بارك الله فيك على هذهـ المواضيع الرائعه ..
من أسرار الحج ومنافعه
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:
فلقد شرع الله الشعائر والعبادات لحكم عظيمة، ومصالح عديدة، لا ليضيق بها على الناس، ولا ليجعل عليهم في الدين من حرج.
ولكل عبادة في الإسلام حكم بالغة، يظهر بعضها بالنص عليها، أو بأدنى تدبر، وقد يخفى بعضها إلا على المتأملين الموفقين في الاستجلاء والاستنباط.
والحكمة الجامعة في العبادات هي تزكية النفوس، وترويضها على الفضائل، وتطهيرها من النقائص، وتصفيتها من الكدرات، وتحريرها من رق الشهوات، وإعدادها للكمال الإنساني، وتقريبها للملأ الأعلى، وتلطيف كثافتها الحيوانية؛ لتكون رقاً للإنسان، بدلاً من أن تسترقه.
وفي كل فريضة من فرائض الإسلام امتحان لإيمان المسلم، وعقله، وإرادته.
هذا وإن للحج أسراراً بديعة، وحكماً متنوعة، وبركات متعددة، ومنافع مشهودة، سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الأمة.
فمن أسرار الحج ومنافعه ما يلي:
فكمال المخلوق في تحقيق العبودية لربه، وكلما ازداد العبد تحقيقاً لها؛ ازداد كماله، وعلت درجته.
وفي الحج يتجلى هذا المعنى غاية التجلي؛ ففي الحج تذلل لله، وخضوع وانكسار بين يديه؛ فالحاج يخرج من ملاذ الدنيا مهاجراً إلى ربه، تاركاً ماله وأهله ووطنه، متجرداً من ثيابه، لابساً إحرامه، حاسراً عن رأسه، متواضعاً لربه، تاركاً الطّيب والنساء، متنقلاً بين المشاعر بقلب خاضع، وعين دامعة، ولسان ذاكر يرجو رحمة ربه، ويخشى عذابه.
ثم إن شعار الحاج منذ إحرامه إلى حين رمي جمرة العقبة والحلق: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.
ومعنى ذلك: أنني خاضع لك، منقاد لأمرك، مستعد لما حملتني من الأمانات؛ طاعة لك، واستسلاماً، دونما إكراه أو تردد.
وهذه التلبية ترهف شعور الحاج، وتوحي إليه بأنه - منذ فارق أهله - مقبل على ربه، متجرد عن عاداته ونعيمه، منسلخ من مفاخره ومزاياه.
ولهذا التواضع والتذلل أعظم المنزلة عند الله - عز وجل - إذ هو كمال العبد وجماله، وهو مقصود العبودية الأعظم، وبسببه تمحى عن العبد آثار الذنوب وظلمتها؛ فيدخل في حياة جديدة ملؤها الخير، وحشوها السعادة.
وإذا غلبت هذه الحال على الحجاج، فملأت عبودية الله قلوبهم، وكانت هي المحرك لهم فيما يأتون وما يذرون؛ صنعوا للإنسانية الأعاجيب، وحرروها من الظلم، والشقاء، والبهيمية.
فالذكر هو المقصود الأعظم للعبادات؛ فما شرعت العبادات إلا لأجله، وما تقرب المتقربون بمثله.
ويتجلى هذا المعنى في الحج غاية التجلي، فما شرع الطواف بالبيت العتيق، ولا السعي بين الصفا والمروة، ولا رمي الجمار، إلا لإقامة ذكر الله.
قال تعالى: ) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ..( (الحج: 28).
وقال سبحانهلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا( (البقرة: 198-200).
ارتباط المسلمين بقبلتهم التي يولّون وجوههم شطرها في صلواتهم المفروضة خمس مرات في اليوم.
وفي هذا الارتباط سر بديع؛ إذ يصرف وجوههم عن التوجه إلى غرب كافر، أو شرق ملحد؛ فتبقى لهم عزتهم وكرامتهم.
إذ يجتمع في الحج من العبادات ما لا يجتمع في غيره؛ فيشارك الحج غيره من الأوقات بالصلوات وغيرها من العبادات التي تفعل في الحج وغير الحج.
وينفرد بالوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار، وإراقة الدماء، وغير ذلك من أعمال الحج.
فالحج يهدم ما كان قبله.
وتقبلوا تحيات أخوكم / عادل الهرفي
بارك الله فيك على هذهـ المواضيع الرائعه ..
جزاك الله كل خير وبارك فيك
ويعطيك العافيه
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات