جزاك الله خيرا
نحن في كل يوم نمارس مبدأ " اتخاذ القرار " وقد لا نشعر بذلك، وللأسف فإن أكثر الناس يقعون ضحية لهذه القرارات.
وفي الغالب أن هذه القرارات غير مدروسة مما تسبب للإنسان أضراراً مادية واجتماعية ودينية ووظيفية وغير ذلك من جوانب الحياة، وإليك هذه الأمثلة:
1- قرار شراء سيارة؛ وفي الغالب أننا نحرص على شراء سيارة جديدة وآخر موديل، وقد يكلفنا ذلك مبالغ مالية كبيرة، فقد تكون أقساط شهرية وتستمر نحو خمس سنوات، مع العلم أن هناك التزامات مالية أخرى كأجار السكن، ومصاريف الأولاد، وأمور الوالدين إن كان يصرف عليهم.. ونحو ذلك.
لهذا تجد " فلان " لما قرر شراء سيارة ولم يدرس قراره جيداً أوقعه في شباك الأقساط والديون حتى سقط في مصائب وكوارث لم تكن في الحسبان.
ولو أن " فلان " درس قراره ونظر في الفوائد من هذا القرار والأضرار ثم استشار أهل الخبرة ثم استخار ربه تعالى لحصل له الخير الكثير.
2- قرار الزواج؛ وفي الغالب أن الشاب عندما يريد الزواج أو الفتاة التي ترغب في الزواج يغفلان عن " القرار الصائب " في جودة الاختيار للشخص أو المرأة، والوقت والمكان وما بعد الزواج.
وتجد الشاب يسارع في قبوله للزواج من " فلانة " بدون أي ضوابط أو معالم.
ولعله بعد الزواج عندما تذهب لحظات الحماس يبحث عن صفات مهمة في زوجته فلا يجدها؛ لأن قراره كان سريعاً، وهو يتحمل هذا القرار الذي إن لم يتداركه الله بعنايته فسوف يكون هناك " طلاق " .
3- قرار الطلاق الذي بدأ ينتشر في الآونة الأخيرة حتى وصلت حالات الطلاق في عام 1429هـ في الرياض فقط ( 6 ) حالة طلاق.
وتأمل الرقم بما فيه، فلو قلنا: إن هناك من هذا الرقم نحو ألف أسرة لديهم أطفال، فالمعنى أن هناك ألف طفل سيعيشون في ظل " أسرة مطلقة " والنتائج من التفكك الأسري لا تخفى.
وكل هذا نتيجة " القرار السريع " وعدم دراسة الفوائد والأضرار والتأني في اتخاذ القرار.
وتأمل معي التفاصيل في اتخاذ قرار الطلاق:
لو كان السبب " تقصير المرأة في أعمال البيت " مثلاً، فلمَ لم يكن هناك مناصحة، تهديد بالزوجة الثانية، تخويف بالحرمان من بعض الأمور المالية، إخبار الأهل.. ونحوها مما تخاف منه الزوجة.
ولنفترض أن الرجل أراد الطلاق فليسمح لي بهذا الحوار:
- هل كتبت فوائد هذا القرار؟!.
- هل كتبت أضرار هذا القرار؟!.
- هل أنت صاحب أطفال؟! إن كان لديك أطفال فمع من سيكونون؟ إن كانوا معها فهل هي مؤهلة للقيام بتربيتهم تربية صالحة؟.
- هل هي ستكون عند أسرتها، وهل البيئة تناسب أن يعيش فيها أطفالك مع أمهم، أم لديهم منكرات ومصائب، وهل الحي مناسب والجيران، أم هذه الأمور لم تخطر على بالك أصلاً؟!.
- لو تزوجتْ الأم فبالطبع سيكون الأطفال عندك، وأنت أيها الزوج لو تزوجت امرأة ثانية هل ستكون لأطفالك مثل أمهم، وهل الحالة النفسية للأطفال ستتقبله الزوجة الثانية؟!.
- هل لدى الزوجة الثانية آلية لتربية أطفالك تربية صالحة؟!.
وهكذا أسئلة كثيرة تدل على عمق أضرار القرار الغير مدروس وخاصة في العلاقات الاجتماعية
4 - قرار الزوجة الثانية , هو عند بعض الناس مجرد حماس , ورغبة في التغيير والتجديد في عالم الزواج , ولكن هذا الزواج إن لم يكن على دراسة فإننا نجد أن هذا الزوج سيبقى مع الثانية أياما وبعدها سيتفاجأ بالميزانية المالية الجديدة والكثيرة , ثم يبدأ يفكر في الطلاق فيحتار إما الثانية أو الأولى , وقد يأتيه إلحاح من الأولى أو تهديد بالذهاب لأهلها , فيستعجل قي قرار تطليقه إما للأولى من باب الحقد عليها والانتقام وقد تكون الضحية الثانية نتيجة لأن الأولى معها الأبناء وهكذا , وحتى لو عاد للأولى فإن الجرح باقي فمن يداويه ؟.
5 - قرار البدء في مشروع تجاري , ياترى هل هو نتيجة الحماس والتأثر بحديث الزملاء والأقارب وتوارد الإعلانات التجارية وتأثير الدورات التدريبية أم أنه عن قناعة وتأمل وتخطيط مالي وتجاري ونظرة للمفاسد والمصالح .
6 - قرار الدخول في تخصص معين في الجامعة , هل سبقته دراسه مركزه في أهمية هذا التخصص ومناسبته لك أنت ؟ أم أنك اخترته نتيجة لضغط الوالد عليك وبالتالي ليس لديك قناعة به , مما يترتب على ذلك عدم الاستمرار أو عدم بذل الجهد في الدراسة .
7 - قرار السفر وخاصة في الإجازات , في الغالب أننا نقرر سريعا وبدون دراسة لمناسبة الوقت والبلد ومدى الإعداد الجيد للميزانية مما يتسبب في كثير من الأحيان إلى تراكم الديون ووراء ذلك من الهم مالا يخفى .
8 - القرارات المتعلقة لعلاج المشكلات , تجد أن بعضنا لايفكر جيدا في مناسبة العلاج فعليا لمشكلته , بل إنه يأخذ أسرع الحلول التي يراها هو بدون دراسة وتأمل وبدون استشارة أو استخارة , وحينها تأتي الحلول الغريبة التي مفاسدها أعظم من مصالحها .
9 - قرار البدء في مشروع علمي مثل قراءة كتاب أو حضور دورة علمية في مدينة أخرى أو الارتباط بدرس مع أحد أهل العلم , فأوصيك قبل البدء في هذا البرنامج أن تفكر في مدى الأنفع لك ومدى مناسبة هذا البرنامج لك في هذه المرحلة من عمرك ومستواك العمري أو المالي والأسري , وسوف تكتشف في أغلب الأحيان أن بعض هذه البرامج تحتاج تأجيل وبعضها يحتاج تغيير وهكذا ,والعبرة ليس بوجود البرنامج وإنما العبرة بمناسبته لك أنت , وقد يناسب غيرك ولايناسبك وقد يناسبك بعد سنة أما الآن فلا يناسبك وهكذا يجب التأني في اتخاذ قرارك العلمي .
10 - القرارات الدعوية مثل : خطبة جمعة , الرحلات الدعوية , إنفاق بعض الأموال لأجل الدعوة , الرد على المخالفين , البدء في الحوارات مع أصحاب الأهواء ونحوهم , الإشراف على منتدى , تصميم موقع , تنفيذ محاضرات في المراكز الصيفية والمخيمات الدعوية وغيرها من البرامج الدعوية , ياترى هل نحن ندرس مدى أهمية هذه البرامج ومناسبتها للمكان والزمان والحال ومدى حاجة المخاطبين لها وماهي مستواياتهم العقلية والعلمية , أم أننا نقدم عليها بمجرد الرغبة في الأجر بدون دراستها والتأمل في قرار البدء فيها .
وختاماً: فإن القرار الناجح هو الذي يمر بهذه الأسس:
1- اكتب فوائد القرار بكل صراحة ووضوح.
2- اكتب الأضرار المتوقعة من هذا القرار.
3- استشر من تثق به ويعرف حلاً لهذه المشكلة ولا بد أن تكون أوراق الفوائد والأضرار لديك وتعرضها عليه.
4- استخر ربك واسأله التوفيق.
ومضة: من هذه اللحظة تدرب على التأني في اتخاذ القرار.
جزاك الله خيرا
يعطيك العافية
جزك الله خيروفقك الله
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات