<div align="center">خلفاء عرفات : تسميم السلطة أم تسميم رئيسها .. ؟! 25/9/1425
بقلم - أميـر سعيـد:
حالة عرفات المرضية أثارت حقيقة شفقة الكثيرين في العالم العربي عموما , وفلسطين خصوصا ـ بغض الطرف عن الإجماع على وطنيته أو الاختلاف بشأنها ـ , بيد أن هذه الحالة , وصحة عرفات عموما ضعيفة الأثر في سميتها الافتراضية إذا ما قيست بعملية تسميم الحالة السلطوية داخل فلسطين وخارجها منذ سنين.
القصة طويلة ومتشعبة , وكما لا يمكن اختزال منظمة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) كحركة تحريرية عريقة في أشخاص طفوا على سطح النضال ولم يمارسوه كزبد لا يمثل الموج ولكن لا يرى الرائي سواه ؛ فإنه لا يمكن العبور على محطات أثرت في مسيرة النضال الفلسطيني , فغيبت لاعبين من المضمار بالموت أو النفي , واستبقت آخرين لحاجة في نفس يعقوب ربما أو في نفس أبنائه !! , وأفرزت كذلك مناضلين لم يصنعوا في أحضان الفنادق وإنما أجاءهم النضال إلى جذع الثورة , فأظلتهم ورووا تربتها فكانوا منها وإليها.
محطة معركة الكرامة .. محطة الحرب الأهلية والغزو "الإسرائيلي" للبنان وضرب المخيمات .. محطة تصفية المناضلين في تونس وغيرها استباقا لمرحلة أوسلو .. محطة أوسلو واستقدام مجموعة محددة من "المناضلين" , وبروز الفاسدين وإسناد السلطة الفلسطينية لمجموعة يغلب عليها الفاسدون والمشبوهون , محطات ومحطات أثرت في الفعل النضالي في فلسطين وأثرت كذلك على حياة العملاء وقفزاتهم الخارقة.
وفي الحالة الفلسطينية تصبح العمالة شقيقة الفساد .. ومن هنا كان العبور لمنطقة الخلافة لعرفات مفزعا , ينكأ الجراح ويفتح الملفات!!
وقد كنا بغني عن الحديث عن التكهنات بشأن خليفة عرفات المنتظر لو كان الرجل قد رزق بابن بهي الهيئة كأبناء الرؤساء العرب , غير أن الله لم يرزق الختيار من يملأ على الشعب الفلسطيني حياته بالبهجة والحبور مثلما هو الحال في بلاد بني يعرب !!
بيد أن الله قد رزق عرفات من "أبناء الثورة" و"مناضلي الفنادق" الكثير والكثير ممن تربوا في أحضان الثورة ورعتهم حتى فتح الله عليهم من أبواب الخير ما الله به عليم !!
السلطة الفلسطينية الآن ـ على أية حال ـ باتت بانتظار "قائد" جديد , وتدور معظم التكهنات فيها حول خمسة أشخاص بعضهم أمضى سيفا من بعض , وربما بدأ الترجيح يسير باتجاه رئيس "سياسي" للسلطة الفلسطينية القادمة ؛ غير أن ذلك لا ينفي فرص "الشرطيين" في الحكم , وقد تكون الصيغة بمجملها توافقية للحكم القادم في المقاطعة المهدمة التي قد يوفر لها رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي "الأسمنت" الضروري لإعادة بنائها بما أفاء الله عليه منه!!
خمسة أشخاص هم المرشحون القادمون لخلافة الرئيس الفلسطيني الغائب عن الوضع أو الحياة , هم على ترتيب الأهمية :
[] أبو مازن : شخصية ليست مثيرة للجدل بالمرة ؛ إذ إنها واضحة في توجهها السياسي وانحيازها إلى الخط التطبيعي المباشر مع الكيان الصهيوني.
محمود عباس ـ أو محمود عباس ميرزا كما يحلو للكاتب الفلسطيني عبد القادر ياسين أن يسميه ـ هو أحد الشخصيات التي لم أجد عناء في البحث عن توجهها السياسي , فبالعبور الخاطف على آراء الإسلاميين والوطنيين المدافعين عن فلسطين لمست إجماعا لافتا على كون الرجل أحد مخالب الصهاينة في فلسطين , هذا فضلا عن تشكيك معظمهم في ديانته التي يقول الكثير إنه يدين بالبهائية , ويعتبر أحد أعمدتها القوية في فلسطين.
وقد لمزت كتائب شهداء الأقصى من قناة ؛ حين نشرت بياناً لها قبل أكثر من عام (31/8/2003م) , ونصت فيه على هذه العبارة التي قيلت في سياق يتحدث عنه شخصيا من دون أن يسميه ؛ دعت فيه الكتائب "الحكومة الفلسطينية برئاسة محمود عباس (أبو مازن) في بيان وصل المركز الفلسطيني للإعلام نسخة منه إلى عدم الانجرار وراء الإملاءات الأمريكية والصهيونية والتي وصفتها "بأنها تهدف إلى جر شعبنا إلى حرب أهلية، .وقالت إنها لن تسمح أن تتحول الساحة الفلسطينية إلى ساحة حرب أهلية وأنهم مع باقي الشعب إخوة ولن يقبلوا أن يكون مندسا بينهم يهودي أو ماسوني بهائي – في إشارة أخرى إلى ما يذكر أن عباس ينتمي إلى الطائفة البهائية-.وحذر البيان من محاولات تهميش رئيس السلطة الفلسطينية وإقصائه وتوعدت بأنها سترد بالنار والبارود على من يتطاول على مقام الرئيس عرفات – في إشارة إلى حكومة محمود عباس – وقالت إن محاولات حكومة محمود عباس لضرب المقاومة العسكرية ستعود بالدمار على رأس هذه الحكومة وأنهم يرفضون نزع سلاحهم المقاوم للاحتلال." (والجمل الاعتراضية من تعليق المركز الفلسطيني للإعلام الذي تلقى نسخة من البيان في حينه).
بيان آخر وزعه شباب المسجد الأقصى قبل أكثر من عامين (22 مايو 2002) لكنه خلا من التوقيع لحساسية الموقف الفلسطيني وصفوا فيه أبا مازن بأنه "من فرقة البهائية (..)"
أما قناة الجزيرة من جهتها فقد عرضت تقريراً لها عن الرجل بتاريخ 6/11/2004م (برنامج الملف الأسبوعي) لفتت فيه إلى أن "جذوره البهائية" والشائعات حولها تقلل من فرص خلافته لعرفات , كما وأن المراسل السياسي لصحيفة هآرتس العبرية قد خلص في مقال له بتاريخ 10/6/2003م إلى أن "أبا مازن المعتدل لا يستطيع حتى الوصول إلى مكانة ياسر عرفات باعتبارها مغلقة أمامه. هذا "بسبب أصوله البهائية، ولأن احتمالية وصول بهائي إلى زعامة الفلسطينيين تشبه احتمالية وصول سامري إلى منصب رئيس إسرائيل".
مشيرا إلى أن اسم "عباس" الذي يعتبر بالصدفة أحد أسماء مؤسس الديانة البهائية ـ على حد قوله ـ لم يمنع أبو مازن من الوصول إلى رئاسة الحكومة. ولم يقتصر الأمر على فتح أبواب البيت الأبيض - التي أغلقت في وجه عرفات - أمامه وإنما قام بوش بتكريس جزء من وقته الثمين لعقد لقاء مع سلام فياض وزير المالية الفلسطيني، وبدلا من أن يأتي محمود عباس إلى قمة العالم في واشنطن جاء زعيم العالم الحر إلى الشرق الأوسط حتى يجري معه ومع شارون لقاء قمة ثلاثي." (للمزيد من المعلومات حول شخصية الرجل يراجع تقرير قرضاي فلسطين المسلمة .. بهائي !! المنشور قبل أكثر من عام على الرابط http://www.almoslim.com/figh_wagi3/show_re...main.cfm?id=103 ).
الرجل إذن موضع شكوك في ديانته القريبة من الصهيونية العالمية وموضع يقين بالنسبة لمواقفه السياسية المتطرفة في انقلابها على ثوابت الأمة , وموضع احترام وافر من القيادات الصهيونية والأمريكية على اختلاف مشاربها وتنوعاتها حتى لدى صقور ليكود ومتطرفيه .
وللاقتراب أكثر من شخصيته نذكر أن الرجل يبلغ من العمر تسعة وستين عاما , وقد ولد في صفد بفلسطين 48 قبل احتلالها لأسرة قدمت من إيران هاربة ـ حسبما أفاد أكثر من مصدر ـ من تضييق عليها لاعتناقها البهائية , ومن هجرة الأسرة من إيران إلى الهجرة من فلسطين في العام 48 , حيث غادرها إلى سوريا , وفيها درس القانون ( أو في قطر بحسب رواية ثانية) , وشارك بعدها في تأسيس حركة فتح (1959م) , وغادر إلى قطر للتخلص من الفقر الذي كان مغلفا لمعيشة أسرته , وفيها أصبح مسؤولا ماليا في حركة فتح , وفي قطر نجح في تجنيد شخصيات مشبوهة انضمت إلى حركة فتح الوليدة (من قطر مد ارتباطاته الخليجية حتى أصبح موضوع ترحيب من بعض المسؤولين هناك خلافا لرئيس السلطة , وبإمكان أبي مازن أن يصل إلى أي عاصمة عربية بما فيها الكويت التي لم تكن ترحب بعرفات لموقفه من حرب الخليج الثانية) .
والرجل معروف بالغموض الشديد , لكن آراءه بشأن التعامل مع "إسرائيل" وسبقه في الدعوة إلى الاعتراف بها وفتح قنوات اتصال مع الكيان الصهيوني كان كل ذلك ـ للأمانة ـ واضحاً جداً , وسرعان ما انتقل الرجل من التنظير إلى الممارسة العملية التي بدأها في أعقاب النكسة حينما بدأ في إظهار سياسته "الباطنية" الرامية إلى الانسلاخ من العربي لصالح "الإسرائيلي" والاعتراف بـ"الآخر" , ثم بدأ في فتح قنوات اتصال مع الكيان الصهيوني في العام 1974م ؛ انتهت بالكشف عن إعلان مبادئ السلام مع "إسرائيل" المتضمن الاعتراف بالكيان الصهيوني في الفاتح من عام 1977 الذي تفوض فيه مع الجنرال ماتيتياهو بيليد , وقبل أن يعاود أبو مازن "غزواته" التفاوضية كان قد تبوأ منصب عضو اللجنة الاقتصادية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ أبريل 1981, ومكنه ذلك من زيادة التعمية على تحركاته المشبوهة التي سبقت الإعلان عن اتفاقية أوسلو المشينة في العام 1993 , والتي تمت من وراء ظهور كل القيادات في منظمة التحرير الفلسطينية فيما عدا عرفات وقريع!! (مكنته أيضا من أن يرفل في نعيم الملايين التي "ادخرها" من وظيفته المرموقة)
ولكن شره الرجل التفاوضي لم يدعه يرق له جفن بدون الاحتماء بـ"الإسرائيليين" مجدداً , فكان أحد واضعي وثيقة ( أبو مازن ـ بيلين ) في العام 1995 والتي لم يكتب لها النجاح كما لم يكتب لأوسلو من قبلها , واللذين يفاخر بهما الرجل باعتباره "مهندس المفاوضات".
اختير أبو مازن رئيساً للوزراء في العام 2003 بعد ضغوط كبيرة من الولايات المتحدة و"إسرائيل" وبعض الدول العربية المعنية على الرئيس الفلسطيني لاستحداث المنصب وتعيين أبي مازن فيه , وكانت أولى خطواته بعد أن انتقد الانتفاضة في أكثر من مقال وتصريح وحوار صحفي أن انتحى منحى نزع السلاح من أيدي المقاومين لاعتبار أن "عسكرة الانتفاضة كارثة" !! لكن الفصائل الفلسطينية الإسلامية والوطنية قاومت هذه "الكارثة" التي كان يعد لها الرجل , الذي ما لبث أن قدم استقالته بعد أن فشل في مسعاه ولم يمنحه عرفات ما أراد من الصلاحيات (ربما استقال الرجل بعد أن وعد بشيء أفضل! , "عسكرة الانتفاضة" كارثة بحسب أبي مازن , وكل عملياتها الفدائية مدانة , وطريق السلام هو الطريق الواقعي المقبول , ونزع أسلحة المقاومة هو واجب السلطة الفلسطينية "والإسرائيلية" على حد سواء. بل إن الرجل خرج من منصبه ولم يفته أن يدعي على الشيخ أحمد ياسين رحمه الله أنه وافق على هدنة مع الكيان الصهيوني قبل استشهاده بأسبوع فقط أسر لهذا الرجل بذلك , ولم يفته كذلك أن يدعي على ياسر عرفات أنه يسعى لقتله من أجل أن يضفي لنفسه قدرا من البطولة الجوفاء..
والآن يعود أبو مازن بقوة إلى الساحة كأحد أبرز المرشحين لخلافة عرفات , لاعتباره المؤسس الوحيد الباقي على قيد الحياة للمجلس التأسيسي داخل فلسطين الآن (الباقون بالخارج) والشخصية الثانية في منظمة التحرير الفلسطينية , وقبل هذا وذاك مرشح جورج بوش وآرييل شارون... وآخرين!!
[] أبو العلاء : أحمد قريع رئيس الوزراء الفلسطيني الحالي - 67 عاما - الذي حل مكان محمود عباس أبو مازن العام الماضي كحل يرضي الداخل والخارج , أحد المشاركين "الأخفياء" في عملية أوسلو , ثالث ثلاثة يعرفونها ويتعاملون بشكل سياسي مباشر جدا مع الكيان الصهيوني , أيضا كسابقه ، له صلة بماليات المنظمة حيث عين سابقا مستشارا ماليا للرئيس الفلسطيني , لكنه يختلف عن أبي مازن في أنه عاصر فلسطين قبل الاحتلال حتى عام 67 وليس 48 مثلما هو الحال مع أبي مازن , ويختلف كذلك في أنه نشأ لأسرة ثرية بعكس أبي مازن , ويختلف في أنه رافق عرفات في بيروت وشهد معه ما لم يشهده محمود عباس.
ولد الرجل في أبي ديس بالقرب من القدس , وظل الرجل وفيا لها حتى في المفاوضات الأخيرة التي أرادت أن تجعلها بديلا عربيا للقدس وتسميها مدينة القدس!! ووفاؤه هذا جعله يختصها بمصنع لمواد البناء سابقة التجهيز يشترك الرجل في ملكيته مع آخرين ؛ يزود المغتصبات الصهيونية بحاجاتها لـ"استعمار" الأرض الفلسطينية المصادرة.
وقد تولى قريع رئاسة المجلس التشريعي لثلاث فترات , ويصنف بأنه الأكثر ذكاء وحنكة سياسية من رئيس الوزراء السابق , كما أنه يصنف عن يمين أبي مازن في صف الحمائم الذين باتوا يهيمنون على معظم أركان السلطة الفلسطينية الرئيسة.
ويعد أحمد قريع أحد المرشحين لمنصب رئيس السلطة نظرا لما يتمتع به من حنكة ـ رغم قلة شعبيته شأنه شأن جميع المرشحين ـ قد تمكنه من التكيف مع التناقضات الحالية في السلطة الفلسطينية وفريقا من المتنفذين في منظمة فتح بعكس محمود عباس الذي تشوهت صورته بشكل كبير جدا مذ تبوأ منصب رئيس الوزراء العام الماضي.
رجل المهام الصعبة إذن كما يحلو للبعض أن يسميه ربما يجد طريقا سالكا لرئاسة السلطة غير أن ذلك كله بات مرهونا بأطراف في الخارج أهمها الولايات المتحدة الأمريكية ؛ التي أعلنت الجزيرة (6/11/2004) أن مبعوثا لها التقاه في هذه المرحلة الدقيقة , وكالعادة لم يرشح شيء عن هذه اللقاءات المصيرية , غير أن محمود عباس المدعوم من شارون شخصيا من قبل (ولا يعرف رأيه فيه الآن) ربما كان الأوفر حظا من صديقه اللدود.
[] محمد يوسف دحلان : أحد المرشحين وإن كان بدرجة أقل من سابقيه , والأسباب كثيرة لذلك ، فالرجل حديث السن فهو يبلغ للآن 43 عاماً , وإن كانت تلك الحداثة قد أثارت إعجاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي قال عنه : "إن هذا الفتى يعجبني" والذي أصر على مصافحته علنا في العقبة كما أثارت إعجاب الصحف الأجنبية فنعتته بالكولونيل الوسيم .
سجن لنحو خمس سنوات في مقتبل حياته , تقلد عدة وظائف في السلطة الفلسطينية من بينها مدير الأمن الوقائي بغزة ووزير شؤون الأمن في حكومة أبي مازن , لكنه الآن بغير صفة رسمية مهمة , غير أنه أصبح ـ بما توافر له من مال يوزعه بين أنصاره ـ يتحدث كأحد أقطاب تيار "الإصلاح" في فتح , وتسبب في الآونة الأخيرة في اندلاع الاشتباكات بين محسوبين على فتح في غزة , وعن هذا الإصلاح يقول المركز الفلسطيني للإعلام الموقع شبه الرسمي لحركة حماس الفلسطينية ؛ التي وقفت للمناسبة إلى جوار تيار عرفات ضد تيار دحلان خلال الاضطرابات الأخيرة في غزة : "حري بنا أن ندرك أن تاريخ محمد دحلان والذي تحدثت عنه بإسهاب وسائل الإعلام لا يؤهله البتة لحمل شعار الإصلاح باعتباره أحد أهم أعمدة الفساد ويكفينا أن نذكر أن دحلان والذي ولد عام 1961 في أسرة فقيرة ومعدمة تعيش في مخيم خانيونس يمتلك الآن فندق الواحة على شاطئ غزة وهو المصنف كواحد من أفخم فنادق الخمس نجوم في الشرق الأوسط، ثم فضيحة ما عرف بـ "معبر كارني" عام 1997 عندما تم الكشف أن 40 % من الضرائب المحصلة من الاحتلال عن رسوم المعبر والمقدرة بمليون شيكل شهرياً (250 ألف دولار تقريباً) كانت تحول لحساب "سلطة المعابر الوطنية الفلسطينية" والتي اتضح فيما بعد أنها حساب شخصي لدحلان، ناهيك عن تشكيل دحلان لـ "مجموعة الموت" التابعة لجهاز الأمن الوقائي والذي كان يرأسه، تلك المجموعة التي خصصت لضرب حركتي حماس والجهاد الإسلاميتين في النصف الثاني من عقد التسعينيات في القرن الماضي تنفيذاً لأوامر إسرائيلية." .
والرجل علاوة إلى حداثة سنة وتلوثه بالفساد يحمل صفة "شرطية" لا تؤهله رغم تأنقه في تبوء منصب سياسي لا يكفي المال والعلاقات الأمنية ولا حتى الصهيونية والأمريكية المعروفة عنه في احتلال مكان "رمز الثورة الفلسطينية" , لكنه يبقى على أية حال أحد المرشحين المحتملين أو في الظروف الطبيعية رجل في صدر السلطة وأحد أركانها.(للمزيد يرجع كتاب "محمد دحلان : السيرة الكاملة لـ «حصان طروادة»، من الحارة إلى الوزارة" على الرابط http://www.alhaqaeq.net/defaultch.asp?acti...articleid=22218 )
[] جبريل الرجوب : مثلما قلنا عن أبي مازن وأبي العلاء , نقول عن دحلان والرجوب , فالأخير بعكس الأول نشأ لأسرة ثرية ـ كما هو حال أبي مازن وقريع ـ في بلدة دور في محافظة الجليل إلى الجنوب من الضفة الغربية , عمره الآن 51 عاماً , انتمى لفتح منذ أن كان صغيراً ودخل السجن محكوماً بالمؤبد وهو في السابعة عشرة من عمره بتهمة إلقاء عبوة ناسفة على دورية "إسرائيلية" لم تسفر عن أي إصابات , لكنه خرج منه في إطار صفقة لتبادل الأسرى مع الجبهة الشعبية !! في السجن تعلم العبرية بطلاقة وبدأ أولى خطوات التغيير .
خرج من السجن بعد 15 عاماً إلى رام الله ثم مطروداً بعد عامين إلى تونس ليستقر جوار الرئيس الفلسطيني , ولا يدرى تحديداً متى بدأ الاتصالات بـ"الإسرائيليين" (علماً بأن المشاع عن دحلان أنه جند "إسرائيلياً" في تونس من دون أدلة قطعاً غير التعاون الكامل مع الكيان الصهيوني , وغير لقاء رئيس الشاباك "الإسرائيلي" مع دحلان والرجوب في تونس) , عاد الرجل مع عرفات إلى رام الله مديراً للأمن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغربية , ويعد تاريخه في هذا المنصب من أسوأ صفحات حياته حيث تحول من "سجين" إلى أشهر الجلاوزة في تاريخ السلطة الفلسطينية , حيث عاث جهازه (الأمن الوقائي في الضفة) فساداً , واستخدمه الصهاينة كمخلب قط ضد مجاهدي حركتي حماس والجهاد الإسلامي , ولعله الوحيد من بين مسؤولي السلطة الفلسطينية التي طالبت حركة حماس الإسلامية بإعدامه ؛ إذ نقلت وكالة قدس برس قبل عامين عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" رحمه الله مطالبته "السلطة الفلسطينية بمحاكمة العقيد جبريل الرجوب مدير جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغربية لضلوعه في تسليم ستة من معتقلي حركة "حماس" ومعتقل واحد من الجهاد الإسلامي كانوا في سجن الأمن الوقائي في بيتونيا وذلك لعدم الإفراج عنهم." ونقلت عنه القول :"إذا ما تم تصفية المجاهدين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، فعلى السلطة تقديم الرجوب للمحاكمة وتنفيذ حكم الإعدام فيه"، واصفاً ما حصل في سجن بيتونيا بأنه "مسرحية" تم فيها تسليم المجاهدين من قبل الرجوب، منوها إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم العقيد الرجوب بتسليم وتصفية مقاومين، واتهمه بان كان قد سلم قبل ذلك ثلاثة من رجال المقاومة ممن يعرفون بـ "خلية صوريف"، كما اتهمه باغتيال كل من محيي الدين الشريف وعادل وعماد عوض الله من قادة كتائب "عز الدين القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس". (سجن بيتونيا تابع لمقر الأمن الوقائي في رام الله والذي لم يصب أي من أفراده بأذى حين اقتحمته القوات الصهيونية التي عمدت كذلك في نفس الوقت إلى تصفية الفرقة 17 التابعة لعرفات لمصلحة الرجوب ,وللمزيد عن موضوع السجن والوقوف على شخصية الرجل بشكل أوضح يراجع مقال "جبريل الرجوب : متعاون مع الموساد .. أم طامع في خلافة عرفات في الرابط http://www.palestine-info.info/arabic/pale...002/alrojob.htm ).
تمرد الرجل بعد ذلك على عرفات فصفعه الأخير , لكنه عاد وقربه منه ـ ضمن إطار توازنات معينة ـ وعينه مستشاراً أمنياً له وهو المنصب الذي مازال يشغله حتى الآن.
وتكاد تكون شعبية الرجوب منعدمة , لكنه ربما يطمح في قضم جزء من الكعكة القادمة بتزكية صهيونية وأمريكية (هذه الأخيرة التي يعرف عنها على نطاق واسع في الضفة الغربية أنها قد قامت بتدريب كوادر الأمن الوقائي في الضفة الغربية على يد عناصر الـ C.I.A (.
[] أبو اللطف : يبلغ فاروق القدومي من العمر 74 عاما , ولد في قضاء نابلس , وانتقل إلى يافا , ثم التحق لفترة وجيزة بجيش الأردن بعيد إعلان ما يسمى بدولة إسرائيل , ورحل إلى السعودية للعمل ومنها انطلق بغية الدراسة بالجامعة الأمريكية في القاهرة في العام 1954 وانتسب لصفوف البعث , وفور تخرجه أسس مع ياسر عرفات حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) ثم عمل في عدة شركات نفطية وغيرها في ليبيا والسعودية والكويت , وانتقل إلى الأردن في العام 1966 وفيها أصبح عضوا في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا لفتح , واعتقلته الأردن في أحداث أيلول الأسود 1970 وأفرج عنه لاحقا , ولم يلبث أن تبوأ منصب رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير في العام 1973 وحتى هذه اللحظة , وحمل صفة "وزير خارجية فلسطين" حتى نزعها منه عرفات وعهد بها إلى نبيل شعث.
ولا يحمل الرجل في تاريخه ملامح ظاهرة تدينه على الأقل لجهة التعامل المباشر مع الكيان الصهيوني , ولا يأخذ منتقدوه عليه في معظم الأحيان إلا كونه يتمتع ببذخ مفرط , غير أن القدومي اشتهر بآرائه السياسية النضالية وإشادته بالعمليات الفدائية الاستشهادية , والرجل من بين المرشحين يعد الأوفر حظاً شعبياً لكنه لا يبدو أنه يحظى بأي دعم من الدول العربية المتنفذة ولا حتى الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية. والكثيرون لا يعتبرون له أملاً في خلافة عرفات إلا إذا ما مد جسوره إلى أبي العلاء , ومع كونه الوحيد بين المرشحين المقيم في الخارج فتظل حظوظه ضعيفة حتى لو صحت الشائعة القائلة بأن عرفات في إحدى إفاقاته الأخيرة أوصى للقدومي بالخلافة ..
دعونا إذن نخرج من هذا المستنقع الآسن , لنبحث عن تأثير انتخاب أي من هؤلاء من قبل صناع القرار , أي تأثير سيكون على مستقبل فتح, وحركات المقاومة الفلسطينية ؛ وأهمها حركة المقاومة الإسلامية , والجهاد الإسلامي , والجبهتين الشعبية والديمقراطية ؟
وتلك أمور تحتاج إلى حديث طويل جداً ملخصه هو أن رحيل عرفات وخلافة أحد هؤلاء مكانه ـ باستثناء القدومي ـ سيكون له تداعيات جد كبيرة ومتباينة : منها تأثيره المباشر على بنية منظمة التحرير عموماً وحركة فتح خصوصاً , وتأثيره المباشر على كتائب شهداء الأقصى , وإمكانية استقطاب كثير من عناصرها في أطر فصائلية أخرى , وتأثيره المباشر على حركتي حماس والجهاد الإسلاميتين والجبهتين الشعبية والديمقراطية الوطنيتين من حيث كيفية تعاطي الحاكم القادم للمقاطعة مع نضال هؤلاء المسلح ..
وكذلك تأثير رحيل عرفات على ما يسمى بمفاوضات السلام لا سيما مفاوضات الحل النهائي وقضية القدس واللاجئين والأمن , وعلى حظوظ الدول المحيطة في القرار الفلسطيني ومساحة توظيفه .. وهو حديث ـ كما قلنا ـ يطول!! </div>
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات