الاخ الفاضل ابو نادر
السلام عليكم ورحمة الله
موضوع جدا ممتاز نحن بحاجة الي مزيدا من المعرفة والعلم فيه خاصة في هذا الوقت الذي تكالبت فيه بعض القوي لقلب الحقائق وتشويه التاريخ بل وتجييره لصالح اهدافهم الرخيصة والدنيئة بقصد طمس شمس الاسلام وتقزيمه
ولكنهم بالتاكيد لن ينجحوا
اخي ابو نادر اسمح لي ان اضع هذه الاضافة المتواضعة الي مقالك الرائع
وهي عن العلمانية والليبرالية والديمقراطية
العلمانية
تعريف العلمانية : العلمانية هي ترجمة محرفة لكلمة إنجليزية تعني اللادينية ، والمقصود بها فصل الدين عن توجيه الحياة العامة ، وحصره في ضمير الإنسان وتعبداته الشخصية ودور العبادة فقط .
هدف العلمانية في العالم الإسلامي : هدف العلمانية الأكبر هو جعل الأمة الإسلامية تابعة للغرب سياسيا وثقافيا وأخلاقيا واقتصاديا ، وعزل دين الإسلام عن توجيه حياة المسلمين.
أهم وسائلها :
أهم وسائل العلمانية ثلاث :
1ـ إقصاء الشريعة الإسلامية ليزول عن المسلمين الشعــور بالتميز والاستقلالية ، وتتحقق التبعية للغرب .
2ـ تفريق العالم الإسلامي ليتسنى للغرب الهيمنة السياسية عليه وذلك بربطه بمؤسساته السياسية وأحلافه العسكرية .
3ـ زرع العالم الإسلامي بصناع القرار ورجال الإعلام والثقافة من العلمانيين ، ليسمحوا بالغزو الثقافي والأخلاقــي أن يصل إلى الأمة الإسلامية برجال من بني جلدتها ، ويتكلمون بلسانها .
ثالوث العلمانية المقدس :
يؤمن العلمانيون بثلاثة مبادئ تمثل أهم أفكارهم وهي :
1ـ فصل الدين عن الحياة ولامانع من توظيفه أحيانا في نطاق ضيق.
2ـ قصر الاهتمام الإنساني على الحياة المادية الدنيوية.
3ـ إقامة دولة ذات مؤسسات سياسية لادينية .
متى نشأت العلمانية
نشأت العلمانية بصورة منظمة مع نجاح الثورة الفرنسية التي قامت على أسس علمانية .
متى وصلت العالم الإسلامي :
وصلت العلمانية إلى العالم الإسلامي مع الاستعمار الحديث ، فقد نشـر المستعمرون الفكر العلماني في البلاد الإسلامية التي احتلها ، بإقصاء الشريعة الإسلامية ونشر الثقافة العلمانية ومحاربة العقيدة الإسلامية .
حكم العلمانية :
العلمانية تعني أن يعتقد الإنسان أنه غير ملزم بالخضوع لأحكـام الله في كل نواحي الحياة ، ومن اعتقد هذه العقيدة فهو كافـر بإجمــاع العلماء ، قال تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هـــم الكافرون ) وقال تعالى ( فلاوربك لايؤمنون حتى يحكموك فيمــا شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).
هل للعلمانية مستقبل في العالم الإسلامي :
العلمانية محكوم عليها بالفشل والانقراض في العالم الإسلامي ، لان الله تعالى تكفل بظهور دين الإسلام وبقاءه إلى يوم القيامة وتجديده ، فلايمكن لأحد أن يمحوه إلى الأبد ، قال تعالى ( يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون ، هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ).
ثانيا : الليبرالية
تعريف الليبرالية :
الليبراليَّة هي وجه آخر من وجوه العلمانيِّة ، وهي تعني في الأصل الحريِّة ، غير أن معتنقيها يقصدون بها أن يكون الإنسان حراً في أن يفعل ما يشاء ويقول ما يشاء ويعتقد ما يشاء ويحكم بما يشاء ، بدون التقيد بشريعة إلهية ، فالإنسان عند الليبراليين إله نفسه ، وعابد هواه ، غير محكوم بشريعة من الله تعالى ، ولا مأمور من خالقه باتباع منهج إلهيّ ينظم حياته كلها، كما قال تعالى ( قُل إنَّ صَلاتي ونُسُكِي وَمَحيايَ وَمَماتي للهِ رَبَّ العالَمِينَ ، لاشَريكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرتُ وَأَنا أَوَّلُ المِسلِمين) الانعام 162، 163 ، وكما قال تعالى ( ثمَُّ جَعَلنَاكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمرِ فَاتَّبِعها وَلاتتَّبِع أَهواءَ الذِينَ لايَعلَمُون ) الجاثية 18
هل تملك الليبرالية أجابات حاسمة لما يحتاجه الانسان :
الليبراليَّة لاتُعطيك إجابات حاسمة على الأسئلة التالية مثلا : هل الله موجود ؟ هل هناك حياة بعد الموت أم لا ؟ وهل هناك أنبياء أم لا ؟ وكيف نعبد الله كما يريد منّا أن نعبده ؟ وما هو الهدف من الحياة ؟ وهل النظام الإسلاميُّ حق أم لا ؟ وهل الربا حرام أم حلال ؟ وهل القمار حلال أم حرام ؟ وهل نسمح بالخمر أم نمنعها ، وهل للمرأة أن تتبرج أم تتحجب ، وهل تساوي الرجل في كل شيء أم تختلف معه في بعض الأمور ، وهل الزنى جريمة أم علاقة شخصية وإشباع لغريزة طبيعية إذا وقعت برضا الطرفين ، وهل القرآن حق أم يشتمل على حق وباطل ، أم كله باطل ، أم كله من تأليف محمد صلى الله عليه وسلم ولايصلح لهذا الزمان ، وهل سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وحي من الله تعالى فيحب أتباعه فيما يأمر به ، أم مشكوك فيها ، وهل الرسول صلى الله عليه وسلم رسول من الله تعالى أم مصلح اجتماعي ، وما هي القيم التي تحكم المجتمع ؟ هل هي تعاليم الاسلام أم الحرية المطلقة من كل قيد ، أم حرية مقيدة بقيود من ثقافات غربية أو شرقية ، وماهو نظام العقوبات الذي يكفل الأمن في المجتمع ، هل الحدود الشرعية أم القوانين الجنائية الوضعية ، وهل الإجهاض مسموح أم ممنوع ، وهل الشذوذ الجنسي حق أم باطل ، وهل نسمح بحرية نشر أي شيء أم نمنع نشر الإلحاد والإباحية ، وهل نسمح بالبرامج الجنسية في قنوات الإعلام أم نمنعه ، وهل نعلم الناس القرآن في المدارس على أنه منهج لحياتهم كلها ، أم هو كتاب روحي لاعلاقة له بالحياة ؟؟؟؟
المبدأ العام لليبرالية :
فالليبراليّة ليس عندها جواب تعطيه للناس على هذه الأسئلة ، ومبدؤها العام هو : دعوا الناس كلُّ إله لنفسه ومعبود لهواه ، فهم أحرار في الإجابة على هذه الأسئلة كما يشتهون ويشاؤون ، ولن يحاسبهم رب على شيء في الدنيا ، وليس بعد الموت شيء ، لاحساب ولا ثواب ولاعقاب 0
ماالذي يجب أن يسود المجتمع في المذهب الليبرالي :
وأما ما يجب أن يسود المجتمع من القوانين والأحكام ، فليس هناك سبيل إلا التصويت الديمقراطي ، وبه وحده تعرف القوانين التي تحكم الحياة العامة ، وهو شريعة الناس لاشريعة لهم سواها ، وذلك بجمع أصوات ممثلي الشعب ، فمتى وقعت الأصوات أكثر وجب الحكم بالنتيجة سواء وافقت حكم الله وخالفته 0
السمة الاساسية للمذهب الليبرالي :
السمة الاساسية للمذهب الليبرالية أن كل شيء في المذهب الليبراليِّ متغيِّر ، وقابل للجدل والأخذ والردِّ حتى أحكام القرآن المحكمة القطعيِّة ، وإذا تغيَّرت أصوات الاغلبيَّة تغيَّرت الأحكام والقيم ، وتبدلت الثوابت بأخرى جديدة ، وهكذا دواليك ، لايوجد حق مطلق في الحياة ، وكل شيء متغير ، ولايوجد حقيقة مطلقة سوى التغيُّر 0
إله الليبرالية :
فإذن إله الليبراليِّة الحاكم على كل شيء بالصواب أو الخطأ ، حرية الإنسان وهواه وعقله وفكره ، وحكم الأغلبيِّة من الأصوات هو القول الفصل في كل شئون حياة الناس العامة ، سواءُُ عندهم عارض الشريعة الإلهيّة ووافقها ، وليس لأحد أن يتقدَّم بين يدي هذا الحكم بشيء ، ولايعقِّب عليه إلا بمثله فقط 0
تناقض الليبرالية :
ومن أقبح تناقضات الليبرالية ، أنَّه لو صار حكمُ الأغلبيِّة هو الدين ، واختار عامة الشعب الحكم بالإسلام ، واتباع منهج الله تعالى ، والسير على أحكامه العادلة الشاملة الهادية إلى كل خير ، فإن الليبراليّة هنا تنزعج انزعاجاً شديداً ، وتشن على هذا الاختيار الشعبي حرباً شعواء ، وتندِّدُ بالشعب وتزدري اختياره إذا اختار الإسلام ، وتطالب بنقض هذا الاختيار وتسميه إرهاباً وتطرفاً وتخلفاً وظلاميّة ورجعيّة 00الخ
كما قال تعالى ( وإذا ذُكِر الله ُوَحدَهُ اشمَأَزَّت قلوبُ الذين لايُؤمِنُونَ بِالآخرِةِ وَإِذا ذُكِرَ الذينَ مِنَ دونِهِ إذا هُم يَستَبشِروُن ) الزمر 45 0
فإذا ذُكر منهج الله تعالى ، وأراد الناس شريعته اشمأزت قلوب الليبراليين ، وإذا ذُكِر أيُّ منهجٍ آخر ، أو شريعة أخرى ، أو قانون آخر ، إذا هم يستبشرون به ، ويرحِّبون به أيَّما ترحيب ، ولايتردَّدون في تأيِّيده 0
حكم الاسلام في الليبرالية :
فإذن الليبراليِّة ماهي إلاّ وجه آخر للعلمانيِّة التي بنيت أركانها على الإعراض عن شريعة الله تعالى ، والكفر بما أنزل الله تعالى ، والصد عن سبيله ، ومحاربة المصلحين ، وتشجيع المنكرات الأخلاقيِّة ، والضلالات الفكريِّة ، تحت ذريعة الحريِّة الزائفـــــة ، والتي هي في حقيقتها طاعة للشيطان وعبودية له0
هذه هي الليبراليّة ، وحكمها في الإسلام هو نفس حكم العلمانيّة سواء بسواء ، لأنها فرع من فروع تلك الشجرة ، ووجه آخر من وجوهها 0
********************************
ولان الموضوع كذلك مرتبط بالديمقراطية ارجو ان تسمح لي بهذه الاضافة عن نشاْة وتطور الديمقراطية وعلاقتها بالعلمانية والليبرالية
الديمقراطية
قضية العلمانية واللبرالية مرتبطة ايضا بقضية الديمقرطية وظهرت بشكل جلي مع ظهورها واود هنا ان اضع مقدمة لتوضيح نشاْة الديمقراطية
بالنسبة للديمقراطية هي انبثاق تدريجي للتجربة الغربية خاصة مع الانفلات من الاقطاع والكنيسة وظهور الحركة التجارية الاستعمارية ، ومن ثم الثورة الصناعية ، حيث تشعبت المصالح في البلاد الغربية السياسية منها والاقنصادية ، وبالتالي مسيرة البلاد الغربية في التقدم المادي كانت بحاجة الي ما يسمي بالتصالحية ، لان عدم التصالح يعني الحرب وفي الحرب لا منتصرون ( دمار وهلاك للجميع )
فنمو المصالح شجع الاوربيون في تلك الفترة بالسير نحو التصالح الذي اذكي مشاعر التصالحية في المجتمع الاوروبي والتي تعتبر ركيزة اساسية للاعتراف بالطرف الاخر
ومع ازدياد الثورة الصناعية وما ضغطت عليه باتجاه اصلاح سياسي لان النمو الاقتصادي يتناقض مع الاستبداد
وعليه اقر النظام السياسي بوجود مشاركة وكذلك بوجود تعدديةفي المجتمع وبالتالي اْذن بالتشعب
اذا الفكرة التصالحية كانت اساس النظام الديمقراطي الغير متساوق مع النظام الاستبدادي ، وبما ان الراسمالية تقوم علي المبادرة الفردية فتبنت الديمقراطية ايضا كنظام سياسي يقوم علي الفردية الذي يحترم الفرد ويقول ان مصلحة الفرد هي مصلحة الجماعة او المجموع
وقامت الديمقراطية علي الاسس التالية
1- التصالحية
2- الفردية
3- التحررية
4- احترام راس المال والملكية الخاصة
وهذه الامور جميعها متساوقة مع النظام الراسمالي .
ومع مرور الوقت تطور النظام الديمقراطي بتطور الحياة ونمو المشاكل التي تواجه المجتمعات، لذلك قام النظام السياسي الديمقراطي علي قضية فصل السلطات ، ونظام المساءلة ونظام الضوابط .
يذكر هنا ان النظام الديمقراطي تطور حسب تطور المجتمع الغربي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا ، كما انه نظام ليس جامدا بل هو من اكثر الانظمة القابلة للتطور والتعديل والتكيف تحت ضغط الحاجة " لانه لايقوم علي مباديء ثابتة "
من هنا جاءت قضية الليبرالية فعندما اتت الديمقراطية للتخلص من مشاكل عامة اثقلت علي الجمهور واصبحت هناك حريات عامة، لكن بقيت المقيدات الفردية للانسان موجودة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لذا برزت اللليبرالية لتدعي انها تخلص الانسان من هذه المقيدات
وكما نعلم المجتمع الغربي ينقسم الي ثلاث طبقات
1- الطبقة العليا : وهي غالبا ما تميل الي الثبات ، كما تميل الي الليبرالية الاقتصادية
2- الطبقة الوسطي : اكثر ميلا للتحررية من الطبقات الاخري ، لليبرالية الاجتماعية والسياسية
3- الطبقة الفقيرة : مشغولة بامور الدنيا والعيش
والليبراليون يؤيدون الحرية والراسمالية لكن اكثر من يرغب الحرية هم الليبرالية الاقتصادية ومن يفضل اليبرالية الاقتصادية هي الطبقة العليا حتي يكون لهم يد اطول في الاستقلال الاقتصادي ، حيث نعلم انه في القرن التاسع عشر كانت النظرية الاقتصادية الراسمالية تفترض عدم تدخل الحكومة في الاقتصاد ولكن بعد الكساد العالمي عام 1929 راوا انه يجب تدخل الحكومة لكن بحدود
اما الطبقة الوسطي فهي ميالة اكثر الي الليبرالية الاجتماعية
يجب ان نميز كذلك بين الديمقراطية الليبرالية وما تنتجه من ليبرالية اقتصادية
اما القضية الاخلاقية في الليبرالية فهي تعطي تعريفا عاما للاخلاق بل وحتي لا تعرفها لان الاخلاق مسالة ذاتية نسبية في نظرهم متغيرة من شخص الي اخر فما يراه "س" اخلاقيا قد لا يراه "ص" كذلك ، ولذا تراهم فضلوا التخفيف من القوانين التي تحد من حرية الفرد الشخصية لدرجة يمكن معها الحفاظ علي حد ادني من النظام بعيدا عن التسيب
والجوهر السياسي للليبراليين فالليبراليين من الطبقة الوسطي هم الذين يطلبون تحررية سياسية اكثر من الطبقات الاخري خاصة الطبقة الثرية ، وفي التحررية هناك العنصر الذاني اساسي " الانسان سيد نفسه دون ضوابط "
نذكر كذلك ان الحياة في ظل النظام السياسي سابق الذكر هي حياة الية تخلو من الدسم والدفء الانساني
هذا اضافة الي انه نظام يعاني من
1- استبداد راس المال : لان راس المال يتحكم في كثير من الامور فمثلا البرلمانات اكثر اعضاءها من الاغنياء وبالتالي هي تمثل هذه الشريحة ومصالحها
2- استبداد وسائل الاعلام : وهي تعمل لاستبداد راس المال بحيث انها تضخ معلومات وتتحكم في تشكيل المواقف والاراء
3- تفشي ظواهر التفكك الاسري والفساد الاخلاقي والمخدرات والجرائم ضمن هذا النظام نتيجة ما يسمي ببدعة الحرية والتحرر
اخيرا نقول الحمد لله رب العالمين الذي انعم علينا بنعمة الاسلام والذي يعتبر افضل النظم لتنظيم الحياة الانسانية علي مختلف الاصعدة وهو متفوق علي كل الانظمة الاخري التي سبقته والتي تلته في ذلك لانه من الله وهو يمثل الحق وهو منسجم تماما مع الطبيعة الانسيانية لانه من عند الله الذي خلق هذا الانسان ويعلم ما يصلح له
وشتان بين ما هو من عند الله وما هو من صنع البشر
اسف علي الاطالة
لك تحياتي وشكري
اخوك ناصر
المفضلات