فائدة في رواية حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار
قال أحمد في فضائل الصحابة:
1373 - نا عبد الرحمن بن مهدي قال نا حماد بن سلمة، عن عمار قال: سمعت أم سلمة قالت: " سمعت الجن يبكين على حسين قال: وقالت أم سلمة سمعت الجن تنوح على الحسين رضي الله عنه".
سئلت اليوم مرتين عن رواية نوح الجن على الحسين، والتي يستدل بها الإمامية بجهلهم على ممارساتهم العجيبة، والرواية مجرد إخبار عن الجن، والجن ليسوا مصدر تشريع، وقد نهي عن النوح على الموتى بأحاديث صحيحة بلغت مبلغ التواتر.
غير أنني وقفت على فائدة تتعلق بهذه الرواية إذ أن مدارها على رواية حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار.
وحماد بن سلمة ثقة، ولكنه يخطيء في حديثه عن غير ثابت، وقد اضطرب في الحديث، فتارة رواه عن أم سلمة، وتارة رواه عن ميمونة (غير أن هذا الاضطراب قد يكون غلطاً ممن روى عنه رواية ميمونة إذ انفرد من دون البقية)
وقال عبد الله بن أحمد في العلل: 5236 - سَمِعت أَبِي يَقُول عمار بْن أبي عمار ثِقَة ثَبت الحَدِيث حكوا عَن شُعْبَة قَالَ أفادني حَمَّاد بن سَلمَة عَن عمار بن أبي عمار فَسَأَلته فَجعل يشك يَعْنِي فِي الْأَحَادِيث قَالَ أبي قد سمع مِنْهُ شُعْبَة حَدِيثا وَاحِدًا.
يعني أن حمادا أو عماراً كان يشك في هذه الأحاديث، بمعنى أنه لم يكن يضبطها تمام الضبط.
فالحاصل أن شعبة سأل عماراً عن هذه الأحاديث فلم يتذكرها، فيكون حماداً قد وهم، ولعله أخذها من علي بن زيد بن جدعان ثم توهم سماعه لها من عمار مباشرة.
أو يكون شعبة اختبر حماداً على طريقة شعبة المعروفة أنه يسمع الحديث من الشيخ ثم يبدأ بعد مدة يسأله عنها فإن زاد أو نقص استضعفه، والأول أظهر.
وقول محققي المسند أن رواية حماد عن عمار على شرط مسلم خطأ فإن مسلماً إنما خرج لحماد عن عمار حديثاً واحداً متابعة.
قال مسلم في صحيحه 121 - (2353) وحدثني ابن منهال الضرير، حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا يونس بن عبيد، عن عمار، مولى بني هاشم، قال: سألت ابن عباس: كم أتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات؟ فقال: ما كنت أحسب مثلك من قومه يخفى عليه ذاك، قال قلت: إني قد سألت الناس فاختلفوا علي، فأحببت أن أعلم قولك فيه، قال: أتحسب؟ قال قلت: نعم، قال: «أمسك أربعين، بعث لها خمس عشرة بمكة يأمن ويخاف، وعشر من مهاجره إلى المدينة»
121 - وحدثني محمد بن رافع، حدثنا شبابة بن سوار، حدثنا شعبة، عن يونس، بهذا الإسناد، نحو حديث يزيد بن زريع.
122 - (2353) وحدثني نصر بن علي، حدثنا بشر يعني ابن مفضل، حدثنا خالد الحذاء، حدثنا عمار، مولى بني هاشم، حدثنا ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، «توفي وهو ابن خمس وستين».
122 - وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا ابن علية، عن خالد، بهذا الإسناد.
123 - (2353) وحدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا روح، حدثنا حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، قال: «أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة، يسمع الصوت ويرى الضوء سبع سنين، ولا يرى شيئا وثمان سنين يوحى إليه، وأقام بالمدينة عشرا».
فرواية حماد متابعة كما ترى، فلا يقال عن رواية انفرد بها حماد وحده على شرط مسلم.
وقال الخلال في السنة 446 - أخبرنا الدوري، قال: ثنا أبو عاصم النبيل، قال: أنبأ عثمان بن مرة، عن أمه، قالت: سمعت الجن تنوح على عثمان رحمه الله، فقالت:
[البحر الرمل]
ليلة الحصبة إذ يرمون ... بالصخر الصلاب
ثم جاءوا بكرة ينعون ... صقرا كالشهاب
. . . زينهم في الحي والمجلس فكاك الرقاب
ومع ذلك ما أقيمت المآتم على عثمان، هذا أمر يذكر للتعجب لا للتشريع.
كتبه/ عبدالله الخليفي
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات