بارك الله فيك اخي الحبيب
مقال جميل وفي غاية الروعة
ووصايا قيمة
وياليت شعري من يعمل بها ويتقنها
جزاك الله خير الجزاء على هذه الدرر المنقولة
استفد من مواهب الآخرين ووزع الأعمال على غيرك الإنسان طاقة محدودة لا تجتمع فيه القدرات كلها ولا المواهب جميعها, وإذا اشتهر وصارت له منزله ومكانة شُغل عن الإبداع ,فالأفضل أن يكون حوله طائفة من المبدعين ومتعددي المواهب, فيكلف كلاً بما يحسن العمل والقيام به , ويكون هو المستفيد ,فالمحدث يستفيد من تخريجه وتحقيقه ,والأديب يأخذ منه بلاغته وجمال أسلوبه, والفقيه يستشيره في مسائل الفتيا, والخطيب يكلُ إليه تقويم العبارة , وصاخب الرأي يعرض عليه المشاكل ويطلب الحل, إلى آخر هذه القائمة من أهل القدرات والمواهب أما أن يتولى هو بنفسه كل شيء ,فهذا فوق القدرة , ولا يتسع له الجهد ولا الزمان , وبذلك سوف يبقى إبداعه محفوظاً, وإنتاجه محدوداً,إذ دوره دور المراجعة والإشراف والكلمة الأخيرة , فهل يعقل إن المفتي يراجع كل حديث ومن خرجه وأقوال أهل العلم في سنده , ثم يعود إلى شروحه وجمع ما قالوا في معناه, وحصر أقوال العلماء في كل قضية مع الترجيح والتدليل والتعليل , هذا أمر لا يطاق ,فالأولى توزيع المهام على طلبة العلم, ويبقى للمفتي جمال الاختيار , وحسن التحقيق,وجودة الترجيح ,وقَس على هذا كل عمل يتطلب جهداً وإبداعاً. أعمالك أفصح من يتحدث عنك واسكت أنت , فلا تُلقِ خطباً تتحدث فيها عن إنجازك وتفوقك وجميل سيرتك , فتبلى بمكذّب وحاسد , وتكون عرضة للسخرية والازدراء , ولكن قدِّمْ علماً حسناً جميلاً بديعاً, يسر الناظرين , وأعط مثلاً حيّاً من الأخلاق والسيرة الحسنة والسجايا الحميدة ,فهي أعظم شهادة على عظمتك, وسموك وعلو منزلتك. إن الفاشلين أكثر الناس أقوالاً واقلهم أعمالاً,فهم يتحدثون عن أعمالٍ وهمية , وعن منجزات خيالية ,ليكسبوا رضا الناس وإعجابهم ,فما يزدادون إلا مقتاً, لكن الناجحين يقدِّمون من النتاج الباهر الرائع ما يلفت الأنظار, ويخطف الأضواء,ويدهش العقول,إذن اصمت واعمل واسكت وابذل, فسوف تجد من أصحاب الضمائر الحية من يدعو لك , ويثني عليك, ويشيد بإعمالك الجليلة, وخصالك النبيلة ,والناس شهداء الله في أرضه, وقل لكل حاسد: الجواب ما تراه دون ما تسمعه . أرى الناس من داناهموا هان عندهمعن كثرة الاختلاط بالناس يرخص قيمة الإنسان , والناس لا يتمنون من يرونه كثيراً, فكثرة التداول ترخص السعر , وكما في الأثر: زُرْ غِبّا ًتزدد حبّاً, وفي المثل: خففْ درجَك يحلو حرجك ؛أي قلل زياراتك يكن لكلامك حلاوة , وقد نظمها الوردي فقال :غب وزر غباً تزد حباً فمن أكثر الترداد أقصاه الملل إن عليك أن تُبقي على قيمتك ومكانتك بلزوم بيتك واحتجابك بعض الزمن , وقد قالوا : العز في العزلة , وصدق القائل:أرى الناس من داناهموا هان عندهم ومن أكرمته عزة النفس أكرما إن كثرة غشيان الناس والتردد على مجالسهم وإجابة دعوتهم دليل على فراغ الروح وهزال الهمة , ولهذا تجد أراذل الناس يتعرضون للعامة في الأسواق والمنتديات والطرقات, ولا يملون الكلام والنظر في ما لا منفعة فيه,فاحزم أمرك ,واحفظ وقتك, وكف لسانك؛وليسمعك بيتك,وابكِ على خطيئتك, وجوِّ عملك , واهتم بشأنك , وحصن نفسك من التافهين , واحفظها من اللاغيين,( وإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ). التركيز والكثافة أعظم من التوسع والانتشار الإتقان والجودة طريق النجاح, والتفوق والتخصص في عمل وإتقانه أحسن من القيام بعدة أعمال مع قلة الجودة والإتقان, وما ابرع من برع إلا لأنه أتقن جانباً من جوانب العلم أو العمل أو الموهبة , وأما الذين توسعوا في عدة علوم وأعمال وفنون على حساب الإتقان فإنهم ضعفوا, وقل َّ عملهم , وتأخرت مرتباتهم , أما الذين تخصصوا فإنهم أتقنوا وأبدعوا , فمثلاً: البخاري صاحب الصحيح أتقن علم الحديث فصار آية في هذا الباب, والخليل مهر في اللغة فصار أعجوبة , وسيبويه جدَّ في علم النحو فصار مضرب المثل , والمتنبي جوّد الشعر فصار شاعر الدنيا , وأمثالهم كثر ,فهؤلاء لما تخصصوا أبدعوا فركزوا اهتمامهم , واعملوا أذهانهم فيما توجهوا إليه, فأتوا بالعجب العجاب , بخلاف غيرهم ممن توسعوا في العلوم والفنون ,فبعضهم أراد أن يكون مفسِّراً ومحدثاً وفقيهاً وأصولياً ولغوياً ونحوياً أديباً, فضعف في الجميع , وصار عطاؤه ضئيلاً ,وإتقانه هزيلاً. وأوصيك بان تعرف نفسك ومواهبك ثم تتجه بحزم وقوة إلى ما يسرك الله إليه من علم أو عمل, فتقبل عليه إقبال الجاد المتقن فتحسنه وتجوِّده ,ويكون شغلك الشاغل , خاصة إذا كان من العلوم والأعمال البارة الراشدة التي يبقى نفعها لك في الآخرة ,فلا توزع ذهنك , ولا تشتت اهتمامك , ولا تنس موهبتك, وأحذر أن تكون ممن قيل فيهم :ومشتت العزمات ينفق عمره حيران لا ظفر ولا إخفاق فخذ الكتاب بقوة ,واحزم أمرك , وابدأ على بركة الله , وسوف تجد النجاح حليفك , والتفويق رفيقك.اصنع الصداقات ولا تنسج العداواتالعاقل الأريب هو الذي يستفيد الأصدقاء ويكسب الأعداء والأحمق البليد يؤلَّب الناس عليه ويحشد ضده ؛ لتصرفاته الرعناء ومواقفه المشينة ,فادفع بالتي هي احسن , وأحذر عداوة الناس , ومن لم تستطيع كسبه من الأعداء فحيده ولا تجعله حرباً عليك, فان العمر اقصر من أن يذهب بالعداوات والانتقام من الآخرين, ومن عرف الدنيا وتقلبات الدهر صعب عليه معاداة رجل واحد ,وقلّ عليه صداقة ألف, فلا تخاطر بحياتك في نسج العداوات وطلب الثارات , إلا من خالفك في الدين وحارب العالمين, فعداء مثل هذا عبادة بعد إقامة الحجة ودعوته إلى الحق واقامة الدليل عليه, فعليك بالرفق وحسن الخلق ولين الخطاب, وبذل المعروف وكفَّ الأذى , لتجد إخواناً واحباباً, وتسهل أمورك ويصلح حالك :من سالم الناس يسلم من غوائلهم ونام وهو قرير العين جذلانُ الانتقاد والتجني تقتل بالتجاهل والإعراضإذا بليت بجهالٍ أو حساد ينالون منك وينتقدون أعمالك , فتجاهل نقدهم وتغافل عن كلامهم ولا تعرهم اهتماماً, حينها يموت كلامهم ويُنسى نقدهم ؛لان اعظم ما يذب عنك سيرتُك الجميلة واعمالك الناجحة , أما ردك عليهم فهو اعتراف منك بأهميتهم وأهمية ما يقولون , وهذا ما يريدون تحقيقه , حينها تكون قد عظمتهم وجعلت لهم قيمة , ولكلامهم وزناً, ومنطق القرآن يقول لاعداء الحقيقة : ( قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ), فلا تُضيع وقتك في تتبع ما يقال عنك من نقد , بل اهتم بحسن الإنتاج وبراعة الإبداع وقوة الطرح, حينها تصبُّ في أفواه هؤلاء الخردل, وما افصح أعمال الناجحين وما أقوى أصوات المبدعين , ولكن بلا ضجيجٍ, ولا شغبٍ, ولا سبَّ,و لا شتمٍ. إن المتفوق ليس عنده دقيقة واحدة يذهبها في الرد على التافهين ,والكلب الميت لا يرفس , والجالس على الأرض لا يسقط .لاتكن جاهلاً بمن حولكغافلاً عن واقعك فتعيش أعمى الحكيم يكتشف ما حوله ويعرف واقعه ؛ ليحدد موقعه ويتدبر أمره , ويعلم ما ينبغي أن يقوم به من تصرفات, أما أن يحوط الإنسان نفسه بسياج من العزلة يحتجزه عما يدور في مجتمعه ,فهذا ليس من العقل ؛لان من أراد أن ينفع ويؤثر ويبدع فلا بد من أن يقرأ ما في أذهان الناس , ويلم بأخبارهم , ويكتشف أسرارهم , فيعرف الصادق من الكاذب , والعدو من الصديق , والمحب من المبغض ,فلا تلتبس عليه الأمور, ولا يؤخذ على غرة , فان البعيد عن أخبار الناس كالأعمى يحال بينه وبين القضايا المهمة ,فيكون جاهلاً غافلاً, فيضطرب تصوره, ويختل حكمه , وقد قرأت لاحد الزعماء الكبار وهو نيلسون مانديلا , وقد سجن في جنوب أفريقيا سبعاً وعشرين سنة, فكان يحرص على قراءة الصحف وهو في السجن ويبرر ذلك بقوله: لاكتشف أعدائي واعرف كيف يفكرون وماذا يريدون ؟, وهذا عين العقل , فلا تظن أن المعرفة ما يدور بأدق التفاصيل من تضييع الوقت ,بل هو من سداد الرأي والحنكة وحصافة العقل وبعد النظر, فكن على علمٍ بواقعك , وكن ملماً بعصرك ؛بأعلامه وساسته وعلمائه وأدبائه وشعرائه ومفكريه وكتابه, مطلعاً على المذاهب والنحل والأفكار ,عارفاً بالجماعات والأحزاب والمنظمات , ولو في الجملة ؛ليكون تصورك صحيحاً, وحكمك عادلاً, ورأيك صواباً.كن جريئاً في اقتحام المواقفوصعود سلم المجد والوثوب إلى المعالي من صفات المبدع الناجح انه شجاع, يتقدم بغير هياب , يغوض غمار الحياة غير جبان , فتجد عنده من القدرة على المواقف ما ليس عند غيره ؛ كالخطابة في الجموع الهادرة , والرد على الكبار , وعدم المبالاة بالنقد, والقيام بمشاريع تفوق الخيال, والتخطيط لاعمال تدهش العقول , فليس عنده تهيب ولا وسوسة ولا تخاذل , أما الجبان فكم فكر وقدر , ثم عبس وبسر,ثم خطط,ثم تحفظ, ثم خاف ,ثم تراجع ,فهو ميت العزيمة ,مريض الهمة ,ضعيف الإرادة ,له تقديرات خاصة , وله تبريرات معروفة : ( لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ) , (ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي),( شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا), فهو يعتذر بحرارة الصيف , وبرد الشتاء , وحاجة الأهل , وبعد الشقة, وطول الطريق, وعنده قائمة طويلة من الأعذار ,سواءً في العلوم أو الأعمال أو الإنتاج أو المواهب ,بخلاف الناجح فهو طاقة جبارة ,وهمة عارمة ,وعزيمة ماضية ,قد ملأ الزمان والمكان عطاءً وخيراً ونفعاً, وهو يتمنى طول العمر لينفع ويقدم وينتج:يود أن ظلام الليل دام له وزيد فيه سواد القلب والبصرٍفتقدم أيها الناجح وغامر ولا تخف ,فما أدرك المجد خائف, وما نال العلى جبان:فحب الجبان العيش أورده البقا وحب الشجاع الحرب أورده الحربا خطط لاعمالك من أول الطريق إلى نهايته عليك بعمل خطته طويلة لاعمالك , مع خطط قصيرة لأيامك, فالخطة العامة المجملة خطوط عريضة لمشاريعك وطموحاتك, والخطط القصيرة فهي التفاصيل والدقائق لما يمكن أن تقوم به , المهم أن تخطط لكل جزئية فلا تمل من الدراسة والمراجعة والمحاسبة, لتكن كل خطوة مدروسة , وهذا يأتي بطول الأناة والمشاورة والمراجعة , وليس للمبدع أن يقوم بأعماله كيفما اتفق , وان يكون رهن للمواقف, ولكنه يعمل ويبادر الآخرين بأعماله وإبداعه, وكلمته المحببة عندهم: ( النظام : النظام). خاطب الناس في مصالحهمولا تستجدِ رحمتهم وعطفهمالناس في الغالب لا ينشدون إلا مصالحهم ولا يبحثون ألا عن متطلباتهم , وغالبهم ذئاب في ثياب بشر , فلا تظن حينما تقوم بمشروع ما وتطلب عونهم انهم سوف يهبُّون لنجدتك, ويضحُّون من اجل سواد عينيك بأموالهم وجهودهم وراحتهم , لا .. هذا وهم , بل خاطب مصالحهم وما يمكن ان تعود عليهم هذه الأعمال من نفع, حينها استدر كرمهم , أما ان تكتفي بإظهار المسكنة وطلب الرحمة منهم ومدِّ يد العون بلا مقابل , فهذا في الغالب يذهب إدراج الرياح , لكن إذا قصدت شخصاً ليعينك في مشروع فابحث عن مصلحة لهذا الشخص في هذا المشروع؛ كربح مالي, أو مكانة اجتماعية, أو حصول تسهيلات, أو فرص عمل. لا ترهن مستقبلك بأحد ولا تلتزم بفئة خاصةلا تنحز إلى طرف من الأطراف في المسائل التي تقبل الخلاف ويتسع فيها الرأي ؛لأنك بذلك تخسر أطرافاً كثيرة, وتحجِّم وتضيًِق دائرة أصدقائك, وما الداعي لان تحمل لافتةً تقول: أنا مع فلان وانصر فلاناً وأعادي فلاناً؟!, عن هذا لهو الحمق!.. نعم نحن في الحقيقة الكبرى والملة الغراء مع محمد صلى الله عليه وسلم , ومع جند الله سبحانه وتعالى , لكن في اختلافنا وتنوع مشاربنا وتعدد آرائنا فان الحكمة جمع الصف وتوحيد الكلمة, أما التحيز إلى فئة أو جماعة أو شخص ,فهذا معناه التحيز ضد الأخر , واستعداء الكثير , وتضييق الواسع,فكن مع الجماعة , واعمل مع الكل – فيما لا محذور فيه- ؛لان هناك أصولاً مشتركة يمكن أن تجمعك بالجمع الغفير , وهذا ما يوصي به العقلاء , وهو عين الحكمة وخلاصة التجارب. لا تظهر عداوتك لأحد وابذل بشرك للناسالعاقل لا يظهر عداوته لأحد ولو كان عدوّاً له في الحقيقة؛ لأنه فائدة من إظهار العداوة , ولان معنى ذلك إعلان الحرب على العدو وأخباره بهذه العداوة حتى يتهيأ ويرسم الخرط ويكون مستعدا, ثم انه لا يعلم العواقب إلا الله وحده, فقد ينقلب العدو صديقاً مثلما ينقلب الصديق عدواً, فاظهرْ البشر والبشاشة لكل أحد , فالصديق يستأهل هذا واكثر, والعدو تفتَّ في عضده ابتسامتُك وتخلط أوراقه , وقد تستدر عطفَه, وتغير موقفه , ويبقى في حيرة , فان كان مصممِّاً على عداوته, فان هذه البسمة والبشاشة بحسن اللقاء تزيدك قوة وتجعلك متحكّماً في الوضع ,وإن كنت مقبلاً على مصافته فهذه خطوة في الطريق, وما رأيت أحد يُظهر العداوة للناس ألا لقلة عقله وضعف رائيه , فلا فائدة من كشف المكنون ولا مصلحة من تعبيث الوجه, وما هكذا تبدأ عداوات الرجال, فهم ابعد غوراً, واعمق تصرفاً من مجرد حركاتٍ صبيانية, وتصرفات رعناء ٍ . العيّاب السبّاب بعيدً عن الصواب والثواب العاقل الرشيد يحفظ لسانه ويقيد ألفاظه؛ فلا يجرح الأعراض , ولا يلتمس المعايب, ولا يفرح بالزلات, بخلاف السيئ السبّاب العيّاب ؛ فهو مشغول بعثرات الناس وغلطاتهم , لا يعجبه أحد, ولا يثني على أحد , ولا يفرح بنجاح أحد, وحده هو المصيب, ووحده هو البريء من المعايب, تجده مشغولاً بالقدح والجرح, والسب والشتم, والاستهزاء والسخرية, فهو أما قادح في عالم ,أو ساب لكريم , أو شاتم لجماعة, أو مستهزئ بمؤسسة , أو ساخر من عمل, أو معترض على رأي, أو منتقد لكتاب , أو جامع لخطاء , أو مكتشف لأغلاط, أو عاثر على أوهام, ويظن- من ضعف بصيرته- انه ملهم مسدد مصيب , وهو مخذول ارعن , ومثل هذا لا يوفق في حياته , ولا يسدد في ارائه ,ولا يصيب في كلامه؛ لان من أوقف حياته على شتم الناس وسب العالم حقيقٌ ان يرتد عليه قوسه, ويقتل بسيفه , ويُعامل من جنس فعله؛جزءاً وفاقاً, هذا في الدنيا, أما في الآخر فان للناس أعراضاً يجب ان تُصان , إلا ما استثنى الشرع , فمن تعرض لهذه الإعراض إثم , فويل لمن هانت عليه نفسُه حتى أهدى ثوابه للناس وبقي محروماً! من صمت نجاهذا حديثٌ حسن رواه احمد , وهو يدلك على ان غالب الصمت معه النجاة والسلام, وأكثر المتآلف والمعاطب مع الكلام, فكم من كلمة عثرت بصاحبها, وكم من جملة قطعت عنق قائلها , فتكلمْ بما فيه مصلحة , وقلّلْ من كلامك وزِنْ عبارتك تكون محبوباً مقبولاً, ولا تهرف بما لاتعرف, أو تكثر من الهذيان في كل مجمع , فتكون مثار السخرية والاستصغار , بل اقتصد في القول, وتكلم إذا طلب منك , ولا تُكره الناس على سماع نصائحك ودروسك ونظرياتك , فإن من العيب (تَقليد) الخنازير جواهر الحكمة , بل اجعل كلامك نادرٍ عزيز غالياً مطلوباً, ولا ترخصه بالتبذل والإكثار والإملال , فيصبح عادياً سوقيا , وحاول ان تختار اشرف المعاني في اجزل الألفاظ , واثمن المقاصد في أبهى الحلل , لتكون محبوباً محترماً. اجعل لحياتك هدفاًأسال نفسك ما الهدف الذي أريد تحقيقه في الحياة؟ وحينما تحدث نفسك بهذا السؤال فاعلم ان النجاح حليفك, لكن هذا الهدف لابد ان يكون هدفاً خيراً نبيلاً, أما ان عشت بلا هدف,فسوف تعيش حياة كلها ملل وضجر ؛لانه لا معالم لها ,فمثلك كمثل الذي يمشي في صحراء شاسعة ليس فيها منارات ولا أودية ولا جبال, إذ فحدد من الآن الهدف الذي تريد تحقيقه ,ثم سلط قدراتك على إنجازه, وحدِّث نفسك به دائماً, وقد قرأت ان المصلحين والعلماء والعباقرة كان أحدهم يقول في شبابه: أريد ان أكون مصلحاً, أو مجدداً, أو مخترعاً,ثم يبدأ بجمع طاقته وجهده في السعي لنيل هذا الهدف ,سواءً بالتعلم او الحفظ , أو إجراء التجارب, أو كتابة البحوث ,أو القيام بالدراسات ,وحينها لا تمر سنوات إلا وقد تحقق الهدف .المقال للشيخ عائض القرني
بارك الله فيك اخي الحبيب
مقال جميل وفي غاية الروعة
ووصايا قيمة
وياليت شعري من يعمل بها ويتقنها
جزاك الله خير الجزاء على هذه الدرر المنقولة
الله يعطيك العافيه يالغالي
على الموضوع الرائع
مدح الفتى نفسه يجيب المناقيد = يسكت وتالي كل شئ يبيني
ماكل من يرمي الهدف قال باصيد = أولا كل رجال باللوازم يبيني
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات