قراءات تاريخية في السقوط الأول والثاني لبغداد
للدكتورة : سهيلة زين العابدين:
نُكبت الأمة الإسلامية للمرة الثانية بسقوط بغداد ، ولو قرأنا عوامل سقوط بغداد الأول قبل 768عاماً في الثاني عشر من محرم عام 656هـ - 1258م وما أحدثه الغازي ببغداد ، وبين سقوط بغداد 7 صفر عام 1224هـ - 9 إبريل عام 2003م ، وما أحدثه الغازي ببغداد سنجدها واحدة في مضمونها وأبعادها وإن اختلفت الأسماء والمصطلحات.
فالتاريخ يعيد نفسه ، ونحن لم نعتبر من دروس التاريخ رغم أنّ الله عزَّ وجل قال لنا في الآية 111 من سورة يوسف: ( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ) وقال في الآية 176 من سورة الأعراف : ( فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
وما أحوجنا اليوم إلى قراءة التاريخ قراءة متأنية متفحصة لنستفيد من أخطاء السابقين، ولا نكررها ، ولنستفيد أيضاً من المواقف الإيجابية للسابقين لنا، ونأخذ بها؛ وآثرتُ أن تكون هذه المقدمة بقراءة تاريخية لسقوط بغداد على أيدي المغول سنة 656هـ وأسبابه، ومقارنة لها بسقوط بغداد على أيدي مغول العصر عام 1424هـ وأسباب هذا السقوط ، وكيف واجه المسلمون الهجوم التتاري لمصر عام 657 هـ في عين جالوت ، وإيقاف زحفه، وما الذي ينبغي أن نفعله تجاه مغول العصر الذين يهددون أجزاء أخرى من العالم الإسلامي؟
وضع العالم الإسلامي عند الغزو المغولي
في أوائل القرن السابع الهجري (الثالث عشر ميلادي) كانت الدولة العباسية التي لا تزال قائمة في بغداد تشمل جزءاً من بلاد العراق يمتد من تكريت إلى الفاو ومن حلوان إلى عانة، واقتصرت سلطة الخليفة في خارج رقعة بلاده الضيقة على المظهر الديني.
وكان العالم الإسلامي منقسماً إلى دويلات كثيرة انشغل حكامها بالتوسع كل على حساب الآخر ، ولم يدرك هؤلاء الحكَّام خطر الغزو المغولي إلاّ بعد أن غارت جيوش المغول الجرارة على الدولة الخوارزمية ، ثُمّ لم تلبث هذه الغارات أن امتدت إلى بلاد الصين وتركستان وجزء من الهند وإيران وآسيا الصغرى وأوربا الشرقية .ولم يفكِّر حكَّام المسلمين المتنازعون في إقامة حلف إسلامي يصد التيار المغولي الجارف قبل أن يستفحل خطره.
وفي بغداد نفسها قام النزاع بين القواد الذين طالبوا بزيادة أرزاقهم ، وتفاقمت العداوة والبغضاء بين السنة والشيعة .
يُضاف إلى ذلك غدر وخيانة الوزير ابن العلقمي الذي كان على اتصال بالمغول سراً، وأطمعهم في البلاد ، وسهَّل عليهم ذلك ، وطلب أن يكون نائبهم ، وأضف إلى ذلك مصانعة الخليفة المستعصم للتتار وإكرامهم عملاً بنصيحة وزيره العلقمي .
وكانت النتيجة أن (أحاطت التتار بدار الخلافة العباسية في بغداد يرشقونها بالنِّبال من كل جانب حتى أصيبت جارية كانت ترقص بين يدي الخليفة ، وكانت من جملة حظاياه جاءها سهم من بعض الشبابيك فقتلها ، فانزعج الخليفة من ذلك، وفزع فزعاً شديداً ، وأحضر السهم الذي أصابها بين يديه، فإذا عليه مكتوب : إذا أراد الله إنفاذ قضائه وقدره أذهب من ذوي العقول عقولهم ، فأمر الخليفة عند ذلك بزيادة الاحتراز ، وكثرت الستائر على دار الخلافة ـ وكان قدوم هولاكو خان بجنوده كلها ، وكانوا نحو مائتي ألف مقاتل إلى بغداد في الثاني عشر من محرم من سنة 656هـ .
ولم يبال به حتى أزف قدومه ، ووصل بغداد بجنوده الكثيرة الكافرة الفاجرة الظالمة الغاشمة ، ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر ، فأحاطوا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية ، وجيوش بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة ، لا يبلغون عشرة آلاف فارس، وهم وبقية الجيش ، كلهم قد صرفوا عن إقطاعاتهم ، وذلك كله عن آراء الوزير ابن العلقمي الرافضي ، فكان هذا ممَّا أهاجه على الإسلام وأهله وأوقع الأمر الفظيع الذي لم يؤرخ أبشع منه منذ بُنيت بغداد وإلى هذه الأوقات ، ولهذا كان أوَّل من برز إلى التتَّار ابن العلقمي ، فخرج بأهله وأصحابه وخدمه وحشمه ، فاجتمع بالسلطان هولاكو خان لعنه الله ، ثُمّ عاد، فأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه لتقع المصالحة على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه للخليفة ، وأحضر الخليفة بين يدي هولاكو بعد أن قتل معظم وفده ونهب فسأله عن أشياء كثيرة ، واضطرب كلام الخليفة من هوْل ما رأى من الإهانة والجبروت ، ثُمّ عاد إلى بغداد ، وفي صحبته خوجه نصير الدين الطُّوسي ، والوزير ابن العلقمي وغيرهما، والخليفة تحت الحراسات الأمنية للجيش الغازي ، فأحضر من دار الخلافة شيئاً كثيراً من الذهب ، والحلي والمصاغ ، والجواهر والأشياء النفيسة ، وقد أشار أولئك الملأ من الرافضة وغيرهم من المنافقين على هولاكو ألاَّ يُصالح الخليفة ، وقال الوزير ابن العلقمي : «إذا وقع الصلح على المناصفة لا يستمر هذا إلاَّ عاماً أو عامين، ثُمَّ يعود الأمر إلى ما كان عليه ومما أشار عليه بذلك أيضاً نصير الدين الطوسي، وكان نصير عند هولاكو قد استصحبه في خدمته لمَّا فتح قلاع الألموت ، وانتزعها من أيدي الإسماعيلية (فرقة باطنية) ، فانتخب هولاكو نصير ليكون في خدمته كالوزير المشير ، فلمَّا قدم هولاكو وتهيَّب من قتل الخليفة هوَّن عليه الوزير ذلك فقتلوه رفساً، فباءوا بإثمه وإثم من كان معه من سادات العلماء ، والقضاة والأكابر ، والرؤساء ، والأمراء ، وأولي الحل والعقد ببلاده ، ومالوا على البلد فقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال ، والنساء والولدان ، والمشايخ والكهول والشبَّان ، ودخل كثير من النَّاس في الآبار وأماكن الحشوش وقنى الوسخ، وكمنوا كذلك أياماً لا يظهرون ، وكان الجماعة من النَّاس يجتمعون إلى الخانات، ويغلقون عليهم الأبواب ، ففتحها التتَّار إمَّا بالكسر، وإمَّا بالنَّار ، ثُمَّ يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيُقتلون بالأسطحة حتى تجري الميازيب من الدَّماء في الأزقَّة ، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.وكذلك في المساجد، والجوامع والربط ، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذِمة واليهود، والنصارى ، ومن التجأ إليهم وإلى دار الوزير ابن العلقمي الرافضي، وطائفة من التجار أخذوا لهم أماناً، بذلوا عليه أموالاً جزيلة حتى سلموا وسلمت أموالهم. وعادت بغداد بعدما كانت آنس المدن كلها كأنّها خراب ليس فيها إلاَّ قليل من النَّاس ، وهم في خوف ، وجوع ، وذلة، وقلة ، وكان الوزير ابن العلقمي قبل هذه الحادثة يجتهد في صرف الجيوش وإسقاط اسمهم من الديوان ، فكانت العساكر في آخر أيام المستنصر قريباً من مائة ألف مقاتل، منهم من الأمراء من هو كالملوك الأكابر الأكاسر، فلم يزل يجتهد في تقليلهم إلى أن لم يبق سوى عشرة آلاف ، ثُمَّ كاتب التتار وأطمعهم في أخذ البلاد وسهل عليهم ذلك، وحكى لهم حقيقة الحال ، وكشف لهم ضعف الرجال ، وذلك طمعاً منه أن يزيل الخلافة الإسلامية (السنية) بالكلية ، وأن يحل محلهم الرافضة، بإقامة خليفة من الفاطميين.
وقد اختلف النَّاس في كمية من قتل ببغداد من المسلمين في هذه الوقعة ، فقيل ثمانمائة ألف ، وقيل ألف ألف وثمانمائة، وقيل بلغت القتلى ألفي ألف نفس ، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله، وكان دخولهم إلى بغداد في أواخر المحرَّم ، وما زال السيف يقتل أهلها أربعين يوماً ، وكان قتل الخليفة المستعصم بالله أمير المؤمنين يوم الأربعاء ، وعفي قبره ، وكان عمره يومئذ ستاً وأربعين سنة وأربعة أشهر ، ومدة خلافته خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وأيام .
وكان الرجل يستدعى به من دار الخلافة من بني العبَّاس ، فيخرج بأولاده ونسائه فيذهب به إلى مقبرة الخلال، تجاه المنظرة فيذبح كما تذبح الشاة ، ويؤسر من يختارون من بناته وجواريه ، وقُتل الخطباء والأئمة، وحملة القرآن ، وتعطَّلت المساجد، والجماعات مدة شهور ببغداد .
ولمَّا انقضى الأمر المقدَّر وانقضت الأربعون يوماً بقيت بغداد خاوية على عروشها ليس بها أحد إلاَّ الشاذ من الناس، والقتلى في الطرقات كأنَّها التلول ، وقد سقط عليهم المطر، فتغيَّرت صورهم ، وأنتنت من جيفهم البلد، وتغيَّر الهواء ، فحصل بسببه الوباء الشديد حتى تعدى وسرى في الهواء إلى بلاد الشام ، فمات خلق كثير من تغيِّر الجو ، وفساد الريح، فاجتمع على النَّاس الغلاء والوباء والفناء والطعن والطَّعون ، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.
ولمَّا نودي ببغداد بالأمان خرج من تحت الأرض من كان بالمطامير ، والقنى، والمقابر، كأنَّهم الموتى إذا نبشوا من قبورهم ، وقد أنكر بعضهم بعضاً فلا يعرف الوالد ولده ، ولا الأخ أخاه ، وأخذهم الوباء الجديد فتفانوا وتلاحقوا بمن سبقهم من القتلى ، واجتمعوا تحت الثرى بأمر الذي يعلم السر وأخفى ، الله لا إله إلاَّ هو له الأسماء الحسنى .
هذه نصوص لابن كثير في البداية والنهاية يصف فيها كيف سقطت بغداد في أيدي المغول سنة 656هـ ـ 1258م ، وما قام به التتار من مذابح لأهل بغداد ، وقد تعمَّدتُ إيراد هذه النصوص كما كتبها ابن كثير لنستخلص منها العبر ، ونقارنها بسقوط بغداد في السابع من صفر عا224 هـ الموافق 9إبريل سنة 2003م ، إذ سنجد التاريخ يعيد نفسه ونحن العرب والمسلمين لا نتعظ ولا نفيق تماماً كما حدث للخليفة العباسي فمائتي ألف مقاتل مغولي يدخلون بغداد يحاصرون قصره ، ويطلقون السهام من نوافذ القصر ، وهو غارق في ملذاته مع إحدى محظياته ، وماذا فعل ؟
هل اتصل بأمراء الولايات الإسلامية ودعاهم إلى الاتحاد وتناسي الخلافات لمواجهة هذا العدو عند بدء زحفه إلى الولايات الإسلامية ؟
لم يفعل ذلك ، وعندما دخلوا بغداد ورشقوا قصره ، كل الذي فعله استنكر ما حدث ، ـ تماما كما حدث الآن عندما هدد الأميركان العراق ـ وحمل بعض الهدايا الثمينة ، ولم يستطع الخليفة الكلام أمام هولاكو لجبروته وإهانته للخليفة عندما احتقرها عاد الخليفة إلى قصره ، وجمع الذهب والحلي النفيسة وحملها إلى هولاكو ليرضى عنه ، ولأن أحد رجاله ووزرائه (ابن العلقمي) يريد إسقاط خلافة بني العباس السنية واستبدالها بخلافة الفاطميين الشيعية ، كان يكاتب سراً التتار، ويطمعهم في البلاد، كما أوعز إلى هولاكو بقتل الخليفة ، فقتل هولاكو الخليفة ، وجميع آل عباس وذبحهم كما تذبح الخراف ، واستبيح نساء وبنات الخليفة ، تماماً كما فعلت المعارضة العراقية المتضررة من ظلم النظام وكما استفادت أميركا من تناقضات الوضع العربي والأحقاد حيث فات هؤلاء أنَّ هذا العدو هو عدو للدين جاء ليقضي على كل من يقول «أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وأنَّ محمداً رسول الله» فلم يقتل يهودياً ولا نصرانياً ، ولا مسلماً يستجير بهم وهذا يعطي مؤشراً إلى تآمر هؤلاء مع هولاكو ، وأنَّهم كانوا له عيوناً وجواسيس ساعدوه على دخول بغداد.
وعندما نبحث في أحوال البلاد الإسلامية عند بدء الهجمة التترية نجد أنَّ الفرقة والانقسام قد مزَّقا جسد هذه الأمة ، وصار الأخ يقاتل أخاه ، ويريد أن يتوسع على حسابه، وحتى عند بدء الاجتياح المغولي لم يعملوا على تناسي الخلافات والانقسامات ولم الشمل ، بل استمروا في منازعاتهم ومحاربة بعضهم البعض حتى سقطت بغداد.
إن المتأمل في أحوال الأمة الإسلامية يجد المسلسل يتكرر فلقد تم إسقاط الخلافة العثمانية لتقاسم ولاياتها وتقسيمها إلى دول صغيرة وفق اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916 م التي أوجدت الحدود السياسية بين الدول العربية ، وحرص الاستعمار الإنجليزي والفرنسي على رسوم الحدود بين كل بلد وآخر ليعطي لبلد جزءا من البلد الآخر ليتنازع كل بلد مع جيرانه على الحدود ، فتفقد الدول العربية الاستقرار ، ويستمر العداء بينها فلا تتحقق الوحدة بينهم، إضافة إلى زرع جسد غريب في قلب العالم العربي بإقامة دولة «إسرائيل في فلسطين»، ودارت حروب بين العرب وإسرائيل سنة 1948م ، وسنة 1956م ، وسنة 1967م، وسنة 1973م ، ولمَّا وجدوا اتحاد العرب جميعهم في مواجهة العدو الإسرائيلي فرَّقوا بينهم باتفاقية كامب ديفيد التي ترتب عليها تحييد مصر عن القيام بدورها الريادي في قيادة الأمة ، وعزلها عن العالم العربي بضع سنين، ثُمَّ ظهرت فلسفة جديدة تدعو إلى الصلح مع إسرائيل والاعتراف بها وتطبيع العلاقات معها ، وتعطيل الجهاد في سبيل الله ، الذي أطلق عليه «إرهاب» ، ولم يكتف بهذا بل عمل الأعداء إلى إثارة الخلافات بين العراق وإيران، ودفعوا بصدام حسين إلى محاربة إيران على مدى ثمان سنوات فقد الطرفان فيها أكثر من مليوني قتيل ، وفي نفس الوقت أثاروا فتنة طائفية في لبنان أدت إلى اندلاع حرب أهلية استمرت ثمان سنوات ، لتمكن إسرائيل من احتلال لبنان ، ودخلت إسرائيل بيروت عام 1982م ، كما احتلت الجنوب اللبناني، والأمريكان حرَّضوا صدام على غزو الكويت، كما حرَّض الإنجليز من قبل عبد الكريم قاسم على غزو الكويت، ليضعوا أقدامهم في منطقة الخليج العربي، بدعوى تحرير الكويت ، وحرص الأمريكان على عدم إقامة صلح بين العراق والكويت ، بل كانت دائماً تسعى إلى تأجيج الخلاف بينهما في المحافل الدولية ومؤتمرات القمة العربية والإسلامية ، لأنَّها تريد أن تستغل ما في النفوس من بشاعة غزو الكويت لاستخدام أرض الكويت نقطة انطلاق الجيوش الأمريكية والبريطانية إلى العراق ، إضافة إلى حرص الأعداء على تأجيج الخلاف ، في السودان بين الشمال والجنوب ، وقيام حرب أهلية بينهما ، وحاولوا مراراً إثارة خلافات بين مصر والسودان ، كما حاولوا مراراً إثارة فتنة طائفية في مصر بين المسلمين والأقباط، إضافة إلى فرض عقوبات دولية وحصار اقتصادي على العراق والسودان وليبيا ، ورغم كل هذه المخاطر المحدقة بالأمة الإسلامية، ورغم إعلان إدارة جورج بوش عن أهدافهم في المنطقة ، وأنَّهم يريدون تغيير خريطة المنطقة، ورغم أنَّهم أعلنوا صراحة أنَّ حربهم على ما أسموه إرهاباً عقب أحداث سبتمبر هي حرب صليبية بدأوها بأفغانستان ثم العراق لم نجد للأمة الإسلامية أي فعل يذكر بمستوى الكارثة والهزيمة بل سارع الجميع لنيل رضى المحتل الأمريكي المغتصب ، وهذا يذكرنا بموقف الخليفة العباسي الذي حمل بنفسه النفائس من ذهب وحلي ومجوهرات إلى هولاكو ليترك بلده ، ويرحل عنها ، ولا يصيبه بسوء ، ولكن هذا لم ينجه فقتله هولاكو هو وجميع أفراد أسرته واستباح بغداد أربعين يوماً ، فالذين يقدمون العون لأمريكا لن يسلموا من هذا العدوان ، فهم ضمن مخطط مرسوم وموضوع، وهم ماضون في تنفيذه، وقد قويت شوكتهم، وازداد خطرهم على دول المنطقة ، وفي مقدمتها الدول التي قدَّمت العون لهم .
والأمريكان (مغول العصر) وزعيمهم (هولاكو الأمريكان) في غزوهم لأفغانستان والعراق لا يختلفون عن التتار في شيء ، وما شهدناه في ما أحدثوه في أفغانستان والعراق لا يختلف عمَّا كتبه «ابن كثير» عمَّا أحدثه المغول في بغداد.ومسيرة التتار من بغداد إلى دمشق مهددين مصر هي ذاتها مسيرة مغول العصر الذين بدأوا بتهديد سوريا وتوجيه اتهامات باطلة لها بدعوى امتلاكها لأسلحة دمار شامل، ولم ينفض جنودها غبار صحراء العراق بعد .
والأسئلة التي تفرض نفسها هل ستكون دمشق عين جالوت ثانية ؟
هل سيفيق العرب بعد سقوط بغداد في 7صفر 1424هـ كما فاقوا بعد سقوط بغداد في 12محرم سنة 656هـو اجتياح المغول بلاد الشام ووصلوا إلى غزة ، وقد عزموا على الدخول إلى مصر ، فاتحد العرب ، وقدم المتطوعون العرب من الشام والعراق والحجاز إلى القاهرة، وقدمت النساء حليهن ومجوهراتهن لتجهيز الجيش ، وانضوى الجميع تحت لواء قطز ، والتقوا بالتتار في عين جالوت وهزموهم شر هزيمة ، وطردوهم من الشام ، ولاحقوهم في آسيا الصغرى وهزموهم؟
كيف سنجتاز الهزيمة ، ونُحولها إلى نصر كبير ؟ وكيف سنستغل قوة الأمة ومدخَّراتها في مواجهة هذه الهجمة الشرسة التي تستهدف دين الأمة وهويتها وتاريخها وتراثها وحضارتها؟ أسئلة كثيرة تطرح نفسها وعلينا أن نجيب عنها ، وأن نعمل بجدية لاجتياز هذه المحنة ، وإبطال مشروع الهيمنة الصهيوأمريكية.
المرجع: المنار ، العدد 71 ، جمادى الثانية 1424هـ.
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات