لا يوجد مخلوق على وجه الأرض خلق دون غاية وعاش دون هدف ومات دون سبب ، وباختلاف الأهداف تتفاوت أماكن الناس في المجتمعات .
هناك من يصنع من نقطة الصفر زنبرك يقذف به إلى الأعلى راقيا به عن غيره من الناس ، مختلفا في تفكيره ونظامه وسلوكه وآدابه وحتى طريقة تحليله للأشياء .
وهناك من يصنع من زاوية السقوط بداية الانعكاس ،فتكون نقطة الانعكاس تلك نقطته لينطلق منها إلى أفاق المستقبل البعيد المكتظ بالمنجزات الموحية بمدى إيمان ذلك الصانع بقدرته على الانجاز .
لهم فلسفتهم الخاصة في الحياة فتراهم ينظرون إليها بأبعاد وزوايا مختلفة، مختلفة عن غيرهم من البشر ، ليس لأنهم مختلفون عن غيرهم بل لأنهم أرادو ذلك وسعوا حثيثا إليه .
ترى الأمل دائما ما يتردد على نوافذ منازلهم بل لا يفارقها فيكون عصافير تزغرد في نوافذ تلك المنازل وتظهر عليها صباح مساء وتنزف شوقا حين الغروب لكي لا تفارق أعينهم....
أنا لا أتحدث عن مخلوقات فضائية....! ،بل أتحدث وبإعجاب شديد بما حققوه عن بشر لهم طبائع وأحاسيس ومشاعر وأفكار تولد من رحم الإبداع ،ومعجزات انتزعوها من شفاه المستحيل ، صنعوا من اللاء ألف نعم وحولوا الألوان القاتمة إلى أخرى زاهية فاتحة لا تعرف الظلام النفسي والبيني بل تعشق الضوء بكل أطيافه القزحية .
لا يستطيع الخمول أن يخترق صفوفهم أو حتى أن يطوقها بأليافه الهشة لأن النشاط درعا واقيا من أي تسرب لمولدات الضد الغائرة في نفوسهم فتراهم باقة ورد تفوح منها جميع أنواع الروائح الزكية ذات النقاء الطبيعي العليل .....
لا غروا في ما أقول فانا أراهم مشعل نور لا ينطفي برياح الفشل ، بل الفشل بالنسبة إليهم وسيلة كبيرة للنجاح فمن لا يتلقى جرعات من الفشل لا يمكنه أن يصعد إلى قمة المجد مهما سعى إليه ...
لا أظن أن كلامي بحاجة إلى علامات التعجب وأكتفي بالنقاط الحائرة أمام واقعهم المشرق وأرضيتهم المضيئة فهل تعرفتم عليهم حتى الآن ...
في فلسفة العقاد أن لكل إنسان حياة واحدة وبإمكانه أن يضيف عدة حيوات إلى حياته إذا قرأ عن حيوات أخرى تضاف تضاريسها ومناخاتها وتعرجاتها إلى حياته فلماذا لا نتعرف على حيوات موقدو تلك المشاعل ، بل لماذا نكتفي بالنظر إليهم والتعجب بعزيمتهم التي تذوب العقبات الراسية .
حياتهم كلها دروس ومواعظ فأتفه موقف يرونه يصنعون منه درسا يستفيدون منه طوال حياتهم ،جلست مع أحدهم وقد سألته عن رحلة كفاحه فشبهها لي بشيء بسيييط لأنه تربى في بيئة قبلية فقد جعل من البندقية درساً استفاد منه طوال حياته فقد بدأ يتحدث وهو في نشوة حديثة وكوب شاي ممتلئ على يديه بأن أي هدف من أهدافه التي حققها في حياته قد كان يصوب عليها كمن يصوب بالبندقية على هدف ما ،فلا يستطيع في نفس الوقت أن يصوب على هدفين ولا يمكن أن يشغل تفكيره بأهداف أخرى .....فكل واحد له طريقته في التحليل والتفكير....
أراهم – بإصرارهم - يصنعون الانتصار في فم الهزيمة بل ويمتد صنعهم إلى ما بعدها فما الفارق الزمني والمكاني الذي يفصلنا بهم ......
كلنا نفكر بعقول بشرية فهل تفكيرنا محدود ومغلق في مستوى معين .....
كل مخلوق على وجه الكرة الأرضية يسعى نحو الإنجاز،فكل واحد يرى و يفسر كلمة الإنجاز بطريقة مختلفة، بحسب الجو الذي تربى فيه أو التضاريس والمناخ الذين نشأ فيهما فالبعض يرى الإنجاز في جمع أكبر قدر من المال ، والبعض يراه في حمل أكبر الشهادات ، والبعض يراه في تقلد أكبر المناصب في مؤسسة ما،والبعض يراه في الفوز في لعبة ما،وكلها أوجه للإنجاز وجميع بني البشر يشتركون في هذه المعتقدات ولكن الطريق التي سلكوها والنمط الذي اختاروه هو الذي يحدد مستوى مكانتهم الاجتماعية والحياتية .
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات