بسم الله الرحمن الرحيم
ان حال الامة العربية اليوم يكاد يكون الأصعب والأضعف على مر العقود
ومن جميع النواحي الدينية منها والسياسية والاقتصادية والثقافية والاخلاقية .
انها اليوم دول قد همشت على المستوى الدولي في اتخاذ القرارات بين باقي الدول
في هيئة الامم المتحدة , في النزاعات العالمية السياسية والاقتصادية
وكذلك في الخطط الهيكلية المالية والتنموية للمستقبل ,
ولا تزال معظم الدول العربية دول نامية تسلب منها ابسط الحقوق في تقرير مصير سياساتها او حتى في تقرير مصير شعوبها
برغم ما تملكه من مقومات اقتصادية واستراتيجية من حيث الموارد الطبيعة والسكان
والتواجد على الخطوط الدولية التي تربط شرق العالم بغربه.
وقد انعكس ضعف حكومات هذه الدول على المستوى الآممي
ليكون معادلة عكسية فتحول هذا الضعف الى قوة في التعامل مع شعوبها
فانتهجت سياسة تهميش الرآي العام وقمع حرية التعبيرواقصاء المعارضة .
ومع مرور الوقت اصبحت البروقراطية والتفرد في القرار في السياسة الحاكمة وفي السلطة.
ولو تمعنا قليلا لوجدنا ان معظم هذه الشعوب هي التي سمحت بهذا الضعف المصيري
وبرغم ما يتعرض له عالمها اليومي من محفزات سياسية مضاده لهذا الخمول
من احداث الاستعمار الجديد لبعض الدول وكذلك القضية الفلسطينية والعدو المحتل دولة اسرائيل .
لقد سمحت هذه الشعوب بالاستسلام السياسي وقبلها حكوماتها ولفترة اكثر من نصف قرن في الشرق الاوسط خاصة على المستوى العالمي .
وما كان يغفل عنه الجميع ان خلال هذه الفتره كان الاستنزاف الكبير للموارد الاقتصادية والثقافية والدينية والاخلاقية
بسبب الانسياق الاعمى للتوجيهات والاراء القادمة من الغرب .
وتراكمت هذه الامور بعضها فوق بعض فكان عهد نفوذ فساد السلطة وغناها ، وفقر الشعوب وضعفها
وتزايدت نسبة الفقر والبطالة والامراض والتخلف العلمي والفكري بين الشعوب.
وكان الهم الوحيد للحكومات التمسك بالسلطة والسيادة .
فأدت هذه التراكمات الى نقطة التحول الرئيسية والمصيرية في فكر وثقافة الشعوب .
ان المفهوم الفطري للبشر عمومآ ان الوطن هي البلاد التي يولد بها الانسان
ويجد فيها مقومات الحياة والبقاء
وقد كفلت له بان يعيش فيها كأنسان بكامل حقوقه الدينية والمدنية والمعيشية
فيجد فيها لقمة العيش والكساء والدواء والآمان والتعليم
ويحيى فيها معتوقا من عبودية الرق وعبودية التبعية والطاعة العمياء .
لقد خذلت معظم الدول العربية شعوبها اليوم في مفهوم الوطن والمواطنة .
وكان التقصير الكبير هو اول شرارة اطلقت سنوات الربيع العربي لشعوب عانت الفقر والظلم والاضطهاد
فانفجرت لتكون هي السبب الاول والاخير للانتحار السياسي لكل حاكم ظالم .
فكانت حناجرهم هي التى دوت بكلمة الحسم فلم يكن هناك تردد ولانقاش بالخروج للشوارع والاعتصام السلمي حتى تسقط حكومات الفساد
وهنا تكمن القوة التي لايمكن معرفة مدى قدرتها في التغيير
فقد هزم الضعيف القوي باصراره وعزيمته .
ضحت هذه الشعوب بالارواح والصغير والكبير وبكل شي لتنتزع حريتها وكرامتها ممن استعبدهم لعقود .
كم هي بسيطة وعفوية هذه الشعوب ولن اقول عنها ضعيفة لانها اثببت قوتها بعد ذلك
التزم دائمآ الحاكم بالظلم واضعاف الامة وكبت الحريات والفساد ومع ذلك كانوا يتعايشون مع هذا الواقع بصمت غريب
ولكن عندما وصل الامر الى لقمة العيش فهموا ان المسألة مسألة حياة او موت ليست بمسألة حاكم أو محكوم
( فمن يأخذ مني جميع حقوقي لأكون تابعآ له ويصل به الامر اخيرآ ليأخذ لقمة عيشي من فمي لأموت جوعآ , أعلم بأنه يريد موتي فقط) .
هل تتصورون أن نكون قد وصلنا في عالمنا العربي الى هذه المرحلة مرحلة النضال من اجل غريزة البقاء فقط .
ولذلك فهمت الشعوب هذا الدرس فثارت من اجل البقاء لا الموت .
وتكرر هذا الحدث في اكثر من دولة وبالتوالي لتشابه ظروف هذه الدول وشعوبها
لقد فهمت هذه الشعوب هذا الدرس من معاناتها ولم تفهمه الحكام لجبروتها .
فهمت الشعوب ان البقاء والحياة الكريمة والحقوق والحريات لا تاتي الا بالثورة
وفهمت الشعوب ان مكافحة الفساد والسرقة والقضاء على الاستبداد لا يكون الا بالثورة وبتضحياتها
وفهمت الشعوب ان التضحية كانت بالامس القريب بحقوقها وبحريتها وبمعيشتها الكريمة
هي اليوم الثمن الذي تشتري به ثورتها
لتجني ثمرة الحرية وتقرير المصير والمشاركة في السلطة التي حرمت منها لعقود وعقود .
المفضلات