حياك ربي أختي ..
أشكرك على هذا الانتقاء لهذه الدرة الأدبية :
قصيدة الغريب - الطيارة الرنانة -
من القصائد الذائعة الصيت ..
وهي
لزين الدين العابدين علي بن الحسين
===
بقي أن تسمحي لي أن آتي بأول القصيدة ..
حتى يكتمل الموضوع بها كاملة :
وأولها الذي يسبق ما اخترتيه لنا هو :
الغريب ..
ليس الغريب غريب الشام واليمن .... إن الغريب غريب اللحد والكفن
إن الغريب له حق لغربته .... على المقيمين في الأوطان والسكن
لا تنهرنَّ غريبا حال غربته..... الدهر ينهره بالذل والمحن.
سفري بعيد وزادي لن يبلغني..... وقوتي ضعفت والموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست أعلمها.... الله يعلمها في السر والعلن
ما أحلم الله عني حيث أمهلني.... وقد تماديت في ذنبي ويسترني
تمرُّ ساعات أيامي بلا ندم.... ولا بكاء ولا خوفٍ ولا حَزَنِ
أنا الذي أُغلق الأبواب مجتهداً ... على المعاصي وعين الله تنظرني
يا زلةً كُتبت في غفلة ذهبت... يا حسرةً بقيت في القلب تُحرقني
دعني أنوح على نفسي وأندبها.... وأقطع الدهر بالتذكير والحزَنِ
دع عنك عذلي يا من كان يعذلني... لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني
دعني أسحُّ دموعا لا انقطاع لها... فهل عسى عبرةٌ منها تُخلصني
كأنني بين جلِّ الأهل منطرحٌ .... على الفراش وأيديهم تُقلبني
وقد تجمَّع حولي مَن ينوح ومن.... يبكي عليَّ وينعاني ويندبني
وقد أتوا بطبيب كي يُعالجني.... ولم أرَ الطب هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها.... من كل عِرقٍ بلا رفق ولا هونِ
واستخرج الروح مني في تغرغرها.... وصار ريقي مريرا حين غرغرني
وقام من كان حِبَّ الناس في عجَلٍ....... نحو المغسل يأتيني يُغسلني.
وقال يا قوم نبعي غاسلا حذِقا... حرا أديبا عارفا فطِنِ
فجاءني رجلٌ منهم فجرَّدني .... من الثياب وأعراني وأفردني
وأودعوني على الألواح منطرحا.... وصار فوقي خرير الماء ينظفني .
وأسكب الماء من فوقي وغسَّلني.. غَسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفنِ
وألبسوني ثيابا لا كِمام لها.... وصار زادي حنوطي حين حنَّطني
المفضلات