حملوا السلطة المسؤولية: اهالي قرية ام النصر المنكوبة يطالبون بنقلهم للعيش في مستوطنة حومش بالضفة
غزة-معا- هكذا كان يوم انفجار الأحواض لأول مرة في غزة المدينة الساحلية الجميلة، انفجار مفاجئ رغم التوقعات بحدوثه مسبقاً، أزال خضرة المكان والبسه لونا ازرقا من المياه الراكدة كريهة الرائحة، جرف معه بعض المنازل الضعيفة البنيان كما جرف معه سيدات ضعيفات وأطفال اضعف واغرق حوالي 70% من القرية واضطر المنقذون لارتداء سترات وكمامات الوقاية من الرائحة بحثا بين المكروهات عن مفقودين وضحايا.
كارثة بيئية كما أطلقت عليها سلطة البيئة، ومكرهة صحية كما قالت عنها وزارة الصحة، وأمرا كان متوقعا حدوثه كما قالت سلطة المياه، ولوم على إسرائيل لأنها أعاقت تنفيذ مشروع محطة معالجة المياه العادمة شرقي بلدة بيت لاهيا حيث تقع القرية البدوية، واستياء عارم من المتضررين وذوي الضحايا، كل ذلك لم يمنع البعض من وصف ما جرى بعدها بصمت على الكارثة ومطالبة بمحاسبة المسئولين عنها وعدم إلقاء التهم جزافا أو إلقائها على شماعة الاحتلال.
الكارثة التي أتت على 250 منزلاً وشردت العائلات في خيم بدائية غير بعيدة عن الرائحة والبيوت الأصلية تعيد الذاكرة للنكبة الأولى، عدا عن احتمال كبير بتفشي الأمراض والأوبئة والجراثيم ان لم يسارع المعنيون بإزالة المكرهة ومحوها عن سطح البسيطة، كل ذلك يهدد بما هو أدعى لتوسع ظاهرة الفلتان الأمني وبعض " الطخيخة" كما وصفهم رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة حافظ البرغوثي واتهمهم بالمسئولية عن الكارثة وإعاقة تطوير غزة، وتحويلها كما وعد الرئيس الراحل ياسر عرفات إلى سنغافورة فلسطين.
ضحايا الانفجار، هم: محمد سالم عتيق (سنة واحدة)، وجمال طلال أبو صفرة (سنتان)، والحاجة نصرة أبو عتيق ارميلات (70 عاماً)، وسهير سلام أبو غرارة (17عاماً )، وفاطمة سلمي أبو صفرة (65 عاماً).
كما أدى إلى وقوع أضرار مادية وبشرية بالغة، فضلاً عن إصابة 35 مواطناً منهم 17 حالة أدخلت في مستشفيات الصحة، كما أدى هذا الانهيار إلى تدمير 250 منزلاً بشكل كلي و120 بشكل جزئي.
وليكون الحديث مع الضحايا وليس عنهم اجرت مراسلة " معا" خضرة حمدان لقاءات مع المنكوبين والذين حملوا السلطة المسؤولية عما جرى لهم من خلال نقلهم الى المكان المذكور والذي طالما اشتكى الاهالي لوزارة الاسكان من مخاطر المياه لكن " لا حياة لمن تنادي":
ويقول سليمان ابو عتيق نجل السيدة ناصرة ابو عتيق التي قتلت في الكارثة وعم الطفل محمد الذي جرفته سيول المياه الكريهة "أن ما حدث يعد جريمة يجب معاقبة المسؤولين عنها، مستنكرا عدم قيام اي من الوزراء او المسئولين زيارة المكان وتفقده بعدما ألم به".
وقال ابو عتيق "انه لا يستطيع الحديث ولن يستطيع نسيان ما حدث امام عينيه ولو مرت عليه كل السنين ", مضيفاً:" كلما تذكرت ما جرى والدتي وابن اخي لا يمكنني محوه من ذاكرتي"، ملقيا باللوم على اقامة حوض لتجميع مياه الصرف الصحي بجانب الأحواض السابقة والتي حذر منها الأهالي كثيرا. "
واضاف قائلا بحزن عميق:" لماذا لم يأت أي مسؤول هنا انا قمت بالاتصال بعدد كبير منهم ووعدوني ان يكونوا بالقرب منا ولكنني لم أر أحداً" .
واتهم أبو عتيق كل من يقول ان السلطة حذرت الأهالي مسبقا بالكذب قائلا:" السلطة لم تحذرنا بل نحن حذرنا مما يجري ومن اسكننا في هذه المنطقة بالإجبار".
من جانبه قال محمد ابو صفرة عم جمال الذي قتل بالانفجار "ان ما جرى لا يمكن وصفه فقط بالكارثة بل انه يستدعي اوصافا أكبر منها إن كان هناك اوصافا"، مشيرا إلى أن أحد مواطني القرية حذر المهندس بالبلدبة من بدء الحوض الاخير الذي تم بناءه على ارتفاع 20 متر عن القرية بأنه بدأ برشح المياه من احد جانبيه لكن المهندس قال ان ذلك لن يحدث قبل شهرين."
والحوض الذي تفجر والذي كان محاطا بسواتر رملية تراوح عمقه من 5-6 متر واقيم على مساحة 20 دونما واتى على قرابة 250 منزلا وشرد عشرات العائلات.
وللقرب اكثر من المشكلة لا بد من معرفة موقع القرية وماهية الاحواض التي تحيط بها، فقرية ام النصر او القرية البدوية تقع شمال شرقي بلدية بيت لاهيا التي تقع بدورها شمال قطاع غزة، وتبعد القرية البدوية عن ابراج العودة التي اقامتها السلطة الوطنية للعائدين عام 1996 مسافة كيلومتر واحد و500 متر، وتبعد عن حدود الاراضي التي احتلت عام 1967 مسافة نصف كيلومتر، وتقع على بعد 300 متر من مستوطنة نيسانيت المخلاة وقريبة جدا من احواض مياه الصرف الصحي التي تصرف المياه العادمة لشمال قطاع غزة والتي تقع بدورها شمال شرق القرية البدوية ويحيط خمسة ايضا منها بالقرية.
أهالي القرية يلقون باللوم على السلطة الوطنية وعلى وزارة الاسكان قائلين" ان الوزير والوزارة والسلطة اجبرتهم عام 1996 على الرحيل من مكان سكناهم الذي كانوا به والذي اقيم عليه مدينة الشيخ زايد مقابل 150 مترا وأقل من 3 دولار لكل رجل متزوج.
واكد سعيد رميلات أحد المتضررين ان البدو رفضوا القبول بمغادرة مكان تجمعهم كما كانوا رفضوا في عهد الادارة المدنية الإسرائيلية مغريات الاحتلال بإسكانهم شمال بيت لاهيا مقابل اموال طائلة.
وقال" ان الاحتلال لم يضغط عليهم حينما رفضوا عرضه بإسكانهم في مكان اقيمت عليه في هذه الأثناء ابراج العودة، متهما السلطة بانها استعملت كل وسائل التهديد واطلقت النيران باتجاههم مما ادى إلى مقتل المواطن مسعد الصياح في تظاهرة ضد الشرطة الفلسطينية عدا عن سجن بعض منهم، حتى اذعن بعض السكان لذلك وغادروا اماكن تجمعهم التي سكنوها على مدار 30 عاماً ".
مشيرا إلى ان الأهالي تخوفوا من نقلهم من مكان سكناهم كما تخوفوا من السكنى بالقرب من تجمع لأحواض الصرف الصحي التي اقيمت على ارتفاع ووضعت القرية باكملها في منخفض.
وقال "ارميلات ان الاحواض مقامة على مساحة 400 دونم وترتفع عن القرية 20 مترا، وان القرية مقامة على 100 دونم فقط، مشيرا إلى ان عدد ساكنيها القليل والذي يقدر بـ 5 نسمة يقطنون 600منزل وهم مهددون حاليا بانفجار كافة الأحواض التي يكمن بها خطرا كبيرا قد يأتي على بلدة بيت لاهيا بالكامل وجباليا ويمتد إلى مسافة ابعد. عدا عن عمقها الذي يراوح 16 متراً. "
ومن خلف الكارثة يتندر مواطنو القرية على ما حدث رغم احزانهم مشبهين ما جرى بتسونامي ولكنه برائحة كريهة، فيما يقول بعضهم ان ذلك كارثة وجريمة.
وقال ارميلات:" نحن في صدمة ولكن بعد العزاء الذي ينتهي غدا سيكون اشرف لنا الموت بالرصاص لا بالمجاري".
واقترح ارميلات متندرا" ان تقوم السلطة بإسكان اهالي القرية في مستوطنة حومش المخلاة في الضفة الغربية بدلاص من تركهم يغرقون بمياه المجاري وترك المستوطنة لفلول المستوطنين المهددين بالعودة لها.
فيما يقترح احد السكان أن تبدا السلطة بسرعة بزارعة البرسيم والذرة والاستفادة من المياه الراكدة وترك هذه المزروعات للمواشي والحيوانات، او الاستفادة من المياه عبر اعادة تكرارها والتيقظ فورا قبل ان تنهار بقية الاحواض وتاتي بكارثة أشمل واعم.
المفضلات