حسناً.. قد عرفنا من هم الذين أحدثوا اصطلاح (الوهابية)
فمن قصدوا به؟
إنهم يقصدون بهذه الكلمة كل من وحَّد الله تعالى في القصد والطلب !
جرب أن تنهى أحدهم عن التوسل بغير الله تعالى، أو تنهى أحدهم عن الصلاة في مسجد به قبر، أو تنهى حالفاً عن الحلف بغير الله تعالى، أو تنهى متبركاً بغير ما شرَّع الله..
فإنه إن كان من جهلة المسلمين (ذوي الجهل البسيط الذين لم يتعلموا التوحيد بحق) ،فإنه سيستغرب كلامك، وإما أن يشرح الله صدره، وإما أن يحتاج لمزيد وعظ وبيان..
أما إن كان جهله مركباً لا بسيطاً، فإنه سيجادلك بشبهات واهية، وينطق بأدلة جلّها غير ثابت، حتى الثابت منها تجده قد اعتمد في الاستدلال به على فهمٍ غير معصوم ، وسيقول لك بين شبهاته:
أنت وهابي.. يا وهابي.. ،أو يخاطبك أنت وحدك بصيغة الجمع: يا وهابيين.. أنتم وهابيون.. إلخ !!
سبحان الله ! إلى من يَنسبون الموحّد الذي ينهاهم عن الشرك الأكبر؟
ماذا تعني كلمة (وهابي)؟
والجواب: أنهم ينسبونه إلى الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى !
فمعنى كلمة (وهابي) عندهم: أنك من أتباع الإمام محمد بن عبد الوهاب.
وهنا يجدر السؤال: هل نقول: لا .. إننا لسنا وهابيين ؟! أم نقول نعم إننا وهابيون؟!
والجواب أنهم
إن قصدوا التوحيد
فكل المسلمين وهابيون
إن كان كل من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً يُنسب لهذا الإمام ،الذي أطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرج الأنصاب من المساجد، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد. ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك . [مسلم]، فأقام أمة على التوحيد، فمَن مِن المسلمين لا يتمنى شرف هذه النسبة؟
وإن كان كل من يتأدب مع صفات الله، فلم يُعطل قولاً قاله الله جل جلاله، ولم يُحرِّف نصاً ولا فهماً من شرع الله: فيؤمن أن الله مستوٍ على عرشه لأنه قال: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى } [طه: 5]، ويؤمن بيد الله لأنه قال: { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [الفتح: 10]، وأنه سبحانه فوق خلقه في السماء كما قال عن نفسه: { أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ } [تبارك: 16]، ولقوله تعالى عن الملائكة: { يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ } [النحل: 50].. إلى آخر الاعتقاد السلفي الصحيح ،ويلتزم مع كل هذا بألا يُكيِّف ولا يُشبِّه ولا يُمثِّل، بل يثبت ما أثبت الله لنفسه، وما أثبته له رسوله غير مشبه ولا ممثل ولا مكيف، فيعتقد في كل ذلك أن الله لا يشبه ولا يماثل شيئا من خلقه، وأنه لا يعلم أحدٌ كيفية صفاته تبارك وتعالى، فاستواؤه استواءٌ حقيقي يليق بكماله وجلاله ليس كاستواء أحد، ويده يدٌ حقيقية تليق بكماله وجلاله ليست كيد أحد، وهكذا كل أوصافه التي قالها هو سبحانه عن نفسه أو أنطق بها رسوله صلى الله عليه وسلم: أوصافٌ على نحوٍ يليق بكماله وجلاله لا كأوصاف أحد من خلقه { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }. [الشورى: 11]
وكثيرا ما قلنا:
إن سألني الله تعالى: يا عبدي لماذا قلت إنني أنزل كل ليلة، ولم تقل إن رحمتي هي التي تنزل؟
فقلت: يا رب رسولك قال هذا. هل يُحتمل هنا أن آثم بهذا بين يدي الله تعالى؟!
بالطبع لا ؛ قال سبحانه: { وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}
أما إن سألني سبحانه: يا عبدي لِمَ قلت إني لا أنزل كما قال رسولي عني، وإنما تنزل الرحمة؟
فقلت مثلاً: يا رب أردت تنزيهك.. فماذا أقول لو سألني:
أتنزهني عن أوصاف وصفت بها نفسي ووصفني بها رسولي؟ أأنت أعلم بي مني ومن رسولي؟؟
بالله عليك؛ مَن ها هنا أفوَز؟
قال الله جل جلاله: { قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ } [البقرة: 140]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:" إن أتقاكم وأعلمكم بالله: أنا" [البخاري]
فإن كان كل من يتأدب بهذا الأدب مع أوصاف الله تعالى، ولا ينضبط في فهم نصوص الشرع كلها من كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. يسمى وهابياً، فأي شرف أسمى من هذا؟
إن كان تابع أحمد متوهبا = فأنا المقر بأننى وهابى
أنفي الشريك عن الإله فليس لي = رب سوى المتفرد الوهاب
لاقبة ترجى ولا وثن و لا = قبر له سبب من الأسباب
كلا ولا حجر، لا شجر، ولا = عين، ولا نصب من الأنصاب
أيضا ولست معلقا لتميمة = أو حلقة، أو "ودعة" أو ناب
لرجاء نفع، أو لدفع بلية = الله ينفعني ويدفع ما بي
والابتداع وكل أمر محدث = فى الدين ينكره أولو الألباب
أرجو بأني لا أقاربه ولا = أرضاه ديناً، وهو غير صواب
وأعوذ من جهيمة عنها عـنت = بخلاف كل مؤول مرتاب
والاستواء فإن حسبي قدرة = فيه مقال السادة الأنجاب
الشافعي ومالك وأبي حنيفة = وابن حنبل التقى الأواب
وبعصرنا من جاء معتقدا به = صاحوا عليه مجسم وهابي
جاء الحديث بغربة الإسلام = فلبيك المحب لغربة الأحباب
فالله يحمينا، ويحفظ ديننا = من شر كل معاند سباب
ويؤيد الدين الحنيف بعصبة = متمسكين بسنة وكتاب
لا يأخذون برأيهم وقياسهم = ولهم إلى الوحيين خير مآب
قد أخبر المختار عنهم أنهم = غرباء بين الأهل والأصحاب
سلكوا طريق السالكين إلى الهدى = ومشوا على منهاجهم بصواب
من أجل ذا أهل الغلو تنافروا = عنهم فقلنا ليس ذا بعجاب
نفر الذين دعاهم خير الورى = إذ لقبوه بساحر كذاب
مع علمهم بأمانة وديانة فيه = ومكرمة وصدق جواب
صلى عليه الله ما هب الصبا = وعلى جميع الآل والأصحاب
وإن قصدوا الشطط في الغلو أوالجفاء
فإن الإمام محمدا بن عبد الوهاب نفسه
ليس وهابياً !!
إن كانوا يقصدون أن أهل السنة والجماعة يقلدون الإمام محمدا بن عبد الوهاب رحمه الله تقليداً أعمى معتقدين فيه العصمة، فيلقبونهم بالوهابيين لأنهم يفعلون ما يفعل، ويعتقدون ما يعتقد من غير نظر في الأدلة
فإنه اتهام باطل لا ينطبق على الإمام محمد بن عبد الوهاب نفسه؛ وأهل السنة والجماعة أبعد الناس عن منهج التقليد الأعمى الفاسد وهم أكثر من يذم التقليد، يقول علماؤهم: "كلٌ يؤخذ منه ويُرَد إلا النبي المعصوم صلى الله عليه وسلم"، ويقولون: "إذا صح الحديث فهو مذهبي"، ويقولون: "إذا جاءكم من كلامي ما يخالف الكتاب أوالسنة فاضربوا به عرض الحائط"، وليس عندهم مذهب اسمه (الوهابية)، بل ها هو الإمام محمد بن عبد الوهاب يقول رحمه الله [في الرسائل الشخصية، الرسالة السابعة والثلاثين (1/252)]: "ولست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم.. بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم التي أوصى بها أول أمته وآخرهم، وأرجو أني لا أردُّ الحق إذا أتاني، بل أُشهد الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم كلمة من الحق لأقبلها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي، حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقول إلا الحق" اهـ.
فإن قصدوا بالوهابية تقليد إمام واحد، فإن الإمام محمدا بن عبد الوهاب نفسه ليس وهابياً
وإن كانوا يقصدون أنهم قوم متشددون لا يعذرون بالجهل، ويتسرعون في تكفير جُهَّال المسلمين، أو تكفير من لا يواليهم فهذا من أبطل الباطل، فإن دعاتهم دعاة لا قضاة، يُعلمون الناس ما هي شروط التوحيد، ويحذرونهم مزالق الشرك، أما من مكَّنه الله من الحكم أو القضاء فإنه يلتزم في الحكم بالتكفير بثبوت شروط وانتفاء موانع، ومن ضوابطهم:
العذر بالجهل المعتبر
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله [في كتاب الاستغاثة 629/2]:
"بعد معرفة ما جاء به الرسول، نعلم بالضرورة أنه صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن تدعو أحدا من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها، ولا بلفظ الاستعاذة ولا بغيرها ،كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا لغير ميت ونحو ذلك، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور، وأن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله، لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم مما يخالفه"
ويقول الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله [الرسائل الشخصية 3/25]:
"وأما ما ذكر الأعداء عني أني أُكفر بالظن وبالموالاة، أو أكفر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم يريدون به تنفير الناس عن الله ورسوله"
وقال الشيخ عبد الله بن الإمام محمد بن عبد الوهاب [الدرر السنية 10/274]
"إن سؤال الميت والاستغاثة به في قضاء الحاجات وتفريج الكربات من الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله ، واتفقت الكتب الإلهية والدعوات النبوية على تحريمه وتكفير فاعله والبراءَة منه ومعاداته، ولكن في أزمنة الفترات وغلبة الجهل لا يكفر الشخص المعين بذلك حتى تقوم عليه الحجة بالرسالة ويبين له، ويعرف أن هذا هو الشرك الأكبر الذي حرمه الله ورسوله . فإذا بلغته الحجة وتليت عليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ثم أصر على شركه فهو كافر، بخلاف من فعل ذلك جهالة منه ولم ينبه على ذلك ،فالجاهل فعله كفر، ولكن لا يحكم بكفره إلا بعد بلوغه الحجة"
فإن قصدوا بالوهابية المجازفة في تكفير المسلمين، فإن الإمام محمدا بن عبد الوهاب نفسه ليس وهابياً
وإن قصدوا أنهم قوم يناصبون أهل البيت رضي الله عنهم العداء، ويهضمونهم حقهم، ولا يوالونهم، لاسيما عليا رضي الله عنه وفاطمة رضي الله عنها والحسنين رضي الله عنهما..
فهذا بهتان عظيم، وزور لا ينطبق على الإمام محمد بن عبد الوهاب نفسه، فهم أهل الوسط في حب آل البيت الأطهار رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لا إفراط ولا تفريط:
يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب [في كتابه (مسائل لخصها)]: "لآله صلى الله عليه وسلم على الأمة حق لا يشركهم فيه غيرهم، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة.."
ويقول رحمه الله [في الرسائل الشخصية الرسالة الأولى 1/10]: " وأومن بأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته؛ وأن أفضل أمته أبو بكر الصديق؛ ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم علي المرتضى، ثم بقية العشرة.."
وقال رحمه الله [في كتابه التوحيد (1/21)] عند ذكر فوائد حديث " لأُعْطِيَنَّ الراية غداً..":
"الحادية والعشرون: فضيلة عليّ رضي الله عنه".
وفي نفس الكتاب (1/47) يقول: "الثالثة عشرة: قوله للأبعد والأقرب: "لا أُغني عنك من الله شيئاً" حتى قال: "يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنكِ من الله شيئاً" فإذا صرح وهو سيد المرسلين بأنه لا يغني شيئاً عن سيدة نساء العالمين، وآمن الإنسان أنه صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا الحق، ثم نظر فيما وقع في قلوب خواص الناس اليوم، تبين له التوحيد وغربة الدين".
ومن إنصافه لعلي رضي الله عنه يقول [ في مختصر السيرة (1/321)]: في السنة الثامنة والثلاثين: "وأن عليا بن أبي طالب وأصحابه: أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه. وأن الفريقين كلهم لم يخرجوا من الإيمان".
وتأمل رقة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نصحه لمن يجد الحزن في يوم عاشوراء:
"اعلم وفقني الله وإياك أن ما أصيب به الحسين رضي الله عنه من الشهادة في يوم عاشوراء، إنما كان كرامة من الله عز وجل أكرمه بها، ومزيد حظوة ورفع درجة عند ربه وإلحاقاً له بدرجات أهل بيته الطاهرين، وليهينن من ظلمه واعتدى عليه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه، وإن كان في دينه رقة خفف عنه، ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة" [أحمد وصححه الألباني]. فالمؤمن إذا حضر يوم عاشوراء ،وذكر ما أصيب به الحسين ،يشتغل بالاسترجاع ليس إلا، كما أمره المولى عز وجل عند المصيبة ليحوز الأجر الموعود في قوله: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}، ويلاحظ ثمرة البلوى وما أعده الله للصابرين حيث قال: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}،ويشهد أن ذلك البلاء من المبلي فيغيب برؤية وجدان مرارة البلاء وصعوبته. قال تعالى: {وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}.. [رسالة الرد على الرافضة (1/ 48)].
باللهِ هل بعد هذا أدب وحب لآل البيت في حال إنكار بدع الغالين فيهم؟
هل تعرف أسماء أبناء الإمام محمد بن عبد الوهاب؟
ابن الإمام الأكبر اسمه علي، وله ولدان اسمهما حسن وحسين، وله ابنة اسمها فاطمة [الدرر السنية (12/19)] ، سبحان الله، فماذا تقول فيمن يقول: الوهابية أعداء أهل البيت؟!
فإن قصدوا بالوهابية عداوة أهل البيت وهضم حقهم، فإن الإمام محمدا بن عبد الوهاب نفسه ليس وهابياً
وإن قصدوا أنهم الذين يشقون عصا الحاكم المسلم ويخرجون عليه، وأنهم سبب سقوط الخلافة العثمانية، فهذا كذب وزيغ لا يصدق على الإمام محمد بن عبد الوهاب ولا على أتباعه:
يقول الشيخ الإمام في رسالته لأهل القصيم [مجموعة مؤلفاته ( 5 / 11 )]: "وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين برّهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله، ومن ولي الخلافة واجتمع عليه الناس، ورضوا به، وغلبهم بسيفه حتى صار خليفة، وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه" ، ويقول [مجموعة مؤلفات الشيخ ( 1 / 394 )]: "من تمام الاجتماع السمع والطاعة لمن تأمّر علينا ولو كان عبداً حبشيّاً.."
أما أكذوبة أن الإنجليز أعانوا الوهابيين فكانوا سبب سقوط الخلافة العثمانية، فإنها كلمة بلهاء تفنى، ويذهب ضجيجها ببساطة إذا علمت أن قيام هذه الحركة وظهورها كان في سنة 1811 م ، بينما سقطت الدولة العثمانية سنة 1922 ! وكان قيام دعوة الإمام في نجد التي لم تشهد نفوذا للدولة العثمانية، ولم يمتد إليها سلطانها، ولم يكن بها ولاة عثمانيون.
فإن قصدوا بالوهابية شق العصا والخروج على الحاكم، فإن الإمام محمدا بن عبد الوهاب نفسه ليس وهابياً
إخوتاه
إن أفواه الشر لن تسكت، وأقلام السوء لن تكف..
فليكن واضحاً لكل منا، {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}:
(3) ماذا قصدوا من إشاعته؟
إن اختيار القوم اسم إمام من أئمة الدعوة ليكون لقباً لأصحاب المنهج الحق فيه إشارة خبيثة ومحاولة حاقدة لكي يظن الناس أنها دعوة جديدة مبتدعة، يوم مولدها هو يوم ظهوره، لذا فمن أماراتهم أنهم كثيراً ما يقولون: "أول من نهى عن التوسل بغير الله هو فلان"، و"أول من نهى زيارة المشاهد والأنصاب هو فلان"..
وهنا نقول لا..
إنها دعوةٌ أصيلة: ليست أقدم من الإمام محمد بن عبد الوهاب (المتوفى 1206 هـ)، ولا أقدم من شيخ الإسلام ابن تيمية (المتوفى 728 هـ)، ولا من الإمام البربهاري (المتوفى 329 هـ)..
إنها رسالة رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، بل إنها أقدم من بعثته صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال الله جل جلاله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25]، وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65]، فكل النبيين جاؤوا قومهم بهذه الكلمة: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}
[الأعراف: 59، 65، 73، 85، هود: 50، 61، 84، المؤمنون: 23]
إنهم يريدون تقليل حجم دعوة التوحيد بحصرها في إنسان؛ ليظن الناس أنهم مجرد طائفة وفرقة.
وهنا نقول لا..
إننا نحن الأصل؛ نحن الأمة الأم؛ لسنا طائفة من الطوائف، ولا جماعة من الجماعات؛ نحن سائرون كما أمر صلى الله عليه وسلم: " ما أنا عليه وأصحابي" [الترمذي وحسنه الألباني]
فالمستمسكون بالقرآن والسنة بفهم سلف الأمة (الصحابة والتابعين وأتباع التابعين) هُم الأمة وإن كانوا قلة، هم الأصل وإن خالفهم الأكثرية؛ { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} ، { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }.
اللهم أرنا الحق حقاً ، وارزقنا اتباعه.. وأرنا الباطل باطلاً ، وارزقنا اجتنابه.. ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله والحمد لله رب العالمين
منقول من موقع فضيلة الشيخ محمد حسين يعقوب .. حفظه الله
المفضلات