بدأ التعارف بينهما عبر الماسنجر عندما تم اختيارهما للمشاركة في المؤتمر العالمي لحقوق المرأة المنعقد في باريس حيث الحرب على الحجاب، وقد دار بينهما هذا الحوار:
الأمريكية: ( بالعربية) السلام عليكم، من أنت؟

السعودية: (بالإنجليزية) مرحباً، أنا اسمي صفية وأحب أن أدعى مادلين، وأنت ما هو اسمك؟

الأمريكية: أرجوك أن تتحدثين معي بالعربية فأنا أحبها جداً.

السعودية: وأنا كذلك أحب الإنجليزية وثقافتي إنجليزية.

وبعد جدل طويل دار بينهما أستقر الأمر على التحدث بالعربية نظراً لركاكة لغة السعودية وحاجتها للمصطلحات الشرعية.

الأمريكية: اسمي مارجريت قبل الإسلام واسمي الآن أسماء وأحب أن تناديني بأم الزبير، كنت مغنية مشهورة ثم عارضة أزياء وبعد أحداث سبتمبر قرأت عن الإسلام كثيراً فأسلمت وتركت جميع أعمالي الممتهنة لأعود إلى وظيفتي الأساسية... ربة بيت، وأنا الآن متزوجة من مسلم والحمد لله وأعيش أحلى أيام عمري حيث أعمل أنا وزوجي في مجال الدعوة إلى الله، فماذا عنك؟

السعودية: أنا أستاذة جامعية حصلت على الدكتوراه من إحدى الجامعات الأمريكية وكان عنوانها ( أثر البروتين على نفسية الدجاج!! )، غير متزوجة طبعاً عمري 40 سنة, وأقود الآن الحملة العربية للمطالبة بحقوق المرأة والتي بدأت نشاطها الفعلي بعد وقدوم الجيوش الغربية إلى المنطقة في حرب الخليج الثانية حيث كان لنا اتصالات ولقاءات دورية بالسفير الأمريكي والبريطاني اللذين أمدانا بالدعم المعنوي، فما هي أهم الأعمال التي تقومين بها؟

الأمريكية: استطعنا بفضل الله تأسيس مدرسة غير مختلطة تعنى بتعليم الفتاة أمور دينها وشؤونها الخاصة، وقد استطعنا حذف كثير من المواد التي لا تناسب الفتاة المسلمة كالرياضة والجنس وغيرها، حيث ثبت عندنا في أمريكا تفوق الطالبات اللاتي يدرسن في مدارس منفصلة وتقل بينهن الحالات النفسية بشكل كبير وواضح.

السعودية: لا مجتمع إلا باختلاط والدليل هو أن المجتمع الحيواني في الغابة وهو على الفطرة ليس هناك قطيع إناث منفصل عن قطيع ذكور لأن الفطرة السليمة تعني التعايش بين الذكر والأنثى وليس عزل أحدهم عن الآخر فهل الحيوان أفضل منا؟

الأمريكية: لا شك أن الحيوان سيكون أفضل منكم عندما تحكمون عقولكم وتقدمونها على الدين والفطرة، وهذا هو واقع المجتمع الأمريكي، فقد أصبحنا نعيش وكأننا في حظيرة حيوانات، فأي مجتمع بعده تريدون؟ وأي أمن فيه تنشدون؟ فاحمدوا الله على نعمة الدين والأمن التي تمتازون بها !!

السعودية: نحن سنضحي بالدين كما ضحينا بالأمن من أجل أن نلحق بركاب الغرب، وقد بدأنا بالفعل نلمس ذلك، فمن يقرأ جريدة أو مجلة محلية كأنه يقرأ جريدة أمريكية ولا فرق، فسيقرأ فيها عن انفراط الأمن فهذا يقتل وذاك يسرق وهذه تغتصب وتلك تنتحر وهذا يدل على أننا نسير في المسار الصحيح، أما الدين فهناك من أصبح يجاهر بسبه والاستهزاء به بالصورة تارة وبالمقال تارة أخرى ولا أحد يستطيع إيقافه، بل إن هناك من يسانده!!

الأمريكية: إن كان الأمر كما تقولين حقاً، فعدوا لأنفسكم عدّاً تنازلياً واستعدوا للإنحدار، فسنن الله لا تتغير ولا تتبدل !.



السعودية: دعينا من ذلك ولنعد للحديث عن التعليم، فقد خطونا فيه خطوة كبيرة، حيث تم دُمج تعليم البنات مع البنين وسحب من أيدي العلماء، لكي توحّد المناهج و يحذف منها ويضاف لها ما نشاء دون وصاية من أحد، وبهذا سنكون قد أمسكنا بخطام المرأة منذ طفولتها كي نقودها إلى التحرر والرقي، ونحن نحاول الآن إيجاد مدارس مختلطة بشكل عام على غرار بعض الجامعات المحلية ونحاول أيضاً إدخال مادة الرياضة والفن والموسيقى، ليرى العالم قريباً الفتاة السعودية وهي تشارك في شتى مجالات الرياضة والفن والتمثيل والرقص دون خجل أو حياء!!... (( عفواً )) بما لا يتعارض مع الشريعة السمحة!! ... فما هو حال المرأة الأمريكية الرائدة عندكم؟

الأمريكية: المرأة عندنا تعيش أدنى درجات الانحطاط فقد تعامل معها الرجل وكأنها دمية واستغلها في مجالات دنيئة كالدعاية والإعلان وغيرها واستدرجها حتى أظهرت كل مفاتنها ؛ كي يمتع ناظريه ويتلذذ برؤيتها في كل مكان يرتاده ثم يرميها إذا انتهى منها في أقرب قمامة يمر بها، إن المرأة عندنا هي أشد نساء العالم حاجةً للتحرر من رق الرجل الأناني، لقد وجدت ولله الحمد ضالتي في الإسلام، وجدت الاحترام والكرامة، فجاراتي يغبطونني حين يرون زوجي يخدمني ويحميني ويوصلني حيث أشاء حتى أعود إلى مملكتي الجميلة، فما هي أخبار المرأة المسلمة عندكم؟

السعودية: نحن وجدنا في هذه الأيام من يرعي حقوق المرأة ويساعدها في مسيرتها نحو التقدم والرقي، صحيح أننا لا زلنا في أول الطريق ولكننا لن نقف، فقبل مدة قربية أجرينا استبيان على شريحة عشوائية من الفتيات حول قيادة المرأة للسيارة وخرجت النتيجة مؤسفة، حيث بلغت نسبة المعارضات 80% لم نستطع أن ننشرها في الصحافة، ومع ذلك فهناك بشائر أخرى، فهاهي المرأة تشارك في الحوارات الوطنية وتجلس بجانب الرجل كتفها بكتفه وقدمها على قدمه وهاهي قد خرجت في القناة الإخبارية في تحد فريد من نوعه لموروثات وتقاليد المجتمع، وبدأت تخرج في الصحافة المحلية وتسفر بالتدريج عن جسدها، بدءً بوجهها بعد أن تجاهل الجميع نظام المنع الذي أضحى حبراً على ورق!! وأما آخر الانتصارات فهو ظهورها بكامل زينتها أمام الرجال في المنتدى الاقتصادي الذي عقد في جده وقد حضره جمع غفير من الفنانين والمغنين في جو موسيقي صاخب وحصل الاختلاط الذي ننشده وكان لباسهن يمثل نقلة ملحوظة والتقطت لهن الصور ووضعت على الصفحات الأولى من جرائدنا المحلية، كما توج الحفل ... عفواً المنتدى حضور الرئيس كلينتون.

الأمريكية: وما علاقة الفنانين والمغنين والموسيقى بالاقتصاد؟ ثم ... ما دخل كلينتون بهذا المنتدى النسائي ؟ نعم ... لو كان المنتدى عبارة عن عرض أزياء وحفل غناء ورقص ( كما يدل عليه أصناف الحاضرين) لقلت إن استدعاء كلينتون كان من باب الاستفادة من خبرته ومكره في إغواء النساء ومداعبتهن !!

ولكن الأمر - كما ذكرت - ليس إلا خروجا على الموروثات وتحديا سافراً للمجتمع!! ولعلمك فقد اعترض مجلس إحدى الشركات الأمريكية على فكرة استدعاء كلينتون لتشريف حفلها حيث ذكروا أنه متورط في قضية أخلاقية ومتهم بالكذب على شعبه، وأن حضوره سيسيء لسمعة الشركة!!!!

السعودية: على كل حال نحن سنمضي في هذا الطريق الذي فتح لنا بابه، ولا أكتمك سراً إن قلت بأن العنوسة وأبناء اللقطاء في ازدياد وأن ظاهرة الانتحار والأمراض النفسية قد تفشت، لكن في مقابل ذلك أصبحنا نرى صورة المرأة السعودية على صفحات الجرائد والصحف وأصبح لها مشاركات في المنتديات وأماكن العمل العامة وهي تسعى للتخلص من وصاية الرجل، كما تدرجت في إلغاء عباءتها وخمارها التقليديين، بلبس ثوب أسود مطرز صنع في فرنسا ولثام متحرك خفيف، لقد استطاعت أن تتجاوز كل ذلك عندما غُرس في نفسها الثقة وحب التحدي، فهاهي تكسر الحواجز والقيود وتطالب بالمساواة مع الرجل، وقريباً سترينها وهي تشارك في مسابقات ملكات الجمال والسباحة وعرض الأزياء وغيرها ؛ لثبت للعالم أنها أنيقة وجميلة وليست بضعيفة ولا شوهاء!!

الأمريكية: نعم ... قد تثبت للعالم ذلك، ولكنها ستثبت للعقلاء أنها إمعة وغبية وليس لها ثوابت، وأنها حقاً سقطت في الفخ الذي نُصن لها، وأصبحت ألعوبة في يد الرجل كما هو حال المرأة الغربية التعيسة، ولن يكون هناك ما يميزها عن غيرها، والسعيد من أتعض بغيره فهاهي التجربة أمامكن بالمجان, ومن الغباء كما هو عند العقلاء أن تعاد تجربة ثبت فشلها وخطؤها!!

السعودية: يا صديقتي: نصف المجتمع عندنا معطل ويتنفس برئة واحدة بل ويطير بجناح واحد، ولا بد أن نقدم للمجتمع كل ما بوسعنا، صحيح أن خروج المرأة من بيتها سيؤدي إلى ضياع البيت وتشريد الأولاد ولكننا قد أمّنا ذلك فوفرنا المربية لتربية الأجيال والنشء وجلبنا الخادمة لتدير شؤون البيت وتلبي احتياجات الزوج، فلابد من التضحية ؛ حتى تتفرغ المراة لواجبها الأعظم ودورها المهم المفقود!

الأمريكية: خروجك من بيتك هو تعطيلٌ حقيقي لنصف المجتمع، وهو كمن يؤدي النافلة ويترك الفريضة ؛ فأي عقل عند من تخدم الناس وتترك خدمة زوجها وبيتها؟ وأي قلب لمن تسعى لزيادة دخل أسرتها وتترك تربية أبنائها للخادمة؟ وأي فقه لمن تضحي ببيتها وأبنائها لتساعد الرجل في عمله، من أجل حفنة من مال؟ لقد ضحك عليها الرجل فأغراها لتساعده ولم يمد لها يد العون في عملها داخل البيت، حقا إنها امرأةٌ غبيةٌ.

السعودية: على كل حال هذه وجهة نظرك ونحن ماضون في الإصلاح خطوة خطوة كما قال قائدنا، وسوف نعتمد على أنفسنا، كما يقول المثل ما حكّ جلدك مثل ظفرك، وأنا أود أن أقابلك قبل موعد المؤتمر فهل أستطيع أن أراك؟

الأمريكية: أنا لا أستطيع السفر بمفردي ؛ لأن زوجي لا يستطيع مرافقتى في الوقت الحالي فإما أن تأتين أنت أو نؤجل اللقاء إلى وقت المؤتمر.

السعودية: أرأيت كيف قيدك دينك؟ ... أما أنا فأستطيع السفر بمفردي فعندي ثقة بنفسي وليس عندي ما أخاف عليه ولكني مشغولة هذه الأيام، فلعلنا أن نلتقي في المؤتمر.

يبدأ المؤتمر (العالمي لحقوق المرأة) ويأخذ الحضور مواقعهم، حيث سيكون عنوان الموضوع الذي ستطرحه أسماء الأمريكية في هذا المؤتمرهو ( كمال الإسلام في حفظ حقوق المرأة ) أما صفية السعودية فموضوعها هو ( إثبات تفوق المرأة الغربية على نظيرتها، ونجاح تجربتها) وصدق الله العظيم إذ يقول (وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) ويقول أيضاً ( فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين).

منقول
بقلم / محمد غريب