الاخـــــــــــــــــــوه بالله

الحمد لله ولي الصالحين 00ولاعدوان الا على الظالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
كم تصبح الحياة قاسية حين ينضب معين الأخوة00 وتجف ينابيع الحب في الله00 وإذا حلِّت الأنانية وحب الذات
محل الأخوة عند ذلك يعيش الفرد حياة نكدة00 ويشعر بعزلة قاسية عن مجتمعه0
كثير من الناس يمارس ألوانًا من مفسدات الأخوة00 فيتفنن في إبعاد الآخرين عنه0 تارة يشعر بذلك0 وتارة لا يشعر بذلك0 فيعيش عزلة نفسية يتجرعها في الدنيا0
وانطلاقًا من هذا نحاول أن نتكلم عن مفسدات الأخوة في الله0 ولكن قبل ذلك لا بد أن نقوم بجولة في رياض السنة لنقتطف بعض الأحاديث الثابتة عن الأخوة في الله0 والحب في الله0 ونزينها ببعض أقاويل سلف الأمة0 وقبل ذلك يقول00 سبحانه وتعالى 0(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)0وذكر من نعيم أهل الجنة المعنوي00(وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)00 فإن الذي ينغص ويفسد جو الإخوة أن يكون في القلوب غلٌ وحقدٌ وحسدٌ0 ينكد على الإنسان عيشته في الدنيا0
وذكر00 صلى الله عليه وسلم00 في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وَرَجُلان تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ00 رواه البخاري ومسلم0 وفي الحديث القدسيقَالَ اللَّهُ00 عز وجل 00 (الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمْ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ)رواه الترمذي وأحمد0
وفي الحديث القدسي الآخر يقول(حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَوَاصِلِينَ فِيَّ) رواه مالك وأحمد0
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ 0 صلى الله عليه وسلم 00(0أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ 00 عز وجل00 قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ0)0 رواه مسلم0
أما أقوال السلف
فيقول محمد بن المنكدر لما سئل ما بقي من لذته في هذه الحياة؟ قال00 لقاء الإخوان وإدخال السرور عليهم0
وقال الحسنإخواننا أحب إلينا من أهلينا00 إخواننا يذكرونا بالآخرة0 وأهلونا يذكرونا بالدنيا0
وسئل سفيان00 ما ماء العيش؟ قاللقاء الإخوان00 وقيل0 0حلية المرء كثرة إخوانه وقال خالد بن صفوان00إن أعجز الناس من يقصر في طلب الإخوان0 وأعجز منه من ضيع من ظفر بهم0
تأمل هذه الأقوال الجميلة آيات الله0 وأحاديث الرسول0 وأقوال سلف الأمة0 وانظر إلى الواقع0 يعطيك دليلاً على واقعيتها ومصداقيتها فمن الذي أعانك على الالتزام والدخول في عالم الهداية؟ من الذي يثبتك على طريق الاستقامة في خضم هذه الفتن؟ من الذي تبث إليه همومك؟ من الذي يقف معك عند النكبات والأزمات؟ لذلك قال عمر00لقاء الإخوان جلاء الأحزان0
إذاً كيف يطيب لعاقل أن يقطع أواصر الأخوة ليعيش حياة الهموم والغموم بعيدًا عن فضائل الأخوة في الله ونتائجها العظيمة؟
مفسدات الأخوة

هناك مفسدات كثيرة نذكر منها00
أولاً الطمع في الدنيا بما في أيدي إخوانك00 قال صلى الله عليه وسلم 00(ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّوكَ) رواه ابن ماجة00 فلا شك أن الذي يتطلع لما في يدك لا تحبه00 والذي يشعرك بالزهد في ما بين يديك تجله0 وتجعل له تقديرًا لائقًا به0 لذلك لا ينبغي للعاقل أن يتطلع لما في أيدي الناس0
وإذا ألمت بك مصيبة00 فاطلب مشورة أخيك00 ولا تطلب منه حاجتك00 فهو إن كان يعزك ويعرف قدرك00 فسينبري لمساعدتك00 ولا حاجة للطلب وإراقة ماء الوجه0
ثانيًا المعاصي00 وتضييع الطاعات فإذا نضبت ساعة الصحبة من الذكر والعبادة00 أو التناصح والتذكير والتعليم00 فإن الجفاف ينزل في هذه الصحبة والعلاقة بسبب قسوة القلب والملل00 حيث ينفتح باب الشر0 بل أبواب الشر0 فينشغل كل واحد بأخيه0 وصدق رسول الله عندما قال00 (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا تَوَادَّ اثْنَانِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ أَحَدُهُمَا)رواه أحمد
لذلك ذكر ابن القيم رحمه الله 00 في الجواب الكافي00من آثار المعصية وحشة يجدها العاصي مع إخوانه00 لذلك تجد المنتكسين الذين بدأوا في مسلسل الضعف يتحاشون لقاء الإخوان00 فالمعاصي قطعت العلائق0 لأنه قطع الصلة بالله فانقطعت الصلة مع أحببته في الله0
وانظر وتفقد قلبك هل تشعر براحة وانشراح صدر حين تلقى إخوانك الجادين0 أم تتوارى وتشعر بالحرج0 راقب نفسك0حاسب نفسك0
أما أصحاب المعاصي والمنكرات فعلائقهم مادية تراهم في يوم في ضحك وجلسات وسفرات0 ثم تنقلب إلى عداوة00 لأنها ما بنيت على تقوى0 ثم يكون لهم الخزي والعار يوم القيامة( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) أخوة في الله في الدنيا00 وتواصل في الجنان ( إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ)
ثالثًا عدم التزام الآداب الشرعية في الحديث فقد ترك لنا النبي منهجًا راقيًا00 يبني علاقاتنا00 ويزكي نفوسنا0 ويهذب مشاعرنا0 ويصفي علاقاتنا0 من ذلك00

اختيار أطايب الكلام في محادثة الإخوان قال 00 سبحانه (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ للانْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) يسميه الناس الآن الاصطياد في الماء العكر00 يلقي كلمة ما قصد بها شراً00 لكن تحتمل معاني00 هذه فرصة الشيطان00 يقصدك0 تنقصك00 يرمي إلى كذا00 هل يقصد كذا؟
لذلك وجب على المتحابين أن ينتقوا أطايب الكلام كما ينتقون أطايب الطعام00 وقديمًا قال النبي00( الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌرواه البخاري ومسلم00 وقال00 سبحانه 00 موجهًا إلى خفض الصوت مع الإخوان000( وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)
تكلم بالكلمة التي تسمع أخيك أما أن تتطاول بالكلام وترفع صوتك فأنت تقطع علاقاتك من حيث تشعر أو لا تشعر0
وبعض الناس 00حتى ولو لم يكن مثاراً ولم يكن في حالة غضب00 لم يتعود على الكلام المهذب00 ديدنه رفع الصوت0 والسباب والشتم0 والاحتقار والسخرية0 فيزرع العداوات0 ويقضي على العلاقات00
وللحديث بقيـــــــــــــــــــــــــــــه غدآ بحول الله وقـــــــوته
هذا والله اعلم واقدر وصلى الله وسلم

ابو البندري

جعلنا الله من المتاحبين بالله


بارك الله وجزاك الله كل خير

جزاك الله خيرا وجعل لك بكل حرف عشر حسنات على ماطرحت أخي أبو البندري وتقبل مروري

بارك الله فيك
يابو البندري

بارك الله فيك على هذا الطرح

جزاكم الله خيرا.