من قضايا البشعة عند قبيلة العيايدة في الاسماعيلية في مصر..؟؟
السلام عليكم
بالرغم من إننا نعيش فى عام 2017 وفى القرن الحادى والعشرين إلا أن هناك أشخاصا وعائلات وقبائل يلجأون إلى البشعة "جهاز كشف الكذب" وأهمها قضايا الشرف والسرقة والدم "القتل" وإثبات النسب للاحتكام والفصل بينهم فى العديد من المشاكل والقضايا.
و"البِشّعَة" إحدى مفردات التحكيم بين المتخاصمين وخلالها يحتكم المتخاصمون للنار للفصل بينهم بلعقها عند محكم متخصص يسمى "المبشع" والمنوط به تنفيذ حكم القضاة العرفيين ووسيلة تهدف إلى إظهار الحقيقة فى أمر من الأمور عندما يتعذر إظهارها بوسيلة أخرى، وتتمثل بتعريض من يكون محلاً لها للنار وتفترض البشعة تدخلاً من القوى الغيبية للمعاونة فى إظهار الحقيقة بجعل النار تحدث للمبتلى أذى أن كان مذنباً، وينجو من الأذى أن كان بريئاً.
البشعة، هى قطعة حديدية على هيئة طاسة يطلق عليها "بشعة"، يتم وضعها بالنار حتى الاحمرار، ثم جعل المتهم يلحسها بعد قسمه على أنه برىء ولم يقتل أو يسرق أو يغتصب، كل حسب تهمته، فإذا كان بريئًا لن يشعر بحرارتها، وإذا كان كاذبًا سلخت لسانه.
ويلجأ الأطراف إلى البشعة عندما تثور الشبهات حول ارتكاب أحد الأشخاص جريمة من الجرائم دون توافر الأدلة على إدانته، أو براءته أو عندما تتعارض الأدلة فيما بينها تعارضاً لا يقبل التدقيق.
ومن أكثر الجرائم التى يستعان فيها بالبشعة هى جرائم "القتل – العرض – السرقة – إثبات النسب"، ويعد المبشع فى العرف القبلى قاضياً بل أكبر القضاة فعن طريقه تحسم القضايا العسرة ومهنة المبشع وراثية تحتكرها قبائل معينة، وداخل القبيلة عشيرة معينة.
وجرت العادة أن يكون المبشع من "رجال الدين" لأنها فى معتقد القبليين جانب روحى ودينى، ويعتبرونه من الصالحين، الأتقياء، ويؤمنون بصحة أقواله، وصدق نبؤاته وتعقد البشعة فى بيت المبشع، أو على مقربة منه، فالخصوم هم الذين ينتقلون إلى حيث يقيم المبشع مهما طال السفر فى الغالب، ونفقات البشعة يتحملها الطرف الخاسر.
وقد يتخذ المبادرة للالتجاء إلى البشعة أحد الطرفين المتخاصمين وقد تصدر المبادرة من القاضى الذى ينظر فى الخصومة وقد تكون من الرجل نفسه الذى تدور حوله الشكوك، عندما يكون على يقين من براءته، حتى يتجنب انتقام المجنى عليه، فيبدى استعداده للخضوع للبشعة، فى هذه الحالة لا يجوز للطرف الثانى رفض عرضه.
ومهمة "المبشع" ليست بالهينة، ولا يستطيع أى شخص القيام بها إذ يختص بها دونا عن بقية القبائل العربية فى مصر فى الوقت الجارى، أبناء قبيلة "العيايدة"، والبشعة بمثابة محكمة نهائية لا تقبل النقض أو الاستئناف، إذا أن من ثبتت براءته أو جُرمه ليس له أن يتمادى فى التقاضى مع خصمه، بل أن يعطى خصمه حقه أو يأخذ منه حقه إذا كان بريئا لقاء التشهير والاتهام بالباطل.
وجعلت "البشعة" من قرية سرابيوم بمحافظة الإسماعيلية أشهر قرية وسط القبائل العربية وبعض العائلات بالدول العربية، لوجود عدد من المشايخ البدوية الذين ينتمون إلى قبيلة العيايدة ومن أشهر مشايخ البشعة على مستوى الإسماعيلية وسيناء الشيخ فضل العيادى الشهير بالشيخ فضل المبشع وينال الشيخ فضل شهرة عالمية بين القبائل العربية داخل مصر وخارجها.
ويعقد الشيخ فضل البشعة بمقعده بعزبة الزمالطة التابعة لقرية سرابيوم مركز فايد بمحافظة الإسماعيلية هذا المقعد الذى يقصده المئات من أصحاب المشاكل العرفية والذين يلجأون اليه لإنهاء ما بينهم من خصومات وعداءات، بإظهار الكاذب والجانى دون الوقوف أمام القضاء أو نشوب حروب أهلية بين العائلات، ويتم الفصل فى المنازعات بالمناطق القبلية عن طريق الأعراف القبلية التى لها فى كثير من الأحيان قوة القانون.
اليوم السابع انتقل إلى الشيخ فضل لتجد قضية أمامه يحكم فيها لترصد تفاصيلها وكيفية تطبيق البشعة فى الحكم بين الأطراف وتمثلت فى لجوء الحاج محمود صاحب معرض سيارات تمت سرقة سيارة منه واتهم أحد الأشخاص العاملين معه يدعى محمود ولجأ الطرف المتهم إلى الشيخ فضل العيادى المبشع ليظهر براءته أمام تاجر السيارات الذى اتهمه.
وقام المبشع الشيخ فضل بتحرير محضر التحكيم والإقرارات اللازمة على الطرفين قبل إجراء البشعة وألزم الطرفين بقبول نتيجة البشعة كما ألزم تاجر السيارات بإعطاء من اتهمه 20 ألف جنيه فى حالة براءته بناء على طلب المتهم ووافق التاجر على دفع التعويض ورد الشرف وسداد مبلغ 20 ألف جنيه للمتهم فى حالة براءاته.
وعقب ذلك تم السير فى إجراءات البشعة وقام المتهم بلحس النار وظهرت براءاته أمام الجميع وأعطى التاجر للمتهم البرئ مبلغ 20 ألف جنيه كرد شرف له وتم الصلح بينهما.
ويقول الشيخ فضل العيادى أشهر المبشعين على مستوى الإسماعيلية وشمال سيناء أن البشعة تتوارث من جيل إلى آخر ويتخصص بها " قبيلة العيايدة" فقط، وليس هناك أى قبيلة أخرى تمارسها.
وأكد الشيخ فضل أن هناك من يسىء للمبشعين بقيامه بممارسة المهنة بغرض خداع المواطنين وأخذ أموالهم، وهناك من يستخدم بها السحر لاستغلال المواطنين.
ويشير الشيخ فضل أنه عند حضور أى متخاصمين لنا نقوم بعمل محاضر بينهم لعقد الجلسة العرفية وتنفيذ البشعة، وأخذ إقرار من المتهم بأنه لم يُجبر على المجىء إلينا وعن رضائه للخضوع للبشعة لكشف براءته، حيث يُوضع محماص البن أو حديدة مصفحة وما شابهها فى النار حتى يُصبح شديد الأحمرار ..
ويخرج المبشع المحماص ثم يفرك به ذراعه ثلاث مرات، لكى يؤكد أن النار لا تضر الأبرياء، ويمد المبشع المحماس إلى الشخص المتهم، ويقول له "أبشع أو ألحس"، وعلى المتهم أن يمد لسانه للحاضرين كى يريهم أن لسانه سليم وليميزوا حالة لسانه قبل البشعة.
وتابع أن المتهم بعدها يقوم بلحس المحماس ثلاث مرات وهو بيد المبشع ثم يتمضمض ببعض الماء، وإذا ظهر على لسانه أى أثر للنار حكموا عليه بأنه مذنب وإلا فهو برىء.
ويروى الشيخ فضل عن أغرب القضايا التى وصلت اليه فى البشعة ومنها قضية عرض وتفاصيلها أن هناك شخص أتى إلى البشعة ومعه زوجة شقيقه وشقيقه واتهمها شقيق زوجها بممارسة الجنس مع عدد من الأشخاص وعندما سألتها اعترفت لى بأفعال وأنكرت أخرى وعندما تم تبشيعها اعترفت بأنها مارست الجن×× عقب أدانتها وعقب ذلك جاء إلى زوجها وطلب منى محضر بأن زوجته جاءت إلى البشعة وتم تبرئتها ولكننى رفضت بشدة.
هناك قضية أخرى وصلتنى من الصعيد والخاصة بخطف الأطفال هناك، وحضر إلى 39 متهما تم تبشيع 38 منهم والمتهم الـ39 طلب التحدث إلى على انفراد وقام بالاعتراف لى أنه هو اللى بيخطف الأطفال وتم عمل محضر تحكيم وسافر جميع الحاضرين إلى الصعيد تمهيدا لعقد جلسة عرفية بينهم..
ولكم تحيات
ماجد البلوي
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات