الاخ الكريم ابوانس بارك الله فيك على هذا الموضوع الجميلمثل همة عمر بن عبدالعزيز حينما قال: " إن لي نفساً تواقة، لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلما نلتها تاقت للخلافة، فلما نلتها تاقت إلى الجنة"
هناك العديد من الأقوال التي تشرح النجاح، ولكن بالنسبة لما أستأنس له هو "أن النجاح يعني أموراً مختلفة تختلف باختلاف الأشخاص أنفسهم، فإذا حقق الشخص أو وصل إلى ما يصبوا إليه، فإنه بذلك يعتبر إنساناً ناجحاً، وقد يعني ذلك الشهرة، المال الوفير، المنصب العالي، الصحة، محبة الله ومن ثم الناس، خدمة الآخرين أو بلوغ الجنّة".
والعناصر الأساسية للنجاح كثيرة ومتنوعة، وقبل لا ندخل في الموضوع هذا أود أن أوضح بأنه لكي ننجح يجب أن يكون عندنا هدف لنصل إليه، ولن نضع هدفاً ما لم تكن همتنا عالية، فالناس عادة ترتفع منازلهم بحسب علو همتهم.
وقد تتساءل عزيزي القارئ ما الهمة؟ فأجيب بأن الهمة هي: (ما هم به الإنسان من أمر ليفعله)، وهي الباعث على العمل/ الفعل، وهذا مصداقاً لقول رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه: "من هم بحسنه ولم يعملها، كتبها الله عنده حسنةً كاملة" البخاري
و الهمة العالية ( علو الهمة ) هي:
النية الصادقة، والإرادة القوية الرفيعة، والرغبة الأكيدة في التحلي بالفضائل والتخلي من الرذائل. وقال شوقي " الطير يطير بجناحيه، والمرء يطير بهمته"
وهناك العديد من الأبيات التي تبين وتوضح علو الهمة، نذكر منها:
* نحن قوم لا توسط بيننا
لنا الصدر دون العالمين أوالقبر
* ومن تكن العلياء همة نفسه فكل الذي يلقاه فيها محبب
* ومن لا يتعلم صعود الجبال
يعش أبد الدهر بين الحفر
لهذا أمرنا الرسول صلوات الله وسلامه عليه بسؤال الله الفردوس الأعلى، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى “، فهو صلى الله عليه وسلم يحيي بنا هممنا، وأستغرب من كثير من البشر ممن لا تكون لديهم همة عالية تسمو بهم وبقيمتهم إلى أعالي صروح المجد والمعرفة، فهم يقنعون بما يحصلون عليه من دون السعي والجد والمثابرة، فهم يذلك كمن يقنع بفتات الحياة!
مع العلم بأن الصقر لا يأكل إلا الحي من الطيور، ويأنف أكل الميت ، والأسد لا يأكل الميت، بل يأكل ما يصطاده بيده، وهؤلاء طيور وحيوانات ولكن لديهم بل يملكون الهمة العالية، فما بال بعض بني البشر ليست لديهم همة عالية تسمو بهم إلى النجاح؟ ومن مظاهر دنو الهمة قول أبي نواس:
إنما العيش سماع ومـدام ونـدام
فإذا فاتك هذا فعلى الدنيا السلام
مع أن الله سبحانه وتعالى قال في محكم كتابه " أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير" وكذلك " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً و أنكم إلينا لا ترجعون"
فأي معنى لحياة هؤلاء وأمثالهم، وأي عظمة يتوقعونها؟
فكما قال الشاعر:
إذا ما الفتى لم يبغ إلا لباسه ومطعمه فالخير منه بعيد
فيا أحبتي في الله ليختلي كنا منا مع نفسه لبرهة من الوقت، فترة يسترجع بها حياته.. فتره يحاسب بها نفسه.. فتره يرى هل حياته كانت مبنية على الهمة العالية أم العيش حسبما تمليه الحياة والظروف التي نعتقد بأننا ليست لدينا القدرة أو التحكم بها ( طبعاً بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى ).
الله سبحانه وتعالى كرمنا واصطفانا على بقية المخلوقات، فلم لا نستثمر هذه الكرامة بأن نسمو ونعلو بهممنا إلى أعلى المراتب، ولا يكون ذلك إلا بالتحلي بالأخلاق وطلب العلم فكما قال الشاعر:
قد مات قوم وما ماتت مكارمهم
وعاش قوم وهم في الناس أموات
فكم منا أحياء ولكنهم أموات! نعم أحياء بالجسد ولكنهم أموات بالأفعال والأخلاق، أحياء بالأكل والشرب.. وأموات بما لم يقدموه من علم وتطوير للبشرية.
وسؤالي هو: هل نحن من القلة القليلة التي تربأ بنفسها وتسمو بأرواحها لبلوغ أسمى وأعلى المراتب؟ أم نحن ممن يتركون حياتهم لمتغيرات الحياة وللظروف؟ ويقفوا عاجزين عن التحكم بحياتهم بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى.. والأدهى والأمر لا يتمتعوا بمباهج الحياة وروعتها!
أنت من لديه الإجابة.. وأتمنى أن تكون ممن لديهم همة عالية، والهمة لا تقف عند حد بل هي تسمو بصاحبها إلى أعلى المراتب، مثل همة عمر بن عبدالعزيز حينما قال: " إن لي نفساً تواقة، لم تزل تتوق إلى الإمارة، فلما نلتها تاقت للخلافة، فلما نلتها تاقت إلى الجنة"
فيا رب أكرمنا بنفس تواقة تتوق للجنة وتربأ بنفسها عن سفاسف الحياة.
وإلى لقاء قريب يجمعني بكم على محبته.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات