يبدو أن الغارة الأمريكية في منطقة بعقوبة شمالي العاصمة العراقية، بغداد، أنهت قصة حياة شاب أردني طائش تحول إلى قادة أحد أكبر التنظيمات الإرهابية في منطقة الشرق والأوسط والعالم.

فقد أعلن اليوم الخميس 8-6-2006م عن مقتل أحمد فاضل نزال الخلايلة الملقب بـ"أبو مصعب الزرقاوي" قائد تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، بعد ثلاث سنوات على ظهوره كأحد أكبر قادة تنظيم القاعدة في المنطقة، وذلك بعد مئات عمليات القتل والتفجير والخطف لمواطنين أجانب وعرب في العراق، فضلاً عن عشرات رسائل التحريض على قتل الشيعة في العراق ورسائل التهديد إلى دول المنطقة وعلى رأسها بلده الأم، الأردن.

ولد الخلايلة في العام 1966 في بلدةِ الزرقاء الأردنية، التي تبعد حوالي خمسة عشر ميلاً إلى الشمال الشرقي من العاصمة عمان، وقد لقب بـ"الزرقاوي" أثناء إقامته في أفغانستان.

وتنتسب عائلته إلى عشيرة بني حسن، وهي من العشائر البدوية المعروفة جداً بولائها للعائلة الهاشمية المالكة.

ولم يكمل الزرقاوي تعليمه، وعمل موظفاً في بلدية الزرقاء، وكان يعرف عنه أنه شاب طائش وسجن عدة مرات على خلفيات جنائية.

وعندما ذهب للمرة الأولى إلى أفغانستان في العام 1989، لكي ينضم إلى المجاهدين العرب الذين كانوا يحاربون ضد الاتحاد السوفيتي، كانت الحرب قد انتهت لدى وصوله ولكنه بقي هناك حتى عام 1993.

ولعب اجتماع الزرقاوي مع عصام البرقاوي ( أبو محمد المقدسي) في باكستان دوراً هاماً في تحوله الديني إلى حد أصبح الأخير مرشده الروحي الأكثر أهمية. وانضم الزرقاوي إلى المقدسي في الأردن وسعى إلى تَجنيد المحاربين الأفغانِ الأردنيينِ.

وفي عام 1994 سجن كلاهما لامتلاكهما أسلحة غير شرعية.وبعد العفو الملكي من قبل الملك عبدالله المتوج حديثاً في عام 1999، خرج كلاهما من السجن، حيث نشأت شبكة جهادية في الأردن، خلال فترة اعتقالهما.

كان باستطاعة الزرقاوي أن ينال دعما أهم من المقدسي من قبل المجاهدين الأردنيين الشباب، لأنه كان من أصول أردنية ولم يكن فلسطينياً مثل المقدسي، لذا كان يتمتع بشرعية أكثر في الأردن لتحدي العائلة الهاشمية.

ولم يمكث الزرقاوي الذي انتقده المقدسي لابتعاده عن القضية الفلسطينية وتفضيله لأولويات الجهاد الأخرى، في الأردن، إذ توجه إلى باكستان ومنها إلى أفغانستان في عام 1999.

وفي عام 2001 أدى قسم الولاء لزعيم القاعدة أسامة بن لادن، ولكنه بدا بعد ذلك أنه على خلاف مع القاعدة وبشكل رئيسي في ما يتعلق بالقضايا السياسية والمذهبية. ففيما أرادت القاعدة إطلاق حملة الجهاد العالمي ضد "العدو البعيد"، أي ضد الولايات المتحدة، كان يفضل الزرقاوي تركيز الجهود ضد "العدو القريب" في الشرق الأوسط، وتحديداً ضد الحكومة الأردنية.

وفي عام 2003 توجه الزرقاوي إلى العراق، قادماً من أفغانستان عبر إيران، فاستقر في شمال البلاد وكوّن "تنظيم الجهاد" ثم "تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين(العراق)" بعد إعلان انضمامه إلى تنظيم القاعدة.

وخلال وجوده في العراق أعلن الزرقاوي الذي رصدت الولايات المتحدة مكافأة بقيمة 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تساعد في الوصول إليه، مسؤوليته عن عشرات من عمليات قطع رؤوس أجانب وخطف وتفجيرات شهدتها مناطق عديدة في العراق.

كما أعلن حرباً على الشيعة في العراق، الذين أباح قتلهم علناً بعد تكفيرهم، الأمر الذي أثار موجة من الاحتجاج والغضب لدى المسلمين عموما والشيعة بالعراق خصوصاً الذين اعتبروه عدوهم.

ولم يقصر الزرقاوي تحركاته على العراق فقط, بل فتح جبهات في دول عدة، وبشكل أساسي على الأردن، حيث أعلن مسؤوليته عن عمليات إرهابية عدة استهدفت الساحة الأردنية كان أبرزها تفجيرات فنادق عمان العام الماضي التي أسفرت عن سقوط عشرات الجرحى والقتلى.

وقبل مصرعه بشهر ظهر الزرقاوي للمرة الأولى في شريط مصور، أكد خلاله على أن حربه ضد الأمريكيين في العراق مستمرة


منقول