(( تابع لما قبله ـــ الجزء الثاني )) :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحور الثاني :
العوامل المؤثرة في وقوع الحرب أو عدمه
بلا شك أن عملية حربية بهذه الضخامة وهذا المستوى ستؤثر على مستقبل العالم كله ليس وقوعها أو عدمه نتيجة عامل واحد فقط ، فهناك العديد من العوامل التي سيتوقف عليها وقوع الحرب وحجمها وكيفيتها أو عدم وقوعها والاكتفاء ببدائل أخرى عنها ، وأهم هذه العوامل هي :
1 – القرار الأمريكي بالحرب وهو قطعاً أهم العوامل وأخطرها وأقواها في عالم الأسباب المادية والذي يظهر أن أمريكا قد حسمت أمرها واتخذت قرار الحرب لكنها تتريث ليتم الحشد ولتحاول تغيير موقف المعارضين للحرب ولإيجاد غطاء دولي لها والبحث عن تمويل للحرب من دول المنطقة أو لعل صدام ينصاع للضغوط فيستقيل وينهار نظامه وتحتل أمريكا العراق بدون حرب بحجة عدم وجود البديل ولحفظ الأمن ووحدة العراق كما حفظت القوات الأمريكية أمن ووحدة أفغانستان !!!
2 – الرأي العام الأمريكي له أثر كبير في الإقدام على الحرب أو الإحجام عنها والظاهر الآن أن أغلبية الأمريكان ضد الحرب بما فيهم رؤساء ووزراء سابقون لكن الأغلبية الجمهورية في البرلمان والشيوخ كفيلة بأن يُقْدِمُ الرئيس الأمريكي على الحرب وشعوره بالحرج قليل وكذلك وسائل الإعلام المتصهينة قادرة على التأثير على الرأي العام وحشده خلف قرار الحرب وبالتالي فالنتيجة النهائية بالنسبة للرأي العام الأمريكي ستكون في صالح قرار الحرب .
3 - الحكومات الأوروبية : لقد انقسمت دول الاتحاد الأوربي وبالتالي حلف الأطلسي إلى فريقين فريق يقف خلف بريطانيا ويأتمر بأمر أمريكا وفريق يقف خلف ألمانيا وفرنسا ويعارض الحرب بشدة ويؤيده في موقفه ذلك روسيا والصين والرأي العام الأوربي ولا شك أن ذلك سيعوق أمريكا ويسبب لها حرجاً ويحرمها من الغطاء الدولي في مجلس الأمن والأمم المتحدة وليس من المتوقع أن ألمانيا وفرنسا ستغيران موقفهما لصالح أمريكا بعكس روسيا التي يمكن أن تدخل في مساومة مع أمريكا لتغيير موقفها .
لكن أمريكا في النهاية لن تلغي قرار الحرب بسبب الموقف الأوربي .
4 - الشعوب والدول الإسلامية والعربية والذي يظهر أن أمريكا لا تحسب لهم أي حساب وبالذات الحكومات وأن هذه الشعوب والحكومات أيضاً غير قادرة ولا تملك الأهلية لاتخاذ موقف قوي وصارم ضد الحرب وعندما اجتمعت بعض هذه الدول في تركيا وفي سوريا وفي سائر اللقاءات الثنائية كان تأنيبها وشجبها وحثها وحضها كله للضحية للعراق أما أمريكا فلم يجرؤ على مجرد ذكرها فضلاً عن إعلان موقف قوي شجاع للوقوف في وجه الحرب وإعلان الوقوف في وجه أمريكا .
لقد تحولت وظيفة أغلب هذه الحكومات إلى مواجهة شعوبها والانصراف بالكلية عن العدو الخارجي وإن أردت دليلاً على ذلك فقارن بين تفعيل مجلس وزراء الداخلية العرب الذي تجاوزت إجتماعاته 25 إجتماعاً وتعطيل مجلس وزراء الدفاع العرب الذين لم يجتمعوا خلال ربع القرن هذا ولا إجتماعاً واحداً لقد هانوا على أنفسهم فهانوا عند عدوهم وأصبحوا كما يقول الشاعر :
يقضي الأمر حين تغيب تيم
ولا يـستشهدون وهـم حضور
المحور الثالث :
ما المطلوب فعله الآن ؟
هناك ما يجب فعله قبل الحرب وهناك ما يجب عمله لو قامت الحرب هناك أمور المعني بها الحكومات وأمور مناطة بالشعوب وأمور يجب أن يتصدى لها العلماء والمثقفون ، وهناك أمور على مستوى الأمة وهناك أمور على مستوى كل بلد خاصة بل وأمور على مستوى كل مسلم .
أولاً / الحكومات :
لقد أثبتت الأحداث وبخاصة في السنين الأخيرة انحياز أمريكا الكامل لإسرائيل واحتقارها للحكومات العربية ووقوفها ضد البلدان الإسلامية مهما كانت علمانية النظام ومهما بلغت تنازلاته لأمريكا من أجل إرضائها ولعل في موقف أمريكا من السلطة الفلسطينية أكبر دليل على ذلك فعلى الرغم من تخلي منظمة التحرير الفلسطينية عن جميع ثوابتها ومبادئها وتحولها إلى سلطة خادمة لأجهزة الأمن الإسرائيلية ومطاردتها وسجنها وقمعها وتجسسها على الشعب الفلسطيني ، إلا أن أمريكا إرضاء لإسرائيل نبذت تلك السلطة نبذ الحصاة وتخلت عنها ووصمتها بالإرهاب .
أقول إن من يستقريء التاريخ يقف عند ما سمي بدول ملوك الطوائف في الأندلس حين تقسمت دولة المسلمين إلى دويلات يكيد بعضها لبعض ويستعدي بعضها العدو النصراني على البعض الآخر فما زال ذلك ديدنهم حتى ذهبت ريحهم وقضى عليهم عدوهم وأصبحوا أثراً بعد عين .
أن دول هذا الزمان أشبه بدول الطوائف تلك فها هي أمريكا تدفع صدام أمس لاحتلال الكويت وتهديد دول الخليج ، وها هي اليوم تتخذ أراضي دول المنطقة موطيء قدم لها لضرب العراق .
يا حكام العرب والمسلمين العراق اليوم وغيره غداً ، صدام اليوم وآخر غداً .
يا حكام المسلمين أليس فيكم من يقول مقولة المعتمد بن عباد حين وقف مع يوسف بن تاشفين ضد ملك الفرنجة فخوفه أمراء الأندلس طمع بن تاشفين في الأندلس فقال : (( لأن أرعى جمال بن تاشفين خير لي من أن أرعى خنازير الفونس )) .
يا حكام المسلمين ألا عودة صادقة إلى الله تراجعون فيها حساباتكم وترفعون الظلم عن شعوبكم وتحكمون شريعة الله وتوحدون كلمتكم في مواجهة عدوكم ، ماذا جنيتم من البعد عن الله ومحاربة الإسلام ودعاته إلا الذل والشقاء والهوان حتى أصبحتم من هوانكم على العالم لا يؤبه بكم من قريب ولا بعيد .
إن هوانكم على الله هو السبب في نزع مهابتكم من صدور عدوكم وتحولكم إلى غثاء كغثاء السيل .
إن السعودية جزيرة العرب وبلاد الحرمين تملك من المؤهلات ما لم يتهيأ لغيرها لتلعب دوراً حاسماً في هذه الفترة المصيرية من تاريخ الأمة .
فهي مهبط الوحي ومهوى الأفئدة ومن لا زالت تنتمي إلى شريعة الله وتقوم شرعية نظامها السياسي على دين الله ويعلن حكامها صباحاً ومساءاً أنه ليس محل مساومة ولا مفاوضة كائنة ما كانت الظروف والتبعات نتيجة لذلك وشعبها مستعد للتضحية والعطاء .
يا حكام الجزيرة ومن شرفوا بخدمة الحرمين كل عاقل يدرك خطورة وعظم الظروف التي تمر بها المنطقة وكما أن الأحداث الكبرى تشكل تحدياً كبيراً للدول والشعوب فهي في الوقت نفسه تعتبر فرصاً نادرة لأصحاب الهمم العالية لاختصار الزمن ودفع الأحداث نحو صناعة المستقبل المشرق والإسهام في رسم ذلك المستقبل نحو الأفضل بإذن الله .
تحديات تواجه المجتمع الإسلامي :
وإنني أرى أن الأمة المسلمة في كل مكان تواجه تحديات كبرى وإن من أخطر التحديات التي تواجهنا في هذه الظروف الدقيقة :
1 ) انحسار تطبيق الشريعة عن كثير من بلدان المسلمين وحلول القوانين الوضعية محلها إما بالكلية وإما جزئيا مما أوجد حالة مأساوية لم تعرف لها الأمة سابقة في تاريخها نتج عنها الكثير من المشكلات الجذرية الأخرى .
2 ) عدو خارجي يتمثل في اليهود وحاضنتهم أمريكا هذا العدو يتربص بنا الدوائر ويبغينا الغوائل مهما تضاهر بغير ذلك ومهما زعمنا أو توهمنا صداقته لنا .
3 ) تيار تغريبي شتت الأمة ومزق جسمها وفرق وحدتها وهذا التيار هو العلمانية بما تمثله من إلحاد عقائدي أو انحراف فكري أو فساد أخلاقي وسلوكي أو عمالة خارجية أو استبداد سياسي ، المهم أن أي من ذلك هو نقيض الإسلام فهو حتماً نقيض الوطن تاريخاً وواقعاً ومستقبلاً ، وقد أثبتت الأحداث أنهم دائماً الحساب الإحتياطي للعدو الاستعماري الذين يلجأ إليه ليذل بهم الشعوب ، ويناكف ويزعج بهم الحكومات الوطنية كان ذلك من أيام نابليون إلى يومنا هذا .
والعلمانيون وإن كانوا أكثر ضجيجاً وصخباً وأعلى صوتاً لكنهم في الحقيقة قلة قليلة في سواد الأمة لا يمثلون شيئاً ولذا ينبغي التعامل معهم على هذا الأساس ومعالجة مشكلتهم برفق وحكمة وأناءة ، لكن بحزم وحسم ووجود الفئات العلمانية في ظل سيادة النموذج الحضاري الغربي عالمياً المنبثق من العلمانية كأساس أيدلوجي لتلك الحضارة أمر طبيعي لكن مع الإقرار بهذا الأمر كإفراز طبيعي للواقع إلا أن استلهام التاريخ في كيفية العلاج والتعامل مع المد اليساري في الخمسينيات والستينيات الميلادية يثبت أن إحياء الدعوة الإسلامية ورفع لواءها محلياً وعالمياً هو الحل الكفيل بإذن الله بالحفاظ على تماسك المجتمع وأصالته والخيار العلماني لو أمكن أو صلح جدلاً لأي مجتمع في الدنيا فهو غير ممكن ولا مجد لمجتمعنا ولا دولتنا في السعودية أبداً .
أما الحل الترقيعي كما ينادي به بعض من لا علم لهم لا بالإسلام ولا بالعلمانية فهو حل بالإضافة لعدم إمكانه فستكون نتيجته بعد غضب الله عدم رضى جميع الناس لا سواد الأمة وجمهورها ولا فئة العلمانيين وبالذات الغلاة والمتطرفين منهم .
4 ) وجود فئات من الشباب المتدين اجتالهم الشيطان فسقطوا صرعى للغلو والتكفير والرفض المطلق لكل ما لا يتفق مع آرائهم وأفكارهم ، ولست في مقام التفصيل والتحليل لهذه الظاهرة وأسبابها التي أفرزتها والتي كان من أهمها :
أ – إسكات الدعاة العلماء .
ب – وفتح أبواب السجون للشباب الملتزم واضطهادهم .
ج – وعدم التحرك لمواجهة اليهود .
د – إنتشار الفساد والعلمنة .
لكنني أشير إلى أنني منذ عشرين سنة خلت حذرت في مناسبات عدة ثم على فترات متلاحقة من الإبتلاء بهذا الداء وها هو أصبح واقعاً لا يمكن تجاهله وكان أيضاً نتيجة لأمور وأسباب موضوعية لكن السؤال ما هو طريق العلاج ، أرجو ألا نكرر أخطاء غيرنا ولا نستورد التجارب الفاشلة وغير المشروعة للتعامل مع هذا التحدي القائم .
5 ) من التحديات التي تواجهنا والتي ستؤدي لا قدر الله إلى خلخلة الجبهة الداخلية في أي مجتمع إسلامي ما نشاهده في مواقع كثيرة من فساد إداري ومحسوبية ومحاباة وبيروقراطية ضربت بأطنابها حتى أصبحت العلاجات لا تتجاوز المسكنات والمهدئات ولا تنال إلا الأطراف والحواشي وصغار الناس دون رموز هذا الداء الوبيل ، وخذ السلطة الفلسطينية مثالاً على ذلك مع أن المفترض أنها تعيش ظروف حرب ونضال ، وليس هناك نظام عربي يستثنى من ذلك ، لكن عمق وضخامة التحدي تختلف من نظام لآخر .
6 ) الدين الهائل العام الذي أصيبت به أكثر البلدان وبالذات منذ حرب الخليج والذي يزيد عاماً بعد عام ، والذي ستعيش الأمة ترزح تحت كاهله عشرات السنين وما ينتج عن ذلك من تداعيات في شتى جوانب الحياة المختلفة .
فإذا أضيف إلى ذلك البطالة المتزايدة والفقر المدقع الذي تتسع رقعته مع الأسف يوماً بعد يوم ، والتردي في الخدمات الأساسية من صحة وتعليم ومياه وكهرباء وصرف صحي وطرق وأمن عام وغير ذلك .
إذا أدركنا مقدار وحجم وخطورة هذا التحدي أمكننا حينئذ أن نتلمس له حلاً على الرغم من صعوبة ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله .
7 ) يجب إعادة النظر في التعويل على الحلول الأمنية القمعية للظواهر والمشكلات الفكرية والسياسية فهذه قد تخفيها ظاهراً لكنها في الوقت نفسه تزيدها حدة وعمقاً وإصراراً وتجعلها أبعد عن المراجعة والتصويب والتصحيح إن المعالجة الحقيقية للمشكلات السياسية والفكرية هي في الحوار والحجة والبرهان والقبول للحق من أي إنسان كائن من كان وحمل النفس على ذلك ومعالجة الأخطاء القائمة والاعتراف بها .
8 ) تضاؤل ثقة الناس في المؤسسة الدينية في البلدان التي كان لها وزن كبير فيها مثل السعودية مما ينذر بأوخم العواقب في المستقبل مما يستدعي دراسة الأمر دراسة عميقة والبحث عن حلول جريئة وعملية فنحن مثلاً في السعودية في الأصل دولة إسلامية دينية ووجود المؤسسة الدينية الرسمية الموثوقة من الناس أحد صمامات الأمان للمجتمع التي ينبغي الحفاظ عليها باستمرار .
9 ) التخلف العلمي والتقني والتنموي الذي جعل أغلب البلاد العربية في آخر قائمة دول العالم .
ثانياً/ العلماء والمفكرون والمثقفون والخطباء :
إن مسئولية أهل العلم والثقافة ورجال المنابر أمام الله ثم أمام تاريخ أمتهم مسؤولية عظيمة فهم إما حداة صدق ونصح وأمانة وإما شهود زور وكذب وخيانة ، إما يؤثرون الحق والنصح وما عند الله وإلا يؤثرون المتاع الزائل والمجد الزائف والتطبيل الأجوف والنفاق المهلك .
والذي أرى أنه يجب على هذه الفئة المتميزة من الأمة أن تقوم في هذه الظروف الصعبة بالأمور الآتية :
1/ القيام بدورهم في الرجوع بالأمة إلى الله وإصلاح الأحوال والتوبة الصادقة من جميع الذنوب والمعاصي ورد المظالم لأهلها فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } .
2/ توجيه الناس إلى الدعاء الدائم لله سبحانه وتعالى أن يزيح هذه الغمة عن الناس وفتح أبواب التفاؤل وحسن الظن بالله واليقين بنصر الله لدينه وعباده ولكن ليبلو بعضنا ببعض ليعلم الصادقون من غيرهم ومقاومة أسباب الإحباط والخوف قال تعالى : { ادعوني استجب لكم } ، وقال تعالى : { فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان } .
ومهما كانت تقديرات البشر فهي في النهاية مربوطة بقدر الله سبحانه { وما تشاءون إلا أن يشاء الله } ولذلك يجب التوكل على الله وحده واللجوء الصادق إليه .
3/ وضع العلاقة مع أمريكا في إطارها الشرعي الصحيح فهي صليبية نصرانية سلمت مقودها لصهيونية يهودية حاقدة على المسلمين والإسلام فهي عدو لدود للمسلمين آذت المسلمين وحاربتهم في كل ميدان أتيح لها ذلك فيه لكنها أيضاً ميدان خصب للدعوة إلى الله ومستقبل الإسلام فيها واعد ومشرق بإذن الله .
فيجب مقاومة عدوانها بالوسائل الشرعية الممكنة وإيصال صوت الإسلام لشعبها والحوار مع عقلائها والوفاء بالعهود ما لم ينقضوها وعدم الغدر بالمستأمنين منهم وعدم جواز بل حرمة إعانتها على المسلمين تحت أي ظرف والتحذير من ذلك ووجوب مقاومتها وجهادها لدفع عدوانها عن المسلمين .
4 ) إحياء معاني الجهاد والرجولة والشجاعة والبطولة في نفوس الأمة وتربيتها على ذلك فالجهاد ماض في الأمة إلى يوم القيامة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فهو سياحة الأمة ودرعها الذي تواجه به عدوها وما ذلت الأمة إلا يوم أن تخلت عن الجهاد وأصبح شبابها غزلانا وحملانا جفولة وديعة بعد أن كانوا أسوداً ضارية وصقوراً حامية واستلهام السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي في ذلك والتذكير به وتصحيح النية في ذلك .
5 ) التوعية بخطورة هذه الحرب على مستقبل الأمة في مختلف جوانب حياتها الدينية والسياسية والاقتصادية والثقافية والإجتماعية وكيف يمكن مقاومة هذه المخاطر وسبل مواجهتها وتحريك الشعوب ليكون لها دور في مقاومة هذا العدوان .
6 ) حض الناس وحثهم على مساعدة ودعم المسلمين في العراق وإغاثتهم من خلال المؤسسات الخيرية والإغاثية والقنوات الرسمية والشعبية لتخفيف محنتهم وأداء الواجب نحوهم فلو كان ما يتعرض له المسلمون في فلسطين والشيشان والعراق وغيرها يتعرض له قطيع من الكلاب أو الخنازير لما جاز السكوت عليه فكيف وهم أناس ومسلمون والواجب عدم تحميل الناس في العراق جريرة صدام وزمرته وحزبه .
7 ) توجيه الناس إلى الحفاظ على أمن البلد ووحدته واعتبار ذلك من الأولويات في هذه الظروف والتكافل والترابط مع الجميع واعتبار الأمة جسد واحد والتعاون والتواصل والتناصح مع المسئولين فالحرب إن وقعت كارثة على الجميع وليس الوقت وقت تلاوم بل وقت تكاتف وتآزر على الحق والحذر من خطورة الإشاعات والحرب النفسية وأهمية التثبت فيما ينشر أو يذاع .
8 ) عدم ترك الفرصة للعلمانيين للتحدث باسم الأمة والنيل من دينها وتاريخها وثوابتها وبيان أن كل ما أصاب الأمة بسبب صدام إنما هو إحدى الثمار المرة للفكر العلماني ، وقد سبقها الكثير وما هزائم 1948م و 1967م أمام اليهود وما جنته الأمة في ظل المد الناصري العلماني إلا ثمار أخرى ، وستبقى أمتنا تعيش هذه المآسي ما دام هذا الفكر العقيم الغريب يعشعش في واقعها وينخر في جسدها .
9 ) الحذر والتحذير من الأعمال المتهورة غير المنضبطة والتي قد يكون ضررها أكثر من نفعها بل قد لا يكون فيها نفع أصلا وقد تكون محرمة شرعاً فالحماس غير المبصر بالفقه الشرعي والمستوعب لسلبيات وإيجابيات ومصالح ومفاسد أي عمل عدمه خير من وجوده ولذا علينا أن نتريث قبل الإقدام على أي أمر حتى نعرف حكم الله فيه وما يترتب عليه من مصالح ومفاسد .
10 ) أخيراً أحب أن أنبه إلى أن الوسيلة الوحيدة التي يمكن بها تجنيب المنطقة ويلات الحرب هي عندما تتوحد الأمة في جميع مستوياتها على موقف واحد صريح قوي رافض للحرب ومقاوم لها ، وعندما تستيقن أمريكا حكومة وشعباً أن ثمن الحرب ومغارمها وفاتورتها لن تتحملها شعوب المنطقة بينما أمريكا تذهب بمغانمها فقط .
بل يجب أن تُشعر حكوماتُ وشعوبُ المنطقة أمريكا بأنها ستدفع ثمناً باهظاً لإقدامها على الحرب حينئذ فقط يمكننا أن نتجنب الحرب ، إن الموقف الألماني الفرنسي في هذه القضية موقف إيجابي في مصلحتنا ، وإن لم يكن لسواد عيوننا فهل يمكن الاستفادة منه ؟ أرجو و " لعلى وعسى " .
د. عوض بن محمد القرني
20/12/1423هـ
المصدر : منتدى الفجر
المفضلات