأسلم وأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقتل يوم بئر معونة شهيداً وأما عثمان بن عبد الله فرجع إلى مكة فمات بها كافراً وأما نوفل فضرب بطن فرسه يوم الأحزاب ليدخل الخندق على المسلمين فوقع في الخندق مع فرسه فتحطما جميعاً فقتله الله تعالى وطلب المشركون جيفته بالثمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ خذوه فإنه خبيث الجيفة خبيث الدية فهذا سبب نزول قوله تعالى ‏{‏يَسأَلونَكَ عَنِ الشَهرِ الحَرامِ‏}‏ والآية التي بعدها قوله ‏{‏يَسأَلونَكَ عَنِ الخَمرِ وَالمَيسِرِ‏}‏ الآية نزلت في عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل ونفر من الأنصار أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ افتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏يَسأَلونَكَ عَنِ اليَتامى‏}‏ أخبرنا أبو منصور عبد القاهر أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج قال‏:‏ حدثنا الحسن بن المثنى بن معاذ قال‏:‏ حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود قال‏:‏ حدثنا سفيان الثوري عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏إِنَّ الَّذينَ يَأَكُلونَ أَموالَ اليَتامى ظُلمَاً‏}‏ عزلوا أموالهم فنزلت ‏{‏قُل إِصلاحٌ لَهُم خَيرٌ وَإِن تُخالِطوهُم فَإِخوانُكُم‏}‏ فخلطوا أموالهم بأموالهم‏.‏

    أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد قال‏:‏ أخبرنا أبو علي الفقيه قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال‏:‏ حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال‏:‏ حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ لما أنزل الله عز وجل ‏{‏وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إَلا بِالَتي هِيَ أَحسَن‏}‏ و ‏{‏إِنَّ الَّذينّ يَأكُلونَ أَموالَ اليَتامى ظُلمَاً‏}‏ انطلق من كان عنده مال يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه وجعل يفضل الشيء من طعامه فيجلس له حتى يأكله أو يفسد واشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل ‏{‏يَسأَلونَكَ عَنِ اليَتامى قُل إِصلاحٌ لَهُم خَيرٌ وَإِن تُخالِطوهُم‏}‏ فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم‏.‏

    قوله ‏{‏وَلا تَنكِحوا المُشرِكاتِ حَتّى يُؤمِنَّ‏}‏ الآية أخبرنا أبو عثمان بن عمر الحافظ قال‏:‏ أخبرنا جدي أبو عمر أحمد بن محمد الحرشي قال‏:‏ حدثنا إسماعيل بن قتيبة قال‏:‏ حدثنا أبو بكير قال‏:‏ حدثنا خالد بن معروف عن مقاتل بن حيان قال‏:‏ نزلت في أبي مرثد الغنوى استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في عناق أن يتزوجها وهي امرأة مسكينة من قريش وكانت ذات حظ من جمال وهي مشركة وأبو مرثد مسلم فقال‏:‏ يا نبي الله إنها لتعجبني فأنزل الله عز وجل ‏{‏وَلا تَنكِحوا المُشرِكاتِ حَتّى يُؤمِنَّ‏}‏‏.‏

    أخبرنا أبو عثمان قال‏:‏ أخبرنا جدي قال‏:‏ أخبرنا أبو عمر قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا عمر بن حماد قال‏:‏ حدثنا أسباط عن السدي عن أبي مالك عن ابن عباس في هذه الآية قال‏:‏ نزلت في عبد الله بن رواحه وكانت له أمة سوداء وإنه غضب عليها فلطمها ثم إنه فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما هي يا عبد الله فقال‏:‏ يا رسول الله هي تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله فقال‏:‏ يا عبدالله هذه مؤمنة قال عبد الله‏:‏ فوالذي بعثك بالحق لأعتقنها ولأتزوجنها ففعل فطعن عليه ناس من المسلمين فقالوا‏:‏ نكح أمة وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أحسابهم فأنزل الله تعالى فيه ‏{‏وَلأمَةٌ مُؤمِنَةٍ خَيرٌ مِن مُشرِكَةٍ‏}‏ الآية‏.‏

    وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً من غنى يقال له مرثد بن أبي مرثد حليفاً لبني هاشم إلى مكة ليخرج ناساً من المسلمين بها أسراء فلما قدمها سمعت به امرأة يقال لها عناق وكانت خليلة له في الجاهلية فلما أسلم أعرض عنها فأتته فقالت‏:‏ ويحك يا مرثد ألا نخلو فقال لها‏:‏ إن الإسلام قد حال بيني وبينك وحرمه علينا ولكن إن شئت تزوجتك إذا رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذنته في ذلك ثم تزوجتك إذا رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذنته في ذلك ثم تزوجتك فقالت له‏:‏ أنت تتبرم ثم استغاثت عليه فضربوه ضرباً شديداً ثم خلوا سبيله فلما قضى حاجته بمكة انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً وأعلمه الذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي في سببها فقال‏:‏ يا رسول الله أتحل أن أتزوجها فأنزل الله ينهاه عن ذلك قوله ‏{‏وَلا تَنكِحوا المُشرِكاتِ‏}‏‏.‏

    قوله ‏{‏وَيَسأَلونَكَ عَنِ المَحيضِ‏}‏ الآية أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن أحمد بن جعفر قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال‏:‏ حدثنا محمد بن مشكان قال‏:‏ حدثنا حيان قال‏:‏ حدثنا حماد قال‏:‏ حدثنا ثابت عن أنس أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة أخرجوها من البيت فلم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله عز وجل ‏{‏وَيَسأَلونَكَ عَنِ المَحيضِ قُل هُوَ أَذىً فَاِعتَزِلوا النِساءَ في المَحيضِ‏}‏ إلى آخر الآية رواه مسلم عن زهير بن حرب عن عبد الرحمن بن مهدي عن حماد‏.‏

    أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخشاب قال‏:‏ أخبرنا أبو عمر بن حمدان قال‏:‏ أخبرنا أبو عمران موسى بن العباس والجوهري قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد الفردواني الحراني قال‏:‏ حدثني أبي عن سابق بن عبد الله الذفي عن خصيف عن محمد بن المنكدر عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ‏{‏وَيَسأَلونَكَ عَنِ المَحيضِ قُل هُوَ أَذىً‏}‏ قال‏:‏ إن اليهود قالت‏:‏ من أتى امرأته من دبرها كان ولده أحول فكان نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض وعما قالت اليهود فأنزل الله عز وجل ‏{‏وَيَسأَلونَكَ عَنِ المَحيضِ‏}‏ ‏{‏وَلا تَقرَبُوهُنَّ حَتّى يَطهُرنَ‏}‏ يعني الإغتسال ‏{‏فَإِذا تَطَهرنَ فَأتُوهُنَّ مِن حَيثُ أَمَرَكُمُ اللهُ‏}‏ يعني القبل ‏{‏إِنَّ الله َيُحِبُّ التَوّابينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِرينَ نِساؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم‏}‏ فإنما الحرث حيث ينبت الولد ويخرج منه‏.‏

    وقال المفسرون‏:‏ كانت العرب في الجاهلية إذا حاضت المرأة لم تؤاكلها ولم تشاربها ولم تساكنها في بيت كفعل المجوس فسأل أبو الدحداح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله ما نصنع بالنساء إذا حضن فأنزل الله هذه الآية‏.‏

    قوله تعالى ‏{‏نِساؤُكُم حَرثٌ لَكُم‏}‏ الآية أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قال‏:‏ أخبرنا حاجب بن أحمد قال‏:‏ حدثنا عبد الرحيم بن منيب قال‏:‏ حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله يقول‏:‏ كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته من دبرها في قبلها‏:‏ إن الولد يكون أحول فنزل ‏{‏نِساؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم‏}‏ رواه البخاري عن أبي نعيم ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة كلاهما عن سفيان‏.‏

    أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى أخبرنا أبو سعيد إسماعيل بن أحمد الجلالي أخبرنا عبد الله بن زيدان البجلي قال‏:‏ حدثنا أبو كريب قال‏:‏ حدثنا المحاربي عن محمد بن إسحاق عن أبان بن مسلم عن مجاهد قال‏:‏ عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه فأسأله عنها حتى انتهى إلى هذه الآية ‏{‏نِساؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم‏}‏ فقال ابن عباس‏:‏ إن هذا الحي من قريش كانوا يتزوجون النساء ويتلذذون بهن مقبلات ومدبرات فلما قدموا المدينة تزوجوا من الأنصار فذهبوا ليفعلوا بهن كما كانوا يفعلون بمكة فأنكرن ذلك وقلن‏:‏ هذا شيء لم نكن نؤتى عليه فانتشر الحديث حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى في ذلك ‏{‏نِساؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم‏}‏ قال‏:‏ إن شئت مقبلة وإن شئت مدبرة وإن شئت باركة وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث يقول‏:‏ ائت الحرث حيث شئت‏.‏

    رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه عن أبي زكريا العنبري عن محمد بن عبد السلام عن إسحاق بن إبراهيم عن المحاربي‏.‏

    أخبرنا سعيد بن محمد الحنائي قال‏:‏ أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه قال‏:‏ حدثنا أبو القاسم البغوي قال‏:‏ حدثنا علي بن جعد قال‏:‏ حدثنا شعبة عن محمد بن المنكدر قال‏:‏ سمعت جابراً قال‏:‏ قالت اليهود‏:‏ إن الرجل إذا أتى امرأته باركة كان الولد أحول فأنزل الله عز وجل ‏{‏نِساؤُكُم‏}‏ أخبرنا سعيد بن محمد الحنائي قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال‏:‏ أخبرنا أحمد بن الحسين بن البرقي قال‏:‏ أخبرنا أبو الأزهر قال‏:‏ حدثنا وهب بن جرير قال‏:‏ حدثنا أبو كريب قال‏:‏ سمعت النعمان بن راشد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قالت اليهود‏:‏ إذا نكح الرجل امرأته مجبية جاء ولدها أحول فنزلت ‏{‏نِساؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم‏}‏ إن شاء مجبية وإن شاء غير مجبية غير أن ذلك في صمام واحد‏.‏

    رواه مسلم عن هارون بن معروف عن وهب بن جرير قال الشيخ أبو حامد بن الشرفي‏:‏ هذا حديث يساوي مائة حديث لم يروه عن الزهري إلا النعمان بن راشد‏.‏

    أخبرنا محمد بن عبد الرحمن المطوعي قال‏:‏ أخبرنا عمر بن حمدان قال‏:‏ حدثنا أبو علي قال‏:‏ حدثنا زهير قال‏:‏ حدثنا يونس بن محمد قال‏:‏ حدثنا يعقوب القمي قال‏:‏ حدثنا جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ هلكت فقال‏:‏ وما الذي أهلكك قال‏:‏ حولت رحلي الليلة قال‏:‏ فلم يرد عليه شيئاً فأوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ‏{‏نِساؤُكُم حَرثٌ لَكُم فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم‏}‏ يقول أقبل وأدبر واتق الدبر والحيضة‏.‏

    أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد الحافظ قال‏:‏ حدثنا أبو يحيى الرازي قال‏:‏ حدثنا سهل بن عثمان قال‏:‏ حدثنا المحاربي عن ليث عن أبي صالح عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن قوله ‏{‏فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم‏}‏ قال‏:‏ نزلت في العزل‏.‏

    وقال ابن عباس في رواية الكلبي نزلت في المهاجرين لما قدموا المدينة ذكروا إتيان النساء فيما بينهم والأنصار واليهود من بين أيديهن ومن خلفهن إذا كان المأتى واحداً في الفرج فعابت اليهود ذلك إلا من بين أيديهن خاصة وقالوا‏:‏ إنا لنجد في كتاب الله التوراة إن كل إتيان يؤتى النساء غير مستلقيات دنس عند الله ومنه يكون الحول والخبل فذكر المسلمون ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا‏:‏ إنا كنا في الجاهلية وبعد ما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا وإن اليهود عابت علينا ذلك وعرفت لنا كذا وكذا فأكذب الله تعالى اليهود ونزل عليه يرخص لهم ‏{‏نِساؤُكُم حَرثٌ لَكُم‏}‏ يقول‏:‏ الفرج مزرعة للولد ‏{‏فَأتوا حَرثَكُم أَنّى شِئتُم‏}‏ يقول‏:‏ كيف شئتم من بين يديها ومن خلفها في الفرج‏.‏

    قوله ‏{‏وَلا تَجعَلوا اللهَ عُرضَةً لِّأَيمانِكُم‏}‏ قال الكلبي‏:‏ نزلت في عبد الله بن رواحة ينهاه عن قطيعة ختنه بشر بن النعمان وذلك أن ابن رواحة حلف أن لا يدخل عليه أبداً ولا يكلمه ولا يصلح بينه وبين امرأته ويقول‏:‏ قد حلفت بالله أن لا أفعل ولا يحل إلا أن أبر في يميني فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏لِّلَّذينَ يُؤلونَ مِن نِّسائِهِم‏}‏ الآية أخبرنا محمد بن يونس بن الفضل قال‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال‏:‏ حدثنا مسلم بن إبراهيم قال‏:‏ حدثنا الحارث بن عبيد قال‏:‏ حدثنا عامر الأحول عن عطاء عن ابن عباس قال‏:‏ كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقت الله أربعة أشهر فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء‏.‏

    وقال سعيد بن المسيب‏:‏ كان الإيلاء ضرار أهل الجاهلية كان الرجل لا يريد المرأة ولا يحب أن يتزوجها غيره فيحلف أن لا يقربها أبداً وكان يتركها كذلك لا أيماً ولا ذات بعل فجعل الله تعالى الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر وأنزل الله تعالى ‏{‏لِّلَّذينَ يُؤلونَ مِن نِّسائِهِم‏}‏ الآية‏.‏

  4. #4
    عضو جديد الصورة الرمزية مشعل العصباني
    تاريخ التسجيل
    4 - 5 - 2005
    المشاركات
    7,588
    معدل تقييم المستوى
    721

    افتراضي سبب نزول سورة البقرة ( الجزء الرابع )

    قوله ‏{‏الطَلاقُ مَرَتانِ فَإِمساكٌ بِمَعروفٍ‏}‏ الآية أخبرنا أحمد بن الحسن القاضي قال‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب قال‏:‏ أخبرنا الربيع قال‏:‏ حدثنا الشافعي قال‏:‏ أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن أبيه قال‏:‏ كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها وقال‏:‏ والله لا آويك إلي ولا تحلين لي أبداً فأنزل الله عز وجل ‏{‏الطَلاقُ مَرَتانِ فَإِمساكٌ بِمَعروفٍ أَو تَسريحٍ بِإِحسانٍ‏}‏‏.‏

    أخبرنا أبو بكر التميمي قال‏:‏ حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن المرزبان قال‏:‏ حدثنا محمد بن إبراهيم الخوري قال‏:‏ حدثنا محمد بن سليمان قال‏:‏ حدثنا أبو يعلى المقري مولى آل الزبير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها أتتها امرأة فسألتها عن شيء من الطلاق قالت‏:‏ فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ فنزلت ‏{‏الطَلاقُ مَرَتانِ فَإِمساكٌ بِمَعروفٍ أَو تَسريحٍ بِإِحسانٍ‏}‏‏.‏

    قوله ‏{‏إِذا طَلَّقتُمُ النِساءَ فَبَلَغنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعضُلوهُنَّ‏}‏ الآية أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر الغازي قال‏:‏ أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الحافظ قال‏:‏ أخبرني أحمد بن محمد بن الحسين قال‏:‏ حدثنا أحمد بن جعفر بن عبد الله قال‏:‏ حدثنا أبي قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن طهمان عن يونس بن عبيد عن الحسن أنه قال في قول الله عز وجل ‏{‏فَلا تَعضُلوهُنَّ أَن يَنكِحنَ أَزواجَهُنَّ إَذا تَراضَوا‏}‏ الآية قال حدثني معقل بن يسار أنها نزلت فيه قال‏:‏ كنت زوجت أختاً لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له‏:‏ زوجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا والله لا تعود إليها أبداً قال‏:‏ وكان رجلاً لا بأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فأنزل الله عز وجل هذه الآية فقلت‏:‏ الآن أفعل يا رسول الله فزوجتها إياه‏.‏

    ورواه البخاري عن أحمد بن حفص‏.‏

    أخبرنا الحاكم أبو منصور محمد بن محمد المنصوري قال‏:‏ حدثنا علي بن عمر بن مهدي قال‏:‏ حدثنا محمد بن عمرو البختري قال‏:‏ حدثنا يحيى بن جعفر قال‏:‏ حدثنا أبو عامر العقدي قال‏:‏ حدثنا عباس بن راشد عن الحسن قال‏:‏ حدثني معقل بن يسار قال‏:‏ كانت لي أخت فخطبت إلي وكنت أمنعها الناس فأتاني ابن عم لي فخطبها فأنكحتها إياه فاصطحبا ما شاء الله ثم طلقها طلاقاً له رجعة ثم تركها حتى انقضت عدتها فخطبها مع الخطاب فقلت‏:‏ منعتها الناس وزوجتك إياها ثم طلقتها طلاقاً له رجعة ثم تركتها حتى انقضت عدتها فلما خطبت إلي أتيتني تخطبها لا أزوجك أبداً فأنزل الله تعالى ‏{‏وَإِذا طَلَّقتُمُ النِساءَ فَبَلَغنَ أَجَلَّهُنَّ فَلا تَعضُلوهُنَّ أَن يَنكِحنَ أَزواجَهُنَّ‏}‏ فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه‏.‏

    أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النصراباذي قال‏:‏ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن المثنى أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري قال‏:‏ حدثنا حجاج بن منهال قال‏:‏ حدثنا مبارك بن فضالة عن الحسن أن معقل بن يسار زوج أخته من رجل من المسلمين وكانت عنده ما كانت فطلقها تطليقة ثم تركها ومضت العدة فكانت أحق بنفسها فخطبها مع الخطاب فرضيت أن ترجع إليه فخطبها إلى معقل بن يسار فغضب معقل وقال‏:‏ أكرمتك بها فطلقتها لا والله لا ترجع إليك بعدها قال الحسن‏:‏ علم الله حاجة الرجل إلى امرأته وحاجة المرأة إلى بعلها فأنزل الله تعالى في ذلك القرآن ‏{‏وَإِذا طَلَّقتُمُ النِساءَ فَبَلَغنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعضُلوهنَّ أَن يَنكِحنَ أَزواجَهُنَّ إِذا تَراضوا بَينَهُم بِالمَعروفِ‏}‏ إلى آخر الآية قال‏:‏ فسمع ذلك معقل بن يسار فقال‏:‏ سمعاً لربي وطاعة فدعا زوجها فقال‏:‏ أزوجك وأكرمك فزوجها إياه‏.‏

    أخبرنا سعيد بن مجلي بن أحمد الشاهد أخبرنا جدي أخبرنا أبو عمر الجزري قال‏:‏ حدثنا محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا عمر بن حماد قال‏:‏ حدثنا أسباط عن السدي عن رجاله قال‏:‏ نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري كانت له بنت عم فطلقها زوجها تطليقة فانقضت عدتها ثم رجع يريد رجعتها فأبى جابر وقال‏:‏ طلقت ابنة عمنا ثم تريد أن تنكحها وكانت المرأة تريد زوجها قد رضيت به فنزلت فيهم الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَالَّذينَ يُتَوَفَّونَ مِنكُم وَيَذَرونَ أَزواجاً وَصِيَّةً لِأزواجِهِم‏}‏ الآية أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد العزيز المروزي في كتابه أخبرنا أبو الفضل الحدادي أخبرنا محمد بن يحيى بن خالد أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحتلي قال‏:‏ حدث عن ابن حيان في هذه الآية أن رجلاً من أهل الطائف قدم المدينة وله أولاد رجال ونساء ومعه أبواه وامرأته فمات بالمدينة فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعطى الوالدين وأعطى أولاده بالمعروف ولم يعط امرأته شيئاً غير أنه أمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول‏.‏

    قوله ‏{‏لا إِكراهَ في الدّينِ‏}‏ أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر المزكي أخبرنا زاهد بن أحمد أخبرنا الحسين بن محمد بن مصعب قال‏:‏ حدثني يحيى بن حكيم قال‏:‏ حدثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ كانت المرأة من نساء الأنصار تكون مقلاة فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده فلما أجليت النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا‏:‏ لا ندع أبناءنا فأنزل الله تعالى ‏{‏لا إِكراهَ في الدّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُشدُ مِنَ الغَيِّ‏}‏‏.‏

    أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل قال‏:‏ حدثنا محمد بن يعقوب قال‏:‏ أخبرنا إبراهيم بن مرزوق قال‏:‏ حدثنا وهب بن جرير عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى ‏{‏لا إِكراهَ في الدّينِ‏}‏ قال‏:‏ كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن عاش لها ولد لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم أناس من الأنصار فقالت الأنصار‏:‏ يا رسول الله أبناؤنا فأنزل الله تعالى ‏{‏لا إِكراهَ في الدّينِ‏}‏ قال سعيد بن جبير‏:‏ فمن شاء لحق بهم ومن شاء دخل في الإسلام‏.‏

    وقال مجاهد‏:‏ نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار كان له غلام أسود يقال له صبيح وكان يكرهه على الإسلام‏.‏

    وقال السدي‏:‏ نزلت في رجل من الأنصار يكنى أبا الحصين وكان له ابنان فقدم تجار الشام إلى المدينة يحملون الزيت فلما أرادوا الرجوع من المدينة أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا وخرجا إلى الشام فأخبر أبو الحصين رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ اطلبهما فأنزل الله عز وجل ‏{‏لا إِكراهَ في الدّينِ‏}‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أبعدهما الله هما أول من كفر قال‏:‏ وكان هذا قبل أن يؤمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتال أهل الكتاب ثم نسخ قوله ‏{‏لا إِكراهَ في الدّينِ‏}‏ وأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة‏.‏

    وقال مسروق كان لرجل من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان فتنصرا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدما المدينة في نفر من النصارى يحملون الطعام فأتاهما أبوهما فلزمهما وقال‏:‏ والله لا أدعكما حتى تسلما فأبيا أن يسلما فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر فأنزل الله عز وجل ‏{‏لا إِكراهَ في الدّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُشدُ مِنَ الغَيِّ‏}‏ فخلى سبيلهما‏.‏

    أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المقري أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس قال‏:‏ أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محفوظ قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن هاشم قال‏:‏ أخبره عبد الرحمن بن المهدي عن سفيان عن خصيف عن مجاهد قال‏:‏ كان ناس مسترضعين في اليهود قريظة والنضير فلما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلاء بني النضير قال أبناؤهم من الأوس الذين كانوا مسترضعين فيهم لنذهبن معهم ولندينن بدينهم فمنعهم أهلهم وأرادوا أن يكرهوهم على الإسلام فنزلت ‏{‏لا إِكراهَ في الدّينِ‏}‏ الآية‏.‏

    قوله ‏{‏وَإِذ قالَ إِبراهيمُ رَبِّ أَرِني كَيفَ تُحيي المَوتى‏}‏ الآية‏.‏

    ذكر المفسرون السبب في سؤال إبراهيم ربه أن يريه إحياء الموتى‏.‏

    أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر قال‏:‏ أخبرنا شعيب بن محمد قال‏:‏ أخبرنا مكي بن عبدان قال‏:‏ حدثنا أبو الأزهر قال‏:‏ حدثنا روح قال‏:‏ حدثنا سعيد عن قتادة قال‏:‏ ذكر لنا أن إبراهيم أتى على دابة ميتة قد توزعتها دواب البر والبحر قال‏:‏ رب أرني كيف تحيي الموتى وقال حسن وعطاء الخراساني والضحاك وابن جريج‏:‏ كانت جيفة حمار بساحل البحر‏.‏

    قال عطاء بحيرة طبرية قالوا‏:‏ فرآها قد توزعتها دواب البر والبحر فكان إذا مد البحر جاءت الحيتان ودواب البحر فأكلت منها فما وقع منها يقع في الماء وإذا جذر البحر جاءت السباع فأكلت منها فما وقع منها يصير تراباً فإذا ذهبت السباع جاءت الطير فأكلت منها فما سقط قطعته الريح في الهواء فلما رأى ذلك إبراهيم تعجب منها وقال‏:‏ يا رب قد علمت لتجمعنها فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك وقال ابن زيد‏:‏ مر إبراهيم بحوت ميت نصفه في البر ونصفه في البحر فما كان في البحر فدواب البحر تأكله وما كان في البر فدواب البر تأكله فقال له إبليس الخبيث‏:‏ متى يجمع الله هذه الأجزاء من بطون هؤلاء فقال‏:‏ رب أرني كيف تحيي الموتى قال‏:‏ أولم تؤمن قال‏:‏ بلى ولكن ليطمئن قلبي بذهاب وسوسة إبليس منه‏.‏

    أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني فيما أذن لي في روايته قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال‏:‏ حدثنا محمد بن سهل قال‏:‏ حدثنا سلمة بن شبيب قال‏:‏ حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان قال‏:‏ حدثنا أبي قال‏:‏ كنت جالساً مع عكرمة عند الساحل فقال عكرمة‏:‏ إن الذين يغرقون في البحار تقسم الحيتان لحومهم فلا يبقى منهم شيء إلا العظام فتلقيها الأمواج على البر فتصير حائلة نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها فتبعر ثم يجيء قوم فيأخذون ذلك البعر فيوقدون فتخمد تلك النار فتجيء ريح فتسفي ذلك الرماد على الأرض فإذا جاءت النفخة خرج أولئك وأهل القبور سواء وذلك قوله تعالى ‏{‏فَإِذا هُم قِيامٌ يَنظُرونَ‏}‏‏.‏

    وقال محمد بن إسحاق بن يسار إن إبراهيم لما احتج على نمرود فقال‏:‏ ربي الذي يحيي ويميت وقال نمرود أنا أحيي وأميت ثم قتل رجلاً وأطلق رجلاً‏.‏

    قال‏:‏ قد أمت ذلك وأحييت هذا قال له إبراهيم‏:‏ فإن الله يحيي بأن يرد الروح إلى جسد ميت فقال له نمرود‏:‏ هل عاينت هذا الذي تقوله ولم يقدر أن يقول نعم رأيته فتنقل إلى حجة أخرى ثم سأل ربه أن يريه إحياء الموتى لكي يطمئن قلبه عند الاحتجاج فإنه يكون مخبراً عن مشاهدة وعيان‏.‏

    وقال ابن عباس وسعيد بن جبير والسدي‏:‏ لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً استأذن ملك الموت ربه أن يأتي إبراهيم فيبشره بذلك فأتاه فقال‏:‏ جئتك أبشرك بأن الله تعالى اتخذك خليلاً فحمد الله عز وجل وقال‏:‏ ما علامة ذلك قال‏:‏ أن يجيب الله دعاءك وتحيي الموت بسؤالك ثم انطلق وذهب فقال إبراهيم‏:‏ رب أرني كيف تحيي الموتى قال‏:‏ أولم تؤمن قال‏:‏ بلى ولكن ليطمئن قلبي بعلمي أنك تجيبني إذا دعوتك وتعطيني إذا سألتك أنك اتخذتني خليلاً‏.‏

    قوله تعالى ‏{‏الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللهِ‏}‏ الآية قال الكلبي‏:‏ نزلت في عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف أما عبد الرحمن بن عوف فإنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة آلاف درهم صدقة فقال‏:‏ كان عندي ثمانية آلاف درهم فأمسكت منها لنفسي ولعيالي أربعة آلاف درهم وأربعة آلاف أقرضتها ربي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت‏.‏

    وأما عثمان رضي الله عنه فقال‏:‏ علي جهاز من لا جهاز له في غزوة تبوك فجهز المسلمين بألف بعير بأقتابها وأحلاسها وتصدق برومة ركية كانت له على المسلمين فنزلت فيهما هذه الآية‏.‏

    وقال أبو سعيد الخدري‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعاً يده يدعو لعثمان ويقول‏:‏ يا رب إن عثمان بن عفان رضيت عنه فارض عنه فما زال رافعاً يده حتى طلع الفجر فأنزل الله تعالى فيه ‏{‏الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم في سَبيلِ اللهِ‏}‏ الآية‏.‏

    قوله ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا أَنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم‏}‏ الآية أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد الصيدلاني قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن نعيم قال‏:‏ حدثنا أحمد بن سهل بن حمدويه قال‏:‏ حدثنا قيس بن أسيف قال‏:‏ حدثنا قتيبة بن سعيد قال‏:‏ حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال‏:‏ أمر النبي صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر بصاع من تمر فجاء رجل بتمر رديء فنزل القرآن ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا أَنفِقوا مِن طَيِّباتِ ما كَسَبتُم وَمِمّا أَخرَجنا لَكُم مِّنَ الأَرضِ َولا تَيَمَّموا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ‏}‏‏.‏

    أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد الواعظ قال‏:‏ أخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني قال‏:‏ حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال‏:‏ حدثنا أحمد بن موسى الجماز قال‏:‏ حدثنا عمر بن حماد بن طلحة قال‏:‏ حدثنا أسباط بن نصر عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء قال‏:‏ نزلت هذه الآية في الأنصار كانت تخرج إذا كان جذاذ النخل من حيطانها أقناء من التمر والبسر فيعقونها على حبل بين أسطوانتين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل منه فقراء المهاجرين وكان الرجل يعمد فيخرج قنو الحشف وهو يظن أنه جائز عنه في كثرة ما يوضع من الأقناء فنزل فيمن فعل ذلك ‏{‏وَلا تَيَمَّموا الخَبيثَ مِنهُ تُنفِقونَ‏}‏ يعني القنو الذي فيه حشف ولو أهدي إليكم ما قبلتموه‏.‏

    قوله ‏{‏إِن تُبدوا الصَدَقاتِ‏}‏ الآية قال الكلبي‏:‏ لما نزل قوله تعالى ‏{‏وَما أَنفَقتُم مِن نَفَقَةٍ‏}‏ الآية قالوا‏:‏ يا رسول الله صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم بِاللَّيلِ وَالنَهارِ سِرّاً وَعَلانِيةً‏}‏ الآية أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو بن محمد قال‏:‏ أخبرنا محمد بن الحسن بن الجليل قال‏:‏ حدثنا هشام بن عمار قال‏:‏ حدثنا محمد بن شعيب عن ابن مهدي عن يزيد بن عبد الله عن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏{‏الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم بِاللَّيلِ وَالنَهارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُم أَجرُهُم عِندَ رَبِّهِم‏}‏ في أصحاب الخيل وقال‏:‏ إن الشياطين لا تخبل أحداً في بيته فرس عتيق من الخيل وهذا قول أبي أمامة وأبي الدرداء ومكحول والأوزاعي ورباح بن يزيد قالوا‏:‏ هم الذين يرتبطون الخيل في سبيل الله تعالى ينفقون عليها بالليل والنهار سراً وعلانية نزلت فيمن لم يرتبطها تخيلاً ولا افتخاراً‏.‏

    أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال‏:‏ أخبرني الحسين بن محمد الدينوري قال‏:‏ حدثنا عمر بن محمد بن عبد الله النهرواني قال‏:‏ حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني قال‏:‏ حدثنا علي بن داود القنطري قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن صالح قال‏:‏ حدثني أبو شريح عن قيس بن الحجاج عن خثيم بن عبد الله الصنعاني أنه قال‏:‏ حدثني ابن عباس في هذه الآية ‏{‏الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم بِالَليلِ وَالنَهارِ‏}‏ قال في علف الخيل ويدل على صحة هذا ما أخبرنا أبو إسحاق المقري قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس قال‏:‏ أخبرنا أبو العباس عبد الله بن يعقوب الكرماني قال‏:‏ حدثنا محمد بن زكريا الكرماني قال‏:‏ حدثنا وكيع قال‏:‏ حدثنا عبد الحيد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من ارتبط فرساً في سبيل الله فأنفق عليه احتساباً كان شبعه وجوعه وريه وظمؤه وبوله وروثه في ميزانه يوم القيامة‏.‏

    وأخبرنا أبو إسحاق قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو الفراتي قال‏:‏ أخبرنا أبو موسى عمران بن موسى قال‏:‏ حدثنا سعيد بن عثمان الخدري قال‏:‏ حدثنا فارس بن عمر قال‏:‏ حدثنا صالح بن محمد قال‏:‏ حدثنا سليمان بن عمرو عن عبد الرحمن بن يزيد عن مكحول عن جابر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏(‏المنفق في سبيل الله على فرسه كالباسط كفيه بالصدقة‏)‏‏.‏

    أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن الكاتب قال‏:‏ أخبرنا محمد بن أحمد بن شاذان الرازي‏.‏

    قال‏:‏ أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال‏:‏ حدثنا أبو سعيد الأشج قال‏:‏ حدثنا زيد بن الحباب قال‏:‏ أخبرنا رجاء بن أبي سلمة عن سليمان بن موسى الدمشقي عن عجلان بن سهل الباهلي قال‏:‏ سمعت أبا أمامة الباهلي يقول‏:‏ من ارتبط فرساً في سبيل الله لم يرتبطه رياء ولا سمعة كان من الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار الآية‏.‏

    قول آخر‏:‏ أخبرنا محمد بن يحيى بن مالك الضبي قال‏:‏ حدثنا محمد بن إسماعيل الجرجاني قال‏:‏ حدثنا عبد الرزاق قال‏:‏ حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله ‏{‏الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم بِاللَّيلِ وَالنَهارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً‏}‏ قال‏:‏ نزلت في علي بن أبي طالب كان عنده أربعة دراهم فأنفق بالليل واحداً وبالنهار واحداً وفي السر واحداً وفي العلانية واحداً‏.‏

    أخبرنا أحمد بن الحسين الكاتب قال‏:‏ حدثنا محمد بن أحمد بن شاذان قال‏:‏ أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال‏:‏ حدثنا أبو سعيد الأشج قال‏:‏ حدثنا يحيى بن يمان عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه قال‏:‏ كان لعلي رضي الله عنه أربعة دراهم فأنفق درهماً بالليل ودرهماً بالنهار ودرهماً سراً ودرهماً علانية فنزلت ‏{‏الَّذينَ يُنفِقونَ أَموالَهُم بِاللَّيلِ وَالنَهارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً‏}‏‏.‏

    وقال الكلبي‏:‏ نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكن يملك غير أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلاً وبدرهم نهاراً وبدرهم سراً وبدرهم علانية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما حملك على هذا قال‏:‏ حملني أن أستوجب على الله الذي وعدني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ألا إن ذلك لك فأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

    قوله ‏{‏يا أَيُّها الَّذينَ آمَنوا اِتَّقوا اللهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِبا‏}‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن جعفر قال‏:‏ أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال‏:‏ أخبرنا أبو يعلى قال‏:‏ حدثنا أحمد بن الأحمشي قال‏:‏ حدثنا محمد بن فضيل قال‏:‏ حدثنا الكلبي‏.‏

    عن أبي صالح‏.‏

    عن ابن عباس‏:‏ بلغنا والله أعلم أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عمير بن عوف من ثقيف وفي بني المغيرة من بني مخزوم وكانت بنو المغيرة يربون لثقيف فلما أظهر الله تعالى رسوله على مكة وضع يومئذ الربا كله فأتى بنو عمرو بن عمير وبنو المغيرة إلى عتاب بن أسيد وهو على مكة فقال بنو المغيرة‏:‏ ما جعلنا أشقى الناس بالربا وضع عن الناس غيرنا فقال بنو عمرو بن عمير‏:‏ صولحنا على أن لنا ربانا فكتب عتاب في ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية والتي بعدها ‏{‏فَإِن لَم تَفعَلوا فَأَذَنوا بِحَربٍ مِنَ اللهِ وَرَسولِهِ‏}‏ فعرف بنو عمرو أن لا يدان لهم بحرب من الله ورسوله يقول الله تعالى ‏{‏فَإِن تُبتُم فَلَكُم رُءوسُ أَموالِكُم لا تَظلِمونَ‏}‏ فتأخذون أكثر ‏{‏وَلا تُظلَمونَ‏}‏ فتبخسون منه‏.‏

    وقال عطاء وعكرمة‏:‏ نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب وعثمان بن عفان وكانا قد أسلفا في التمر فلما حضر الجداد قال لهما صاحب التمر‏:‏ لا يبقى لي ما يكفي عيالي إذا أنتما أخذتما حظكما كله فهل لكما أن تأخذا النصف وأضعف لكما ففعلا فلما حل الأجل طلبا الزيادة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاهما وأنزل الله تعالى هذه الآية فسمعا وأطاعا وأخذا رءوس أموالهما‏.‏

    وقال السدي‏:‏ نزلت في العباس وخالد بن الوليد وكانا شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله تعالى هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏(‏ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب‏)‏‏.‏

    قوله ‏{‏وَإِن كانَ ذو عُسرَةٍ‏}‏ قال الكلبي‏:‏ قالت بنو عمرو بن عمير لبني المغيرة‏:‏ هاتوا رءوس أموالنا ولكم الربا ندعه لكم فقالت بنو المغيرة‏:‏ نحن اليوم أهل عسرة فأخرونا إلى أن تدرك الثمرة فأبوا أن يؤخروهم فأنزل الله تعالى ‏{‏وَإِن كانَ ذو عُسرَةٍ‏}‏ الآية‏.‏

    قوله ‏{‏آَمَنَ الرَسولُ بِما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَّبِّهِ‏}‏ أخبرنا الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عبد الله بن علي بن زياد قال‏:‏ حدثنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال‏:‏ حدثنا أمية بن بسطام قال‏:‏ حدثنا يزيد بن ذريع قال‏:‏ حدثنا روح بن القاسم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال‏:‏ لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏وَإِن تُبدوا ما في أَنفُسِكُم أَو تُخفوهُ يُحاسِبكُم بِهِ اللهُ‏}‏ الآية اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ كلفنا من الأعمال ما نطيق‏:‏ الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم أراه قالوا سمعنا وعصينا قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فلما اقترأها القوم وجرت بها ألسنتهم أنزل الله تعالى في إثرها ‏{‏آَمَنَ الرَسولُ بِما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَّبِّهِ‏}‏ الآية كلها ونسخها الله تعالى فانزل الله ‏{‏لا يُكَلِّفُ الله ُنَفساً إِلا وِسعَها‏}‏ الاية الى اخرها رواه مسلم عن أمية بن بسطام‏.‏

    أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى قال‏:‏ حدثنا والدي قال‏:‏ حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي قال‏:‏ حدثنا عبد الله بن عمر ويوسف بن موسى قالا‏:‏ أخبرنا وكيع قال‏:‏ حدثنا سفيان عن آدم بن سليمان قال‏:‏ سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏{‏وَإِن تُبدوا ما في أَنفُسكُم أَو تُخفوهُ يُحاسِبكُم بِهِ اللهُ‏}‏ دخل قلوبهم منها شيء لم يدخلها من شيء فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا فألقى الله تعالى الإيمان في قلوبهم فقالوا‏:‏ سمعنا وأطعنا فأنزل الله تعالى ‏{‏لا يُكَلِّفُ الله ُنَفساً إِلا وِسعَها‏}‏ حتى بلغ ‏{‏أوَ أَخطأنا‏}‏ فقال‏:‏ قد فعلت إلى آخر البقرة كل ذلك يقول قد فعلت رواه مسلم عن أبي بكر بن قال المفسرون‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏{‏وَإِن تُبدوا ما في أَنفُسِكُم‏}‏ جاء أبو بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل وناس من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجثوا على الركب وقالوا‏:‏ يا رسول الله والله ما نزلت آية أشد علينا من هذه الآية إن أحدنا ليحدث نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه وأن له الدنيا وما فيها وإنا لمؤاخذون بما نحدث به أنفسنا هلكنا والله فقال النبي صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت فقالوا‏:‏ هلكنا وكلفنا من العمل ما لا نطيق قال‏:‏ فلعلكم تقولون كما قال بنو إسرائيل لموسى‏:‏ سمعنا وعصينا قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا سمعنا وأطعنا واشتد ذلك عليهم فمكثوا بذلك حولاً فأنزل الله تعالى الفرج والراحة بقوله ‏{‏لا يُكَلِّفُ الله ُنَفساً إِلا وِسعَها‏}‏ الآية فنسخت هذه الآية ما قبلها قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن الله قد تجاوز لأمتي ما حدثوا به أنفسهم ما لم يعملوا أو يتكلموا به‏.‏

  5. #5
    ممنوع
    تاريخ التسجيل
    23 - 12 - 2007
    المشاركات
    256
    معدل تقييم المستوى
    618

    افتراضي رد: سبب نزول سورة البقرة ( الجزء الرابع )

    الله يجزاك خير ويبارك فيك على مجهودك الدعوي


  6. #6
    ممنوع
    تاريخ التسجيل
    23 - 12 - 2007
    المشاركات
    256
    معدل تقييم المستوى
    618

    افتراضي رد: سبب نزول سورة البقرة ( الجزء الثالث )

    الله يحفظك ويبارك فيك على جهودك القيمه

صفحة 1 من 40 12311 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
هذا الموقع برعاية
شبكة الوتين
تابعونا