جزاكم الله خيرا
خذوا زينتكم
لِكُلّ مَقام مَقال .
وقد أمَرنا ربنا تبارك وتعالى بأخْذِ الْحَذَر حال الْحَرْب ، وبأخْذ العدّة عند القتال ، وبأخْذ الأسلحة حال الْخَوف ، وبأخْذ الزينة عند كل صلاة ، وهذا الأخير ما سأكتب عنه في هذه العجالة .
إن المتأمل لأحوال بعض الْمُصَلِّين يَجِد عَجَبًا .
فهذا يأتي إلى المسجد بِقميص نومه ، وذاك بِزِيّ عَمَلِه ، وثالث بِثياب مِهنته ، وآخر بِملابس الرياضة ، غير آبِـهين بِما سَيُقْدِمون عليه – وهو الوقوف بين يدي الله سبحانه – بينما تَراهم جميعا يَلْبَسون أفضل ثيابـهم عند حضور مناسبة أو إجابة وَليمة ، ولو دُعي أحدهم لِمُقَابَلَة مسؤول – أيًّـا كان هذا المسؤول – لأخَذ كامِل زينته ولبس أجمل ما عنده من الثياب ، وتَـهَنْدم أحسن هِندام ، ووَقف أمام المرآة ! واستشار أخاه أو صديقه وتعطّر بأزكى العطور وأرْقَاها . كل ذلك ليبدوا جميلاً لمن رَآه ، ولا غرابة في ذلك فالله جميل يحب الجمال . والنفس تحب الـتَّجَمل وتُحبِّـذه .
وقد أمر الله سبحانه وتعالى بأخذ الزينة عند كلّ صلاة ، فقال : (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)
قال ابن كثير : ولِهَذه الآية وما وَرَد في معناها مِن السُّنّة يُسْتَحَب الـتَّجَمّل عند الصلاة ، ولاسيما يوم الجمعة ويوم العيد ، والـطِّيب لأنه مِن الزِّينة ، والسواك لأنه مِن تَمَام ذلك ، ومِن أفضل اللباس البياض . اهـ .
والـتَّجَمّل لله عَزّ وَجَلّ أولى مِن الـتَّجَمّل للخَلْق
قال نافع : تَخَلَّفْتُ يوما في عَلَف الرِّكاب ، فَدَخَل عليّ ابن عمر ، وأنا أصلى في ثوب واحد ، فقال لي : ألم تُكْسَ ثوبين ؟
قلت : بلى .
قال : أرأيت لو بَعثتك إلى بعض أهل المدينة ! أكنت تَذهب في ثوب واحد ؟
قلت : لا .
قال : فالله أحق أن يُتجمّل له أمِ الناس ؟
وعن نافع قال : رآني ابن عمر ، وأنا أصلى في ثوب واحد ، فقال : ألم أكْسُك ؟
قلت : بلى .
قال : فلو بَعَثْتُك كنتَ تَذْهَب هكذا ؟
قلت : لا
قال : فالله أحق أن تتزيّن له
ولا يُلام المسلم على أخذ زينته فليس لبس الْمُرَقَّع قُرْبَة ، ولا ارتداء الثياب البالية سُـنّة .
والتّجمّل مطلوب على كلّ حال ، ابتداءً مِن الـتّجمل للصلاة والوقوف بين يدي الله ، إلى التجمّل للمناسبات ، والتّجمّل لزيارة الإخوان ، والتّجمّل للزوجة ، كما قال ابن عباس : إني أحب أن أتـزين للمرأة كما أحب أن تتـزين لي المرأة ؛ لأن الله تعالى يقول : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) .
وروى الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : أتيت النبيّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ مَالِكُ بْنُ مُرَارَةَ الرَّهَاوِيُّ ، فَأَدْرَكْتُ مِنْ آخِرِ حَدِيثِهِ ، وَهُوَ يَقُولُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، قَدْ قُسِمَ لِي مِنَ الْجِمَالِ مَا تَرَى ، فَمَا أُحِبُّ أَنَّ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ فَضَلَنِي بِشِرَاكَيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا ، أَفَلَيْسَ ذَلِكَ هُوَ الْبَغْيُ ؟ قَالَ : لاَ ، لَيْسَ ذَلِكَ بِالْبَغْيِ ، وَلَكِنَّ الْبَغْيَ مَنْ بَطِرَ - قَالَ : أَوْ قَالَ : سَفِهَ - الْحَقَّ ، وَغَمَطَ النَّاسَ . وصححه الألباني والأرنؤوط .
وعند أبي داود مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- - وَكَانَ رَجُلاً جَمِيلاً - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى رَجُلٌ حُبِّبَ إِلَىَّ الْجَمَالُ وَأُعْطِيتُ مِنْهُ مَا تَرَى حَتَّى مَا أُحِبُّ أَنْ يَفُوقَنِى أَحَدٌ - إِمَّا قَالَ بِشِرَاكِ نَعْلِى. وَإِمَّا قَالَ بِشِسْعِ نَعْلِى - أَفَمِنَ الْكِبْرِ ذَلِكَ قَالَ « لاَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ بَطَرَ الْحَقَّ وَغَمَطَ النَّاسَ . وصححه الألباني .
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجمّل للوفود والْجُمَع والأعياد .
قال الإمام البخاري رحمه الله : باب الـتّجَمُّل للوُفود .
ثم ساق بإسناده عن ابن عمر قال : وَجَدَ عُمر حُلة اسْتَبْرق تُبَاع في السوق ، فأتى بـها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ابتع – أي اشْتَر – هذه الْحُلّة فَتَجَمَّل بـها للعِيد وللوفود . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما هذه لِبَاس مَن لا خَلاق له . الحديث .
وإنما أنكر عليه نوع الْحُلّة لا الـتّجمل للعِيد والوَفْد .
وقال البراء رضي الله عنه : كان النبي صلى الله عليه وسلم مربوعا ، وقد رأيته في حلة حمراء ما رأيت شيئا أحسن منه . رواه البخاري ومسلم .
وليست الْحُلَّة المذكورة هنا حَمْرَاء خَالِصة .
وفي قصة مناظرة ابن عباس للخوارج ، قال ابن عباس : فخرجت إليهم ولَبِسْتُ أحسن ما يكون مِن حُلل اليمن - قال أبو زُميل : كان بن عباس جميلا جهيرا - قال ابن عباس : فأتيتهم وهم مجتمعون في دارهم قائلون ، فَسَلَّمْتُ عليهم ، فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس ، فما هذه الْحُلّة ؟! قال : قُلْتُ : ما تَعيبون عليّ ، لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون مِن الْـحُلل .
قال صالح بن أبي حَسَّان : سمعت سعيد بن المسيب يقول : إن الله طَيِّب يُحِبّ الـطِّيب ، نَظِيف يُحِبّ النظافة ، كَرِيم يُحِبّ الكَرَم ، جَواد يُحِبّ الْجُود ؛ فَنَظِّفُوا أفْنِيتِكم ، ولا تشبهوا باليهود . رواه الترمذي .
وجاء عبد الكريم أبو أُمَية إلى أبى العالية وعليه ثياب صُوف ، فقال أبو العالية : إنما هذه ثياب الرهبان ! إن كان المسلمون إذا تزاوروا تَجَمَّلُوا . رواه البخاري في الأدب المفرد .
قال المقَّري في " نفح الطيب " : وأهْل الأنَدلس أشَدّ خَلْق الله اعْتِنَاء بِنَظَافَة مَا يَلْبِسُون ومَا يَفْرِشُون وغير ذلك ، مِمَّا يَتَعَلَّق بِهم ، وفيهم مَن لا يَكُون عِنده إلاَّ مَا يَقُوته يَومه فَيطْويه صَائمًا ، ويَبْتَاع صَابُونًا يَغْسِل بِه ثِيَابَه ! ولا يَظْهَر فيها سَاعة على حَالة تَنْبُو العَيْن عنها . اهـ .
ويتأكّد الـتَّجَمُّل إذا كان يوم اجتماع الناس ، كَالْجُمعة والعيد ، فقد استفاضت الأحاديث في هذا الباب ، وهي مشهورة معلومة – إن شاء الله - .
قال ابن أبي ليلى : أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أصحاب بدر وأصحاب شجرة إذا كان يوم الجمعة لَبِسُوا أحْسَن ثيابـهم ، وإن كان عندهم طِيب مَسّوا منه ، ثم راحوا إلى الجمعة .
فإذا كان الأمر كذلك فإنه يجب تعظيم شعائر الله ، فلا تُؤتَى المساجد إلاّّ بِرَائحة طَيبة زكية ، ولباس نظيف ساتر – وسواء في ذلك الكبار والصغار - ، لا أن يأتي الْمُصَلِّي إلى المسجد وكأنه خارج إلى الدكان أو داخل غُرفة نَومه !
ولذلك نُهي الْمُصلِّي أن يأتي إلى المسجد بروائح كريهة ، سواء كانت رأئحة ما أكَل وبقيَت في فَمه ، أو رائحة العرق في ثيابه أو في بَدَنه .
روى البخاري ومسلم عن عائشة قالت : كان الناس يَنْتَابُون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي فيأتون في الغبار يُصيبهم الغبار والعَرَق ، فيخرج منهم العَرَق ، فأتى رسولَ الله إنسانٌ منهم - وهو عندي - فقال النبي : لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا .
وقالت رضي الله عنها: كان الناس مَهَنَةَ أنفسِهم ، وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم ، فقيل لهم : لو اغتسلتم . رواه البخاري .
بل كان الرَّجُل يُطْرَد مِن المسجد إذا وُجِدت به الروائح الكريهة !
قال عمر رضي الله عنه : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وَجَدَ رِيحهما مِن الرَّجُل في المسجد أمَرَ به فأُخْرِجَ إلى البقيع . رواه مسلم .
إن تعظيم شعائر الله – جل وعلا – مطلب شرعي ، وضرورة مُلِحّة ، ذلك أن المساجد بيوت الله وتعظيمها مِن تَعظيم مَن تُنْسَب إليه .
(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)
ويُستثنى مِن ذلك : النساء ، فإنهن أُمِرْن بعدم مَسّ الطيب عند إتيان المساجد ، بل اُمْرِن أن يخرُجْن تَفِلات ، غير مُتطيّبات ولا مُتجمِّلات .
قال عليه الصلاة والسلام : أيما امرأة أصابت بَخورا فلا تَشهد معنا العِشاء الآخرة . رواه مسلم .
وقال : إذا شَهِدَت إحداكن المسجد فلا تَمَسّ طِيبًا . رواه مسلم .
قال عليه الصلاة والسلام : لا تَمْنَعُوا إماء الله مساجد الله ، ولكن لِيَخْرُجْن وَهُنّ تِفِلات . رواه الإمام أحمد وأبو داود . وأصله في الصحيحين .
قال ابن حجر : أي : غير مُتَطَيبات ، ويقال : امرأة تَفلة إذا كانت مُتَغَيِّرة الرِّيح . اهـ .
ولذلك من الخطأ أن تُبخَّر النساء في المساجد .
ولقيَ أبو هريرةَ رضي الله عنه امرأةً فَوَجَدَ منها ريحَ الطيبِ يَنْفُح ، وَلِذَيْلِها إعصار ، فقال : يا أمةَ الجبار ! جئتِ من المسجد ؟
قالت : نعم .
قال : وله تَطَيَّبْتِ ؟
قالت : نعم .
قال : إني سمعت حِبِّي أبا القاسمِ صلى الله عليه وسلم يقول : لا تُقبلُ صلاةٌ لامرأةٍ تطيَّبَتْ لهذا المسجدِ حتى ترجعَ فتغتسلَ غُسْلَها من الجنابة . رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وحسنه الألباني .
وإن الأخذ بِتلك الآداب عند إتيان الصلاة والوقوف بين يدي الله ليدلّ على تعظيم الله عَزّ وَجَلّ والتأدُّب معه سبحانه وتعالى
الشيخ :
عبد الرحمن السحيم .
نفع الله به وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
جزاكم الله خيرا
مُنتــــــــــــدى بــــــــــــــلي الرسمــــــــــي
جزيتي خيرآ على هذا الطرح
سبحــــان الله والحمــدلله ولاحول ولاقوة الا بالله
فعلا أخت إشراقة الدعوه / موضوع جاء في الصميم خصوصا بعد إنتشار هذه الظاهره في بعض مساجد المسلمين
جزاك الله خيرااااا
جزاك الله خيراً واسعدكِ في الداريين
دمتِ بحفظ الرحمن
جزاك الله كل خير
شي ماهو معقول بعض الاخوه هداهم الله يروح للصلاه بثوب نوم او لبس مشي حالك مثل بدله رياضيه وكلها عبارات انجليزيه سيئه للاسف طبعا هذا بيت الله وانت بين يدين الباري سبحانه
لك تحياتي اختي اشراقه
الدنيــا ماتسوي بدونكــ
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات