كلمة العدد
الحج .. فوائد وفرائد
أقبل موسم الحج وبإقباله تتجدد لواعج الأشواق في الأنفس المطمئنة،وتشرأب الأرواح الزكية متطلعة إلى مهوى الأفئدة ومواطن المغفرة... وتطوف في الخيال ذكريات طالما عاشها المسلم وهو يرتل كتاب ربه،وطالعها في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم...
فيالها من ذكريات تمتد عبر التأريخ منذ عهد خليل الرحمن وقصة هاجر وابنها إسماعيل مع زمزم،والبلاء المبين والذبح العظيم،ورفع القواعد من البيت العتيق،ثم ما جرى بعد أحقاب من الزمن من مواقف الثبات والتضحية في كل بقعة من تلك الرحاب الطاهرة ببعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم،وما تبعها بعد سنيات من نصرة الله له بفتح مكة،وختاماً بأحدث حجة الوادع، وتردده صلى الله عليه وسلم بين المناسك وأصحابه الكرام رضي الله عنهم يحيطون به ويحصون أقواله وأفعاله وينقلونها بكل أمانه لمن بعدهم من الأجيال المتلاحقة عبر التاريخ..
وفي هذه الأيام المعدودة من أشهر الحج تتحرك كوامن الخير في النفوس المؤمنة للمنافسة في الطاعات والمسارعة إلى الخيرات استجابةً لنداء الله وطاعةً لأمره،وابتغاء فضلا من الله ورضواناً ، وطمعاً في رحمته،ورجاء مغفرته،واشتياقاً للوصول إلى مهوى الأفئدة ومثابة للناس ومأرز الإيمان..
فيا لله كم لهذه الشعيرة العظيمة من منافع في الدنيا والآخرة لايحصيها محصٍ ،ولا يحيط بها عادّ،ولذلك فرضها الله على كل مسلم ومسلمة ،وقيده الوجوب بالاستطاعة رحمة بالعباد،واعتبرها رسوله صلى الله عليه وسلم ركناً من أركان الإسلام،وجعل في العمر مرة تخفيفا عليهم ,ولما فيه من المنافع الدنيوية والأخروية وما يترتب عليه من جزيل الثواب حث النبي صلى الله عليه وسلم على تكراره وأعتبره جهاد .. فمن منافعه للفرد التربية العملية على الكثير من المعاني والأخلاق والسلوك من حين إقباله على الله ملبياً،وتجرده من زينته ولباسه مُهلاً ومحرماً،ومفارقته أهله ودياره موصّياً ومودعاً،فيتحمل آلام الفراق ومشاق الطريق,وينفق أمواله بطيب نفس وسخاء،ويأتي لأرضٍ لم يألفها ،ويقيم في مكان لم يعتاده،ويجالس أناس لا عهد له بهم،ويتعبد الله بكل مبيت ومسير، ويرى من المشاهد،ويعيش ممن المواقف ما يزيد إيمانه ويحقق له التقوى بأسمى معانيها... فلا يشعر إلا ونور الهداية يشرق في قلبه،ولسانه يلهج بالاستغفار، وتتحدر عينيه بدموع الندم،ليتوب توبةً نصوحاً... فيرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، لينعم بعدها بالاستقامة والصلاح واثبات على الحق ما امتدت به الحياة,،
ومن منافعه التعارف والتآلف بين المسلمين قاطبة وإزالة الفوارق العصبية والحزبية التي تحول بينهم وبين وحدتهم واتفاق كلمتهم،حين يجتمع المسلمون بشتى جنسياتهم وألوانهم وثقافاتهم في صعيد واحد بهيئة واحدة ولباس واحد ليكونوا مؤتمراً إسلامياً يذكرهم بما يجب أن يكونوا عليه من اجتماع وتعاون وترابط تحقيقاً لمبدأ الجسد الواحد والبنيان المرصوص،ويلقي المهابة في قلوب أعدائهم بمشاهدته القضايا المتعلقة بذلك،وتوجيه عامة المسلمين وخاصتهم للاستفادة من ذلك فيما يعود بالخير والنفع على الإسلام وأهله
الشيخ / حميدان الجهني
المشرف العام على شبكة مفكرة الدعاة
وقفة مع آية
إعداد: أمل محمد
﴿ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نعمتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلاَمَ دِينًا﴾ المائدة3
نزلت هذه الآية الكريمة في حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة، في نفس اليوم الذي خطب فيه عليه الصلاة والسلام خطبةً جامعةً في موقف عرفة، أرسى فيها قواعد الإسلام وهدم مبادئ الجاهلية، وعظَّم حرمات المسلمين.. خطب الناس وودَّعهم بعد أن استقرَّ التشريع وكمل الدين وتمت النعمة ورضي الله هذا الإسلام دينًا للإنسانية كلها.
لقد كانت خطبةُ الوداع لقاءً رائعًا بين أمة ورسولها؛ كان لقاءَ توصية ووداع.. توصية رسول لأمته، لخَّص لهم فيه أحكام دينهم ومقاصده الأساسية في كلمة جامعة مانعة، خاطب بها صحابته والأجيال من بعدهم، بل خاطب البشرية عامةً، بعد أن أدَّى الأمانة وبلَّغ الرسالة، ونصح الأمة في أمر دينها ودنياها..
مفكرة الداعيات
في الحج درس ٌ عظيم في المساواة والعدل ..
الكل يطوف ببيت الله ..
الكل يرمي الجمار ..
الكل ..يسعى ويحلق رأسه أو يقصر ..
ليس للشريف أن يتخطى ركنا ..أو يفعل محظورا ..
الكل أمام الله برداء أبيض ..
وكأنما هو كفن الميت ..
لا تميز ..
لا تفاخر ..
لا ترف ..
هي الدنيا ..يكفيك منها خرقة بالية ..
فالحياة فيها للروح لا للجسد الفاني ..!
جمع وترتيب متفائلة
بعض الفوائد
من خطبة لفضيلة الشيخ : عائض القرني
لقد وقف هذا الرسول الكريم في عرفات، وأرسى قضايا ثلاث:
القضية الأولى : القضاء على التمييز العنصري، لقد ألغى "محمد"- صلى الله عليه وسلم- كل ألوان التمييز العنصري، وداس عليه بقدميه، وذلك قبل أربعة عشر قرنًا من الزمان، في حين أن دولة من الدول في عصرنا الحاضر، تتبجح بأنها أعظم دولة في العالم، لا زالت تفرق بين مواطنيها بحسب ألوانهم!!
أما في الإسلام فلا أبيض، ولا أسود، ولا أحمر؛ لا نسب، لا مال، لا جاه: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: 13.
وقف النبي ينادي: يا أبا بكر، يا قرشي، يا سيد، أنت وبلال الحبشي أخوان، لا فرق بينكما عند الله إلا بالتقوى، وقف هناك يقول: يا عمر، يا أبا حفص، يا فاروق الإسلام، أنت وصهيب الرومي أخوان، وقف هناك يقول: يا علي أنت وسلمان الفارسي أخوان.
إنْ كِيْدَ مُطَّرَفُ الإخـاء فإننا نغدو ونسري في إخاءٍ تالد
أو يتفرق ماء الغمـام فماؤنا عذبٌ تحدّر من غمام واحد
أو يختلف نسـب يؤلف بيننا ديـن أقمناه مقـام الوالـد
أما القضية الثانية : فقد أعلن فيها حقوق المرأة، وأنها إنسانة لها شأنها في المجتمع، فهي تمثل نصف الأمة، ثم هي تلد النصف الآخر، فهي أمة كاملة.
أما الذين يدعون إلى ما يسمى بحرية المرأة، فأولئك هم أعداء المرأة، وقتلة المرأة، لا يريدون إلا أن تكون المرأة جسدًا مشاعًا، يفترسه ذئاب الأرض وكلابها.
أما القضية الثالثة : تلك التي قررها رسول الله في هذا الموقف العظيم، فهي قضية الإنسان، قضية حقوق الإنسان، فقد نادى هذا النبي العظيم بحقوق الإنسان، وأنه لابد أن يكون محترمًا، له مكانته بين الناس، لا أن يعامل كما يعامل الحيوان.
جمع وترتيب لبيبة
المفضلات