صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 6 من 9

الموضوع: التاريخ الكامل للمنظمة الصهيونية " بالمختصر المفيد &quo

  1. #1
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2002
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,541
    معدل تقييم المستوى
    808

    افتراضي التاريخ الكامل للمنظمة الصهيونية " بالمختصر المفيد &quo

    احبتي في الله
    السلام عليكم ورحمة الله
    اود ان اضع امامكم هذا الموضوع الذي يتناول التاريخ الكامل للمنظمة الصهيونية
    وسوف اقسمه الي ثلاث اجزاء متلسلة لتسهل قراءته وبالتالي الاستفادة منه
    وقد راعيت فيه الاختصار والدقة
    والموضوع تم اعداده من خلال الاعتماد علي بعض المصادر التاريخية الموثوقة
    وهو خلاصة لجزء من مساق جامعي درسته في جامعتي في قسم العلوم السياسية ضمن مساق دراسات فلسطينية


    خلفية تاريخية

    تم طرد اليهود من أرض الشام على يد الرومان وحظر عليهم البقاء في الأرض المقدسة، وتشتتوا نتيجة لذلك في كل أنحاء العالم. خرجوا يبحثون عن المأوى ولقمة العيش في ديار غريبة مشتتين إلى مجموعات صغيرة أو أفراد. منهم من توجه إلى الشرق، وآخرون إلى شمال أفريقيا، بينما حل بعضهم في البلاد الأوروبية. وكما هو متوقع لكل مشرد أو مطرود من مكان سكنه، لم تكن الحياة سهلة ولا الطريق إلى الاستقرار ممهدة، وكان عليهم أن يواجهوا الكثير من المعاناة والآلام والضياع.

    توجه أغلب اليهود للسكن في المدن الكبرى أو بالقرب منها وذلك سعيا وراء الأعمال التي غالبا ما تكون متوفرة في التجمعات السكنية الكبيرة. لم يكونوا أصحاب أراض زراعية ولم تكن ظروف الإنتاج متطورة أصلا ليكون هناك من القدرة على البدء بأعمال استثمارية وإنتاجية. كان عليهم أن يسعوا بداية إلى العمل الشاق قليل الفائدة، وأن يتحملوا شظف العيش وضنك الحياة. لم يكن من المعروف عدد اليهود في تلك الحقبة التاريخية، لكنه من المتوقع أن عددا منهم قد تخلى عن يهوديته إذا كان في ذلك نوعا من الخلاص من بعض المتاعب.


    أخذ اليهود يشقون طريقهم في الحياة في مختلف المناطق التي تواجدوا وركزوا على نشاطات حيوية مثل التجارة والصناعة والعلم والتي تعتبر ميادين بديلة لكسب العيش لمن لا يملك الأرض ومصادر جيدة لدخول مرتفعة. ومن المعروف أن اليهود برعوا في فن التجارة وبرز منهم تجار كبار في مدن كثيرة مثل القاهرة وبرلين وكييف وصنعاء. تحسنت أوضاعهم الاقتصادية والنفسية والاجتماعية مع مرور الأيام واستطاعوا أن يشكلوا مجتمعات صغيرة في عدد من الدول تميزهم عن المجتمعات الأوسع التي تواجدوا بينها. ومن المهم أن التوراة التي بين أيديهم شكلت قاعدة حيوية في تكتلهم والإبقاء على هوية خاصة بهم. ففيها ما يؤكد على تميزهم عن غيرهم من الشعوب وعلى تفوقهم كشعب الله المختار الذي لا يجاريه أو يطاوله شعب آخر وعلى تحوصلهم أو تكتلهم المنغلق الذي يحافظ على قدسيتهم مما تسميه التوراة من دنس الشعوب الأخرى.


    على الرغم من أن المجال أمامهم كان مفتوحا أمامهم للاختلاط الواسع مع الشعوب التي تواجدوا بينها إلا أن خلفيتهم الثقافية المحكومة أساسا بتعاليم الكتاب المقدس كانت أقوى بكثير من جذب الشعوب الأخرى. لم ينعزلوا تماما عن الشعوب الأخرى لكنهم تمسكوا بالعناصر الثلاث المشار إليها أعلاه وهي التميز والتفوق والانغلاق. أقام رجال الدين الذين يطلق عليهم اسم الحكماء حياة دينية يهودية، وشكلت تعاليم التوراة قواعد للتعامل الاجتماعي وتحديد العلاقات داخل مجتمعاتهم الصغيرة. تفاوتت نوعية العلاقات بين مجتمع وآخر واختلفت العادات والتقاليد نظرا لتنوع وتعدد المجتمعات التي تواجدوا فيها، إلا أن ملامح أساسية يمكن تسميتها باليهودية بقيت قائمة بخاصة فيما يتعلق بالطقوس والمناسبات الدينية وساعدت على التواصل الثقافي اليهودي في مختلف أنحاء العالم. لم يكن بالإمكان تجنب تأثير المجتمعات التي تواجدوا فيها لكنهم كانوا حريصين على عدم الذوبان على الرغم من قرارات فردية كثيرة فضلت الذوبان على حياة الانكماش.

    الاضطهاد

    لم تكن حياة اليهود في أوروبا رتيبة ومستقرة وإنما شهدت توترات كثيرة وشديدة بسبب ما تعرضوا له من تنكيل واضطهاد على أيدي الأوروبيين في مختلف مناطقهم الشرقية والغربية. مع بداية التغيير الاجتماعي والديني في أوروبا والابتعاد تدريجيا عن حياة الإقطاع والاستبداد الكنسي بدأت صحوة تدريجية حول العلاقات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة السائدة ورؤى حول ضرورة تغييرها. لم يكن الوعي الاجتماعي والطبقي أو الفئوي قد تبلور إبان الإقطاع ولم يكن اليهود كفئة اجتماعية قد وقعوا تحت المجهر الاجتماعي. لكنهم أصبحوا تحت الأضواء مع محاولات خروج الأوروبيين من حياة التقليد إلى حياة التجديد.


    كان على اليهود أن يدفعوا ثمن النهوض التدريجي في أوروبا إذ تم اعتبارهم من قبل البعض على أنهم أحد الفئات الاجتماعية المستفيدة اقتصاديا والتي تستغل عامة الناس. لم يكن اليهود أصلا محترمين من قبل المسيحيين الذين اعتبروا دم المسيح معلقا بأعناق اليهود، وزادت قلة الاحترام مع هذا الاتهام بالاستغلال. حقق بعض اليهود مع الزمن ثروة كبيرة واستطاعوا تحقيق نجاح كبير في ميدان التجارة مما أثار بعض قطاعات المجتمع الأوسع. وقد اتسع نطاق الانطباع هذا إلى درجة أن قصصا وروايات وأشعار أخذت تظهر حول جشع اليهود وطمعهم ونهمهم المادي. وقد كانت رواية شكسبير تاجر البندقية أشهر ما كتب حول الموضوع.

    تعرض اليهود للتمييز ومختلف أنواع الاضطهاد. فمثلا فُرض عليهم البقاء ضمن قطاع معين في المدينة أو حارة معينة لا يتوسعون خارجها. وقد كانت البندقية أول من فرض هذا النظام على اليهود والذي عرف بنظام الغيتو في بداية القرن السادس عشر، وانتشر بعد ذلك إلى مختلف المدن الأوروبية. وتعرضوا إلى المعاملة السيئة التي تترواح من السباب والشتائم إلى القتل والمجازر الجماعية. تعرض الغيتو اليهودي إلى عدم أمن مستمر من قبل الناس العاديين ومن قبل السلطات. فمثلا اعتاد الناس الاعتداء على الغيتو وعلى أطفال اليهود وملاحقتهم، واعتادت السلطات فرض تقييدات مستمرة على حركة اليهود وعلى تدريسهم الديني وعلاقاتهم الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك على اتخاذ إجراءات ضدهم مثل الاعتقال والتعذيب والقتل، الخ. هذا فضلا عن التحريض الذي كانت تمارسه وسائل الإعلام المختلفة ضد اليهود وحشد الرأي العام وتوليد الكراهية والأحقاد ضدهم. وقد حاول اليهود منذ البداية الانفلات من الإجراءات القمعية ضدهم بوسائل مختلفة مثل اللجوء إلى الحكومات لتيسير الحياة عليهم وإلغاء الغيتو أو الهجرة من أوروبا كلها. استطاع عدد من يهود هولندا الهجرة إلى أمريكا الشمالية في نهاية القرن السابع عشر وأسسوا أول بؤرة استيطانية في نيويورك. وأيضا استطاع اليهود الحصول على معاملة حسنة من ملوك بولندا وأسسوا في تلك البلاد ما عرف بالمركز اليهودي الإشكنازي. لعب هذا المركز دورا فاعلا في جمع كلمة اليهود وأصبح مركز ثقل اليهودية في أوروبا، ومنه انطلق اليهود لرفع وتيرة استيطانهم في روسيا وفي الولايات المتحدة في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. هذا فضلا عن أن يهود بولندا تزعموا الحركة الصهيونية وكان لهم دور ريادي في الهجرة إلى فلسطين.


    تختلف وجهات نظر الأوروبيين حول الاضطهاد عن وجهات نظر اليهود. يتحدث اليهود عن أسباب مثل أن الشعوب الأوروبية لا تحتمل الغرباء وتسعى دائما إلى محاصرتهم، ويضيفون بأن اليهود أنجزوا إبداعات في ميادين عدة مثل التجارة والصناعة والعلم مما زاد من حقد الأوروبيين على اليهود. لم يرق للأوروبيين أن يروا قلة من الناس الوافدين يحققون ثراء واكتشافات علمية هامة. ويتحدث بعض اليهود بأن اليهود مكروهين حيثما ذهبوا لأنهم يمتازون عن باقي الأمم بأنهم أصحاب رسالة سماوية وحكمة، وأن كونهم يهود يثير بغضاء الأمم.


    بينما رأى أغلب الأوروبيين أن اليهود فعلا احتكاريين ويحبون جمع المال حتى لو كان على حساب القيم الإنسانية، وأنهم استعلائيون يرون في أنفسهم ما يميزهم عن الأمم ويتفوقون به. ويرون أن فكرة شعب الله المختار لا تخرج عن هذه العقدة الاستعلائية العنصرية. إنهم، حسب الأوروبيين لا يستطيعون العيش بسلام ووئام مع الشعوب الأخرى ويفضلون أن يكونوا السادة دائما بينما يبقى الآخرون عبيدا عندهم. ويعززون جدلهم هذا بمدى الانغلاق الذي يميز اليهود وجمود التعاليم الدينية التي يصر عليها رجال الدين. التحجر هذا لا يقود إلى تعايش وإنما بالتأكيد إلى توتر ينتهي إلى عنف. هذا فضلا عن القناعة الدينية بأن اليهود قتلة المسيح عليه السلام.

    تيارات صهيونية بدات تظهر منها

    المسيائية: ظهرت هذه الحركة بعد طرد اليهود (السفارديم) من إسبانيا وما تعرضوا له بعد ذلك من معاناة. قالت هذه الحركة أن اليهود بحاجة إلى معجزة لإنقاذهم مما هم فيه، وأن الرب سيرسل المخلص الذي هو المسيح المنتظر للقيام بذلك. وحتى يتعجل الرب بإرسال المسيح فإن على اليهود أن يكثروا من الصلوات والابتهال والتقرب إلى الله. وقد نجم عن الحركة ظاهرة سميت بالكبلاه والتي تعني اللجوء إلى الغيبيات في تفسير الظواهر المختلفة. أنتجت الحركة في النهاية شخصا يدعى شيبتاي تسيفي الذي ادعى أنه المسيح.

    الحسيدوت: آمنت هذه الحركة بأن غاية الإنسان هي التقرب إلى الذات الإلهية من خلال العمل على أن يكون صدّيقا صالحا. ليس شرطا أن يكون المرء حاخاما يهوديا حتى يصل إلى هذه المرتبة، وليس من المهم التعمق بالتعاليم. استمدت هذه الحركة أهمية من خلال تحديها للمدرسة الحاخامية التقليدية ذات النفوذ والسيطرة في أوساط الناس العاديين، وبالتالي تعرضت لانتقادات وتشويه.

    الهسكلاه: حركة نهضوية ظهرت في أواخر القرن الثامن عشر بقيادة موشي مندلسون. تعني الكلمة بالعبرية الثقافة أو الاستنارة، وعمد قائدها إلى أن تكون حركة تجديد يهودية على أسس عَلمانية. نادت الحركة بالحرية الفكرية ودعت رجال الدين اليهود إلى التخلي عن التعصب الديني والانفتاح على الثقافات المختلفة. عملت الحركة على إثارة التفكير الحر لدى أعضائها وشجعتهم على دراسة العلوم العصرية وعلى تعريف الآخرين بالديانة اليهودية ولكن بعد تنقيتها من التعاليم التلمودية التي تسئ إلى الشعوب الأخرى وترسخ تفوق اليهود. وقد تم تكفير الحركة وأبنائها من قبل الحاخامين على اعتبار أن الخروج عن التدريس الديني البحت يخالف التعاليم.

    اليهودية الإصلاحية: انبثقت هذه الحركة عن الهسكلاه وركزت على الخروج من الأطر الدينية التقليدية الجامدة. بدأت الحركة بأداء الصلوات بالألمانية ودعت إلى الانتشار في العالم لنقل التعاليم اليهودية إلى كل الشعوب.

    نستكمل معكم في الجزء القادم باذن الله

    وقد نشرت هذا الموضوع ضمن زاوية اعرف عدوك في منتديات www.kanwakan.com
    تحياتي
    ناصر


  2. #2
    رئيس مجلس الإدارة الصورة الرمزية موسى بن ربيع البلوي
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2001
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    26,570
    مقالات المدونة
    19
    معدل تقييم المستوى
    879

    افتراضي


    و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته

    بارك الله في جهدك و ننتظر المزيد
    أنصر نبيك
    .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    الإثنين 27محرم 1429هـ
    .



  3. #3
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2002
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,541
    معدل تقييم المستوى
    808

    افتراضي

    اخي الكريم ابو نادر
    اشكر لك مرورك الكريم وابشر بالمزيد

    *****************
    كنا قد توقفنا عند التيارات الصهيونية التي بدات تظهر والان نستكمل

    بدءا بالحركة الفكرية وظهورها وانتشارها بشكل واسع واهم التيارات التي ميزتها


    الحركة الفكرية

    ليس من السهل أن يبدأ شعب مسيرة منظمة نحو الخلاص مباشرة بعد تعرضه لمأساة كالطرد من البلاد أو التشتيت والتشريد. فهناك فترة للعق الجراح والبحث عن أساسيات العيش مثل البحث عن مأوى ومصدر للطعام. يهيم الناس فرادى وجماعات باحثين عن حلول سريعة لحاجاتهم الأولية والملحة، ومن ثم يبدؤون بتحسس الأواصر الاجتماعية وإعادة بناء النسيج الاجتماعي بقدر الإمكان وإقامة العلاقات التي يمكن أن تشكل بالنسبة لهم ركائز هوية جماعية. وإذا سارت الأمور على ما يرام وبدأت الحياة الاقتصادية والاجتماعية تستقر يتوفر لدى الناس الوقت للتفكير بما هو أبعد من الحاجات الأولية ويصبحون في وضع نفسي يتقبل الجدل والنقاش حول المستقبل. وهذا ما يمكن أن يوفره الكتاب والمفكرون على نطاق واسع.


    لا تختفي الأدبيات من تاريخ الشعوب حتى في أشد الأوقات صعوبة وحلكة. لكنها بداية تتميز بالانفعالات أو وصف الكوارث أو الحنين وما شابه ذلك. غالبا ما تكون الأدبيات ملتصقة بالماضي بادئ الأمر، وتدريجيا تتحول إلى رؤى المستقبل التي تنطوي غالبا على طروحات الخلاص. هكذا كان الأمر بالنسبة لليهود الذين ساروا بالفعل تدريجيا من الانشغال بالأمور المعيشية إلى الفكر الخلاصي ومن ثم إلى التنظيم العملي الذي وضع الفكرة موضع التطبيق. بدأت الأفكار بأشواق وحنين وتطورت إلى تنظيمات غيبية منفصلة عن الواقع، وما أن أخذ البعد الاجتماعي بالتبلور والاستقرار على نحو معين حتى بدأ الكتاب يطرحون صيغا متصاعدة في طموحاتها. لا مجال هنا لمناقشة كل الأفكار والطروحات ويُكتفى بطرح آراء بعض المفكرين اليهود الذين سبقوا الصهيونية ومهدوا لها.


    ظهر في القرون الوسطى في مصر رجل دين يهودي اسمه موسى بن ميمون أخذ على عاتقه جمع عدد من التعاليم والاجتهادات حول التوراة. وحيث أنه كان متأثرا بأرسطو، حاول أن يصنف معلوماته على أسس عقلانية ومنطقية ووضع كتابا عنونه مشنيه هتوراه أو التوراة الثانية. تبعه رجل دين آخر من سكان صفد اسمه يوسف كارو. عمل هذا أيضا على تجميع الشرائع اليهودية ومن ثم اختصرها في كتاب عنونه شولحان هأروخ أو الطاولة الطويلة.


    كان يهودا الكلعي السفاردي من يهود بلغاريا أول من دعا إلى إقامة دولة يهودية في فلسطين وذلك في كتاب نشره عام 1839. تلاه كاتب آخر يدعى تسفي كاليشر والذي كتب كتابا بعنوان دريشات صهيون أو طلب صهيون دعا فيه إلى ضرورة اجتماع قادة اليهود للتخطيط لاستيطان ما أسماه بأرض إسرائيل. وقد تعاون مع جمعية فرنسية لإقامة المدرسة الزراعية التي أقامها اليهود في يافا عام 1870. ظهر في تلك الفترة موشي هس الذي نشر كتبا بعنوان روما والقدس. أشاد هس بما أسماه القومية اليهودية وقال بأن الأمم تعلمت الفكر القومي من اليهود الذين تعاملوا مع أنفسهم على أنهم قومية منذ ظهور التعاليم الدينية اليهودية. وأضاف بأن حل المشكلة اليهودية يكمن في بعث الأمل في صفوف اليهود والعمل على إقامة دولة يهودية على أرض الأجداد. ونصح اليهود بأن يعملوا على تثقيف العرب والأفارقة الذين وصفهم بالقطعان والمتوحشين وأن يجعلوا القرآن والإنجيل يدوران حول التوراة.


    أما ديفيد غوردون الذي كان من المثقفين غير المتزمتين فدعا عبر صحيفة كان يحررها إلى شراء الأراضي في فلسطين والاستيطان فيها. لم يشذ عن هذا المفكر بيرتس سمولينسكن الذي دعا إلى إقامة منظمة يهودية عالمية من أجل حل المشكلة اليهودية وذلك من خلال الهجرة اليهودية إلى فلسطين. وقال بأن اليهود مهددون بالإبادة حيثما حلوا إلا من أرض إسرائيل، وأن على اليهود أن يحيوا ثقافتهم ولغتهم. تبعه في ذلك موشي ليف ليلينبلوم الذي كان من الاندماجيين وارتجع. كتب في كتاب صغير صدر له عام 1884 بأن على اليهود أن يهاجروا إلى فلسطين التي هي أرض الأجداد كحل للمشاكل التي يلاقونها في أوروبا وحذر من الهجرة إلى أمريكا أو أي بلد آخر. وقال بأن أمام اليهود الخيارات التالية: البقاء فيما هم فيه أو التخلي عن ديانتهم أو الهجرة إلى فلسطين.


    كان يهودا ليف بينسكر من أشهر الكتاب اليهود الذين برزوا بداية كمؤيدين للاندماج مع الشعوب الأخرى. كتب بينسكر يؤيد الاندماج وقال بأنه على اليهود تعلم اللغة الروسية والعيش في أي مكان في الديار الروسية. لكنه وقع تحت صدمة مجازر عام 1982 التي تمت ضد اليهود في روسيا على إثر اغتيال القيصر فغير أفكاره وكتب كتابا شهيرا بعنوان التحرير الذاتي قال فيه أن اليهود متميزون ولا يمكن إذابتهم في الشعوب الأخرى، وأن المشكلة اليهودية تُحل فقط عندما يصبح اليهود مقبولين كمتساوين مع الشعوب. وتحدث عن كراهية اليهود وقال أنها عبارة عن آفة تنتقل لدى الشعوب بالوراثة ولا حل لها أن يكون لليهود مكانهم الخاص الذي يمارسون حياتهم عليه. وأعرب عن الاستعداد للقبول بأي مكان ولم يصر على فلسطين كشرط لإقامة الوطن القومي. اكتفى بالقول بأن اليهود بحاجة إلى بلاد خاصة بهم، لكنه أصبح رئيس جمعية أحباء صهيون التي نظمت أول حملة استيطانية في فلسطين.

    كان أليعيزر بن يهودا أشد المتحمسين للهجرة إلى فلسطين. حمل لواء التمسك باللغة العبرية وعمل على نشرها وإقناع اليهود باستعمالها في نشاطاتهم اليومية. قال بأن اليهود قومية، وذلك يعني البلاد واللغة والثقافة القومية. وعلى عكس زملائه من المفكرين، أخذ يتكلم العبرية وهاجر إلى فلسطين تحت شعار أن الفكرة لا قيمة لها إن لم يتم تطبيقها.


    واضح أن الحركة الفكرية اكتسبت في الأوساط اليهودية الأوروبية زخما كبيرا في القرن التاسع عشر وامتدت عبر القرن العشرين. تنوعت الأفكار حول طرق حل المشكلة اليهودية المتمثلة بالاضطهاد وتعددت، لكنه من الممكن تلخيصها في الاتجاهات التالية:


    [b]أولا: الاتجاه الاندماجي
    طرح أصحاب هذا الاتجاه فكرة اندماج اليهود في المجتمعات الأوروبية والعيش في المجتمع الأوسع. أي أن يخرج اليهودي من الغيتو ويبحث لنفسه عن مكان بين الناس ويصبح فردا عاديا كما الآخرين دون تمييز. جادل هؤلاء بأن الاندماج يلغي وجود عنوان لليهود يكون هدفا للهجوم ويتحول اليهود عموما إلى أفراد عاديين يصعب تمييزهم أو الحقد عليهم بصورة جماعية. لكن هذا الجدل وجد معارضة شديدة من قبل رجال الدين الذين قالوا أن هذه الأفكار تذيب المجتمع اليهودي ومن المحتمل أن تلغي الديانة اليهودية برمتها.

    [b]ثانيا: الاتجاه التحرري
    لم يوافق أصحاب هذا الاتجاه على الاندماج لما فيه من إلغاء للهوية والثقافة وإنما رأوا ضرورة الانفتاح على المجتمع الأوسع والمشاركة في النشاطات العمة وإقامة العلاقات الاجتماعية الواسعة مع عموم الناس. رأوا أن المشاركة في المناسبات العامة ضرورية كما أن فتح الأبواب اليهودية أمام المسيحيين للتفاعل الاجتماعي حيوي أيضا لما في ذلك من تأليف للقلوب وإزالة انطباعات سلبية مسبقة. لكن هذا الطرح لم يحظ أيضا بموافقة رجال الدين خوفا على انبهار البعض بالمجتمع الأوسع مما قد يؤدي إلى رحيل متزايد عن المجتمع اليهودي وإلى زيجات متبادلة تتناقض مع المبادئ اليهودية.



    [b]ثالثا: الاتجاه القومي

    قال أصحاب هذا التيار أن الحل الوحيد أمام اليهود هو البحث عن وطن قومي يكون لهم بعيدا عن القوميات الأخرى. وقد حاز هذا على موافقة وتشجيع رجال الدين الذين حرصوا على التأكيد بأن فلسطين هي الموقع المطلوب. انصب اهتمام كبير على هذا الاتجاه والذي أخذ يكتسب قوة مع مرور الأيام. تبنى العديد من الكتاب والمفكرين هذا الاتجاه وساهموا في بناء رأي عام في أوساط اليهود يتبنى الفكرة. علما أن كتابا مسيحيين من إنكلترا وفرنسا وغيرهما تبنوا الفكرة أيضا وروجوا لها.


    [b]أسباب الهجرة اليهودية إلى فلسطين:

    اختار أغلب اليهود من الناس العاديين أو من صناع الرأي فلسطين كوطن قومي مرشح لهم. شذ بعضهم عن هذا التوجه إلا أنهم لم يشكلوا تيارا قويا يؤثر على الرؤية العامة. لماذا فلسطين؟ فيما يلي تلخيص لأهم الأسباب:


    أولا: يعتقد أغلب اليهود أنهم يرتبطون تاريخيا ودينيا بأرض فلسطين التاريخية (وليس الانتدابية القائمة حاليا) التي يعتبرونها الأرض المقدسة، أرض الآباء والأجداد التي وعدها الرب لموسى عليه السلام. تركز التوراة التي بين أيديهم على أهمية هذه الأرض بالنسبة لليهودي وتقول بأن اليهودي الجيد يسعى دائما أن يعيش في الأرض المقدسة وأن يموت فيها، وأن كل يهودي يموت خارجها إنما لم يحي حياة يهودية قويمة. ما ينطبق على الأرض المقدسة من تبجيل وتمجيد ينطبق وبصورة أكثر حدة على أور سالم، القدس. وهذا بالتحديد ما يفسر هجرة بعض اليهود عبر القرون على أسس فردية إلى فلسطين. بلغ هؤلاء درجة كبيرة من التدين بحيث لم يطيقوا الحياة بعيدة عن الأرض المقدسة. وقد زاد عدد هؤلاء إلى درجة أنهم شكلوا بؤرا شبه استيطانية في مدن مثل القدس وصفد ويافا.



    يركز التدريس الديني اليهودي كثيرا على الأرض المقدسة بحيث أن الالتصاق بها عبارة عن جزء من صلب العقيدة ومن جوهر الثقافة. ينشأ اليهودي على تعاليم كثيرة تزرع فيه حب الأرض المقدسة والشوق إليها والإقامة فيها. إنها تعمل على ترسيخ فكرة ملكيته لها، وحسب النبوءات الواردة فيها تولد لديه القناعة بأنه سيعود إليها يوما. الأرض ملك لليهود، حسب التعاليم اليهودية، وأن المقيمين فيها عبر القرون ليسوا إلا مجرد أمناء عليها ومستثمرين وأن عليهم تسليمها لأصحابها حينما يعودون. هذه تعاليم تولد قناعات تجعل من اليهودي بخاصة المتدين على علاقة ولو روحية مع الأرض المقدسة. ليس شرطا أن تكون هذه القناعات نشطة على الدوام في تحريك الهمم نحو التنفيذ، لكنها تبقى عنصرا هاما وأساسيا في دعم عناصر أخرى قد تطرأ.

    ثانيا: الاضطهاد :
    الاضطهاد عبارة عن عامل قوي يدفع المرء باتجاه البحث عن حلول لما يعترض طريقه ويسمم عليه حياته. وعلى الرغم من قوة التثقيف الديني لدى اليهود حول الأرض المقدسة، إلا أن الاضطهاد يعتبر العامل الأقوى في المرحلة التاريخية التي تعنينا في دفع اليهود نحو الهجرة إلى فلسطين. فإذا كان العامل الديني كامنا أو محددا لأبعاد ثقافية أتى الاضطهاد ليخرجه من مكمنه أو ليفعله عمليا. حياة الاضطهاد لا تطاق ودفعت اليهود نحو التفكير بالوطن القومي أو الملجأ فكانت الأرض المقدسة أول قطعة أرض تقفز إلى الأذهان.

    ثالثا: الاستعمار
    نشطت حركة الاستعمار في تلك الفترة وشكلت بعدا تنافسيا بين الدول الأوروبية عموما. لم تكن فكرة استعمار بلاد في آسيا وأفريقيا عارا في تلك الفترة بل كانت مصدر فخار ومباهاة بين الدول ودليلا على العظمة والقوة. غزت الدول الأوروبية العديد من المناطق وطوعت أهلها ونهبت ثرواتها مما انعكس إيجابا على الأوضاع الاقتصادية. وحيث أن النهم الاستعماري كان سائدا وجزءا من ثقافة محببة فإن اليهود لم يجدوا ما يجعلهم يترددون في طلب السيطرة على بلاد بعيدة. إنه معترك استعماري وجد اليهود أنه من المهم الاستفادة منه.

    رابعا: حركة القومية
    انتعشت الحركة القومية في أوروبا عبر قرون إلى درجة أن دولة القومية أخذت تحتل موقعا مقدسا في التفكير السياسي الأوروبي. إقامة دولة القومية أصبحت غاية المنى على المستويين الفردي والجماعي، وأصبحت درجة الانتماء تقاس بدرجة الإصرار على إقامة الدولة وعلى رفعة القومية على القوميات الأخرى. بالنسبة لليهود سادت المقولة بأنه إذا كان لللإنكليز إنكلترا وللفرنساويين فرنسا فيجب أن يكون لليهود يهودا. وإذا كانت أوروبا ذات قوميات فإن اليهود عبارة عن قومية يعيشون على أراض غريبة. لتكن لكل قومية أرضها الخاصة، وبالتالي ليكن ليعد اليهود إلى أرض الأجداد. وبالطبع لقي هذا الطرح أذنا صاغية لدى الأوروبيين الذين رغبوا أيضا في التخلص من اليهود وتصدير مشكلتهم إلى بلاد أخرى.


    خامسا: الثورة الفرنسية
    تأثر اليهود بمبادئ الثورة الفرنسية واستفادوا منها لحل مشاكلهم الخاصة. أتت الثورة بمبادئ المساواة والحرية والإخاء والتي تشكل قواعد أساسية في بحث اليهود عن الخلاص من الاضطهاد. ولهذا أيدوا الثورة ووظفوا طاقاتهم في سبيل الترويج لما تطرحه. أضف إلى ذلك أن نابليون نفسه تحدث عن مأساة اليهود ودعا إلى عودتهم إلى الأرض المقدسة تحقيقا لنبوءة العهد القديم (التوراة) وطمعا في مساعدته في تحقيق طموحاته الاستعمارية في الشرق.

    سادسا: تقسيم بولندا
    أدى تقسيم بولندا عام 1795 إلى خضوع عدد كبير من اليهود لروسيا القيصرية. قضى هذا الحدث على ما كان يتمتع به اليهود من حرية في الحركة والعمل وحشد الطاقات اليهودية في بولندا، وحول اليهود إلى حكم طغاة أدت سياساتهم إلى مجازر مرعبة قام بها الروس ضد التجمعات اليهودية.

    الي هنا وسنبدا المرة القادمة مع هجرة احباء صهيون
    تحياتي
    ناصر


  4. #4
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    22 - 12 - 2002
    الدولة
    الطائف
    المشاركات
    281
    معدل تقييم المستوى
    800

    افتراضي

    شكر لك ياأخ [size=18]ناصر على هذا المجهود المبارك ويستاهل هذا الموضوع ان يكون بحث في الجامعه والذي استفدنا منه
    لكن يا أخ ناصر معروف ان اليهود يحبون المال وهذه ليست بغريبه من اناس الدنيا كل حياتهم وطموحهم لكن ما احب ان انوه عنه ان اليهود تمت مضايقتهم صحيح لكنهم استغلو ا هذه المضايقه وكبروها واختلقوا القصص لكي يستدروا عطف العالم ويكسبوا التعاطف الذي استفادوا منه في وضعهم على الخارطه ولكن للأسف في بلدنا فلسطين
    هذه مداخله صغيره لكن اتمنى وضع هذا الموضوع في حلقات وتكون كل حلقه مختصره يمكن قراءتها في مده لاتتجاوز 4 دقائق لكي تعم الفائده
    ولك تحياتي
    اخوك ابو رزان

  5. #5
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2002
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,541
    معدل تقييم المستوى
    808

    افتراضي

    اخي واستاذي الكريم ابو رزان
    السلام عليكم ورحمة الله
    انا جدا سعيد بعودتك المباركة للمنتدي واتمني لك قضاء افضل الاوقات في هذا البيت البلوي الكبير الذي يضمنا تحت سقفه

    وكم يسعدني تفاعلك مع هذا الموضوع وملاحظاتك ستاخذ في الاعتبار لذلك فالجزء الثالث والاخير الذي تبقي سوف اقسمه الي جزئين

    واما ما ذكرته عن اليهود نعم صحيح هم يحبون المال وسعوا الي جمعه والان اكثر الاثرياء في العالم هم يهود وهذا امر منحهم النفوذ السياسي كما نري الان

    وفعلا هم تعرضوا للمضايقة والاضطهاد وهم كذلك ضخموا المسالة واستغلوها خير استغلال من اجل سلب وطننا فلسطين

    وانا حينما اعددت هذه المشاركة استعنت بالكثير من المراجع وكذلك من خلال المادة الدراسية في الجامعة والتي تعني بالشان الفلسطيني وحاولت الاختصار قدر الامكان
    لكن هناك الكثير من المعلومات لم ارغب في تجاوزها وبدات الموضوع من جذوره حتي تكون الصورة كاملة امام القاريء الكريم
    كما انني توخيت الموضوعية في الطرح بحيث انني تجردت اثناء الكتابة في هذا الموضوع من كل الاعتبارات الخاصة بكوني فلسطيني ومسلم يكتب عن المنظمة الصهيونية ولذا ذكرت الحقائق كلها دون لف او دوران او تزييف

    وارجو ان تتابع الموضوع الي نهايته حتي تكتمل الصورة امامك وبعدها انا جاهز لاي سؤال عن هذا الموضوع وساكون تحت امرك اخي الحبيب ابو رزان

    اشكرك جزيل الشكر مرة اخري
    ونلتقي في الجزء الثالث ان شاء الله
    واتمني ان يكون فيها الفائدة للجميع
    تحيات اخوك
    ناصر

  6. #6
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    24 - 10 - 2002
    الدولة
    فلسطين
    المشاركات
    2,541
    معدل تقييم المستوى
    808

    افتراضي

    احبتي نستكمل معكم الان الجزء الثالث
    وقبل الاخير عن المنظمة الصهيونية


    هجرة أحباء صهيون

    ولدت الحركة الأدبية والفكرية خطوات عملية. هكذا هو الأمر في أغلب المجتمعات والدول. تؤثر الأدبيات المختلفة في الرأي العام خاصة عندما تكون مركزة، وحين اختمار الأفكار الواردة فيها تتبلور جهود عملية نحو التطبيق.

    اغتيل قيصر روسيا عام 1881 من قبل خمسة أشخاص من بينهم فتاة يهودية. انتبه الروس تماما إلى هذه الفتاة فأعملوا السيوف في رقاب اليهود. هوجمت الحارات اليهودية في عدد من المدن الروسية وقتل عدد كبير من اليهود. نتيجة لذلك قررت جمعية أحباء صهيون التي كانت تعمل في روسيا من أجل الترويج لفكرة العودة إلى أرض الأجداد أن تبادر في الهجرة إلى فلسطين. قالت الجمعية بأن روسيا غير آمنة ومن الأفضل مغادرتها إلى فلسطين على الرغم من الصعوبات التي يمكن أن تواجه المهاجرين. وأضافت بأنه لا يكفي الاستمرار في الحديث عن الوطن القومي أو الهجرة بل لا بد من وضع الفكرة موضع التطبيق وأن الوقت لذلك قد حان. وعليه فقد نظمت عام 1882 أول هجرة جماعية إلى فلسطين منذ أن طرد الرومان اليهود، بفارق زمني مقداره 1747سنة.

    بدأ مهاجرو أحباء صهيون يفدون إلى فلسطين تباعا وأخذوا ببناء البيوت والبحث عن أراض زراعية توفر لهم مصدر الرزق.

    بالإضافة إلى مستوطنة بتاح تكفا التي أقيمت عام 1878 من قبل يهود القدس على أراضي قرية ملبّس أقام أحباء صهيون في الأعوام 1882-1884 المستوطنات التالية: ريشون لتسيون على أراضي عيون قارة، وروش بيته على أراضي الجاعونة، وزخرون يعقوب على أراضي زمارين، يسود همعليه على أراضي الحولة، نس تسيونه على أراضي وادي حنين، مزكيرت باتيه على أراضي الرملة، وغديرة . واستمر بناء المستوطنات حتى يومنا هذا.

    من أين أتى اليهود بالأرض لبناء المستوطنات وتطوير المزارع؟ يتمثل المصدر الأول في الدولة العثمانية التي كانت تلجأ عادة إلى بيع أراضي الفلاحين في المناطق الخاضعة لسيطرتها بما فيها الشام في المزاد العلني وذلك بسبب عدم وفائهم بالضرائب المفروضة عليهم. كانت تستولي على الأرض وتطرد الفلاحين وتبحث عن مشترين. أما المصدر الثاني فكان السفراء والقناصل الأجانب ولكن من خلال القانون العثماني الذي سمح بتمليك الممثليات الأجنبية أراض في الدولة العثمانية. كان يقوم قناصل الدول الأجنبية في القدس مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بشراء الأراضي من الفلاحين الفلسطينيين وبالأخص من الإقطاعيين أو كبار الملاك ويعطوها لليهود بعد ذلك. ويقتضي التنويه هنا إلى أن الأوروبيين كانوا يقومون بهذه الأعمال والتي تقود إلى إنشاء الوطن القومي لليهود قبل ظهور بلفور. على سبيل الأمثلة، قام قنصل بريطانيا الحاخام امزليغ بشراء 3340 دونم وحولها لليهود لإقامة مستوطنة ريشون ليتسيون، أما إميل فرانك الذي كان يعمل نائب قنصل ألمانيا والنمسا في الإسكندرية عمل على تحويل 6نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي دونم من أراضي الجاعونة إلى اليهود، وقام القنصل الألماني بتحويل 142 دونم في منطقة يافا، أما قنصل فرنسا في عكا ونائبه في صفد فشاركا بتحويل مساحة مقدارها 2500 دونم قرب الحولة.

    أما المصدر الثالث في الحصول على الأراضي كان متمثلا في بريطاني وبعض كبار الملاك والقيادات العائلية الفلسطينية كما سنرى فيما بعد.

    كيف كان يدخل اليهود إلى فلسطين؟ كانت تسمح تركيا عموما بدخول اليهود إلى أراضيها غالبا بسبب التعاطف معهم إثر طردهم من إسبانيا مع المسلمين عام 1492. لكن الحكومة العثمانية أخذت تشدد على منع دخول اليهود إلى فلسطين بالذات بعدما استشعرت الخطر، إلا أن تشديدها كان عديم الفائدة لسببين رئيسين: تفشي الفساد الإداري والرشوة كانا يسهلان دخول اليهود، وكذلك ضغوط الدول الأجنبية. كثيرا ما كان يكذب مسئولو الشرطة العثمانيين في بياناتهم لقاء رشاوى كانوا يتلقونها، وكثيرا ما كان يتدخل الأجانب لتخفيف الرقابة على المهاجرين. حصل مثلا أن تدخل أوسكار شتراوس سفير الولايات المتحدة لإلغاء إجراءات تشديدية ولعزل والي القدس الذي كان يناصب الهجرة اليهودية العداء.

    أما بالنسبة للأموال اللازمة لتغطية تكاليف الهجرة والمعيشة والاستثمار فكان يتم تغطيتها من أموال الجمعيات اليهودية في أوروبا ومن أموال التبرعات. وقد حصل أحباء صهيون على أموال من الثري الفرنسي روتشيلد الذي كان مهتما بالوطن القومي وباستثمار أموال في زراعة العنب في فلسطين لتغذية مصانع خمور كان يملكها في فرنسا.

    لكن حملة أحباء صهيون لم تستمر طويلا بسبب تعرضها لانتقادات شديدة من قبل عدد من القيادات اليهودية من مختلف الأوساط. تركزت الانتقادات على أن اليهود يهاجرون إلى بلاد لا تتوفر فيها أسباب الأمن على الصعيدين العسكري والاقتصادي مما يعرض حياة المهاجرين للخطر. لا يوجد مصدر رزق آمن في فلسطين، ولا توجد قوة يمكن أن تحمي اليهود من الفلسطينيين إذا شعروا بأن اليهود عبارة عن خطر يهددهم. ولهذا رأى هؤلاء ضرورة تأجيل الهجرة لغاية الحصول على ما يضمن لليهود هجرة آمنة واستقرارا وأمنا. أما جدلية أحباء صهيون فنادت بضرورة خلق أمر واقع في فلسطين وذلك لن يتم إلا بالهجرة. لقد اعترفوا بالمخاطر المحيطة بالعمل لكنهم رأوا أن البقاء في روسيا يمثل خطرا أكبر وأن إقامة الوطن القومي تتطلب التضحيات. تغلب التيار المعارض فتوقفت هذه الهجرة لتسلم نفسها للحركة الصهيونية.

    والي اللقاء معكم في الجزء الاخير باذن الله
    اخوكم ناصر


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
هذا الموقع برعاية
شبكة الوتين
تابعونا