شرح حديث (المسلمون تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم )
عون المعبود على شرح سنن أبي داود: أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي
( تَتَكَافَأ ) : بِالْهَمْزِ فِي آخِره أَيْ تَتَسَاوَى ( دِمَاؤُهُمْ ) : أَيْ فِي الْقِصَاص وَالدِّيَات لَا يُفَضَّل شَرِيف عَلَى وَضِيع كَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة ( يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ ) : أَيْ بِأَمَانِهِمْ ( أَدْنَاهُمْ ) : أَيْ عَدَدًا وَهُوَ الْوَاحِد أَوْ مَنْزِلَة.
قَالَ فِي شَرْح السُّنَّة : أَيْ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ إِذَا آمَنَ كَافِرًا حَرُمَ عَلَى عَامَّة الْمُسْلِمِينَ دَمه وَإِنْ كَانَ هَذَا الْمُجِير أَدْنَاهُمْ مِثْل أَنْ يَكُون عَبْدًا أَوْ اِمْرَأَة أَوْ عَسِيفًا تَابِعًا أَوْ نَحْو ذَلِكَ فَلَا يُخْفَر ذِمَّته ( وَيُجِير عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ ) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ : مَعْنَاهُ أَنَّ بَعْض الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ قَاصِي الدَّار إِذَا عَقَدَ لِلْكَافِرِ عَقْدًا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَنْقُضهُ وَإِنْ كَانَ أَقْرَب دَار مِنْ الْمَعْقُود لَهُ ( وَهُمْ يَد عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ ) : قَالَ أَبُو عُبَيْدَة : أَيْ الْمُسْلِمُونَ لَا يَسَعهُمْ التَّخَاذُل بَلْ يُعَاوِن بَعْضهمْ بَعْضًا عَلَى جَمِيع الْأَدْيَان وَالْمِلَل.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى الْيَد الْمُظَاهَرَة وَالْمُعَاوَنَة إِذَا اِسْتُنْفِرُوا وَجَبَ عَلَيْهِمْ النَّفِير وَإِذَا اسْتُنْجِدُوا أَنْجَدُوا وَلَمْ يَتَخَلَّفُوا وَلَمْ يَتَخَاذَلُوا اِنْتَهَى.
وَفِي النِّهَايَة أَيْ هُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ لَا يَسَعهُمْ التَّخَاذُل بَلْ يُعَاوِن بَعْضهمْ بَعْضًا كَأَنَّهُ جَعَلَ أَيْدِيهمْ يَدًا وَاحِدَة وَفِعْلهمْ فِعْلًا وَاحِدًا اِنْتَهَى.
يَرُدّ مُشِدّهمْ عَلَى مُضْعِفهمْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ الْمُشِدّ الْمُقَوِّي الَّذِي دَوَابّه شَدِيدَة قَوِيَّة وَالْمُضْعِف مَنْ كَانَتْ دَوَابّه ضِعَافًا اِنْتَهَى وَفِي النِّهَايَة : يُرِيد أَنَّ الْقَوِيّ مِنْ الْغُزَاة يُسَاهِم الضَّعِيف فِيمَا يَكْسِبهُ مِنْ الْغَنِيمَة اِنْتَهَى.
وَقَالَ السُّيُوطِيُّ : وَجَاءَ فِي بَعْض طُرُق الْحَدِيث الْمُضْعِف أَمِير الرُّفْقَة أَيْ يَسِيرُونَ سَيْر الضَّعِيف لَا يَتَقَدَّمُونَهُ فَيَتَخَلَّف عَنْهُمْ وَيَبْقَى بِمَضْيَعَةٍ اِنْتَهَى.
( وَمُتَسَرِّيهمْ ) : بِالتَّاءِ الْفَوْقَانِيَّة وَبَعْدهَا سِين ثُمَّ الرَّاء ثُمَّ الْيَاء التَّحْتَانِيَّة.
وَفِي بَعْض النُّسَخ مُتَسَرِّعهمْ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة بَعْد الرَّاء.
قَالَ السُّيُوطِيُّ : هُوَ غَلَط , وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : الْمُتَسَرِّي هُوَ الَّذِي يَخْرُج فِي السَّرِيَّة , وَمَعْنَاهُ أَنْ يَخْرُج الْجَيْش فَيَنْحُوَا بِقُرْبِ دَار الْعَدُوّ ثُمَّ يَنْفَصِل مِنْهُمْ سَرِيَّة فَيَغْنَمُوا فَإِنَّهُمْ يَرُدُّونَ مَا غَنِمُوا عَلَى الْجَيْش الَّذِي هُوَ رِدْء لَهُمْ لَا يَنْفَرِدُونَ بِهِ , فَأَمَّا إِذَا كَانَ خُرُوج السَّرِيَّة مِنْ الْبَلَد فَإِنَّهُمْ لَا يَرُدُّونَ عَلَى الْمُقِيمِينَ شَيْئًا فِي أَوْطَانهمْ ( لَا يُقْتَل مُؤْمِن بِكَافِرٍ إلَخْ ) : يَأْتِي شَرْح هَذِهِ الْجُمْلَة فِي كِتَاب الدِّيَات فِي بَاب إِيقَاد الْمُسْلِم بِالْكَافِرِ ( وَلَا ذُو عَهْد فِي عَهْده ) : أَيْ لَا يُقْتَل مَعَاهَد مَا دَامَ فِي عَهْده ( الْقَوَد ) : بِفَتْحِ الْقَاف وَفَتْح الْوَاو الْقِصَاص وَقُتِلَ الْقَاتِل بَدَل الْقَتِيل , وَالْمُرَاد بِهِ قَوْله لَا يُقْتَل مُؤْمِن بِكَافِرٍ.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ : وَأَخْرَجَهُ اِبْن مَاجَهْ.
المفضلات