الراوى
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تصنع رسالة دعوية ؟
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على إمام الدعاة وقدوة العباد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً؛ وبعد :
فهذه طريقة مقترحة لكيفية إيصال الرسالة الدعوية إلى المتلقي؛ اقتضتها الحاجة وكثرة السؤال ممن بذلوا أوقاتهم لخدمة دين الله ونفع عباده؛ وقد جاءت في اثنتي عشرة خطوة كما يلي:
اجعل لطرحك مسوغاً:
فذلك أدعى لقبوله ولفت الانتباه إليه؛ وحتى لا يتسلل الشك إلى نفس المخاطب بأنه المقصود بالحديث خاصة في بعض المسائل. وهذا المسوغ:
إما أن يكون موجوداً: كأن يبدأك بسؤال أو ذكر حادثة فتجيب أو تعلق بما يناسب، أو أن ترى منظراً لرجل مصاب فتذكره بنعمة الله وحقوقها، أو تشاهد مستغرباً في لباسه فتحدثه عن نعمة الإسلام والتدين وتعمق مفاهيم الولاء والبراء لديه. ومثله أن تستغل التزامك بقوانين المرور وأنظمته للتذكير بضرورة الالتزام بأوامر الله ونواهيه وتعزيز مفاهيم الأمانة وحفظ الضرورات الست عنده، وكأن تستغل انضباطه بمواعيده للثناء عليه وذكر فضيلة الوفاء بالوعد والعهد ثم تتخذ ذلك منطلقاً للحديث عن الصلاة ومواقيتها وجماعتها وتعرج على المنافقين بفضح خلائقهم وصفاتهم دون أسمائهم.
أو تسعى لإيجاده:كأن تورد القصة من باب التسلية ثم تعلق عليها، أو تستمع معه إلى شريط نافع أو برنامج ماتع وتناقشه فيه، أو تبادره بالسؤال عن الامتحانات لتحدثه عن فضيلة الصبر أو الشكر؛ أو تستخبره عن والديه لتعقب بحديث عن حقهما ووجوب برهما وطاعتهما في غير معصية. وهكذا حتى لا يشعر صاحبك أنك تعتسف الحديث اعتسافاً.
لا تشعره بأنك تلقي محاضرة:
وذلك بأن تكون على سجيتك أثناء الطرح؛ متوسط اللغة غير متقعر ولا مسفٍ ولا مغرقٍ في العامية؛ ولا تبدأ حديثك بما تبدأ به المحاضرات بالرغم من فضل تلك البداية وأجرها. ولتكن معانيك واضحة قريبة سهلة المأخذ وحاذر الرمزية وكن مباشراً دفعاً للظنة والفهم الخاطئ.
اجعل لطريقة عرضك خطة قبل اللقاء:
وذلك بالتزام منهج تسلكه لبلوغ الهدف المنشود من اللقاء معتمداً على ترتيب الأفكار ومراعاة الأولويات، فلا تذكر للمدعو صوراً من الربا قبل ذكر تعريفه وبعض أدلة تحريمه؛ وتذكر أن إيجاد المسوغ من أهم مهمات خطة الطرح.
احرص على رؤوس الأقلام المهمة:
فقد لا يسعفك الوقت أو شخصية المقابل، فلا تطل واكتف بذكر رؤوس الأقلام المهمة لكونها أرسخ في الذهن وأبعد عن الملل؛ ولا مانع حسب حالة المتلقي من تكرارها؛ وتذكر قول المبرد: " من أطال الحديث وأكثر القول فقد عرض أصحابه للملال وسوء الاستماع ".
لا تذكر الشبهة نقداً وتجعل ردها نسيئة:
والصواب ذكر المفهوم الصحيح والتأكد من فهمه ورسوخه ثم ذكر الشبهة وتفنيدها؛ وسيكون نجاحك أكيداً باهراً لو شاركك المدعو بتفنيد الشبهة ودحضها بناءً على قولك الأول.
ليس ضرورياً أن يكون لكل لقاء موضوعاً خاصاً:
ويتأكد ذلك في الجلسة الأولى؛ ويكتفى بذكر الله حينما تعرض مناسبة كالآذان أو العطاس أو القيام من المجلس أو الفراغ من طعام أو شراب، وعند البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا " وقد علق الحافظ ابن حجر على ذلك بقوله: " ويستفاد من الحديث استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال " ثم قال: " ويختلف باختلاف الأحوال والأشخاص؛ والضابط الحاجة مع مراعاة وجود النشاط ".
نوَّع خطابك:
فلا تجعله محصوراً في العلم أو العاطفة أو الفكر أو الأدب؛ بل شكله حسب المقام والمستهدف، ومن تنويع الخطاب أن يكون مرة بلسانك وأخرى عبر شريط أو إذاعة وثالثة من خلال كتاب أو مجلة، وهكذا..
لا يكن حديثك متشائماً:
فلا تشحن خطابك بالسلبيات ولا تصيره مكتظاً باليأس والقنوط والهزائم فذلك أدعى لرفضك ورد مقولك وقطع العلائق معك. ولا يعني هذا الإغراق في الإيجابيات والتفاؤل المفرط الساذج لأن كثرتها خلاف الواقعية والموضوعية؛ والتوسط مطلوب في كل شيء.
لا تشغله بالجزئيات:
فلعله لا يستفيد شيئاً من التوسع في ذكر اختلافات الأئمة _ رضوان الله عليهم _ في مسألة ما مثل ما يستفيده من الاقتصار على القول الراجح أو من ترسيخ حكم أساسي في ذهنه ، ثم إن شغله بالجزئيات مدعاة لتشتيت الذهن وعدم شعوره بالفائدة ثم الانقطاع .
لا تسرد موضوعاتك مرة واحدة:
فلن يستفيد ولن تجد ما تحدثه به مستقبلاً إلا المعاد المكرر، وستكون كصاحب بيض وضعها في سلة واحدة وقطع بها أرضاً وعرة ثم عثر ! فما ظنك بالبيض ؟
ليكن خطابك مما يحتاجه المدعو:
فلا تحدث فقيراً عن الإسراف وخطره مثلاً؛ ولا ترشد آخر غير سالكٍ إلى أهمية النظر في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية مثلاً، وإذا علمت عمن معك أنه يرافق صحبة سيئة فحدثه عن الصحبة الصالحة وبركتها. وليكن حديثك عن الأشياء الظاهرة عليه أو المعلومة عنه حديثاً غير مباشر خصوصاً في بدايات المعرفة. ويدخل ضمن هذه الفقرة مراعاة اهتمامات المدعو حتى يأنس بالجلوس إليك؛ ومنها أيضاً تحديث المدعوين على قدر مداركهم واستيعابهم كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه: " ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ".، وإياك إياك أن تطب زكاماً فتحدث جذاماً، والسلامة لا يعدلها شيء.
تجنب متاهات السياسة ولا تدخل في موضوعات حرجة:
وذلك أجلب لاطمئنانه وأضمن لاستمراره، ومن نفيس كلام الإمام الشاطبي رحمه الله قوله: " وليس كل ما يُعلم مما هو حق يطلب نشره، وإن كان من علم الشريعة ومما يفيد علماً بالأحكام ". وليكن موقفاً واضحاً في رفض الأخطاء واستنكارها كأعمال التفجيرات بنفس الدرجة التي تنكر بها المخالفات الأخرى.
وأخيراً؛ أصلح نفسك وتعاهد سريرتك وتفقد نيتك يصلح الله لك مَنْ معك، ويجعل لكلامك نورانية تخترق حُجُب النفوس _ حتى لو كانت غليظة _ إلى حيث موقعها من قلب المدعو؛ وأحثك على مزيد من العلم ومزيد من الثقافة ومزيد من المهارة فلا يحسن أن يكون المدعو أميز من الداعية في واحدة مما ذكرت؛ وكن قدوة بسمتك وبقولك وبفعلك؛ سددك الله ووفقك وأعانك؛ ولله الأمر من قبل ومن بعد؛ والسلام,
* كتب مقترحة:
· مقدمات للنهوض بالعمل الدعوي. د. عبد الكريم بكار.
· ثقافة الداعية. د. يوسف القرضاوي.
الراوى
الكاتب القدير //- الراوي
طرح طيب مبارك ونقاط دعوية نستقي منها الفائدة أن شاء الله
بارك الله فيك ونفعنا بكــ وجزاك الله عنا خير الجزاء
بالصـــــمت قــــد نجـــد الحلول ،،، وبالكـــــلام قـــــد نفتقــد الحلول
جزاك الله خيرا
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات