6471 - ( إِذَا كَانَتْ صَيْحَةٌ فِي رَمَضَانَ ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَعْمَعَةٌ فِي
شَوَّالٍ ، وَتَمْيِيزُ الْقَبَائِلِ فِي ذِيِ الْقَعْدَةِ ، وَتُسْفَكُ الدِّمَاءُ فِي ذِيِ الْحِجَّةِ .
وَالْمُحَرَّمِ وَمَا الْمُحَرَّمُ ؟ ( يَقُولُهَا ثَلَاثاً ) ، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ، يُقْتَلُ النَّاسُ فِيهَا
هَرْجاً هَرْجاً .
قُلْنَا : وَمَا الصَّيْحَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :
هَدَّةٌ فِي النِّصْفِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ جُمُعَةٍ ؛ فَتَكُونُ هَدَّةٌ تُوقِظُ النَّائِمَ ،
وَتُقْعِدُ الْقَائِمَ ، وَتُخْرِجُ الْعَوَاتِقَ مِنْ خُدُورِهِنَّ فِي لَيْلَةِ جُمُعَةٍ ، فِي سَنَةٍ
كَثِيرَةِ الزَّلَازِلِ.
فَإِذَا صَلَّيْتُمُ الْفَجْرَ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ؛ فَادْخُلُوا بُيُوتَكُمْ ، وَاغْلِقُوا
أَبْوَابَكُمْ ، وَسُدُّوا كُوَاكُمْ ، وَدِثِّرُوا أَنْفُسَكُمْ ، وَسُدُّوا آذَانَكُمْ ، فَإِذَا
أحسَسْتُمْ بِالصَّيْحَةِ فَخِرُّوا لِلَّهِ سُجَّداً ، وَقُولُوا : سُبْحَانَ الْقُدُّوسِ ،
سُبْحَانَ الْقُدُّوسِ ، رَبُّنَا الْقُدُّوسُ ؛ فَإِنَّه مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ؛ نَجَا ، وَمَنْ لَمْ
يَفْعَلْ ذَلِكَ ؛ هَلَكَ ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة:
موضوع .
أخرجه نعيم بن حماد في كتابه "الفتن" (1/228/738) : حَدَّثَنَا
أَبُو عُمَرَ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ
الْبُنَانِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الْحَارِثِ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ... فذكره .
قلت : وهذا متن موضوع ، وإسناده واهٍ مسلسل بالعلل :
الاولى / المؤلف نفسه ؛ نعيم بن حماد ، فإنه مع كونه من أئمة السنة والمدافعين
عنها ، فليس بحجة فيما يرويه ، فقال النسائي :
"ليس بثقة " .
واتهمه بعضهم بالوضع . والحافظ الذهبي مع صراحته المعهودة ، لم يستطع أن
يقول فيه - بعد أن ذكر الخلاف حوله - إلا :
"قلت : ما أظنه يضع " !
الثانية : شيخه أبو عمر - وهو : الصفار : كما وقع له في غير هذا الحديث - ،
واسمه : حماد بن واقد ، وهو ضعيف ، بل قال البخاري :
"منكر الحديث ".
الثالثة : ابن لهيعة ، وهومعروف بالضعف بعد احتراق كتبه .
الرابعة : عبد الوهاب بن حسين : لا يعرف إلا بهذا الإسناد الواهي ، وقد ذكر
له الحاكم حديثاً آخر من طريق نعيم بن حماد : ثنا ابن لهيعة عنه بإسناده المتقدم
عن ابن مسعود مرفوعاً في خروج الدابة بعد طلوع الشمس من مغربها ، فإذا
خرجت ؛ لطمت إبليس وهو ساجد ... الحديث ، وفيه مناكير كثيرة ، حتى قال
الحاكم نفسه :
"أخرجته تعجباً إذ هو قريب مما نحن فيه ".
والشاهد أنه قال عقبه (4/522) :
"محمد بن ثابت بن أسلم البناني من أعز البصريين وأولاد التابعين ؛ إلا أن
عبد الوهاب بن حسين مجهول " . وتعقبه الذهبي بقوله :
"قلت : ذا موضوع ، والسلام ".
وقد ترجم الحافظ في "اللسان" لعبد الوهاب هذا بقول الحاكم المذكور ، وتعقب
الذهبي إياه ، وأقرّه .
الخامسة : محمد بن ثابت البناني : ضعيف اتفاقاً ؛ فلا أدري كيف مشَّاه الحاكم ؟!
السادسة : الحارث الهمداني - وهو : الأعور - : ضعيف أيضاً ، وقد اتهمه بعضهم
بالكذب .
وبالجملة ؛ فهذا الإسناد بهذه البلايا والعلل الست إسنادٌ هالك ، والمتن مركب
موضوع بلا شك ، ليس عليه حلاوة وكلام النبوة ؛ بل إن يد الصنع والتكلف عليه
ظاهرة . وقد تداوله لعض الرواة الضعفاء قديماً ، يزيدون في متنه وينقصون منه
حسب أهوائهم ، وركبوا أسانيد عن أبي هريرة وغيره ، وقد خرجتهما فيما تقدم
(6178 و 3179) .
هذا . ولقد كان الداعي إلى تخريج هذا الحديث ، والكشف عن علله أنه كثر
سؤال الناس عنه في أول أسبوع من شهر رمضان المبارك الحالي لسنة (1414) ، ولما
سألت عن السبب ؟ قيل : بأن أحد الخطباء الصوفيين خطب الناس به ، وأنذرهم بوقوع ما جاء فيه ليلة الجمعة (15) من الشهر الجاري ، أي بعد أربعة أيام من
تحريره ، وسيعلم الناس قريباً - إن شاء الله - كذبه ؛ ليأخذوا منه درساً ، ويعرفوا أنه
ليس كل من خطب فهو عالم ، وأنه ليس كل من حدث بحديث أو أكثر فهو
محدث ! ولله في خلقه شؤون .
وها نحن الآن في يوم السبت التالي ليوم الجمعة المشار إليه ، ولم يقع فيه
أي شيء مما ذكر الحديث : صيحة أو هدة توقظ النائم ، ولا خرجت العواتق
من الخدور ،ولا أحد من المصلين سدوا كواهم ، ودثروا أنفسهم ، وسدوا آذانهم .
ما أحد فعل شيئاً من ذلك ، حتى ولا ذاك الكذاب الكبير الذي أذاع هذا
الحديث والجهلة الذين تلقوه عنه وساعدوه على إذاعته ، حتى هؤلاء ما أظن أن
أحداً فعل ذلك .
نعم . لقد وقعت مصيبة كبيرة على المصلين في (مسجد الخليل) في الضفة
الغربية ؛ فقد هاجم جماعة مسلحون بالرشاشات (الأتوماتيكية) من اليهود ،
الشاجدين في صبيحة يوم الجمعة ؛ فقتلوا منهم العشرات ، وجرحوا المئات .
ثم لا شيء بعد ذلك سوى الخطب الحماسية ، والاحتجاجات السياسية لدى
الأمم المتحدة ، من الدول الإسلامية ، والتظاهرت من بعض شعوبها . ولا حول ولا
قوة إلا بالله .
ولا أدري إذا كان لنشر هذا الحديث عن يوم الجمعة ، وفتنة اليهود فيه أية
علاقة بينهما .
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً ... ويأتيك بالأنباء من لم تزود
المفضلات