بسم الله الرحمن الرحيم
تنفس الصبح .. ونادى المؤذن أنْ " حيّ على الفلاح "
وعلت أصوات الحق .. تنطلق من مآذن الإيمان .. تصيح في الناس " يا باغي الخير أقبل "
وأنا أتدثر بدثاري أتقي هواء التكييف البارد .. وأحاول أن أتجاهل هذا النداء ..
يتخبطني الشيطان .. يجرني بلذة النوم نحو الظلام ..
يوهمني أن نَفَس الصبح الصارخ سيخطف بصري ..
يوسوس لي .. نم قليلا لن تقام الصلاة الآن !! وما أسرع .. وما أكثر ما أطعته ..
أمكث في فراشي أتحجج بتأخر الإقامة .. وأتوهم أن لذة النوم لا يعادلها لذة ..
وفجأة يصيح جهازي النقال " أن قم أيها النائم " حان موعد الصلاة " ..
أتحسسه بأطراف أصابعي وبعينين مغمضتين .. خشية أن يطير النوم .. وتذهب اللذة
لكنني أجد الفرج في تمديد فترة التلذذ بالنوم بعبارة " الغفوة تعمل "
قد تكون هذه الغفوة الحسنة الوحيدة في هذا الجهاز الذي يصيح علي بصوت أعتبره من أنكر الأصوات ..
أنام هنيهة ثم يعاود الجهاز النداء بصوت نشاز لا تقبله أذني ولا ترتاح له نفسي .
فأجبره على الصمت من جديد " الغفوة تعمل " ..
ويتكرر الموقف بين صياح وغفوة حتى تتغلب نفسي الملهمة على نفسي الأمارة بالسوء ..
فاستيقظ .. وأنفض غبار الكسل والدعة و الشيطان !!
أتوضأ .. ثم أسرع الخطى كي ألحق بالصلاة .. لا قصد في مشي .. ولا سكينة في سير
ولا بركة في بكور .. أصلي ما أدركه مع الإمام .. ثم أكمل ما فاتني بالقضاء ..
يجلس الناس للتسبيح والاستغفار .. وأنا أسارع إلى أداء سنة الفجر الراتبة ..
ثم أخرج من المسجد كأنما خرجت من سجن مؤبد !!
إنها المسارعة للدنيا .. والميل إلى الملذات والشهوات ..
كأنما أنا في معركة ..
معركة مع الشيطان والهوى .. منذ ارتفاع صوت المؤذن حتى خروجي من المسجد ..
ولا أنكر أنني كثيرا ما هزمت في هذه المعركة ..
وكثيرا ما ساعدت شيطاني وهوى نفسي على الانتصار ..
إلا أنني لا أنكر أنني في الفترات القليلة التي أتغلب فيها عليهما ..
وأؤدي الصلاة في المسجد أشعر بنشوة الانتصار ولذة لقاء العبد بربه ..
أشعر براحة الصلاة .. وطمأنينة التواصل الرباني ..
وهي لذة لو وضعت في كف وملذات الدنيا في كف .. لرجحت بها ..
ذلك أنها لذة الإيمان الروحي .. والصلة بين العبد الضعيف والملك الرحيم ..
..
المفضلات