الرد على من استدل على جواز الموسيقى بحب الأطفال لها
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد تساءل البعض عن سبب حب كثير من الأطفال للموسيقى وتفاعلهم معها
قال ابن تيمية في الاستقامة ص408 :" وليس كل ما استلذه الإنسان لحسنه يكون طيبا فإن أكل الخنزير يستلذه آكله وشارب الخمر يستلذها شاربها ومما يبين ذلك أن سماع الألحان يتغذى به أهل الجهل أكثر مما يتغذى به أهل المعرفة كما يتغذى به الأطفال والبهائم والنساء وكما يكثر في أهل البوادي والأعراب وكل من ضعف عقله ومعرفته كما هو مشهود
فأما السماع الشرعي فلا إنه غذاء طيب لأهل المعرفة كما أخبر الله بذلك في قوله وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق سورة المائدة 83"
وقال أيضاً في الاستقامة ص343 :" فأما أن يستدل بمجرد استلذاذ الإنسان للصوت أو ميل الطفل إليه أو استراحة البهائم به على جواز أو استحباب في الدين فهو من أعظم الضلال وهو كثير فيمن يعبد الله بغير العلم المشروع
ومن المعلوم أن الاطفال والبهائم تستروح بالأكل والشرب فهل يستدل بذلك على ان كل أكل وشرب فهو حسن مأمور به
وأصل الغلط في هذه الحجج الضعيفة أنهم يجعلون الخاص عاما في الأدلة المنصوصة وفي عموم الألفاظ المستنبطة فيجنحون إلى أن الألفاظ في الكتاب والسنة أباحت أو حمدت نوعا من السماع يدرجون فيها سماع المكاء والتصدية أو يجنحون إلى المعاني التي دلت على الإباحة أو الاستحباب في نوع من الأصوات والسماع يجعلون ذلك متناولا لسماع المكاء والتصدية"
ويضاف إلى ذلك أن لو أن طفلاً استروح لسماع القرآن فهل سيستدل زنديق بأنه حق لذلك
وعامة الأطفال لا يفهمون الكلام وقد يكون فيه من الخبث ما يؤثر على عقول من يفهمه أعظم مما في عقول الأطفال الذين لا يفهمونه
والأطفال بطبيعة الحال يحبون اللهو والغناء لهو الحديث ، ولو ترك الأطفال لكل ما يحبونه لفعلوا أموراً ضارة بأنفسهم كثيرة
قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم :" ومن المعلوم أن هؤلاء كانت لهم أعياد يتخذونها، ومن المعلوم أيضا أن المقتضي لما يفعل في العيد: من الأكل، والشرب، واللباس، والزينة، واللعب، والراحة، ونحو ذلك: قائم في النفوس كلها إذا لم يوجد مانع، خصوصا في نفوس الصبيان والنساء، وأكثر الفارغين من الناس"
وأما أهل العقول والإيمان فسماعهم القرآن الذي يزيد إيمانهم وتطمئن به قلوبهم وتطرب نفوسهم لسماعه
قال ابن تيمية في الاستقامة :" وجماع الأمر انه صار فيه وفيما يتبعه في وسائل ذلك ومقاصده في موجوده ومقصوده في صفته ونتيجته ضد ما في السماع والعبادات الشرعية في وسائلها ومقاصدها موجودها ومقصودها صفتها ونتيجتها فذاك يوجب العلم والإيمان وهذا يوجب الكفر والنفاق ولهذا كان أعراب الناس أهل البوادي من العرب والترك والكرد وغيرهم أكثر استعمالا له من أهل القرى فإنهم كما قال الله تعالى الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله سورة التوبة 97
ولهذا كان يحضره الشياطين كما أن سماع أهل الإيمان تحضره الملائكة وتنزل عليهم فيه الشياطين وتوحى إليهم كما تنزل الملائكة على المؤمنين وتقذف في قلوبهم ما امرهم الله فإن الملائكة تنزل عند سماع القرآن وعند ذكر الله
كما في الصحيح ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا غشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده وفي الصحيح أن أسيد بن الحضير كان يقرأ سورة الكهف فرأى مثل الظلة فيها أمثال المصابيح فقال النبي ص تلك السكينة تنزلت لسماع القرآن
وفي الصحيح إن لله ملائكة فضلا عن كتاب الناس فإذا رأوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم الحديث بطوله
وهذا السماع المحدث تحضره الشياطين كما رأى ذلك من كشف له وكما توجد آثار الشياطين في أهله حتى أن كثيرا منهم يغلب عليه الوجد فيصعق كما يصعق المصروع ويصيح كصياحه ويجري على لسانه من الكلام ما لا يفهم معناه ولا يكون بلغته كما يجري على لسان المصروع وربما كان ذلك من شياطين قوم من الكفار الذي يكون أهل ذلك السماع مشابهين لقلوبهم كما يوجد ذلك في أقوام كثيرين كانوا يتكلمون في وجدهم واختلاطهم بلغة الترك التتر الكفار فينزل عليهم شياطينهم ويغوونهم ويبقون منافقين موالين لهم وهم يظنون أنهم من أولياء الله وإنما هم من أولياء الشيطان وحزبه
ولهذا يوجد فيه مما يوجد في الخمر من الصد عن ذكر الله وعن الصلاة ومن إيقاع العداوة والبغضاء حتى يقتل بعضهم بعضا فيه ولهذا يفعلونه على الوجه الذي يحبه الشيطان ويكرهه الرحمن"
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه/ عبد الله الخليفي
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات