ماهو سر بكاء الشيوخ..؟؟
مات رجل غني، كانت لديه الأموال والخدم والعبيد والأملاك، فترك كل هذا إلى ابنه الوحيد، فلما كبر أخذ في إنفاق المال على الطرب والأغاني حتى أتى عليه فافتقر، حتى صار يشتغل مع العمال، فمكث على ذلك مدة سنة. فبينما هو جالس يوما من الأيام تحت حائط ينتظر من سيأجره.
وإذا برجل حسن الوجه والثياب، فدنا من الشاب وسلم عليه وقال له: –
يا بني، شكلك يدل على أنك ابن ناس وآثار النعمة بادية عليك،
فما الذي رماك على مهنة كهذه؟ .
اجابه الشاب : نفذ القضاء والقدر، فهل لك في حاجة لتستخدمني؟
– أريد أن أستخدمك في شيء يسير. عندي عشرة من الشيوخ في دار واحدة، وليس عندنا من يقض حاجتنا، فعليك أن تقوم بخدمتنا ولك عندنا ما يصل من الخير والدراهم.
– سمعا وطاعة. -لكن بشرط. – وما هي هذه الشروط؟
– أن تكون كاتما لسرنا فيما ترانا عليه، وإذا رأيتنا نبكي .
فلا تسألنا عن سبب بكائنا.
– نعم يا عم. -سربنا على بركة الله تعالى .
فقام الشاب خلف الشيخ إلى أن أوصله إلى الحمام فأدخله فيه وأزال عن بدنه ما عليه من قشف ثم ارسل الشيخ رجلاً فأتي له بحلة حسنة من القماش، فالبسه إياها، ومضى به إلى منزله عند جماعة،
فلما دخل الشاب وجدها دارا عالية البنيان مشيدة الأركان، واسعة بمجالس متقابلة وقاعات في كل قاعة مسقية من الماء عليها طيور تغرد وشبابيك تطل من كل جهة على بستان حسن في تلك الدار.
فأدخله الشيخ أحد المجالس فوجده منقوشا بالرخام الملون، ووجد سقفه منقوشا باللازورد والذهب الوهاج، وهو منقوش ببسط من الحرير ووجد فيه عشرة من الشيوخ قاعدين متقابلين وهم لابسون ثياب الحزن، يبكون وينتحبون، فتعجب الشاب من أمرهم،
وكاد يسأل، لكنه تذكر الشرط فمنع لسانه ثم إن الشيخ سلم إلى الشاب صندوقا فيه ثلاثون ألف دينار، وقال له: –
يا ولدي انفق علينا من هذا الصندوق وعلى نفسك بالمعروف..
– سمعا وطاعة.
ولم يزل الشاب ينفق عليهم مدة أيام وليال، ثم مات واحد منهم فأخذه أصحابه وغسلوه وكفنوه ودفنوه في روضة خلف الدار، ولم يزل الموت يأخذ منهم واحدة إثر واحد إلى أن بقي الشيخ الذي استخدم ذلك الشاب، فاستمر في خدمته ستينا طويلة، إلى أن اقترب أجله..
فقال له – أريد أن أعرف سر بكائكم قبل أن تموت.
فقال الشيخ : يا ولدي ما كنت أريدك أن تسأل – هذا السؤال،
لكن ما دمت سألت فإياك أن تفتح هذا الباب،
فيحدث لك ما حدث لنا، ثم مات الشيخ بعد ذلك.
وأراد الشاب أن يعرف سر هذا الباب الذي يجعل الناس يبكون هكذا، ثم فتحه فرای دهليزا ضيقا، فجعل يمشي فيه مقدار ثلاث ساعات، وإذا بعقاب كبيرقد نزل من الجو، فحمل ذلك الشاب في مخالبه وطار به بين السماء والأرض، إلى أن أتى به إلى جزيرة وسط البحر، فألقاه بها وانصرف عنه ذلك العقاب،
فصار الشاب متحيرا من أمره، لا يدري أين يذهب، بينما هو جالس إذ رأى مركبا صغيرا به عشر من الجواري، قلن له – أنت الملك العريس.
ثم تقدمت إليه جارية وهي كالشمس الضاحية في السماء الصافية، وفي يدها منديل حرير، فيه خلعة ملوكية وتاج من الذهب مرصع بأنواع الياقوت، فتقدمت إليه وتوجته وألبسته ظن الشاب أنه نائم، وعندما وصلوا إلى البر وجد عساکرعديدة في انتظارهن، وبعضهم يمسك بحصان، والملك فوق حصانه، ينتظر. ثم نزل الملك عن حصانه، ونزل الشاب عن حصانه وقال له الملك – أنت ضيفي.
ودخلا القصر وأيديهما متشابكة، ولما کشف الملك عن لثامه، اتضح أنه فتاة غاية في الجمال فقالت له الملكة – فلتعلم أن كل وزرائي وجيشي من النساء، والرجال عليهم العمل في الحقول..
ثم دخلت الوزيرة -وهي عجوز شمطاء-
وهي محتشمة وذات هيبة ووقار، ثم قالت الملكة لها؛ .
أحضري لنا القاضي والشهود.
ثم عرضت عليه قائلة : ارتضي ان اكون زوجة لك ؟
فقام وقبل الارض بين يديه وتزوجها وقالت له :
كل شئ في المملكة ملكك لكن لا تفتح هذا الباب فتندم،
وعاش مع الملكة سعيداً ولكنه اراد يوماً ان يفتح ذلك الباب..
ففقتحه فإذا به طائر العقاب الذي حمله الي هنا
فحمله وعاد ثانية الي الباب الذي دخله
وعلم الشاب بسر بكاء الشيوخ
فأخذ يبكي مثلهم حتي مات ..
من قصص ألف ليلة وليلة ..
ولكم تحيات
ماجد البلوي
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات