بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من ماقراءت واعجبني واحببت ان تشاركوني اياه
يقال إن هناك حكيم يجلس في خلوه مع نفسه بينما كان احد طلابه قريب وكان يراقبه
قال الحكيم لنفسه :
إنه ليحزنني أنني أحب الدنيا , ولا أستطيع أن أتركها
فرد عليه تلميذه متنكرا:
نعم إنه لشعورطبيعي، ومن ادعى أنه لا يحبها فهو كاذب فأنه من خلق الله تعالى،وهي محبوبة إلى النفوس
تفاجاء الحكيم ولكنه قرر ان يواصل فقال:
وكيف تقول إن هذا شعور طبيعي؟
التلميذ:
نعم إنه لشعور طبيعي، ولكن الخطأ الذي يقع فيه أكثر الناس أنهم يقدمون أمر الدنيا على أمر الآخرة
الحكيم:
وهل أنا منهم؟!
التلميذ:
نعم، ولكن فيك صفات طيبة
الحكيم:
وكيف أعرف حقيقة الدنيا؟!
التلميذ:
من قول الرسول . .الدنيا حلوة خضرة
فقد وصفني النبي بأني خضرة ولكني بالنسبة للمؤمن سجن له لقوله عليه السلام (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر)
الحكيم:
ولكني أعرف بعض المؤمنين يعيشون في نعيم ورفاهية!!
التلميذ:
ليس المراد بالسجن هو السجن الحديدي الذي تفهمه وإنما هو التقييد بما أمر الله وما السجن إلا قيدولهذا قيل فيّ.. يا ابنآدم أنت في حبس منذ كنت.. أنت محبوس في الصلب ثم في البطن، ثم في القماط، ثم في المكتب ثم تصير محبوساً في الكد على العيال
فاطلب لنفسك الراحة بعد الموت حتى لاتكون في الحبس أيضاً
الحكيم:
الله إنه لمعنى أدبي جميل. لقد فهمت الآن،ولكن ما سبب تسميت الدنيا بهذا الاسم؟؟
التلميذ:
لو علم الناس معني اسمها لما فتنتهم زينتها. إن اسمها له معنيان:
من الدنو: أي قريبة الزوال والانتهاء
ومن الدناءة: أي القبح إذا ما قارنتني بالآخرة
الحكيم:
وكيف أتعامل معها حتى لا يفتن بها؟!
التلميذ:
إن هذا السؤال خطير تجعلني أبوح بسر من أسرارها
لأنه تصطاد الناس أحياناً بالأموال وأحياناً بالنساء
وأحياناً بالمناصب وكذلك من زينتها، والزينة من صفاتها أنها مؤقتة
وهل رأيت يوماً زينة عرس دائمة؟ أو زينة عروس دائمة؟!
الحكيم:
أيه المتكلم اجيبنى عن سؤالي ولا تبتعد، فكيف أتعامل معها ولا أفتن؟
التلميذ:
مهلاً، يا صاحبي فلا تتعجل عليّ
ثم قال:
أهم صفة ينبغي أن تتوفر في الذي يتعامل مع الدنيا هي: (اليقظة والفطنة)
فأن حاضرتها بالملذات وحاضرتها الشهوات فمن جعلها معبراً للآخرة فهو الناجي ومن جعلها مستقراً فهو الخاسرفأنها دار بلاغ ولست بدار متاع
وقد قال الحسن البصري – رحمه الله:
(إياكم وما شغل في الدنيا فإن الدنيا كثيرة الأشغال ولا يفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب)
الحكيم :
إذن سوف أعتزلها تماماً حتى أنجو
التلميذ:
ليس هذا الذي أردت.. ولكن ينبغي أن تتعامل معها بحذر
وكلما فتح لك باب من الدنيا افتح أنت باباً للآخرة حتى لا تنسى نصيبك منها وتعيش متزناً كما أمرك الله تعالى
الحكيم:
ولكنيأخاف؟
التلميذ:
لا تخف وافهم كيف تتعامل مع زينتيها
ولا تكن كما قال ابنمسعود – رضي الله عنه؟
الحكيم:
وماذا قال ابن مسعود – رضي الله عنه؟
التلميذ:
قال: (لا ألفين أحدكم جيفة ليل، قطرب نهار)
الحكيم:
ومامعنى قطرب نهار؟
التلميذ:
أي: هي الدويبة التي تجلس هنا ساعة وهنا ساعة فلاتستريح نهارها سعياً...
وهكذا بعض الناس يتحرك في أمر دنياه ليل نهار ولا يفكرفي أمر الآخرة
(( فأبن آدم مسكين لو خاف النار كما يخاف الفقر دخل الجنة))
الحكيم:
وبماذا توصيني؟
التلميذ:
أوصيك بتذكر قول الله تعالى دائما..
((واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلظ به نبات الأرض فأصبح هشيماً تذره الرياح وكان الله على كل شيء مقتدراً))
وإن كنت تحذر الدنيا مرة فاحذرها بعد اليوم ألف مرة
الحكيم:
لا أظن أن الدنيا ستفتنني بعدماتصارحنا؟
التلميذ:
قالوا للغراب مالك تسرق الصابون؟ قال: الأذى طبعي
وأنا أقول لك إن الفتنة طبع الدنيا، فأحذر أن تكون من عشاق الدنيا...
واحذر أنتكون جيفة ليل قطرب نهار
ثم اختفاء التلميذ فجأة...
فأصبح الحكيم يلتفت يمني ويسري ولكن بدون فائدة...
ثم طأطأ رأسه وقال:
الحمد لله الذي وفقني لفهم حقيقة الدنيا ثم أنشد:
إذا كنت أعلم علماً يقيناً بأن جميع حياتي كساعة
فلم لا أكون ضنيناً بهـا وأجعلها في صلاح وطاعة
دمتم بود
م ن للفائدة
المفضلات