السؤال الثالث عشر:
ما حكم من يدعو غير الله وهو يعيش بين المسلمين وبلغه القرآن ، فهل هذا مسلم تلبس بشرك أم هو مشرك ؟
الجواب :
من بلغه القرآن والسنة على وجه يستطيع أن يفهمه لو أراد ثم لم يعمل به ولم يقبله فإنه قد قامت عليه الحجة ، ولا يعذر بالجهل لأنه بلغته الحجة ، والله جل وعلا يقول: ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ ) ، سواء كان يعيش مع المسلمين أو يعيش مع غير المسلمين .. فكل من بلغه القرآن على وجه يفهمه لو أراد الفهم ثم لم يعمل به فإنه لا يكون مسلماً ولا يعذر بالجهل.
السؤال الرابع عشر:
هل يشترط في إقامة الحجة فهم الحجة فهماً واضحاً جلياً أم يكفي مجرد إقامتها ؟ نرجو التفصيل في ذلك مع ذكر الدليل ؟
الجواب :
هذا ذكرناه في الجواب الذي قبل هذا، أنه إذا بلغه الدليل من القرآن أو من السنة على وجه يفهمه لو أراد .. أي بلغه بلغته ، وعلى وجه يفهمه ، ثم لم يلتفت إليه ولم يعمل به فهذا لا يعذر بالجهل لأنه مفرِّط .
السؤال الخامس عشر:
هل تكفير شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - للطائفة الممتنعة من أداء شعيرة الزكاة - حين فعل هذا من ارتد من العرب - لأجل جحدهم للوجوب أم لأجل مجرد المنع وعدم الالتزام بالأداء ؟
الجواب :
هذا فصّل فيه أهل العلم، قالوا إن مانع الزكاة إن كان يجحد وجوبها فهذا كافر ويقاتل قتال ردة ، وأما إن كان منعه لها من أجل بخل وهو يعتقد وجوبها فهذا يقاتل حتى يخضع لأداء الزكاة فلا يحكم بكفره، فيقاتل امتناعاً لمنعه الزكاة حتى تؤخذ منه. وأما ما نُسب إلى الشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى أنه كفرهم مطلقاً فأنا لم أطلع على هذا الكلام .
السؤال السادس عشر:
ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ؟
الجواب :
من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل .
أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها .
السؤال السابع عشر:
ما حكم من يقول بأن من قال : أن من ترك العمل الظاهر بالكلية بما يسمى عند بعض أهل العلم بجنس العمل أنه كافر ؛ أن هذا القول قالت به فرقة من فرق المرجئة ؟
الجواب :
هذا كما سبق. أن العمل من الإيمان، العمل إيمان، فمن تركه يكون تاركاً للإيمان، سواء ترك العمل كله نهائياً فلم يعمل شيئاً أبداً، أو أنه ترك بعض العمل لأنه لا يراه من الإيمان ولا يراه داخلاً في الإيمان فهذا يدخل في المرجئة .
السؤال الثامن عشر:
هل تكفير السلف - رضوان الله عليهم - للجهمية ، كفر أكبر مخرج من الملة أم هو كفر دون كفر والمراد منه الزجر والتغليظ فقط ؟
الجواب :
تكفير السلف للجهمية تكفير بالكفر الأكبر لأنهم جحدوا كلام الله عز وجل، قالوا : كلام الله مخلوق ، وجحدوا أسماء الله وصفاته فهم معطلة ، وهم مكذبون لما في القرآن وما في السنة من إثبات أسماء الله وصفاته ، وأيضاً يعتقدون بالحلول وأن الله تعالى حال في كل مكان تعالى الله عمّا يقولون . فمقالاتهم تقتضي الكفر الأكبر، فتكفير السلف لهم هو من التكفير بالكفر الأكبر، إلا من كان جاهلاً مقلداً اتبعهم وهو يظن أنهم على حق ولم يعرف مذهبهم ولم يعرف حقيقة قولهم فهذا قد يعذر بالجهل.
السؤال التاسع عشر:
هل إطلاقات السلف في تكفير أعيان الجهمية كتكفير الشافعي لحفص الفرد حين قال بخلق القرآن فقال له الشافعي : كفرت بالله العظيم ؛ كما نقل ذلك اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة ، وكتكفير الجهم بن صفوان وبشر المريسي والنظَّام وأبو الهذيل العلاّف كما ذكر ذلك ابن بطة في الإبانة الصغرى ... يراد منه تكفير أعيان هؤلاء أم تكفير ألفاظهم لا أعيانهم ؟
الجواب :
من نطق بالكفر أو فعل الكفر فإنه يكفر بعينه ، فمن فعل الكفر أو نطق به وهو ليس ممن يعذر بالجهل فإنه يكفر بعينه ، ونحكم عليه بالكفر .
السؤال العشرون:
ترد بعض الإصطلاحات في كتب أهل السنة مثل : الالتزام، الإقناع، كفر الإعراض، فما معنى هذه المصطلحات؟
الجواب :
الكفر أنواع: منه كفر الإعراض وكفر التكذيب ومنه كفر الجحود، كل هذه أنواع من الكفر، فالكفر ليس نوعاً واحداً وإنما هو أنواع . وأيضا الكفر ينقسم إلى كفر أكبر مخرج من الملة ، وكفر أصغر لا يخرج من الملّة، فلا بد من دراسة هذه الأمور ومعرفتها بالتفصيل، فالكفر ليس على حد سواء.
السؤال الحادي والعشرون:
ما معنى قول شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الناقض الثالث من نواقض الإسلام : " من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم فهو مثلهم " ؟
الجواب :
أي نعم هو كذلك، لأنه رضي بما هم عليه ووافقهم على ما هم عليه، فمن لم يكفرهم أو رضي بما هم عليه أو دافع دونهم فإنّه يكون كافراً مثلهم، لأنه رضي بالكفر وأقرّه ولم ينكره.
السؤال الثاني والعشرون:
ما حكم من يقول : ( إن الشخص إذا لم يكفر النصارى لعدم بلوغ آية سورة المائدة : { لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ...} فإنه لا يكفر حتى يعلم بالآية ) ؟
الجواب :
ليس تكفير اليهود والنصارى قاصراً على سورة المائدة، بل تكفيرهم كثير في القرآن ، وأيضاً كفرهم ظاهر من أقوالهم وأفعالهم وما في كتبهم التي يتدارسونها ، مثل قولهم : المسيح ابن الله، أو قولهم إن الله ثالث ثلاثة، وقولهم إن الله هو المسيح ابن مريم، أو قول اليهود إن عزيراً ابن الله، أو أن الله فقير ونحن أغنياء أو يد الله مغلولة .. أو غير ذلك مما هو موجود في كتبهم التي في أيديهم، فكفرهم ظاهر في غير سورة المائدة.
السؤال الثالث والعشرون:
ما الدليل على مشروعية شروط شهادة : أن لا إله إلا الله ، من العلم والانقياد والصدق والإخلاص والمحبة والقبول واليقين ، وما الحكم في من يقول " تكفي شهادة أن لا إله إلا الله بمجرد قولها دون هذه الشروط " ؟
الجواب :
هذا إمّا أنه مضلل، يريد تضليل الناس وإمّا أنه جاهل يقول ما لا يعلم. فلا إله إلا الله ليست مجرد لفظ، بل لا بد لها من معنى ومقتضى، ليست مجرد لفظ يقال باللسان . والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : ( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله ) ، أو قوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ) ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها ) ، إلا بحق لا إله إلا الله .. فلم يكتف بمجرد قولهم لا إله إلا الله إذا لم يلتزموا بحقها وهو العمل بمقتضاها ومعرفة معناها، فليست لا إله إلا الله مجرد لفظ يقال باللسان .. ومنها تؤخذ هذه الشروط العشرة التي ذكرها أهل العلم.
السؤال الرابع والعشرون:
نرجو تفسير قوله تعالى : { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } الآية تفسيراً مفصَّلاً مع بيان حكم الإكراه في هذه الآية ؟
الجواب :
هذه الآية تدل على أن من نطق بكلمة الكفر مكرهاً عليها وهو غير معتقد لها، وإنما قالها ليتخلص بها من الإكراه فإنه معذور. كما في قصة عمّار بن ياسر رضي الله عنه لمّا أجبره المشركون على أن يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وآذوه وأبوا أن يطلقوه حتى يسب الرسول صلى الله عليه وسلم ، فتكلم بلسانه بما يطلبون منه، وجاء يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قال: كيف تجد قلبك؟ قال: أجد في قلبي الإيمان بالله ورسوله، فأنزل الله تعالى ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ)
فإذا قال الإنسان كلمة الكفر مكرهاًَ عليها يريد التخلص من الإكراه فقط ولم يوافقه بقلبه فإنها رخصة رخص الله فيها للمكره، وهذه خاصة بالمكره دون غيره. وكذلك في قوله: ( إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) أي من الكفار ، فهذا في الإكراه ، وأما في غير الإكراه فلا يجوز موافقتهم ولا إعطائهم ما يطلبون من كلام الكفر أومن فعل الكفر.
السؤال الخامس والعشرون:
ما حكم موالاة الكفار والمشركين؟ ومتى تكون هذه الموالاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملّة؟ ومتى تكون ذنباً وكبيرة من كبائر الذنوب؟
الجواب :
الله جلّ وعلى يقول : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) ، وقوله سبحانه : ( لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ) ، فيجب معاداة الكفار وبغضهم وعدم مناصرتهم على المسلمين ، وقطع الصلة معهم من ناحية المودة والمحبة وبغض ما هم عليه من الكفر، كل هذا يجب على المسلم أن يقاطعهم فيه وأن يبتعد عنهم ولا يحبهم ولا يناصرهم على المسلمين ولا يدافع عنهم ولا يصحح مذهبهم، بل يصرح بكفرهم وينادي بكفرهم وضلالهم ويحذر منهم .
السؤال السادس والعشرون:
ما هي نصيحتكم لطلبة العلم لمن أراد ضبط مسائل التوحيد والشرك ومسائل الإيمان والكفر ؟ وما هي الكتب التي تكلمت عن هذه المسائل وفصَّلتها ؟
الجواب :
هذا أشرنا إليه في مطلع الأجوبة ، بأن المعتمد في هذا كتب السلف الصالح . فعليه أن يراجع كتب سلف هذه الأمة من الأئمة الأربعة وقبلهم الصحابة والتابعون وأتباعهم والقرون المفضلة، وهذا موجود في كتبهم ولله الحمد ، في كتب الإيمان وكتب العقيدة وكتب التوحيد المتداولة المعروفة عن الأئمة الكبار رحمهم الله ، مثل كتب شيخ الإسلام ابن تيمية ، وكتب الإمام ابن القيم ، وكتب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب .. وكتب السلف الصالح : مثل كتاب الشريعة لـلآجري ، والسنة لعبدالله بن الإمام أحمد، والسنّة للخلال ، ومثل كتاب العقيدة الطحاوية وشرحها للعز بن أبي العز ... كل هذه من كتب أهل السنة ومن العقائد الصحيحة الموروثة عن السلف الصالح فليراجعها المسلم. ولكن كما ذكرنا لا يكفي الاقتصار على مطالعة الكتب وأخذ العلم عنها بدون معلم وبدون مدرس، بل لا بد من اللقاء مع العلماء ولابد من الجلوس في حلقات التدريس، إما الفصول الدراسية وإما في حلق العلم في المساجد ومجالس العلم، فلا بد من تلقي العلم عن أهله سواء في العقيدة أو في غير العقيدة ، و لكن العقيدة الحاجة أشد في هذا لأنها هي الأساس ، ولأن الغلط والخطأ فيها ليس كالخطأ والغلط في غيرها.
وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
المصدر: موقع الشيخ صالح الفوزان
المفضلات