الجنس يجتاح العالم الإسلامي
محمد محمود عبد الخالق
في الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن الإصلاح السياسي في العالم العربي من أجل تحقيق الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة؛ نجد هناك غفلة عن الحديث عن ذلك التسعير الجنسي الذي تتعرض له أمتنا الإسلامية، والذي يجتاح بيوتنا، ويهدد قيمنا، ويكاد أن يأكل الأخضر واليابس، ويقضي على شبابنا، ويحقق مطامع أعدائنا، فالجنس آفة يجب أن لا نقف مكتوفي الأيدي تجاهها، ولعل ما نراه وما نسمعه عن أحوال شبابنا مع تلك الآفة يجعلنا ندق ناقوس الخطر وبقوة شديدة قبل أن تأتي تلك اللحظة التي نندم فيها ندماً شديداً ولكن قد يكون بعد فوات الأوان.
إن شبابنا في هذه الأيام الحالكة التي يعيشونها هم أقرب بكثير من أي وقت مضى للإصابة بهذا الداء، بل وسريانه في أجسادهم، وسيطرته على كافة تحركاتهم وتوجهاتهم، فالبطالة، وفقدان الثقة في النفس، وارتفاع سن الزواج، وزيادة تكاليفه، وانعدام المشاركة في الحياة السياسية والاجتماعية، والإحساس بالظلم والاستبداد جعل الشباب يبحثون عن أشياء تنسيهم ذلك الواقع المرير، فكان من أهم ما لجئوا إليه ووجدوه متوافراً عندهم مشاهدة الأفلام وخاصة الجنسية، وكذلك الأغاني العربية والأجنبية، وتصفح المجلات الماجنة، بالإضافة إلى الارتباط بالفتيات بشكل غير شرعي ليس لغرض الحب والزواج؛ ولكن لغرض الجنس، وتفريغ الطاقة الجنسية الكامنة لديهم، والتي لم تجد مسلكاً حلالاً يمكن أن تفرغ من خلاله، وقد لجأ البعض إلى الاستمناء كوسيلة لتحقيق ذلك أيضاً، ولست بذلك أحكم على أن جميع الشباب قد وصلوا إلى تلك المرحلة من الانحطاط الجنسي، ولكني أظن أن عددهم ليس بالقليل، والواقع يؤيد ذلك ويوضحه.
هذا ولقد حذر الكثير من العلماء من خطورة الجنس وأثره على الحياة الاجتماعية والاقتصادية فهذا أحدهم يقول: " إن خطر الطاقة الجنسية قد يكون في نهاية المطاف أكبر من خطر الطاقة الذرية!!" جيمس رستون في ( النيويورك تايمز )، وآخر يقول: " والواقع أن مستقبل الأجيال الناشئة محفوف بالمكاره، ربما يتحول أطفال اليوم إلى وحوش عندما تحيط بهم وسائل الإغراء المتجددة بالليل والنهار! إن تشويهاً كبيراً سوف يلحق البشر حيث كانوا ..." جورج بالوشي هورفت في كتابه ( الثورة الجنسية )؟.
ويلفت المؤرخ أرنولد توينبي " النظر إلى أن سيطرة الغرائز الجنسية على السلوك والتقاليد يمكن أن تؤدي إلى تدهور الحضارات "، ومع تلك الخطورة على الإنسانية بشكل عام وجدنا مجموعة كبيرة من البشر لا يكلون ولا يملون من الدعوة إلى انتشار الجنس - وخاصة بين المسلمين -، فحال الشرق الإسلامي لن يستقيم تبعاً لأهوائهم إلا بانتشار الجنس بين أفراده، وسيطرة الشهوة على تحركات هؤلاء المسلمين، فهذا أحدهم يقول: " لن يستقيم حال الشرق ما لم تخرج المرأة سافرة متبرجة "، وآخر يقول: " كأس وغانية تفعلان بأمة محمد ما لا يفعله ألف مدفع "، وآخر يقول: " يجب أن يتضامن الغرب المسيحي شعوباً وحكومات، ويعيدوا الحرب الصليبية في صورة أخرى ملائمة للعصر ( الغزو الثقافي )، ولكن في أسلوب نافذ حاسم".
إن أعداء الأمة من الداخل والخارج يريدون انتشار الجنس بين المسلمين، ولعل الواقع الذي نعيشه يدل على نجاح هؤلاء الأعداء في تحقيق بعض ما يسمون إليه، ومن المظاهر التي تدل على ذلك:-
1) ظهور ما يسمى بتلفزيون الواقع، الذي يقوم بنقل أفكار بعض البرامج الغربية الساقطة، وتهيئتها وتقديمها بالصبغة الشرقية.
2) انتشار الأغاني الإباحية العربية التي أصبح مخرجوها يتفننون في إخراج المرأة في أبهى صورة، بإظهار مفاتنها، وجعلها شبه عارية، بل إنهم يتفننون ويبتكرون في طريقة ذلك العري بهدف الإثارة، ومحاولة الوصول إلى أكبر قدر ممكن من تحريك الغريزة لدى المشاهد.
3) انتشار الأفلام - وخاصة الجنسية منها - بين طائفة كبيرة من المسلمين.
4) انتشار المجلات الماجنة الجنسية الفاضحة، بالإضافة إلى إقبال المجلات العادية على نشر الصور العارية، وظهور ذلك في أغلفتها، وخير دليل على ذلك وقفة بسيطة أمام بائع الصحف والمجلات!.
5) انتشار القصص الغرامية، وكثرة تداولها بين شباب الأمة، وكأنها الزاد الذي يجب أن يتزود به المسلم أو المسلمة لآخرته.
6) انتشار الكباريهات والنوادي التي تشجع الفاحشة بصورة أو بأخرى.
7) التبرج والسفور الذي نراه في شوارعنا، فتلك الفتاة التي تخرج متبرجة وسافرة تكشف عن جسدها أو تكون كاسية عارية تدفع إلى ذلك التسعير الجنسي الذي يبتغيه أعدائنا، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك الاختلاط غير المشروع بين الرجال والنساء، وصدق ابن القيم حين قال: الاختلاط أصل كل مفسدة.
8) انتشار العلاقات العاطفية بين المسلمين، وأقصد المحرمة، والتي وجدت نظاماً دولياً ينظمها، ووجدت عرفاً فاسداً لا يمنعها، وغير ذلك من المظاهر التي يقف عليها كل من يتابع حياتنا اليومية بنظرة إسلامية لا بنظرة عرفية أو دنيوية فاسدة.
وهنا ترى هل يستشعر المسلمون بهذا الخطر، أم أنهم سيظلون على ما هم عليه؟ سؤال يطرح نفسه في ظل وضع مأسوي تعيشه الأمة الإسلامية!، وعموماً فإني في نهاية المطاف أود أن أقدم بعض وسائل العلاج لهذا الداء سائلاً المولى - تبارك وتعالى - أن يعيننا على الأخذ بتلك الوسائل وتنفيذها:-
1) استشعارنا بوجود هذا الداء في جسد الأمة، وبخطره الشديد إذا بقي دون علاج، ثم يلي ذلك تشخيص المرض تشخيصاً دقيقاً، والإحاطة بكل جوانبه وتحديدها بدقة، وهذه أولى مراحل العلاج.
2) العودة إلى الأيمان الحقيقي بالله - سبحانه وتعالى -، وبث ذلك في نفوس المسلمين ولاسيما الشباب فهم أكثر طوائف الأمة استهدافاً من جانب أعدائنا، ولا شك أن بث المعاني الإيمانية في قلوبنا من الخشية لله - سبحانه وتعالى - ومراقبته، والحياء منه، والتوكل عليه، واليقين به؛ سيحدث نوعاً من المناعة لدينا تجعلنا ننأى بأنفسنا عن تلك القاذورات التي تعرض علينا، ونقذف بها من كل جانب.
3) إطفاء الفتنة وإخمادها بتقوى الله - سبحانه وتعالى -، فلقد سأل أحد الصالحين وهو طلق بن حبيب عن الفتنة، وكيفية إطفائها؟ فقال لهم: أطفئوها بتقوى الله - عز وجل -!! فقالوا له: وما التقوى؟ قال: " أن تعمل بطاعة الله على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تبتعد عن معصية الله على نور من الله، تخشى عقاب الله".
4) الابتعاد عن مواطن الفتنة والإثارة وتحريك الغرائز؛ فهناك حقيقة يجب أن يعلمها الجميع، وهي أن الشهوة الجنسية هي الشهوة الوحيدة الساكنة التي تحتاج إلى ما يحركها، فشهوة الأكل والشرب مثلاً لا يتحكم الإنسان فيها، ولا تحتاج إلى ما يحركها، ولذلك فإن المسلم عليه أن يبتعد عن مواطن الشهوة والفتنة حتى ينأى بنفسه عن اقتراف الفواحش والمعاصي.
5) محاربة العري، وأخذ المجتمع بكافة طوائفه هذا الأمر على عاتقهم - وخاصة الشباب -، ويجب أن تستخدم كل الوسائل الممكنة في سبيل تحقيق ذلك سواء عن طريق إقامة الندوات والمؤتمرات، أو تأليف الكتب والكتيبات، أو كتابة المقالات ونشرها في الصحف والمجلات، أو تجميع التوقيعات الرافضة للعري وإرسالها لكل من يبث العري وينشره بين المسلمين، وغير ذلك من الوسائل الممكنة والمتاحة التي تحتاج في تنفيذها إلى الهمة العالية، والرغبة الجازمة.
6) تيسير الزواج، ومحاولة تخفيض تكاليفه، ولا شك أن تأخير الزواج كان من أهم الأسباب التي دعت إلى انتشار الفاحشة بين المسلمين، ولذلك علينا أن لا نضع القيود التعجيزية في وجوه شبابنا حتى يستطيعوا أن يتزوجوا، وبالتالي يحفظون أنفسهم من الفاحشة، ويقبلون على حياتهم، وينفعون أمتهم، ويعيدون حضارة الإسلام من جديد.
7) تعميق معاني غض البصر، وعقوبة إطلاقه على محارم الله في نفوس المسلمين - ولاسيما الشباب -، وكذلك تعميق معاني حرمة الخلوة بالأجنبية، ولولا خشية الإطالة لتحدثنا عن ذلك بشيء من التفصيل نظراً للأهمية الشديدة لذلكما الأمرين.
8) منع الاختلاط بين الجنسين ، ويكفيني في هذا المقام أن أذكر لكم تلك المقولة الغاية في الخطورة والتي يقول صاحبها فيها: " التبرج والاختلاط كلاهما أمنيتان يتمناهما الغرب من قديم الزمان، لغاية في النفس يدركها كل من وقف على مقاصد العالم الغربي من الإسلام والمسلمين".
وأخيراً فإني أناشد الغيورين على هذه الأمة؛ والتي أظنك أيها القارئ من هؤلاء - إن شاء الله - إلى أن يتحركوا على كافة الأصعدة والميادين لإنقاذ المسلمين من هذا القصف الجنسي اليومي، والذي أخشى أن يدمر حياتنا، ويهدم أخلاقنا، ويقضي على أملنا في التغيير، وعودة الأمة إلى سابق مجدها وعزتها وكرامتها، والله أسأل أن يجعلنا هداة مهدين لا ضالين ولا مضلين، وأن يرزقنا الهدى والتقى، والعفاف والغنى، وأن يحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين، وأن ينجينا من كل سوء وفتنة، إنه على ذلك قدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
المفضلات