بارك الله فيك
و الى مزيد من العطاء
و لك الاجر و المثوبة من الله
[align=center:fafe29b833]بسم الله الرحمن الرحيم [/align:fafe29b833]
والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى اله افضل الصلاة واتم التسليم .اما بعد:
بعد ان عرفنا النهي عن البدع والتحذير منها.
فما البدعة وما ضابطها وفيما تكون.
1- تعريف البدعة:
البدعة لغة: الاختراع على غير مثال سابق. ومنه قوله تعالى ( بديع السموات والارض) أي: مخترعهما من غير مثال سابق.
ويقال : ابتدع فلان بدعة ، يعني ، ابتدا طريقة لم يسبقه اليها سابق.
وهذا امر بديع يقال في الشيء المستحسن الذي لامثال له في الحسن .
ومن هذا المعنى سميت البدعة بدعة .
فاستخراجها للسلوك هو الابتداع . وهيئتها ، هي البدعة . وقد يسمى العمل المعمول على ذلك الوجه بدعة .
فمن هذا المعنى سمي العمل الذي لا دليل عليه في الشرع بدعة .
فالبدعة في الشرع .
وهذا التعريف يشمل كل ما احدث في الدين مما لا اصل له في الشريعة يدل عليه .
فاما ماله اصل في الشرع يدل عليه . فليس ببدعة شرعا . وان سمي بدعة لغة .
وهذا المعنى ما ورد من كلام بعض السلف من قولهم في بعض البدع : نعمة البدعة . مثل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، لما جمع الناس في قيام رمضان على امام واحد في المسجد ، وخرج ورآهم يصلون كذلك ، فقال نعمت البدعة هذه . لان لصلاة التراويح جماعة في رمضان اصل ، فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس في رمضان ليلتين او ثلاثا ، ثم امتنع خشية ان تفرض على الامة فيعجزون عن القيام بها .
كما ان عمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، والخلفاء الراشدون جميعا ، لايصح لاحد ان يستدل به على احداث البدع واستحسانها ، مثل صلاة التراويح جماعة في رمضان ، ومثل جمع المصحف الذي كان مكتوبا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم الا انه كان متفرقا ولم يكن مجموعا في مصحف واحد ، لان عمل الخلفاء الراشدين سنة بنص الحديث الذي رواه ابوداود والترمذي من حديث العرباض بن سارية وفيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه : (( فانه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي)). فهذا صريح في ان عملهم سنة وليس ببدعة .
[align=center:fafe29b833]تقسيم البدعة: الى بدعة حقيقة ، وبدعة اضافية .[/align:fafe29b833]
أ- البدعة الحقيقية : هي التي لا يدل عليها دليل شرعي لا من كتاب ولا سنة ولا اجماع .
ومن امثلتها : تحريم الحلال ، وتحليل الحرام ، استنادا الى شبهة وبدون عذر شرعي او قصد صحيح.
فقد اخرج البخاري في صحيحه عن عبدالله بن مسعود رضيس الله عنه قال: كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء، فقلنا: الا نختصي فنهانا عن ذلك . فرخص لنا بعد ذلك ، ان نتزوج المراة بالثوب ، ثم قرا ( يا ايها الذين امنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ).
وروى البخاري عن قيس بن ابي حازم قال : دخل ابو بكر على امراة من احمس يقال لها زينب ، فرآها لاتكلم ، فقال: ما لها لاتتكلم ، قالوا : حجت مصمتة ، فقال لها تكلمي فان هذا من عمل الجاهلية . فتكلمت فقالت : من انت؟ قال : انا امرؤ من المهاجرين .
ومن امثلتها ايضا : اختراع عبادة ما انزل الله بها من سلطان كصلاة الظهر مثلا بركوعين في كل ركعة او الصلاة بغير طهارة او انكار الاحتجاج بالسنة او تقديم العقل على النقل وجعله اصلا والشرع تابع .
ب- البدعة الاضافية : واما البدعة الاضافية ؛ فلها جانبان :
جانب مشروع ، ولكن المبتدع يدخل على هذا الجانب المشروع امرا من عند نفسه فيخرجها عن اصل مشروعيتها بعمله هذا واكثر البدع المنتشرة عند الناس من هذا النوع .
ومن امثلتها: الصوم الذكر الطهارة واسباغ الوضوء الصبر على المكاره الصلاة . هذه عبادات مشروعة امر بها الشارع وحث عليها . فلو جاء شخص فقال : انا اصوم قائما لا اجلس وفي الشمس لا استظل . او قال: انا اصوم الدهر فلا افطر. او غير ذلك فهذه العبادات كلها عبادات مشروعة امر بها الشارع ورغب فيها وحث عليها ولكن هذه الكيفيات والهيئات التي ادخلت عليها عمل لا دليل عليه من الشارع والبدعة في الدين كيفما كانت صفتها في استدراك على الشرع وافتيات عليه والله يقول: ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )
فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وقد راى قوما اجتمعوا على الذكر فقال لهم: لقد جئتم ببدعة ظلما او لقد فضلتم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علما او انكم لتمسكون بذنب ضلالة .
ومنها بدعة المولد فان محبة النبي صلى الله عليه وسلم واجبة على كل مسلم ولا يتم ايمان المسلم حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم احب اليه من نفسه وولده والناس اجمعين كما في صحيح البخاري.
وكن محبته هي طاعته ومتابعته أي امتثال امره واجتناب نهيه وقد نهى عن البدع وحذر منها وقال ( كل محدثة بدعة )وقال : (من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد) حديث متفق عليه .
ولم يثبت عنه ولا عن خلفائه ولا عن الصحابة ولا عن علماء السنة المتبوعين من عمل مولدا وانما [u]هذا المولد احدثه الفاطميون العبيديون الرافضة الذين يرجع نسبهم الى المدعي النسب الفاطمي وهو يهودي من سليمة .
[u][align=center:fafe29b833]النهي عن مجالسة اهل البدع [/align:fafe29b833]
وقد جاء عن عدد من علماء التابعين النهي عن مجالسة اهل البدع والاهواء وذلك خوفا من ان يؤثر صاحب البدعة في جليسه لان الرسول صلى الله عليه وسلم قد حث على اختيار الجليس الصالح وحذر من جليس السوء ومثلهما بحامل المسك او بائع المسك ونافخ الكير .
وهكذا صاحب البدعة اما ان يقذف في قلبك بدعته بتحسينه اياها واما ان يمرض قلبك ويؤلمه لما تشاهد من اعماله وتسمع من اقواله من الامور المخالفة للشرع . ولهذا قال الحسن : لاتجالس صاحب هوى فيقذف قلبك ماتتبعه علك فتهلك او تخالفه فيمرض قلبك .
وعن أي قلابة قال: لا تجالسوا اهل الاهواء ولا تجادلوهم فاني لا امن ان يغمسوكم في ضلالتهم ويلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون . قال ايوب: عن ابي قلابة : وكان والله من الفقهاء ذوي الالباب.
وعنه قال: ان اهل الاهواء اهل ضلالة . ولا ارى مصيرهم الا الى النار .
وعنه قال: ما ابتدع رجل بدعة الا استحل السيف.
وعن ايوب السختياني انه كان يقول: ما ازداد صاحب بدعة اجتهادا الا ازداد بعدا من الله ، وكان يسمي اهل البدع خوارج ، ويقول : ان الخوارج اختلفوا في الاسم واجتمعوا على السيف.
وعن يحيى ابن كثير قال: اذا لقيت صاحب بدعة في طريق فخذ في طريق آخر.
وبما سبق لنا من اقوال العلماء يتبين لنا ان المجالسة لاهل البدع تختلف عن دعوتهم الى الخير وبيان الحق لهم ومناظرتهم لابطال شبههم لان هذا من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو اصل من اصول الدعوة الى الله امر الله به في كتابه فقال :( ولتكن منكم امة يدعون الى الخير يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر..........)
فاذا جاء النهي من العلماء عن مجالسة اهل البدع فليس معناه ان العالم بكتاب الله وسنة رسوله لا يدعو هؤلاء الى الخير ولا يناظرهم ولا يقرب من مجالسهم لهذا الغرض .
وانما مقصود العلماء الخوف على من لا يستطيع ان يدفع شبههم عن نفسه فتؤثر في قلبه . كما سبق ذكر قول ابي قلابة .
[align=center:fafe29b833]توبة المبتدع[/align:fafe29b833]
واما توبة المبتدع فيرى بعض العلماء بُعدها ، وان المبتدع لاينتقل من بدعة الا الى شر منها لان الجزاء من جنس العمل والله يقول( فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم ).
فعن يحيى بن ابي عامر الشيباني قال : كان يقال : يابى الله لصاحب بدعة توبة ، وما انتقل صاحب بدعة الا الى شر منها .
ولهذا كان العوام بن حوشب يقول لابنه: ياعيسى اصلح قلبك واقلل مالك ، وكان يقول : والله لان ارى عيسى في مجالس اصحاب البرابط _ أي المزهر والعود _ والاشربة والباطل احب الي من اراه يجالس اصحاب الخصومات. قال ابن وضاح يعني اهل البدع .
ولماذا يقول ذلك : لان البدعة يعتقدها صاحبها دينا ، فيبقى متمسكا بها تمسكه بدينه واذا خرج من بدعته خرج الى بدعة شر منها .
واما اصحاب المعاصي _ كاصحاب المزهر والعود_ من المغنين واصحاب الشراب ، فهم اصحاب شهوات ويعلمون ان تلك الاعمال معاصي دفعتهم الى ارتكابها شهواتهم ونفوسهم الامارة بالسوء فقد يتركونها يوما من الايام لاعتقادهم حرمتها ، فصاحب المعصية ترجى له التوبة والاقلاع عنها اكثر من صاحب البدعة التي يعتقدها دينا.
ويظهر ان المقصود به صاحب البدعة الذي اشرب قلبه البدعة حتى بلغت من قلبه مبلغا عظيما ، بحيث اصبح يطرح ماسواها في جنبها حتى اصبح ذا بصيرة فيها وحب لها فلا ينثني عنها فهي عنده في غاية المحبة ومن احب شيئا هذا النوع من المحبة والا وعادى بسببه ولم يبالي مالقي في طريقه.
واما من لم يشرب البدعة قلبه وانما استحسنها وظن انها تقربه الى الله عز وجل ثم ظهر له الدليل على خلافها وتعقل ذلك فالغالب رجوعه وتوبته .
ويمثل العلماء لمثل ذلك : بمن رجع من الخوارج بعد مناظرة ابن عباس لهم وبرجوع المهتدي والواثق عن بدعة القول بخلق القران .
والى الدرس الثالث ان شاء الله تعالى في حكم المبتدع وحكم المخطيء واقسام البدعة ..... فلا تنسونا من صالح الدعاء
قال الامام مالك رحمه الله تعالى: من ابتدع في الاسلام بدعة يراها حسنة ، فقد زعم ان محمداصلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لان الله يقول( اليوم اكملت لكم دينكم ) فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم دينا.
بارك الله فيك
و الى مزيد من العطاء
و لك الاجر و المثوبة من الله
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات